→ جميع المقالات
لا يستوون - الحلقة 9
١٤‏/٧‏/٢٠١٤

إخواني نختم اليوم الحديث في سلسلة (لا يستوون) التي نستعرض فيها الفرق بين المؤمن والكافر على نور من القرآن الكريم، علما بأن هذه المقارنة تطول جدا، إذ أن هذا المعنى قد يكون أكثر المعاني ورودا في القرآن بعد قضية التوحيد لأنه ثمرة التوحيد الأولى. المؤمنون قال الله فيهم: ((ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين (47) )) (الحجر) انظر مقابل هذه الصورة الجميلة من صفاء القلوب والتواد والاجتماع والأنس ماذا قال في الكافرين: قال حكاية عن إبراهيم عليه السلام فيما قاله لقومه الكفار: ((وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا)) (العنكبوت 25).
أي اتبعتم هذا الدين الباطل لتجتمعوا عليه في الدنيا صداقة وألفة منكم لبعضكم البعض، فكان أنسكم ببعضكم مقدما عندكم على الأنس بالله. فيوم القيامة تتبرأون من بعضكم ويلعن بعضكم بعضا. وقال تعالى: ((وقال الذين كفروا ربنا أرنا الَّذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (29) )) (فصلت). سبحان الله! هؤلاء أنفسهم كانوا يعظمون أسيادهم في الدنيا وينافقون لهم ويتملقون. كانوا مستعدين لظلم العباد من أجل إرضاء أسيادهم. لكن يوم القيامة يطلبون أن يجعلوا هؤلاء الأسياد المضلين تحت أقدامهم.

ختاما، المؤمن يجري بينه وبين ربه حوار لطيف جميل. في الحديث المتفق عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة ((يا أهل الجنة)) فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول: ((هل رضيتم)) فيقولون وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول: ((ألا أعطيكم أفضل من ذلك)) فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟! فيقول: ((أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا)). في المقابل: آخر حوار يجري بين أهل النار وربهم سبحانه: ((قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111) )) ثم بعد ذلك ينقطع كلام الكفار مع ربهم، فقد قال لهم: ((اخسأوا فيها ولا تكلمون)). ((كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)). فهل يستوي المرضي عنهم إلى الأبد والمحجوبون إلى الأبد؟ لا والله لا يستوون. فلنحمد الله على نعمة الإسلام إخواني وأخواتي، وكلما قرأتنا القرآن من اليوم فصاعدا فلنلتمس هذا المعنى: لا سواء في المبادئ، ولا سواء في القيمة ولا سواء في الجزاء ولا سواء في المصير. لا سواء! فلنحرص على ألا نخسر إسلامنا من أجل أي شيء. ولنحرص على نشره رحمة بالبشرية قبل أن تحجب عن ربها. ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105))) (التوبة) والسلام عليكم ورحمة الله.