→ جميع المقالات
مؤمن سعيد
٢١‏/٦‏/٢٠٢٠

في منشور لأخي الدكتور عبد الرحمن ذاكر عن نصائح للأهل بخصوص العطلة الصيفية لفت نظري استخدامه لعبارات مثل: "احرص على ربط ابنك بصحبة صالحة سعيدة"، "حتى لا يعاني الأبناء من الإدمان على ما يضر يحتاجون أن يروا في البيت أبوين مؤمنين سعيدين" (الكلام بالمعنى). التركيز على كلمة (سعيد) ذكرني بمعنىً حاولت مقاربته في كلمة قديمة بعنوان (هل الإسلام دين الحزن بالفعل؟)... عندما تكون مؤمناً (سعيداً) فإن هذا يدل على أنك فهمت الإيمان بالشكل الصحيح... وحينئذٍ فأنت تصلح كأبٍ/أم قدوة، وصديقٍ قدوة، وموجٍّهٍ قدوة. ابتسامتك الصادقة ونفسك المطمئنة خير دعوةٍ لمن حولك...فالناس يبحثون عن دين/منهج يحقق لهم السعادة. والله تعالى وعد المؤمنين بالحياة الطيبة: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)...فحياتك الطيبة دليل صحة عملك الصالح. كم منا مَن يلتزم بشعائر الإسلام الظاهرة، ويكون لديه صدقٌ في الإقبال على الله وطاعته، لكن دون توازن نفسي، ودون إعطاء كل ذي حق حقه، فيعاني من الاحتراق النفسي، والقلق الدائم، وهو يحسب أن هذا كله محمود لأنه (في سبيل الله) و(من الهمِّ على الأمة) و(دليل حياة القلب)... وحقيقة الأمر أنه لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، ولا حوَّل همه على أمته إلى هِمة، ولا حُرقة قلبه إلى عمل نافع..فبدل أن تكون الحرقة وقوداً دافعاً للعمل أصبحت حارقة لنفسه وأعصابه! فظهر من الرهَقِ والعبوس على وجهه ما يصد الناس عن مظاهر (الالتزام) التي يتزيَّىى بها. ولنا في رسول الله أسوة حسنة...كان صلى الله عليه وسلم (كثير التبسم)، (تهلل وجهه كأنه مُذهبة)، (تبرق أسارير وجهه)، ( استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر) كما في الأحاديث الصحيحة، مع كل أشكال المعاناة التي عاناها من الكفار والمنافقين وفقد الأبناء وموت الأحبة. ورحمة الله على شيخ الإسلام ابن تيمية الذي حمل هم الأمة وصد عنها عوادي الإلحاد والزندقة كما صحح مسار الانحراف في العقائد وعاش فترة عصيبة اجتمع فيها على المسلمين التتار من المشرق، والصليبيون من المغرب، والقرامطة والحشاشون وغيرهم من فئات الضلال من داخل بلاد المسلمين، وجاهد بنفسه كما جاهد بفكره...ومع هذا كله وصفه تلميذه ابن القيم بأنه كان: (من أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً، وأقواهم قلباً، وأسرهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه). فتذكر يا مُحب: سعادتك دليل فهمك لإيمانك.