مرت أربعون عاما من عمري... تقلبت خلالها في نعم الله عز وجل...في حلمه وكرمه وستره ورحمته...بما يعقد اللسان ما من بلاء عانيته إلا و يترفق بي الرحمن فيه، ولا يُـحَـملني ما لا طاقة لي به، بل يشعرني بقربه ومَعِيَّته ويجعل لي في ثنايا البلاء خيرا عظيما، في ديني ونعيم قلبي ودنياي... كانت عيني ترِقُّ أحيانا، وأنا في داخل بلائي، وأقول: (ماذا فعلت حتى يحصل معي هذا؟!)، (لماذا أنا يا رب؟!)، (والله يا رب لا أستحق)... أعني: ماذا فعلت حتى تحصل معي هذه اللطائف من رحمة ربي؟! لماذا أنا ينعم علي ربي بهذا الشكل؟! لا أستحق هذا الإنعام، إي والله لا أستحق. وكانت تراودني الهواجس أن يكون هذا الإنعام استدراجا، وأنني في يوم من الأيام سوف "أُعاقَب" على تراكمات تقصيراتي وأُجرد من هذه النعم لأعود إلى حجمي الحقيقي كإنسان لا يستحق كرم ربه، وأفقد الإحساس بالحظوة عنده سبحانه. لكن يوم العقوبة القاصمة هذا لم يأتِ، بل لطف يتجدد وكرم يغمر وإنعام يزداد! بل وأدركت أن خوفي المبالغ فيه من أن يكون الإنعام استدراجا كان سوء أدب تجاه ربي عز وجل، فالتعامل مع هداياه تعالى كأنها "مسمومة" يعكِّر على مقام الشكر.. فأحمده عز وجل على أنه لم يعاملني بسوء ظني هذا. كثيرا ما تساءلت: (لا أستحق هذا الكرم كله من الله !!) فكأني أسمع الجواب: (صحيح، أنت لا تستحقه...لكنه تعالى أكرم من ألا يسعك كرمه)
يؤتيهم وإياك من فضله ولا يظلم أحدا)
أيها الأحبة، أعود إليكم بعد انقطاع طويل دام حوالي العام، وأعتذر عن التأخر في الرد على تهانيكم الكريمة. وأقول لكم: جزاكم الله خيرا على مساندتكم وأُخوتكم الإيمانية ودعائكم لأخيكم، والتي لمست آثارها الطيبة في تجربتي بفضل الله تعالى. أحبكم في الله، وأسأل الله أن يجمعنا في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في جنته. وأن يتم فرحتنا بفكاك المسلمين جميعا من كرباتهم وبعودة عزتهم ومجد دينهم. أخوكم الذي يتشرف بكم: إياد قنـيـبـي.