ونحن نتكلم عن قضية أصل الإنسان ونفند نظريات العلم الزائف حولها سيقول البعض: لماذا كل هذه الضجة؟ دعونا من الماضي، ركزوا لنا على الحاضر، وماذا يهمني معرفة أصل الإنسان!
فنقول:
الله سبحانه وتعالى لا يكرر قصة خلق آدم في سبعة مواضع من القرآن فضلا عن ذكر اسمه خمساً وعشرين مرة إلا لأمر جلل.
فخلق آدم هو من الحقائق الكبرى التي أراد الله تعالى أن يرفع الغموض عنها بشكل قطعي يقيني في كتابه ابتداء، وتأكيدا في سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
فقصة آدم تجيب عن سؤال من الأسئلة الوجودية الكبرى: (من أنا؟ وما أصل البشر الذين أنتمي إليهم؟)، فلا يدعها الله سبحانه وتعالى لحالةٍ من عدم اليقين.
قصة خلق آدم تخبرنا عن أصل الإنسان، طبع الإنسان، وظيفة الإنسان، عدوّ الإنسان.
أمرٌ جلل عظيم قال الله فيه: (قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون، ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون).
قصة خلق آدم ترتبط بالغيبيات الكبرى (الله، الملائكة، الجن، الجنة، النار، أصل الحياة، غاية الحياة)..ترتبط بها ارتباطا وثيقا...وهي القضايا التي يَجِدُ الإلحاد معها مشكلة كبرى فيتكئ دوما على الداروينية.
تتساءل: وماذا يهمنا أصل الإنسان ونحن نعاني سياسياً واقتصادياً ونتجرع الظلم من مجرمي الأرض؟
فأقول لك: من مصلحة مجرمي الأرض أن يعتقد الناس بأنهم ما هم إلا شكل حيواني ظهر بمجموع الصدف.
فتنظر لنفسك كحيوان جاء عبثاً! وما أسهل إذلال من ينظر لنفسه بهذه النظرة !
ثم إن المسألة تتجاوز أصل الإنسان إلى القرآن كله ! فإذا كانت قضية محسومة محكمة كخلق آدم قابلة للتأول بل لتحريف المعنى بناء على نظريات العلم الزائف، فما الذي يمنع أن يكون القرآن كله رموزاً مائع الدلالة؟
تمييع دلالة آيات خلق آدم يفتح الباب لتمييع دلالة آيات الحقائق وآيات التشريع معاً، ولا يعود هناك معنى لوصف القرآن بالكتاب المبين ولا لقول الله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ (89)) (النحل).
ومن هنا تفهم لماذا كان العبث بدلالة آيات خلق آدم بناء على خرافة التطور قنطرةً لإلحاد لعدد من شباب المسلمين، بينما دراونة العرب يقولون مقالة من قبلهم: (إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا).