السلام عليكم. إخواني الكرام هذه الكلمة لا تُفهم إلا وحدة واحدة. فالذي سيشاهدها عليه أن يكمل إلى النهاية وإلا فلا يشاهدها من الأساس. إذا مش ناوي تكمِّل فنصيحة انسحب من الآن.
-أقول إخواني: من تابعني من أربعين يوماً يوم انطلق طوفان الأقصى يعلم أني كنت من أشد المؤيدين له والفرحين به والمدافعين عنه.
-الآن بعد المعطيات الجديدة، بعد الدمار والقتل الذي
-رأيناه، هل سنبقى على نفس الموقف أم يمكن للإنسان أن يغير موقفه إذا تجرد عن تأثير العاطفة واستمع للغة العقل والواقع؟
-هل يمكن أن يكون ما حصل في طوفان الأقصى هو أن مجموعة من المسلمين جرت شعباً أعزل إلى مواجهة غير متكافئة؟ أليس علينا حينئذ أن نفكر بعمق وهدوء فيما إذا كان هذا العمل انتصاراً بالفعل؟ أم أنه قد يهدم أكثر مما يبني، ويضيع مكتسبات أكثر مما يحققها؟
-مهم جداً أن نعرف إجابات هذه الأسئلة لنؤيد أو نعارض المبدأ...مبدأ الجهاد بإمكانيات متواضعة في هذا الزمان، حتى نعلم إذا كان هذا العمل نموذجاً يحتذى أم أنه يجب كفُّ المسلمين عنه وتحذيرهم من القيام بمثله..
-سأعيد النظر في موقفنا من طوفان الأقصى من عدة نواحٍ:
1.مشروعية العمل في دين الله تعالى. 2.نتائج هذا العمل عبر الأربعين يوماً الماضية. 3.فقدان حالة الاستقرار النسبي التي كان أهل غزة يتمتعون بها قبل الطوفان. 4.اعتراض بعض أهل غزة على هذا العمل بعدما ظهرت نتائجه. 5.المواقف السابقة المتعلقة بالمشروع الإيراني. 6.مواقف بعض النشطاء من الطوفان وما أشاروا إليه من أنه لا ينبغي الإقدام على فعل من هذا النوع دون وجود قوة مادية كافية.
فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: هل طوفان الأقصى كان عملاً مشروعاً؟
-لا أظن أحداً يخالف في أنه كان من حيث الأصل عملاً مشروعاً. ولعلي أستطيع أن أقول بثقة: كل المسلمين في أرجاء الأرض فرحوا به، حتى من عنده فرح مشوب بعواقبه. مشروع لأنه كما وصفه أحد الإخوة": معركة يلتقى فيها خيرة عباد الله في صفوة أرض الله ضد شر الدواب عند الله، في أظهر معركة بين الحق والباطل، لتكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا".
-طوفان الأقصى عمل مشروع لأن الله تعالى قال: (أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير).
-ولأن الله تعالى قال: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)..وأظن أنه لا ينكر عاقل أن الإخوة المجاهدين قد أعدوا ما استطاعوا بالفعل.
-ومشروع لأننا نتكلم عن عدو احتل أرضا للمسلمين وسَفَكَ دماءهم ودتس مقدساتهم. ففرضية الجهاد في هذه الحالة ليست محل اجتهاد أو نقاش أو إبداء آراء من حيث الأصل.
-ومشروع لأن إخواننا الذين أطلقوا طوفان الأقصى، وهم أصدق عندنا من كل الكفرة والمنافقين وأبواق الإعلام الكاذب، أخبروا بأن الصهاينة كانوا يعدون العدة لغزو غزة، فبادرهم المجاهدون وغزوهم في عقر دارهم وأوقعوا فيهم الخسائر. فكان في هذا من حيث الأصل حماية من هذا الخطر القادم.
إذا دعونا نتفق على أن العمل في أصله مشروع.
-لكن لحظة: حتى تحكم على عمل بأنه مشروع أم لا، انظر إلى نتائجه.
آها.. هذا يأخذنا إلى:
-النقطة الثانية: إعادة النظر في طوفان الأقصى بناء على نتائجه عبر الأربعين يوما الماضية.
-هل يحق لجماعة من المجاهدين أن يقوموا بعمل تكون نتيجتُه قتلَ آلاف المسلمين وتهديم البيوت وتشريد ساكنيها وموتهم موتاً بطيئاً في المستشفيات وهلاكهم جوعا وعطشاً ؟
-السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل هذه هي النتيجة الحتمية لطوفان الأقصى؟ أم أنه كان يمكن للأمور أن تسير بخلاف ذلك وتحدث انتفاضة عارمة في بلاد المسلمين تقتلع الكيان الصهيوني وتزلزل أركان النظام الدولي وأذنابِه في بلاد المسلمين؟!
-"إمممم..لا مش ممكن"
-مش ممكن؟! إذا مش ممكن لماذا جاءت كل دول الكفر تنجد الكيان الحقير وثارت ثائرة النظام الدولي بشكل هستيري وأعلن الحرب صريحة دون أي محاولة خداع لمشاعر المسلمين ورمى كل مواثيقه في الزبالة؟
-إذا مستحيل فلماذا يتصرف الكيان بهذا الجنون ويضحي بحياة مئات الأسرى رغم الضغط الشديد من أهلهم؟
-كان يمكن للأمور أن تسير بخلاف ما جرى وكان يمكن لطوفان الأقصى أن يجرف من طريقه كل الأوساخ في المنطقة.
-طيب ما الذي منع ذلك؟ منعه حراس يعينون قوى الكفر على الاستفراد بأهلنا في غزة، وشعوب لم تتهيأ ولم تستعد كما استعد إخوانها في غزة. فلا تلم من قام بما عليه بجريرة من لم يقم.
-ولا تُقَيم طوفان الأقصى بنتائجه غير الحتمية. فالعمل إما أن يكون مشروعاً أو غير مشروع. وإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم قد أُمر أن يقول: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)، فكيف لإخواننا أن يعلموا الغيب حتى يقوموا بطوفان الأقصى أو لا يقوموا. أصيب المسلمون بمصيبة في معركة أحد. فهل هذا يعني أن خروجهم للمعركة كان خطأ؟ طبعاً لا.
-لما تناقش هذا الموضوع تذكر إحصائيات من موقع ستاتستا وغيره تبين أن النفقات العسكرية لسبع دول عربية خلال عام 2021 بلغ 88 مليار دولار.
- https://www.statista.com/statistics/676109/mena-military-spending-by-selected-country/
-وتذكر أن هذه أموال الأمة..أموال الشعوب المسلمة التي يجب أن يدافَع بها عن الأمة دون أي اعتبار لحدود وضعها المحتل. فالواجب هو السؤال هو عن حكم حرمان المسلمين من نصرة إخوانهم بالأسلحة التي اشتُريت بأموالهم، لا توجيه اللوم لمن قام بفريضة الجهاد بالإمكانيات البسيطة المتاحة.
-اللي بيسمعنا لحد الآن قد يظن أننا نقول: صحيح أن طوفان الأقصى بدأ بنصر لكنه بعدها ضاع النصر...أبداً أبداً..
-أبداً.. بل إذا كانت الأفعال تقاس بالنتائج فنتائج طوفان الأقصى من أعظم المكتسبات في تاريخ الأمة الإسلامية، من إحياء أجيال من الشباب الضائعين، وتكريس عقيدة الولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين، وغيظ للكافرين وإيقاع الخسائر فيهم ولا زالت تسطر في ذلك البطولات، وظهور المنافقين وأعداء الدين على حقيقتهم (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة)، ودخول أناس في الإسلام، ومعرفة كثير من الشعوب بحقيقة الكيان الغاصب وبحقيقة حكوماتهم الداعمة له واكتشافهم أنهم مضلَّلون في هذا الشأن وغيره، وفضول الملايين لمعرفة ما في هذا الدين العظيم وكيف صبَرَ أهل غزة على ما هم فيه..وهو الفرض المهمل والمهمة الـمَنسية: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)..وأحسب أن هذا كله في ميزان حسنات أهل غزة الصابرين ومجاهديها بإذن الله.
-الذين قتلوا ويقتلون من إخواننا في غزة هم شهداء إن شاء الله، والذين يصيبهم الأذى في أهلهم وأجسادهم وأملاكهم ويصبرون فالله يعوضهم بخير منه. فهم لم يخسروا. إنما الذي يخسر ويحل عليه غضب الله هو القادر على نصرتهم ولا يفعل. وشرٌّ منه من يمنع من نصرتهم.
-"ماشي، لكن مقابل هذا كله انظر إلى خسارة حالة الاستقرار النسبي التي كان أهل غزة يتمتعون بها قبل الطوفان".
-آها!..هذه النقطة الثالثة التي ذكرناها في البداية. حالة الاستقرار النسبي..يعني: الناس كانوا عايشين، صحيح في ضيق شديد وغزة عبارة عن سجن كبير، لكن كانوا عايشين، بياكلوا وبيشربوا وبيصلوا وبيصوموا ومسابقات حفظ القرآن وآمنين نسبيا.
-الذي كان يتابع شأن غزة قبل الطوفان كان يَعلم أنها على حافة خطر، خطر كبير على دينها وفطرة أبنائها ودينهم وأخلاقهم.
-الطعام والمعونات كانت تدخل، لكن من خلال الأمم المتحدة وتفريخاتها والـNGOs التابعة للدول الغربية، والتي كانت تقدم هذه "المعونات" مسمومة بسموم سيداو والنوع الاجتماعي والعمل على السلخ التدريجي لأهل غزة عن دينهم. بتاريخ 20-9-2023، يعني قبل طوفان الأقصى بحوالي أسبوعين فقط، كنا قد نشرنا كلمة بعنوان "أخلاقيات الأونروا وأهل غزة" أبين فيها أن الأونروا عممت كتاباً على معلمي غزة خلاصته باختصار شديد: بدكم يا أهل غزة تتقبلوا نشر الفاحشة والشذوذ ومحاربة الفطرة في أبنائكم بل وتدرسوها يا معلمي غزة لأبنائكم غصبن عنكم، وبتحطوا دينكم وقرآنكم على جنب أيها المعلمون، وتقولون سمعنا وأطعنا للأمم المتحدة ودينها الجديد"..والذي يظن أننا نبالغ يروح يسمع الكلمة ويشوف مدى وقاحتهم.
-غزة كانت أكثر مكان في فلسطين يتعرض لمحاولات الابتزاز والتدجين من قبل المؤسسات والجمعيات التي رأيناها في بداية الحرب تخرج كالفئران بعدما بذلت جهدها للتخريب الديني والأخلاقي ليستكمل مرسلوها من الدول الغربية التخريب العمراني والقتل والتهجير.
-غزة كانت مجوَّعة محاصرة يجرم من يتبرع لها من المسلمين حتى لا يصل لها الفتات إلا من خلال هذه الجمعيات الخبيثة مع كثير من الابتزاز لتتمكن مؤسسات سيداوية مثل "ريفورم" و"سواسية" وشخصياتٌ طاعنة في الشريعة مروجة للشذوذ أمثال زينب الغنيمي من عقد فعاليات خبيثة تروج للشذوذ والتحول ولقاذورات سيداو.. مما وثقته قنوات على تلغرام بالصوت والصورة مثل "غزة تقاوم شذاذ الآفاق" و "الحراك الجماهيري لإسقاط سيداو". وكان هذا من أسباب إجرائنا لمسابقة "فلسطين تتصدى للحرب على الفطرة" ومسابقة "أنت مهم" اللتين كانتا موجهتين لغزة في المقام الأول.
-غزة ما كانت بخير من التآمر عليها، كانت تتعرض لابتزاز قذر..وكان أهلها والمصلحون فيها ومجاهدوها مقهورين من هذا العبث الذي كانت وتيرته تتصاعد في السنوات والشهور الأخيرة.
-جاء طوفان الأقصى فغسل كل هذا الوسخ...أخرج كل الفئران من غزة ومعهم قاذورات الجندرة ومحاربة الشريعة التي لا تطيقها بيئة غزة ولا تستطيع أن تأكل الخبر مسموماً بهذه القاذورات. وأبناؤنا الذين كان يُمكر بهم لينشؤوا على الكفر والشذوذ هم الآن أبطالٌ يفدون دينهم بأرواحهم.
-لذلك لما تشوف من يقول: "عن أي نصر تتحدثون؟ الناس كانوا يأكلون ويشربون والأبناء كانوا يذهبون إلى المدارس". فقل له: وماذا عن صلاح فطرتهم وأخلاقهم وآخرتهم؟ لا تكن من الذين (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون).
-ثم ماذا لو لم ينطلق طوفان الأقصى؟ وماذا لو استسلم أهل غزة لمحاولات الإفساد؟ هل كانوا سيأمنون على دنياهم حتى؟
-الصهاينة المجرمون الذين يستمتعون بأن يعلنوا لأهل غزة عن ممرات آمنة، ثم إذا سلكها أهلنا قصفوهم فيها بمنتهى الإجرام..ورأينا من ذلك مقاطع تُشَيب الرأس...الصهاينة المجرمون الذين صوروا جندياً لهم يتظاهر بأنه يساعد العم بشير الحجي ذي الـ79 عاماً وهو في طريق النزوح، ثم أعدموه بطلقات في رأسه وبطنه...هل كانوا سيتركون غزة من شرهم لو لم ينطلق طوفان الأقصى؟ هل نسينا حين أطلقت بارجتهم الحربية النار على عائلة هدى غالية التي خرجت للنزهة على شواطئ غزة فتحولت النزهة لمذبحة ذهب ضحيتها أبوها وأشقاؤها الخمسة وعويل تلك البنت على أهلها يوم لم يكن هناك قتال ولا طوفان أقصى؟!
هؤلاء مجرمون..لا يتركون من شرهم أحداً.
-"لكن لحظة! حتى بعض أهل غزة اعترض على طوفان الأقصى بعدما حصل القتل والدمار، ورأينا ذلك على شاشات قناة العربية مثلاً".
-نعم، هذا متوقع، وأهل غزة ليسوا خيرا من المجتمع النبوي. المجتمع النبوي كان فيه أبو بكر وعمر وشجعان الصحابة، وكان فيه من يكره المواجهة بحيث عندما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا (يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون). وكان فيه ضعفاء الإيمان وكان فيه المنافقون الذين (يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قُتلنا هاهنا). وأنا هنا مش هدفي أنتقص من الذين أظهروا ضيقاً وألماً وتمنوا لو أن الأمر ما كان. الله يعينهم ويعيننا على نصرتهم. لكن لا يشك عاقل أن مجتمع غزة بمجموعه ضرب أروع الأمثلة التي أذهلت الناس ودعت كفاراً إلى اعتناق الإسلام. لكن هناك وسائل إعلام خبيثة لا تقع إلا على ما تريد توظيفه لضرب مبدأ الجهاد.
-"بتعرف يا إياد؟ ممكن نسلم معك بكل هذا الكلام لولا غصة في الحلق..ألا وهي مواقف حركة حماس فيما يتعلق بالمشروع الإيراني وحزب اللات والأنظمة التي سامت المسلمين سوء العذاب".
-تمام، هذا يأتي بنا للنقطة الخامسة وقبل الأخيرة. للعلم، أنا من أشد الناس رفضاً لهذه المواقف وبياناً لعدم شرعيتها ولخطورة آثارها. كان هذا موقفَنا ولا يزال.
-لكن المعركة الآن ليست معركة حماس! هي معركة إسلام وكفر ومسلمين وكفار. عندما ترى الصهاينة يستهدفون مسجد "إحياء السنة" في حي الصبرة في غزة بصاروخ قتل أكثر من خمسين مصلياً كانوا يصلون المغرب والعشاء جمعاً خوفاً من الغارات أول أمس، فهذه حرب لا علاقة لها بحماس. هذه حرب إسلام وكفر.
-الآباء الذين يتحملون فقد أبنائهم وأزواجهم، الأطفال الذين يتحدون أعداءهم..العجوز التي تقول "طول ما الشباب -يعني المجاهدين- بخير احنا بخير...هؤلاء جميعاً هل هم يضحون من أجل المشروع الرافضي؟ بل لا يخطر لهم ببال. والحمد لله أن هذا المشروع الخبيث ظهر على حقيقته في هذه الأحداث حين خذل أهل غزة.
-كنا ولا زلنا وسنبقى نستنكر أي موقف يثني على ظالم أو معادٍ للسنة وأي موقف يجزئ قضايا المسلمين. فقضية الفلسطيني ليست منفصلة عن قضية السوري أو العراقي...أمة واحدة والحدود بيننا لا قيمة لها...لأننا نؤمن بقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يدٌ على من سِواهم). ونسأل الله أن يطهر بهذا الطوفان أعمال وصحائف من أخطأ في هذا الأمر، وألا نرى منهم هذه المواقف بعد اليوم. والأمر ذاته نقوله فيما يتعلق بالموقف من الديمقراطية والوطنية و"حل الدولتين" والشرعية الدولية. هذه كلها ليست هي المعاني التي تحرك الرجال على الأرض ولا تمثل مواقفهم.
-هل أهلنا في غزة يقاتلون ويضحون ويصبرون وطنيةً أو من أجل الديمقراطية؟ بل نحسب أن عامتهم يفعلون ذلك لتكون كلمة الله هي العليا، وأنهم يعلمون أن سيادة كلمة الله وشريعة الله تتضمن حقوقهم وعزتهم وكرامتهم واسترداد أرضهم.
-قد يكون عند بعضهم اختلاط بين هذه المقاصد الوطنية والشرعية. فدورنا أن نذكرهم ونذكر أنفسنا بتمحيص النية لله وإرادة نصرة شريعة الله وإقامة حكمه في الأرض، لا أن نتخلى عنهم مبررين بوجود الأخطاء ونقول مقالة المنافق الأول "قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا".
- طيب ماذا لو سارت الأمور مستقبلا مسارا غير حميد بتوظيف طوفان الأقصى لتنازلات لا أقول فيها تخفيف عن أهلنا وإنما شرعنة للدخول في نفقٍ غير مشروع لا يعود عليهم بخير دنيا ولا آخرة؟ - لكل مقام مقال. واجب الوقت هو نصرتهم، لا أن نتخلى عنهم ونبرر لأنفسنا بأن ذلك قد يحصل.
6. سادساً وأخيراً: ماذا عن مواقف البعض من الطوفان وما أشاروا إليه من أنه لا ينبغي الإقدام على فعل من هذا النوع دون وجود قوة مادية كافية؟
أما من كان من أصحاب المروءة والفهم وبيننا وبينه قواسم مشتركة من الخطاب الشرعي الصحيح، فلعل فيما تقدم كفاية وإقناعاً له... ونقول له: متى بدأت المعركة بين الإسلام والكفر يتوقف الاستدراك والتحليل في الجدوى لأن هذا من الارجاف والتخذيل والتثبيط وتشتيت الجهود. كل الجهد يجب أن ينصب على نصرة إخوانك وكف الأذى عنهم. كل اللوم والتخطئة بل والتخوين يجب أن يوجه لمن يستطيع نصرتهم لكنه في الحقيقة يعين أعداءهم عليهم. أي تشتيت الآن هو حبل نجاة للمنافقين والمتآمرين، يزيح الأنظار عنهم ويتخذونه ذريعة لمحاصرة بل وربما تجريم التأييد للمجاهدين، بحجة أن هناك "رفضا شعبياً" لما فعلوه! فاتق الله فيما تقول.
في المقابل، هناك صنف من الناس يسب من قام بطوفان الأقصى ويدعو عليهم. وفي الوقت ذاته يثني على أسياده المتآمرين على المسلمين ويتأدب معهم ويدعو الناس إلى طاعتهم. وقد ترى له لحية وشماغاً ويدعي أنه يستند في مواقفه هذه إلى الشريعة.
هذا الصنف من الناس شابه المنافقين في كل شيء:
- خذَلوا رسول الله والمؤمنين في أحد بعدما (قيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا).
- وشرعنوا أعمال من تآمروا على المسلمين وحالفوا أعداءهم عليهم: (فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم) يعني في موالاة أهل الكتاب.
- ثم لما أصابت المسلمين مصيبة قالوا: (لو أطاعونا ما قُتلوا).
- ونسبوا المصائب إلى رسول الله ومن معه: (وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك).
طبعاً هذا ليس تشبيهاً لأية حركة أو جماعة بنبي الله ومن معه. وإنما بيانٌ لعداوة المنافقين لروح الإسلام والجهاد-خذلان وتآمر وإرجاف ووضع اللوم على المجاهدين.
ختاماً يا كرام:
إعادة النظر في طوفان الأقصى تستلزم أن نقول: اثبتوا على نظرتكم الأولى، اثبُتوا على الحق في نصرة إخوانكم..واعلموا أن أعداء الله رأوا عقيدة الجهاد والعزة الإسلامية تُبنى في نفوس الشعوب المسلمة، فكل قصف على الأرض يريدون به بالتوازي قصف هذه العقيدة وهدم بنيانها في نفوسكم..حتى لا تكون نموذجا يحتذى لأنها خطيرة على كل المجرمين الذين يصدون البشرية عن سبيل الله ويبغونها عوجا..فاثبُتوا ولا تسمعوا للمرجفين والمنافقين ولا ضعفاء الإيمان الذين لا يقين لهم بكل المعاني الإيمانية. (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون).
والسلام عليكم ورحمة الله.