في الإسلام قِيَم حاكمة وأخرى محكومة...قِيَم مُطْلقة وأخرى مقيدة. من القيم الحاكمة المطلقة: الحق والعدل. فلا يمكن للإسلام أن يشرع شيئا فيه باطل أو ظلم أبداً. قال الله تعالى: (الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان)...الميزان لتحقيق العدل. قال تعالى: (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)، أي بالعدل. في المقابل: الحرية والمساواة قيمتان محكومتان مقيدتان بالحق والعدل. أي أن الإسلام يدعو إلى الحرية حين تكون حقا وعدلا. وفي بعض الأحوال يكون عدم الحرية حقاً وعدلاً، وتكون المساواة ظلما وباطلا. إذا فهمنا ذلك فلا ينبغي أن يشكل علينا سؤال: كيف يكون في الإسلام رق وهو دين الحرية؟ ولا ينبغي أن "ندافع" دفاع من يشعر بالمعرة من شيء من دينه! حرمان العدو من حريته في هذه الحالة حق وعدل، بل وزيادة على العدل: فضل في التعامل مع عدو كان حريصا على استئصالهم أو ردهم عن دينهم. كذلك من العبث أن نتكلف في إثبات أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في كل شيء، إذْ هذه المساواة تكون في بعض جوانبها باطلا وظلما للرجل والمرأة على حد سواء. وكذلك الادعاء الباطل بأن الإسلام يساوي بين "المواطنين" في كل شيء، ومنه حق تولي منصب القضاء أو الولاية العامة. عندما تخرج "موضةٌ" قِيَميةٌ في الغرب مثل موضةِ الحرية وموضة المساواة، فإن من الهزيمة النفسية أن نتبع هذه الموضة ونحاول إلباس الإسلام لباسها رغماً عنه! هم لهم منظوماتهم القِيَمية التي يتخبطون فيها ويُغَيِّرون فيها بحسب التجارب والأهواء، ويخادع فيها ساستُهم شعوبهم، ويخالفونها بحسب مصالحهم ويتنكرون لها خارج حدودهم ويرفعونها شعارات مع إفراغها من مضمونها! ونحن لنا قيم من لدن حكيم عليم. بل حتى لو طبقت القيم التي ينادون بها تطبيقا حقيقيا فإنها تنتهي بتدمير هذه القيم ذاتها! لأنها جاءت مبتورة عن الوحي بحكمته وعلمه. فالحرية في ممارسة الرذيلة والترويج لها تنتهي بخنق أهل الفضيلة وتسميم أجوائهم، وإنتاج نفسيات مشوهة تختطف حرية الشعوب المستضعفة. والمساواة بين أهل الحق وأهل الباطل تنتهي بعلو المبطلين لكثرتهم فيهضمون حقوق أهل الحق وتتلاشى المساواة المزعومة. الخلاصة: الإسلام دين الحق والعدل. أما الحرية والمساواة فمن مطالب الإسلام بقدر ما ينضبطان بالحق والعدل. والله تعالى أعلم.