→ جميع المقالات
هل حقا مات رسول الله ودرعه مرهونة عندي يهودي؟ -1
١٥‏/١٠‏/٢٠١٦

عندما ذكرتُ بطلان قصة اليهودي الذي كان يضع القمامة على باب بيت النبي ذكر بعض الإخوة حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عندي يهودي مقابل طعامٍ أخَذَه. فأقول أيها الأحبة: ليسا سواءً! بل حديث رَهْنِ الدرع رواه البخاري وغيره، واتفق أئمة الحديث على صحته. لكن هل يُعقل أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة كلهم بمن فيهم من الأغنياء ويستدين من...يهودي؟! والجواب: نعم، يُعقل، وقد ذكر العلماء حكما لذلك لكن أود أن أضيف عليها:

  1. رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجه لأمته من بعده وللبشرية جمعاء رسالة: أنه لا عدل على الحقيقة إلا في ظل الإسلام.

وأن الأمة لا تحتاج إلى ازدواجية المعايير التي يُلقَّنها الصغار والكبار في أيامنا إذ يقال لهم: (من الناحية الدينية ومن ناحية المواطنة)! وتُجعل "المواطنة" حاكمة على الدين! بل كما قال الله تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه)، سواء في ذلك المسلمون وغيرهم. فهذا يهودي ذمي، لو تعدى أحكام أهل الذمة عوقب، وليس له أن يتولى منصب الحكم والقضاء التي هي للمسلمين فقط، ومع ذلك فها هو رأس الدولة صلى الله عليه وسلم يشتري منه إلى أَجَل فيرهن درعه عنده مراعاة لحقه، ولم يكن لأحد أن يقول لهذا اليهودي: (يا وقح؟! كيف تأخذ الدرع من سيد البشرية وهو أصدق الناس وأبرهم)...بل حق كل ذي حق محفوظ. 2. يعلمنا رسول الله أن المسلمين في التعامل مع "الآخر" لا يحتاجون إلى مواثيق الأمم المتحدة ولا إلى المزاودات النفاقية التي يدوسها صانعوها عند أدنى مصلحة لهم! بل المسلم و"الآخر" حقهم محفوظ كما لا يحفظه نظام...هذا الآخر مشرك نعتقد يقينا بطلان دينه لكن لايبيح لنا ذلك الاعتداء على حقه. 3. وانظر إلى عظمة التعليم عندما يرهن النبي درعه، لا شيئا آخر...إنه آلة الحرب! يعلمنا أنه في الإسلام ليس لأحد أن ينتقص حق الرعايا -ولو كانوا مشركين- بحجة "مصلحة الوطن" وهذه الأوثان التي ينصبها الظَّلَمة وينهبون بها حقوق العباد! ليس عندنا في الإسلام ظلم تحت عنوان (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)! مع أن درع النبي كانت درع أطهرِ جسدٍ لأشرف معركة: معركة إظهار الحق وإزهاق الباطل. يعلمنا ويعلم البشرية: أن صراعنا ليس لأحقاد شخصية، بل لإحقاق الحق، فلما أطاع اليهودي حكم الإسلام رهن النبي عنده آلة حربه التي لعله عليه الصلاة والسلام قاتل بها غيره من اليهود المحاربين. سِلْمٌ وحرب، سياسة واقتصاد، تخضع كلها لما يحب الله تعالى...رسالة تركها لنا النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته برهن درعه عند اليهودي الخاضع لحكم الإسلام. لا كمن يرهنون المسلمين وثرواتهم لليهود المحاربين الذين يقتلون إخوانهم ويستبيحون حرماتهم مقابل منافع شخصية! د. إياد قنيبي