→ جميع المقالات
هل فهمي للإسلام " حق مطلق " ؟
٦‏/٥‏/٢٠٢١

حول "الحق المطلق": نذكر كلاماً يمثل البعض، وجزءاً من الرد للأخ الفاضل عدنان طلافحة، للفائدة العلمية، دون ذكر أشخاص، لتكون فرصة التفكير الهادئ للجميع.


الكلام الذي يحتاج ردَّاً:

(الإسلام هو الحق المطلق أما فهمي أنا للإسلام فهو ليس حقاً مطلقاً،
لأني إنسان عقله محدود وعلمه قليل ، ومتأثر بأهوائه وشهواته وخلفيته وبيئته وعوامل كثيرة أخرى.

هل فهمك أنت للإسلام حق مطلق؟

وهل يوجد أي من العلماء المعاصرين أو علماء السلف فهمه للإسلام حق مطلق؟

بل هل يوجد أحد غير الرسول ﷺ فهمه للإسلام حق مطلق؟

أرجو إفادتي من فضلكم)


جزء من رد الأخ عدنان طلافحة:

  • أولاً: طريقة طرح السؤال خاطئة وموهمة، فماذا تقصد بفهمي أنا للإسلام؟!

فهناك فهمٌ يقينيٌّ قطعيٌّ للإسلام، لا شك فيه ولا ريب ولا شبهة، فمثلاً أنا بصفتي مسلماً أفهم أنَّ الله واحدٌ لا شريك له وأنَّ محمداً عبدالله ورسوله وأنَّ القيامة حقٌّ، وأن الجنة حقٌّ وأنَّ النار حقٌّ، وهذه أمورٌ لا نسبية فيها، بل لا يجوز فيها الخلاف؛ لأنَّ الخلاف فيها يدور بين الإيمان الكفر، ومخالفُ هذا الفهم ليس على دين المسلمين وثمة مسائل اجتهادية ظنية نسبية وهي قضايا الفقه والفروع، كمذهب من قال بوجوب مسح الرأس كلِّه في الوضوء، ومذهب من قال بمسح بعض الرأس! ولكل مجتهد نصيب.

فطرحُ هذا السؤال دون تفريقٍ بين ما هو عقديٌّ أصوليٌّ معلومٌ من الدين بالضرورة مُجمعٌ عليه، وما هو فقهيٌّ فرعيٌّ اجتهاديٌّ.. إنَّما هو نوعٌ من الخلط، بل هو مادة دسمة لأعداء الإسلام للطعن في الدين وتشكيك المسلمين، وهي من أكبر وسائلهم في تشريع تنحية الإسلام عن الحياة.. فانتبه فانظر إلى المنافقين في العالم الإسلامي الذين يتسمّون بمسميات عدة كـ (التنويريين والعَلمانيين والليبراليين وغيرهم) تجدهم دائماً يحملون هذه اللافتة ( الإسلام حق ولا شك في ذلك، وليست مشكلتنا مع الإسلام، إنَّما مشكلتنا مع فهمكم للإسلام)

وتحت هذه اللافتة يتمُّ نقضُ عُرى الدين بالكلية ومخالفة الإجماع وما هو معلومٌ من الدين بالضرورة، واستحلال المحرمات والموبقات وارتكاب شتى أنواع الكفر والضلال، وكلُّ ذلك تحت دعوى نسبية الحق، وأنَّنا لسنا ملزمين بفهم أحد للإسلام.. وهذه هي السوفسطائية بأفجر صورها!

نحنُ نتحدث عن دين الإسلام في مقابل الملل والنِّحل، فهو الحقُّ المُطلق لا ريب فيه ﴿فَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الحَقِّ المُبينِ﴾ [النمل: ٧٩]

ولا نتحدث عن مذاهب فقهية داخل دائرة الإسلام كالمذاهب الأربعة .. حتى تُطرَح نظرية النسبية في الحق! فانتبه

  • ثانياً: وماذا وراء مثل هذا السؤال: هل فهمك للإسلام حقٌّ مطلق؟!

لكم أن تتخيَّلوا لو أنَّ أهل المدينة طرحوا هذا السؤال على مصعب بن عمير عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إليهم داعياً ومعلماً!!

ولو أنَّ أهل اليمن طرحوا هذا السؤال على معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وغيرهما من الصحابة عندما بعثهم رسول الله إليهم لأجل دعوتهم إلى الإسلام!!

ولو أنَّه طُرح على الصحابة ومن بعدهم من الفاتحين وهم يفتحون البلاد شرقاً وغرباً!!

ثم يقال لكل هؤلاء: ما تدعوننا إليه هو فهمكم أنتم للإسلام، ولعلَّه لا يكون حقَّاً مطلقاً، حتى نرى ونسمع من رسولكم شخصياً!!

وتكون لهم حجةٌ في رفض الإسلام والكفر به!

يا للعجب .. إذن كيف تقوم الحجة على النّاس؟!

  • ثالثاً: يسأل: هل يوجد أي من العلماء المعاصرين أو علماء السلف فهمه للإسلام حقٌّ مطلقٌ؟! بل هل يوجد أحدٌ غير رسول الله فهمه للإسلام حقٌّ مطلق؟!

أقول: إنَّ إجماع الصحابة رضي الله عنهم حقٌّ مطلق : ﴿وَمَن يُشاقِقِ الرَّسولَ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَت مَصيرًا﴾ [النساء: ١١٥]

وإنَّ إجماع علماء الأمة حقٌّ مطلقٌ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله لا يجمع أمتي على ضلالة.

وإنَّ المعلومَ من الدين بالضرورةِ حقٌّ مطلق، وإنَّ قطعي الثبوت والدلالة حقٌّ مطلق).