تعرفتُ على أخ يعمل محامياً، فقلت له: مهنتكم كالسير في حقل ألغام ! فعامة الناس والمحامين يعلمون أنه لا يجوز المحاماة عن …
تعرفتُ على أخ يعمل محامياً، فقلت له: مهنتكم كالسير في حقل ألغام ! فعامة الناس والمحامين يعلمون أنه لا يجوز المحاماة عن شخص ظالم محتالٍ بشكل واضح، لكن يغيب عن بالهم أمر آخر خطير: وهو أن الموكل للمحامي قد يطلب شيئاً يستطيع الحصول عليه بحسب القانون الوضعي، لكنه ليس حقه في شرع الله رب العالمين.. وهذا كثير في العقود والمعاملات، بحيث يأكل الناس مال بعضهم البعض بالباطل مخالفين بذلك شريعة الله مع أنهم لم يخالفوا القوانين الوضعية، كما يحصل مع المؤجر والمستأجر وتقاضي الربويات (ما يسمى بالفائدة) وغيره الكثير.
فقال لي: الحمد لله أني وفقت لمحامٍ ورعٍ في بدايات التدريب، فقال لي كلمة بقيت في ذاكرتي أعمل بها: "إذا عُرِضَتْ عليك قضية فانظر لموافقتها للشريعة أولاً قبل أن تقبل المحاماة عنها ثم لموافقتها للقانون".
على قدر إعجابي بهذا المحامي الورع، حزنت أن مفهوماً كهذا، ألا وهي المرجعية المطلقة للشريعة، غائب عن الأذهان، بحيث لا يتعلمه الطالب في المدرسة، ولا في الجامعة، بل لا يسمعه إلا إذا وفق إلى من يعلمه إياه، مع أنه المبدأ رقم واحد في الإسلام!! بل هو معنى الإسلام: التسليم المطلق والانقياد التام لأحكام الله تعالى، بحيث لا حق إلا ما أحقه الله، ولا باطل إلا ما أبطله الله. وهو المفهوم الذي يفترض أن يرضعه أبناء المسلمين مع حليب أمهاتهم ويختلط بدمهم ولحمهم، لأنهم به يصيرون مسلمين.
(ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون).
(وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا).