→ عودة إلى تغريدات

أجلس مع أبنائي فنحضر قصصا ضمن سلاسلة مرئية، ونناقش في أثنائها دقة ما يُعرض، محاولاً أن أنمي لديهم الحس الناقد. والصحيح …

٦ يونيو ٢٠٢١
أجلس مع أبنائي فنحضر قصصا ضمن سلاسلة مرئية، ونناقش في أثنائها دقة ما يُعرض، محاولاً أن أنمي لديهم الحس الناقد. والصحيح …

أجلس مع أبنائي فنحضر قصصا ضمن سلاسلة مرئية، ونناقش في أثنائها دقة ما يُعرض، محاولاً أن أنمي لديهم الحس الناقد.

والصحيح أن هناك عددا لا بأس من هذه السلاسل، وفيها نفع كبير. لكن في الوقت ذاته فيها أخطاء كبيرة تمنع من أن أنصح بها. وأرجو أن تصل كلمتي للقائمين عليها: الجهد المبذول في هذه السلاسل ضخم. فليتكم تشملون في فريقكم مدققين شرعيين وتربويين، لئلا تقع هذه الأخطاء. هذا كله مع أني لا أتبنى رسم ذوات الأرواح. لكن رسمتم على كل حال (بفتوى ترونها معتبرة أو بغير فتوى-بغض النظر) فيستمر نصحنا لكم.

أولى حلقات إحدى السلاسل مثلا بُنيت على قصة باطلة ليس لها إسناد أصلا. والأخطر أن فيها معاني فاسدة. خلاصتها أن جمل رجل أكل من زرع رجل آخر فغضب صاحب الزرع فتشاجرا، وأثناء الشجار طرح صاحبُ الزرع صاحبَ الجمل أرضا فأمسك صاحب الجمل بحجر ضرب به رأس صاحب الزرع فمات. ولم يكن صاحب الجمل قد قصد قتله، وإنما كان يدفعه عن نفسه. فأتى إخوة صاحب الزرع بالقاتل إلى القاضي فحكم فيه بالقتل. فطلب إمهاله ليودع زوجته وأبناءه فرفض القاضي وإخوة القتيل خوفاً من أن يهرب فكفله أبو ذر الغفاري رضي الله عنه.

فذهب الرجل وتأخر فظنوا أنه لن يعود، فقدموا أبا ذر ليُقتل بدلا من الرجل. وفي اللحظة الأخيرة جاء صاحب الجمل فقالوا له: ما حملك على أن تأتي؟ فقال: خشيت أن يقال ذهب الوفاء بالعهد من الناس فتأثر إخوة القتيل وعفوا عنه قائلين: خشينا أن يقال: ذهب العفو من الناس.

هذه القصة فاسدة المعنى. ولو كانت المسألة عدم الصحة من حيث الإسناد لكان أهون. لكن فيها معانٍ فاسدة تشوش صورة الشريعة في أذهان المتابعين. فأولاً: الحالة المذكورة هي من القتل شبه العمد. حيث أن القاتل كان يدفع عن نفسه ولم يكن متعمداً لقتل صاحب الزرع. فمثل هذه الحالة فيها الدية المغلظة وليس فيها القصاص. فمهم أن يعلم الأبناء أن القتل له أحوال وتفاصيل وليس هكذا بكل سهولة أي قاتل بعمد أو خطأ او شيبه عمد يُقتل !

وثانياً: لو ضمن أحدٌ القاتل كما في هذه القصة غير الصحيحة أن أبا ذر ضمن القاتل، ولم يأت القاتل، فإن الضامن لا يُقتل بحال من الأحوال!! بل عليه دفع الدية لأولياء المقتول. وحقيقة استفزني أثناء الحلقة قول القاضي لأبي ذر: (واللهِ يا أبا ذر لو كان الأمر بيدي لما قتلتك، ولكني أنفذ شرع الله)!! هذا ليس شرع الله! بل يتسرب منه لنفوس الأولاد نوع استهانة بالنفس الإنسانية.

الخلاصة: مع أن منتجي السلسلة قصدوا في هذه الحلقة أن يبرزوا قيم النخوة والوفاء والعفو، إلا أن فيها أخطاء كبيرة تطغى على فائدتها. والصحيح أن هناك حلقات أخرى عليها ملاحظات شبيهة مع ما في هذه السلسلة من نفع كبير.

فالنصيحة أن تعرض الحلقات على مراجعين شرعيين وتربويين قبل إنتاجها.

وأنصح إخواني وأخواتي أن يناقشوا هذا النقد للحلقة مع أبنائهم لتنمية الحس الناقد.