→ عودة إلى تغريدات

موقف سمعته من أبي قبل خمسة وثلاثين عاماً ولا زال محفوراً في الذاكرة: وُظِّفَ أبي رحمه الله نائب مدير في مدرسة خاصة، فسم…

١٦ يونيو ٢٠٢٢
موقف سمعته من أبي قبل خمسة وثلاثين عاماً ولا زال محفوراً في الذاكرة: وُظِّفَ أبي رحمه الله نائب مدير في مدرسة خاصة، فسم…

موقف سمعته من أبي قبل خمسة وثلاثين عاماً ولا زال محفوراً في الذاكرة:

وُظِّفَ أبي رحمه الله نائب مدير في مدرسة خاصة، فسمع شكاوى كثيرة من المعلمين عن أحد صفوف الذكور-متمردون مشاغبون قليلو الاحترام للمعلمين.

ذهب أبي لهذا الصف، دخل عليهم، فرأى عددا منهم يجلسون باستخفاف "ساحلين" في كراسيهم. لم يطلب أبي من أحد أن يعدل جلسته، وإنما قال لهم: "السلام عليكم يا شباب، اليوم سأكلمكم عن موضوع قيمة الإنسان في الإسلام". لم يكن أبي طالب علمٍ شرعي، ولا يحفظ الكثير من الآيات والأحاديث، لكنه مع ذلك كلمهم بما حضره في هذا الموضوع.

شيئاً فشيئاً، بدأ الطلاب "الساحلون" يعدلون جلستهم وينصتون باهتمام... مر الوقت، وجاء أبي لينهي درسه ويغادر، فاستوقفه الطلاب وترجوه أن يستمر معهم...فوعدهم أن يعود إليهم لاحقاً.

"قيمتك كمسلم" كان المفتاح الذي به دخل أبي قلوب هؤلاء وعدَّل شيئا من سلوكهم...وهو من المفاتيح التي نحتاج أن نخاطب بها الشباب المسلم اليوم.

كثير من المؤثرات حولنا تُشعر شبابنا بقلة القيمة، وهذا سبب خفيٌّ وراء كثير من الانحرافات الفكرية والسلوكية، حتى المعاصي. فالذي لا يقدر ذاته ولا يحترم نفسه فليس هناك شيء يخسره، وليست هناك صورة محترمة لنفسه يحافظ عليها، وليس هناك شيء يحرص عليه غير إشباع شهواته...

بينما عندما ينظر الشاب إلى نفسه باحترام فإنه يترفع عن دنيء الأقوال والأفعال، ويستشعر عِظَم مهمته كخليفة في الأرض يهتدي بوحي رب العالمين.

"مدمرات التربية" التي يتحدث عنها التربويون تدمر احترام أبنائنا لأنفسهم-صراخ، تهديد، سباب، سخرية، إهمال، عدم استماع، مقاطعة...وقد يمارسها بعض "المتدينين" الذين يحرصون على تعلم أبنائهم العبادات وبعدهم عن المعاصي. ابنِ في ابنك تقديره لذاته، وعلمه أن هذا من الإسلام إذ قال الله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم)، فهذا أساس تبني عليه صحيح الاعتقاد وفضائل الأخلاق.