تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية وشروطها لسوريا
السلام عليكم. أمس زارت وزيرة خارجية ألمانيا سوريا وصرحت بتصريحات في منتهى الوضوح، فقالت: "أوروبا لن تدعم أموالاً للهياكل الإسلامية الجديدة". يعني تسمي النظام القائم حالياً في سوريا "هياكل" (ركز)، كأنها لا تعترف بهم. وذكرت: "ما المشكلة في هذه الهياكل؟ إنها إسلامية".
طيب، ما دام مش رايحين تعطوهم المال ومش معترفين بهم، ليش جاي تزوريه يا وزيرة؟ لا، ما هو هذه رسالة للشعب السوري في المقام الأول، أنه: "يا شعب، كان ممكن نفتح عليكم مال لولا وجود الهياكل الإسلامية هذه، فاشتغل شغلك يا شعب واضغط على هذه الهياكل واستمروا بالتظاهر أيها المطالبون بالدولة العلمانية".
طيب، احنا كهياكل إسلامية ايش ممكن نعمل يا وزيرة علشان تحني علينا وتعطينا شوية مال؟ صرحت الوزيرة أيضاً: "الحكم على هذه الإدارة سيكون من خلال أفعالها". يعني اثبتوا أنكم مؤدبين ومحترمين وبتسمعوا الكلام عشان نفكر نرفع عنكم العقوبات ونعطيكم شوية فلوس.
معلش، كيف يعني مؤدبين يا معالي الوزيرة؟ صرحت الوزيرة بوضوح أن المطلوب: "تجنب الأعمال الانتقامية وأي محو لأسلمة الأنظمة التعليمية والقضائية". أها، إذاً ممنوع يا هياكل تنتقموا ممن سموكم وسابوا الشعب السوري سوء العذاب عبر 54 عاماً، ممنوع تنتقموا ممن عذبوا وحرقوا وقلعوا الأعين وانتهكوا الأعراض ودفنوا أقربكم أحياء. المسامح كريم!
الرد على الشروط الألمانية
القصاص لا الانتقام
أولاً: نحن نحافظ على مصطلحاتنا ولا نسلم بمصطلحات غيرنا. نحن لا نسميها "أعمالاً انتقامية" بل "قصاص". والقصاص فيه حياة للمجتمعات، قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
ثانياً: ما دام المسامح كريم، ليش يا وزيرة دولتك ألمانيا تدعم الصهاينة في أعمالهم الانتقامية من أهل غزة دعماً كاملاً عسكرياً وسياسياً، وزودت من القنابل ولا زالت تزود التي بها يفجرون رؤوس أبنائنا في غزة ويهدمون البيوت عليهم؟ يعني هو المسلم ممنوع يقتص لنفسه بينما الآخرون مسموح وتدعم ألمانيا انتقامهم بكل ما أوتيت من قوة؟
مش دولتك هي ثاني أكبر مصدر للأسلحة لإسرائيل؟ مش أنتِ نفسك يا وزيرة وقفتِ قبل شهرين ونصف فقط في 15 أكتوبر أمام البرلمان الألماني وقلتِ: "لا نخجل من القول إن الأماكن المدنية تفقد حرمتها إذا استغلها الإرهابيون، والمهم توفير الأمن لإسرائيل"؟ عشان تبرري قصف المستشفيات والبيوت والخيم وسط تصفيق نواب وأنتِ تقولين هذا الكلام، عشان تجي بعدها حكومتك تضاعف صادراتها من الأسلحة لإسرائيل في اليوم التالي 16/10؟ لا تخجلين حضرتك من المساهمة في حرق المسلمين أحياء بينما تحذرين من اقتصاص المسلمين من الشبيحة؟
نحن نعلم أننا أرخاص عندكم، نعلم أننا أرخاص عندكم، تستمتعون بعنتنا وشقوتنا وآلامنا وحزننا، كما أخبرنا ربنا: {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}. تسلحوا من يقتل إخواننا رامين بذلك كل مواثيقهم الدولية في الزبالة والأحكام، أحكام محكمة الجنايات الدولية في الزبالة، وجايين تنظروا علينا؟
ألمانيا ودعم بشار بالكيماوي
مش ألمانيا هي نفسها التي زودت بشار بأسلحة كيماوية يخنق بها أهل سوريا كما وضحت "ميديا بارت" في مقالها بعنوان: "كيف بنى نظام الأسد ترسانته الكيميائية بمساعدة ألمانيا ودول أخرى"؟ بل وكما ذكرت "دي دبليو" الألمانية، بل ودربت وفداً من أتباع الأسد على استخدام هذه الأسلحة. وفي المقابل، أول ما استلمت الإدارة الجديدة تم قصف مستودعات الأسلحة من الصهاينة بأسلحة قد يكون بعضها من ألمانيا التي دعمت الكيان بالتسليح بشدة. ثم تأتي ألمانيا بعد هذا كله لتقول: "لا نريد أعمالاً انتقامية في سوريا".
منع أسلمة التعليم والقضاء
الشرط الثاني لإعطائكم بعض الأموال لسوريا: "ممنوع أسلمة التعليم". بالمناسبة، لاحظوا كيف قبل 7 أكتوبر كانوا يقولون: "لا للتطرف الإسلامي، مشكلتنا ليست مع الإسلام بل مع الإرهاب". الآن بكل صراحة يقولون: "ممنوع أسلمة النظام التعليمي والقضائي".
أحب إخواني الكرام أزودكم ببعض المعلومات عن ألمانيا التي تتدخل في تربية وتعليم أبنائنا والنظام القضائي في بلادنا. ألمانيا اللي جاية تربينا هي من البلدان التي فيها الدعارة قانونية، ممارسة البغاء قانونية وتفرض عليه الدولة ضرائب وتسمي العاهرات "العاملات في مجال الجنس"، وأصدرت رسمياً قانوناً باسم "Prost Protection Act" يعني "قانون حماية البغايا". وهناك بغايا إناث وذكور يعملون "Full Time and Part Time" ولهم منظمات، ويقدر أعداد البغايا بحوالي مليون بغي حسب بعض الإحصائيات.
ألمانيا حققت سابقاً تفوقاً على كل الدول الأوروبية في نسبة المواليد خارج إطار الزواج، يعني أبناء الحرام، كما في موقع "دي دبليو" الألماني في مقال بعنوان: "ألمانيا تسجل أكبر عدد لأطفال مولودين خارج نطاق الزواج". ولا أحب أن أتكلم عن الخبر الأخلاقي الذي انتشر عن الوزيرة نفسها في 7/2/2024 من كم من شهر فقط.
ألمانيا هذه جاية تتدخل في تعليم أبناء المسلمين وتؤكد على ضرورة ألا يكون القضاء إسلامياً. يعني خلاصة الأمر: اتركوا إسلامكم عشان نعطيكم شوية فلوس، احكموا بغير ما أنزل الله عشان نرضى عنكم. قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}.
حقيقة الدعم الأوروبي وأهدافه
أوروبا عموماً تريد تدمير كل عوامل المناعة والقوة لدى المسلمين والسوريين. دعمت الصهاينة الذين دمروا الأسلحة، والآن تريد منع اتباع تعاليم الإسلام في التعليم والقضاء ليفقد المسلمون صلتهم بربهم فيصبحوا ريشة في مهب الريح، قابلين للعودة للاستعباد للنظام الدولي من جديد.
يعني يا أياد، متوقع من أوروبا يعطون من أموالهم معونات دون شروط؟ أولاً: ليست أموالهم. أوروبا سرقت ثروات المسلمين ولا تزال تسرقها، سواء بشكل فج صريح كما تفعل فرنسا بمالي حين قام فيها نظام إسلامي فسعت إلى تدميره لتستمر في نهب أطنان الذهب في مالي بينما يعيش مسلمو مالي في فقر وقتل وتشريد. أو يتم النهب بشكل غير مباشر حيث تسلم أنظمة فاسدة في بلاد المسلمين عقود استخراج الثروات الطبيعية لشركات أوروبية وأمريكية بمقابل زهيد، يعني تواطؤ على السرقة المقنعة.
الأموال التي تبتز بها أوروبا المسلمين هي جزء من الأموال التي سرقتها منهم. وحتى هذا المال القليل يكون مصحوباً بالتدخل في دين أهل البلد وتعليمهم وأخلاقهم وفطرة أبنائهم كما وضحنا في سلسلة "الحرب على الفطرة". هذا بالإضافة إلى أن النظام الدولي يفرض العقوبات، عقوبات على سوريا تخنقها اقتصادياً حالياً.
فاحنا ما بدنا منهم شيء ولا بدنا منهم معونات، فقط يتركونا في حالنا. أرض سوريا مليئة بالخير، والله تعالى قال في أرضه عموماً في الكوكب الأرضي: {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}. هم بس يحلوا عنا ويكفوا شرهم عنا، ولن يفعلوا: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}.
بالمناسبة، أمس أيضاً قال وزير الخارجية الفرنسي: "نؤكد على أننا سنقف إلى جانب ممثلي المجتمع المدني والمسيحيين في سوريا". يعني كل الدول تريد التدخل في سوريا ومنع إقامة الإسلام فيها، بل ومنهم من يهيج الداخل السوري لابتزاز النظام الجديد والضغط عليه. لا غرابة، أحداث غزة يجب أن تكون قد أزالت الغطاء عن كل من لديه بقية عقل ليكتشف أنها حرب عالمية على الإسلام. وبالتالي احنا مش متأملين في الدول الأوروبية غير هيك. والعتب مش عليهم.
دعوة للمسلمين في سوريا
لكن الغرابة هي ممن ينتسبون إلى الإسلام ومع ذلك يطالبون بالعلمانية وينفرون من شريعة الرحمن. المطالبون بالعلمانية في سوريا يعزفون مع الدول الغربية المبتزة على نفس اللحن النشاز: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}؟ أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون؟ إما حكم الله أو حكم الجاهلية.
هناك أيضاً أناس ضعفاء الإيمان قد يقولون في أنفسهم: "طيب إذا كل العالم بده منا هيك، خلينا نسمع كلامهم شوية بلكي تتحسن الأوضاع الاقتصادية ونعيش في شوية رفاه، بكفي المعاناة اللي عانيناها عبر السنين الماضية". أليس الله الذي خلصنا من بشار وإجرامه هو الله الرزاق الكافي؟ جايين بعدها تطلبوا الرزق من غير الله ومعصية الله؟ قال الله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
أسلوب الابتزاز بالمال أسلوب قديم، قال الله تعالى في المنافقين: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}. قال الله تعالى في مرضى القلوب: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} يسارعون في موالاة اليهود والنصارى بعذر الخوف من المشاكل.
قال الله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}.
نسأل الله أن ينجي أهلنا في سوريا من مكر الماكرين ويكفيهم شر أعداء الداخل والخارج ويوفقهم لطاعته وإقامة شريعته ويرزقهم من حيث لا يحتسبون. والسلام عليكم ورحمة الله. {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.