→ عودة إلى مرئيات

إدريسا والحرب على الفطرة

٢٠ مايو ٢٠٢٢
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله، أيها الكرام.

مقدمة: الحرب على الفطرة

القصة التي أصبحت تتكرر هي أن أعداء الفطرة يريدون أن يفرضوا أنفسهم على الناس، ليس فقط أن تسكت عنهم بل عليك أن تؤيدهم. كان يقال: هؤلاء المثليون مخطئون لكن عقوبتهم قاسية فخففوها. ثم استخدم العلم المزور لإقناع الناس أن الميول الشاذ له أسباب جينية، وبالتالي فهؤلاء مساكين ليس بإيديهم، لا تضطهدوهم.

ثم صار يقال: هم أحرار ما داموا لا يؤذون أحداً. وبعدها صرنا نرى أنشطة للتعاطف معهم، وإذا لم يعجبك لا تشاركنا، كل واحد حر. وأخيراً أصبحت مطالباً بأن تؤيدهم رغماً عنك، وإلا تعرضت للعقوبة والطرد من العمل أو النادي الرياضي، أو تعرضت لسحب أطفالك منك.

قضية إدريسا غاي كنموذج

من آخر ذلك أن اللاعب المسلم إدريسا غاي، في فريق فرنسي، يتعرض للمساءلة لمجرد أنه رفض المشاركة في جولة كرة عليه أن يلبس فيها قميصاً عليه رمز للشواذ. واتحاد الكرة يقول أن على إدريسا أن يلتقط صورة لنفسه وهو يرتدي القميص ليثبت أنه لم يتغيب رفضاً لارتداء القميص، كما نقلت فرانس برس.

انظر إلى الإذلال والإجبار على دعم الفواحش في بلاد الديمقراطية. وسبحان الله في نفس الوقت ينتشر فيروس جدري القرد القاتل في الشواذ، كما يتضح من بيان بريطاني رسمي على موقع gov.uk.

خطوات الشيطان هذه اكتملت في الغرب، وهناك مفسدون يبدأون بتنفيذها في بلاد المسلمين، ونحتاج أن نتصدى لهم بحرب التوعية.

حيلة الخلط بين الأصناف الثلاثة

أحب في هذه الكلمة أن أنبه على حيلة مهمة جداً يستخدمها هؤلاء، هذه الحيلة تنطلي حتى على مسلمين مصلين ومسلمات محجبات. هذه الحيلة هي الخلط بين ثلاثة أصناف من الناس المنسوبين إلى موضوع الشواذ:

الصنف الأول: أصحاب الميل النفسي الشاذ المقاومون

من لديهم ميل نفسي شاذ، يعني ذكر يميل لذكر أو أنثى تميل لأنثى، وهم مع ذلك يتسترون على ميلهم النفسي هذا ويقاومونه، ولا يقومون بممارسة الشذوذ.

الصنف الثاني: ممارسو الشذوذ المتسترون والمقرون بالذنب

من يمارسون الشذوذ وهم مع ذلك يتسترون عليه ويقرون بأنهم مذنبون وأن فعلهم هذا خبيث.

الصنف الثالث: المبررون والمحرضون المفسدون

من يبررون الأفعال الشاذة وممارسة فواحش الشذوذ، ويعتبرون ذلك من الحرية الشخصية، ويسعون إلى حمايتها بالقانون، وإلى السماح بزواج الرجل رسمياً من الرجل والمرأة من المرأة، والتطبيع مع هذا كله في مناهج الدراسة.

التعامل مع كل صنف

الصنف الأول: المقاومون

الصنف الأول الذي لديه ميل نفسي شاذ لكن يقاومه ويمتنع عن الحرام طاعة لله، هؤلاء لا يستحقون المعاداة، ومن حقهم مساعدتهم على التخلص من ميلهم الشاذ، وتعزيز نظرتهم لأنفسهم وتقديرهم لذواتهم. وإن كان قد يفيد في العلاج، هل اكتسبوا ذلك بمتابعة الأفلام الإباحية وزبالات نتفليكس؟ إن كان كذلك فيأثم أحدهم على متابعته هذه، ومطلوب منه أن يتوب عن هذه المواقع الخبيثة التي أفسدت فطرته.

الصنف الثاني: المذنبون المتسترون

الصنف الثاني الذي يقوم بالأفعال الشاذة لكنه مقر بأنه مذنب، وأن فعله هذا خبيث محرم، هؤلاء من أهل الكبائر المهلكة. ويبقون مع ذلك مسلمين ما لم يستحلوا جريمتهم، أو يبرروها، أو يدافعوا عنها.

الصنف الثالث: المفسدون

الصنف الثالث الذي يبرر الشذوذ ويعتبره حقاً شخصياً، ويريد سن قوانين لحماية ممارسي فحشة الشذوذ، هؤلاء أنكروا المعلوم من الدين بالضرورة، واستحلوا الحرام، واعترضوا على مرجعية أمر الله ورسوله في تحديد الطيب من الخبيث والحق من الباطل. فهم إذا أصروا على مخالفتهم هذه للقرآن والسنة وإجماع الأمة، فيكونون قد أصروا على ما يخرجهم من الانتساب إلى الإسلام والمسلمين، حتى وإن كانوا لا يقومون بهذه الأفعال.

مرة أخرى، حتى وإن لم يقوموا بالأفعال الشاذة ولم يكونوا من أهل الميل الشاذ أصلاً. ويكفيك في ذلك الآيات الصريحة في تجريم فعل قوم لوط، وفي تجريم امرأة لوط التي لم تكن تمارس هذه الفاحشة ولكن كانت ترضى بها. فمن دافع عن الشذوذ فهو منكر لكلام الله تعالى.

في الحديث الصحيح أن رجلاً تزوج امرأة به، يعني ليس زنى بها بل تزوجها رسمياً، عقد عليها عقد النكاح، مع أن الله تعالى قال: {وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ}. ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الرجل؟ عامله معاملة المرتدين، لا معاملة عصاة المسلمين.

إذن هذه هي الفئات الثلاثة: المقاومون، والفاعلون المعترفون بالذنب، والمبررون المحرضون المفسدون.

خطورة الخلط بين الفئات

أخطر شيء يا كرام، أخطر شيء أن يتم خلط هذه الفئات الثلاثة في سلة واحدة، لأن هذا الخلط: أولاً: يفسد التفريق، فكل منهم له حكمه الشرعي المختلف عن الآخر. ثانياً: لأن الفئة الثالثة، فئة المفسدين، يغطون على أجندتهم الحقيقية، ويكتسبون التعاطف من خلال استثارة التعاطف مع الفئة الأولى. وثالثاً: لأن خلطنا بين هذه الفئات يجعل الفئتين الأولى والثانية، يعني المقاومين والفاعلين المعترفين بالذنب، الخلط يجعلهم يحسون أنفسهم لا شعورياً محسوبين على الفئة الثالثة المفسدة، فيصطفون معها.

بل كل من هؤلاء له خطابه المناسب.

خطاب الصنف الأول

فالصنف الأول، الأشخاص الذين عندهم ميل شاذ يسترونه ويقاومونه، يجب عليك أن تسعى في التخلص من الميل الشاذ، وهذا متاح مثلاً من خلال جلسات العلاج النفسي اللا دوائي، مع معالج يخاف الله، وغيرها من الوسائل الشرعية. وبعض المعالجين المتمرسين يخبرني أنه أعان عدداً من هؤلاء على التخلص من الشعور الشاذ في جلستين علاجيتين أو ثلاث. فاسعَ يا صاحب هذا الميل لتعيش عيشة سوية، وتكون أسرة من ذكر وأنثى وأبناء.

ونقول لهذا الصنف الأول أيضاً، الذين لديهم ميل شاذ، إن المبررين المفسدين، يعني الفئة الثالثة، هم ألد أعدائك، لأنهم يعملون دائماً على منع وتجريم العلاج النفسي من الشعور الشاذ، وقد نجحوا في ذلك في دول غربية كثيرة. يعني يريدون أن يمنعوك من أن تعالج نفسك، وتعيش عيشة سوية تحت ستار أن تسمية الميل الشاذ بالمرض هو اعتداء على حقوق المثليين. فأنت يا من تحس بهذا الميل وتقاومه، أنت من المسلمين، ولست من أعدائك هؤلاء في شيء، وأنت من أولى الناس أن تتصدى لهم.

خطاب الصنف الثاني

الصنف الثاني الذين يقومون بأفعال شاذة محرمة لكن يستترون منها ولا يبررونها، نقول لهم: مع أنكم تقومون بكبيرة مهلكة، لكن {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ}. أنتم وإن كنتم من الفاسقين، فأنتم مسلمون، فلا تخسروا إسلامكم بالكلية بالاصطفاف مع من يبررون الشذوذ ويسعون إلى تقنينه، فهذا شرك بالله، لأن هذا معناه رفض مرجعية الشريعة الربانية والرضا بتشريعات بديلة يشرعها أعداء الإسلام والفطرة.

الواحد فيكم قد يقوم بأفعال شاذة في السر، ومع ذلك يحذر الناس منها في العلن، لأنه يعلم أنها خبيثة، ويحذر من المفسدين الذين يريدون تقنين الشذوذ. إذا قمت بهذا التحذير ابتغاء وجه الله فأنت لست منافقاً، حتى لو كنت تعمل هذا الحرام، نعم حتى لو كنت تعمله لضعف أمام شهوتك، لست منافقاً. بل تأثم على القيام بالأفعال الشاذة وتؤجر على محاربتها. فإياك أن تصطف مع دعاة الشذوذ فتخسر دينك وآخرتك. وفي الوقت ذاته يجب عليك أن تتوب من هذه الكبيرة الخبيثة، وإلا فلا تأمن أن يطبع على قلبك بسببها، فتبدأ تبررها وتصطف مع أعداء الإسلام والفطرة، {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.

خطاب الصنف الثالث

أما الصنف الثالث، فئة المفسدين، فليس لنا معهم كلام، لأنه ليس هناك أرضية مشتركة من دين ولا فطرة.

الرد على حجج المفسدين

وعلى فكرة، المفسدون ليسوا فقط يخلطون الفئات ببعضها، بل هم يستخدمون حيلة قذرة فيقولون: ما المقصود بالمثلية في هذه الجملة؟ أم الممارسات المحرمة بناء على هذا الميل الشاذ؟ أم تبرير الممارسات المحرمة وتقنينها؟

تزييف العلم حول الأسباب الجينية

لننفترض أن الميل الشاذ له أسباب جينية بالفعل، ببساطة صاحب هذا الميل عليه أن يكبح ميله هذا ويقاومه ويسعى للتخلص منه. لكن لحظة، هل الميل الشاذ ثبت علمياً أن له أسباباً جينية بالفعل؟ الجواب الحاسم: لا. وقد فصلنا في ذلك بمنهجية علمية محكمة مفصلة في حلقة "تزييف العلم: الشذوذ الجنسي مثالاً".

مغالطة تبرير الفاحشة بالميل

أياً كان السبب في الميل الشاذ، سواء كان لأخطاء تربوية أو أحداث مر بها الشخص في طفولته أو لأنه تسبب بذلك لنفسه، هل يقول أي عاقل أن هذا الميل الشاذ يبرر له القيام بفاحشة الممارسات الجنسية الشاذة؟

إذا واحد عنده ميل جنسي شديد للإناث، هل يبرر له ذلك القيام بالزنا والاغتصاب؟ إذا واحد تعرض في طفولته للفقر لأن محتالاً سرق مال عائلته، هل يبرر له ذلك أن يصبح هو أيضاً سارقاً؟ إذا تعرض في طفولته للتعذيب، هل يبرر له ذلك أن يعذب الأطفال؟

هل الشخص الذي عنده ميل شاذ مجبور على القيام بالفاحشة بل والمجاهرة بها بوقاحة؟ هل يقوم بهذا كله بشكل قهري لا إرادي كما يغلق أحدنا عينيه إذا تعرض لشظية أو يسحب يده عن النار؟ لو أن أحداً قام بعمليات قتل جماعية ثم ألقي القبض عليه فقال: أنا تعرضت للأخطاء التربوية وظروف أسرية وحوادث ولدت عندي عقداً نفسية وربما لدي جينات دفعتني لهذا العمل لم تكتشف بعد، فهل هذه الأعذار ستقبل منه؟

لذلك فعندما يقولون المثلية لها أسباب جينية وفسيولوجية، فانظر إلى خبث هذه العبارة التي تزور الحقائق العلمية أولاً، ثم تصور القيام بالأفعال الخبيثة علناً وترويجها وكأن هذا كله أفعال قهرية.

دوافع المفسدين

هم يبررون الشذوذ ويسعون إلى نشره وفرضه وتعليمه للأولاد في المدارس لأن ذلك يحطم البنية الفطرية للإنسان ويجعله آلة تقاد، ولأن لهم مكاسب مالية مادية كبرى في نشر الفوضى الأخلاقية كالشذوذ والتحول الجنسي، مكاسب في العمليات الجراحية والصناعة الدوائية والأفلام الإباحية وغيرها.

خاتمة: دعوة للوعي والتصدي

فانشروا إخواني، انشروا الوعي بهذه القضية، وتذكروا الفصل ما بين الأصناف الثلاثة المذكورة. نسأل الله أن يستعملنا وإياكم في حماية عقيدة وأخلاق مجتمعاتنا وإنقاذ البشرية من المفسدين. ويرجى تنشيط متابعة تطبيقنا "تطبيق الفرقان" على بلاي ستور، لأن بعض كلماتنا لن نستطيع نشرها على الفيسبوك ومنصات أخرى.

والسلام عليكم ورحمة الله.