→ عودة إلى مرئيات

بنتي ليست أهم من أبناء المسلمين

١٢ يونيو ٢٠١٩
النص الكامل للمقطع

بنتي ليست أهم من أبناء المسلمين

مقدمة: مقارنة بين البلاء الشخصي وبلاء الأمة

في مناطق محاصرة كالغوطة وغيرها، يرى أحدهم ابنته تذبل يوماً بعد يوم. في موقف مشابه، لكن الفرق أن ابنتي تحظى بعناية طبية مميزة، ومرضها قدر لا أملك أمامه إلا الصبر. بينما الذي يرى ابنته تذبل من الجوع والحصار، فألمه معجون بقهر الرجال. هو قدر أيضاً يرضى عن الله فيه، لكن له أن يسخط على الظالمين ويغضب. وما أصعب قهر الرجال الذين يمنعونهم من اجتياز حدود وضعها المحتل قديماً، فيموتون ببطء ويراهم آباؤهم وأمهاتهم على هذا الحال، ولا يستطيعون أن يستلينوا القلوب القاسية. وما أصعب قهر الرجال!

نعم، كانت سارة صابرة، لكن في الأمة آلاف الأطفال الذين هم أصبر منها، ومأساتهم أكبر من مرضها بما لا يقارن. وفي الأمة آلاف الآباء والأمهات الذين تحملوا أعظم من تحمّلي أنا ووالدة سارة بما لا يقارن.

الآلاف من سارة وآبائها

أقول هذا الكلام لأني أستحي أن يطلع طفل أو أبوه من هؤلاء الصابرين على ما حظيت به سارة من اهتمام، فيقول في نفسه: "لكن سارتي لا بواكي لها". المبتلى يا إخواني من أكثر ما يؤلمه شعوره بأنه منسي، يشاركونه همه ويودون عمل شيء له. أقول هذا الكلام كله لنعلم أن في الأمة آلاف السارات، وآلاف الآباء والأمهات ممن تحملوا أكثر من أبيها وأمها، وأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولادة للخير، فلا يغرنكم كثرة الخبث ولا يحجبنكم عن رؤية هذا الخير. ولا تسمعوا لمن يريد أن ينصب لكم قدوات من خارجها وكأنها عدمت قدواتها. بل والله إن في من يعزيني لمن أستحي منه لأني أعلم أن بلاءه أشد من بلائي. في الأمة آلاف الصابرين الذين لم تسلط عليهم الأضواء ولم تنظم لهم القصائد ولا تنوقلت أخبارهم.

تذكير ووصية

وأقول هذا الكلام أيضاً لأذكر نفسي وكل مسلم لديه قلب، فاحذر يا عبد الله أن تُنسى كما ساهمت في صناعة قصص معاناة منسية، فيقال لك يوم القيامة: (فَالْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا). واعلموا إخواني أن الاهتمام بمعاناة المسلمين من أعظم أسباب التصبير والثبات عندما تتعرض أنت لبلاء شخصي. هذا المعنى كنا كأهل نتعاهده مع سارة وإخوانها يوم ابتليت ابنتي بإبعاد والدها عنها لمناصرته قضايا أمته، فرفعت سارة لافتة تقول: "أبي لا تقف عن المسير وامضِ وقل: أمتي أعز علي من أبنائي".

اللهم ارحم بنيتي وأبناء المسلمين، اللهم فرّج الكرب عن أطفالنا المحاصرين والمشردين وعن آبائهم وأمهاتهم، واجعل لأمتنا فرجاً قريباً ومخرجاً. والحمد لله رب العالمين.