→ عودة إلى مرئيات

دروس وعبر في تربية الأبناء

٢٣ يونيو ٢٠١٩
النص الكامل للمقطع

<formatting_plan> The user wants me to format an Arabic transcript about parenting and dealing with trials, specifically with children. I will structure the content using markdown headings (## and ###) to create logical sections. I will also break down long paragraphs into shorter, more readable ones and fix any obvious transcription errors while maintaining the original meaning and Islamic terminology. The entire output will be in Arabic.

Here's a breakdown of the planned sections:

  1. مقدمة وأهمية الموضوع: Introduction and the importance of discussing this topic.
  2. التعلق بالأولاد والتربية المتوازنة: Discussing healthy vs. unhealthy attachment to children and balanced parenting.
  3. القيم الأساسية التي يجب غرسها في الأبناء: Core values to instill in children for resilience.
    • تعظيم الله والاستعداد للتضحية
    • محبة الله والغيرة على حرماته
    • الدنيا دار بلاء وليست دار جزاء
  4. كيفية غرس هذه القيم: Practical methods for instilling these values.
    • القدوة العملية
    • دور القصة
    • تعليقهم بالقرآن
    • توطيد العلاقة والمشاركة
    • دورات شرعية نفسية
  5. كيف أتصبر أنا كأب على بلاء ابني أو ابنتي: Strategies for parents to cope with their children's trials.
    • مركزية الآخرة
    • الاعتراف والتعايش مع الوضع الجديد
    • توقع الأمر الأصعب
    • بنتي حية في كياني
  6. وسواس: تربية ابني تعيق طموحاتي: Addressing the concern that caring for a sick child hinders personal ambitions.
  7. كيف أصبر ابني أو ابنتي على بلائه: Strategies to help children cope with their own trials.
    • القدوة الحسنة
    • الله أرحم به منا
    • التمهيد دون كذب
    • توطيد العلاقة مع أطفال مثلهم
    • الأخذ بأسباب الشفاء إلى أقصاها
    • عدم إلقاء السلاح
    • أهمية القصة
    • إشغال الولد بما ينفع
    • الإشعار بالإنجاز والمكافأة
    • دورات شرعية نفسية
    • الحرص على علاقة الابن بالله
  8. أخطاء في التعامل مع الولد المبتلى: Common mistakes to avoid when dealing with a sick child.
    • الدلال الزائد
    • إعطاء أمل وهمي
    • التقصير ثم التعويض
  9. أخطاء في التعامل مع والدي المبتلى ومن يبتلى عموماً: Mistakes made by others towards grieving parents.
    • إظهار الشفقة الزائدة
  10. ملاحظات ختامية: Concluding remarks.
    • نسبة الفضل لأهله
    • كفايتنا بمصادرنا الإسلامية

I will ensure to break the text into smaller paragraphs for better readability and maintain the Arabic language throughout.# دروس وعبر في تربية الأبناء

أهلاً وسهلاً بكم أيها الإخوة والأخوات الكرام. السبت الماضي أو ليلة الجمعة على السبت، يعني صار له أسبوع، الصحيح أني نشرت عدة مقالات وفيديوهات متعلقة بالموضوع، لكن أحس أنه لا يزال هناك الكثير مما أود أن أشاطره إخواني وأخواتي. "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وأنا إن شاء الله أحب أن أنقل لكم هذه الخبرات بقدر الإمكان. سأجعل الدروس والعبر على محاور، كما ستلاحظون، تلخص هذه التجربة التي مررنا فيها وتعتصر لكم فوائدها إن شاء الله.

مقدمة وأهمية الموضوع

بدايتنا يا جماعة، نحن لماذا مهم أن نتكلم عن هذا الموضوع؟ استخلاص دروس وعبر من التعامل مع البلاء، خاصة بلائك في أبنائك أو بناتك. كما تعلمون، موضوع التربية بشكل عام في غاية الأهمية، لأن أبناءك وبناتك هم إما بوابتك إلى الجنة، أو لا قدر الله حسرة في الدنيا والآخرة.

قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم". كيف ممكن يكون عدو إليك؟ تهمل تربيته فيخرج منه أعمال سيئة، يكون لك كفل منها، أو يكون رجلاً عاقاً أو فتاة عاقة، تتحول إلى عذاب "إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا" والعياذ بالله، ثم يوم القيامة كما لا يخفاكم أيضاً يكونون في ميزان سيئاتنا. لذلك فالموضوع في غاية الأهمية.

الآن نقطة مهمة جداً يا جماعة، أنه كثير منا إذا سُئل: لماذا تزوجت؟ لماذا أنجبت؟ وكأنه ينجب وأنجب وكأنه جزء من ذكورته الشخصية لأنه ينجب، وبالتالي هو أنجب بهذا المفهوم. الإنجاب في هذا الزمان خطير للغاية، لأننا كما تعلمون في زمان صعب جداً، وبالتالي أنت قد تكون تنجب قطع لحم للنار والعياذ بالله.

والله تعالى قال: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة". والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ينبغي أن يُنشر ويُتعلم ويُعلّم، رواه البخاري: "ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا حرم الله عليه رائحة الجنة" أو "إلا لم يرح رائحة الجنة".

انظر التعبير النبوي: "ما من عبد استرعاه الله رعية"، ما قال لك النبي: "فلم ينصحهم"، لا، "فلم يحطها بنصحه". تصور أنك أنت ابنك ماشي في طريق خطرة، يأتيه رصاص، يأتيه حجارة، وأنت عمالك تعمل له زي البوديغارد، بدك تحرص وتدفع عنه هذه المخاطر كلها. "فلم يحطها بنصحه"، إيش الجزاء يا رسول الله؟ "إلا لم يرح رائحة الجنة". تهديد خطير جداً.

فالمسألة ما فيها "نيوترال" في إنجاب الأولاد، ما فيهم لا لك ولا عليك. يا إما لك ويكونون في ميزان حسناتك، أو ولد صالح يدعو له، أو العياذ بالله تسمينهم للنار ثم لا ترح بعدهم برائحة الجنة.

التعلق بالأولاد والتربية المتوازنة

طيب، الآن لما نتكلم عن التربية والتعامل مع الأولاد، من أهم أشكال النجاح في التعامل مع الأولاد النجاح في محطات ابتلائهم. هذه المحطات تكون خافضة رافعة. في ناس بهذه المحطات يرتفعون هم وأبناؤهم، ربنا ينشلهم نشلة ويرتفعون درجات عند الله في الجنات. وفي ناس للأسف تتسبب لهم في السقوط والشك والكفر لهم ولربما لأبنائهم أيضاً.

أحد الإخوة راسلني قبل أيام معزياً، يقول لي: "عظم الله أجركم، أحسن الله عزاءكم. أنا بصراحة يا شيخي، أنا كان لي ولد جاءني بعد انتظار، لا أقول هو فلذة كبدي بل هو روحي تمشي على الأرض. أصابه مرض ومات، ومن يومها تحطمت حياتي وأصبحت أنصح الإخوة أن لا ينجبوا وأن لا يتزوجوا".

هنا إخواننا دخلنا في تشكيك في حكمة الله عز وجل من سنة التزاوج والإنجاب. هنا انتقلنا إلى التعلق المرضي بالأولاد. الدكتور عبد الرحمن ذاكر، مهتم بقضايا الصحة النفسية، يعبر عن ذلك بأن هؤلاء الأشخاص يكون عندهم عدم أنس بالله وعدم أنس بأنفسهم، عندهم تصحر قلبي داخلي، وبالتالي يتعلق بشيء خارجي. هذه مشكلة، هذه أصبحت ظاهرة تعلق مرضي.

في الوقت ذاته، بعض الناس ينظر تنظيرات خيالية مثالية ليست من السنة في شيء. قد تجد في سيارات بعض الوعاظ أن الله ابتلى إبراهيم بذبح إسماعيل عليه السلام، أو بأمره بذبح إسماعيل، لأنه غار على قلب إبراهيم فأراد أن يذبح منه محبة إسماعيل. لا، مش صحيح. ليس مطلوباً منك أن تكون عاطفتك تجاه أولادك فاترة، ولا مطلوب منك أنك ما تستمتع بحركاتهم وضحكاتهم وتسر بذلك أيما سرور. بالعكس، أصلاً أنت بذلك تصل إلى مقام الشكر عندما ترى أولادك بحركاتهم الجميلة هذه وتشكر الله عليها.

ابنك أو بنتك يطلب منك شيئاً تسمع وتطيع، وإن كان في معصية الله هنا صار في إشكال. والحد الفاصل يعلمنا إياه النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة". يعني ما كان في أحد أبداً ولا وجد مشاعره جياشة، عاطفته جياشة أكثر من النبي عليه الصلاة والسلام، والحديث في ذلك كثير.

كان يخطب عليه الصلاة والسلام، كما في الحديث الصحيح، فأتاه الحسن والحسين حفيداه لابسين دشاديش حمر، القميص في المصطلح القديم زي الدشداش حالياً، لابسين دشاديش حمر، منظرهم حلو وسيمين، ولدين صغار يمشيان ويتعثران، لسه في أول مشيتهم، يمشون ويتعثرون، يمشون ويقعون على الأرض. النبي عليه الصلاة والسلام قطع الخطبة، نزل حملهما، صعد إلى المنبر من جديد وقال: "صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة، إني لما رأيت هذين الصبيين يمشيان ويتعثران لم أصبر حتى نزلت فحملتهما". مشاعر جياشة.

النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح أيضاً أخذ بيد أبي هريرة وانطلق إلى المسجد وجلس في المسجد وقال: "أين لوكع؟ ادعوا لي لوكع". لوكع يعني صغير السن، صغير العقل، زي ما احنا ندلع أولادنا. فأتى الحسن يشتد، يعني يركض يركض يركض حتى قفز في حبوة النبي. النبي عليه الصلاة والسلام محتبٍ، ضام رجليه بيديه، فقفز الحسن في حبوته فقبله النبي وعانقه وقال: "اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه". قالها ثلاثاً: "اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه، اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه".

عليه الصلاة والسلام كان يحمل حفيديه على كتفيه ويقول نفس الكلمة: "اللهم إني أحبهما فأحبهما". عاطفة جياشة. لما ذهب إلى إبراهيم وكان عند مرضعة له يقبله ويشمه، يعني حب شديد. ذهب إليه مرة أخرى فإذا هو يجود بنفسه في النزع الأخير، فذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام. فقال له عبد الرحمن بن عوف: "وأنت يا رسول الله؟" قال: "يا ابن عوف إنها رحمة". ثم ذرفت ثانية وقال المقولة المعروفة: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".

عاطفة جياشة، لكن هل هذا أدى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى جزع أو سخط أو خواء روحي أو تصحر في حياته لما أراد الله أن يأخذ منه إبراهيم أو القاسم أو عبد الله أو زينب أو أم كلثوم أو رقية؟ لا. هناك غنى نفسي. نعم يسر بهم، يحبهم، يحب حركاتهم، يأنس بهم، لكن إذا قضى الله عز وجل أن يأخذهم منه فإنه يسلم ويرضى عليه الصلاة والسلام.

هذا الأخ، وأرجو أن يكون يسمعني، صار في خربطة في الموبايلات مش قادر أرسل الآن، لكن أرجو إن شاء الله الكلام يوصله. هذا الأخ أقول له: احذر من أن تكون دخيلاً مع الله. يعني لو أنت يا أخي اللي قلت هذه الكلمة: "ابني كان روحي يمشي الأرض، استوفاه الله، الله توفاه وبالتالي تحطمت حياتي". بدي أسألك سؤال: لو كان ابنك هذا معاقاً، هل كنت ستشعر بنفس الشعور؟ يعني معاق لسا ما تعلق قلبك به. مرة تقول ابن معاق تعلق القلب به.

محل الشاهد إن معلش قد يأخذ الله منك شيئاً غالياً جداً. جد به، جُد به لله عز وجل، جُد به لله. ليس مطلوباً منك أنك لا تحب أولادك، لا أحبهم ولتكن عاطفاتك جياشة، لكن أحب الله أكثر منهم بحيث إذا الله أراد أن يأخذه منك قل: "تكرم يا رب، هذا لله وأنا أعطي كل شيء لله".

الله يا جماعة تذكروا أن الله عز وجل ليس يشتري من أولادنا. "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة". كثير منا يقولون: "يا ريت الباب مفتوح، يا ريت أستطيع أن أبيع نفسي ومالي في سبيل الله". طيب أنت وأنت في مكانك، الله سبحانه وتعالى أخذ بضعة منك، استوفاه له سبحانه وتعالى، تبخل على الله؟ تبخل على الله؟

فمحل الشاهد من هذا الكلام مطلوب أنك تحب أولادك، تتعلق بهم، ما في مشكلة، لكن ليس تعلقاً يؤدي إلى انتكاسة وخواء روحي وجزع. وأيضاً فلتجد نفسك بهم لله سبحانه وتعالى.

طبعاً على سيرة التعلق، سارة كانت بنتي البكر، ويعني انخطبت وهي دون الثانية من عمري. أكثر كنا نكون من نروح مكان، على محلات، على زيارات، تنخطب. فأذكر أني ألفت لها قصيدة كان من أبياتها، ويعني هي أشبه أولادي كشخصية وكعقلية وكطباع، أشبه أولادي حقيقة. فألفت فيها أبيات منها: "لبنت روحي تهواها ويهيج القلب لذكراها هي مني وكأن دمائي بعروق الطفلة مجراها علقت في ذهني ضحكتها أسرت أفكاري عيناها زهراء ودود ناعمة أنسى همي حين أراها يا حزني عند تباعدها يا أنسي لحظة ألقاها قد أنسى اسمي يوماً لكن لا يمكن أبداً أنساها هي سارة هي سر سروري هي من دنيانا أحلاها يا رب احفظها واجمعنا واجعل جناتك مأواها"

ترى يا إخواني كان في تعلق نعم، ولا زال طبعاً في تعلق، لكن سبحان الله البلاء يربي. ربك عز وجل يربي. أنا ما أتصور في يوم من الأيام أني هيك أقف متجلداً صابراً أموري تمام بعد أن أفقد ابنتي. أتذكر أني تعرضت لبلاء صعب أني أكون في هذا البلاء ولا يصير شيء في سلامية إصبع واحدة من بناتي. لا والله أكون في اللي أنا فيه ولا يصير شيء في سلامية إصبع واحدة من بناتي. مرت السنوات وربكم يربي وصار شيء في أكثر من سلامية الإصبع، والحمد لله رب العالمين ربنا ينزل سكينة.

الآن العنوان التالي يا جماعة، خلاصة العنوان اللي ذكرناه: خلينا نعرف نكون متوازنين. ليس مطلوباً منك أن تكون جاف المشاعر، لا أحب أولادك وحبهم بعاطفة جياشة مثل النبي عليه الصلاة والسلام، تكون تبعاً لسنته. لكن ما الذي يصبرك عند البلاء؟ ما الذي يصبرك إذا فقدت أحدهم؟ أنك تحب الله أكثر، تجود بهم لله عز وجل. ما راحوا خسارة، لا، قربتهم هدية لله سبحانه وتعالى.

القيم الأساسية التي يجب غرسها في الأبناء

الآن المحور التالي: ما القيم التي أغرسها في أبنائي؟ محاضرتنا اليوم مش محاضرة تربوية عامة، ما القيم بشكل عام؟ ما القيم التي أغرسها في أبنائي بحيث إذا تعرضوا لبلاء يصبرون؟

تعظيم الله والاستعداد للتضحية

أعتقد أهم قيمة على الإطلاق تعظيم الله، وبالتالي الاستعداد للتضحية في سبيل الله. الأولاد يا سارة بيفهموا الكلام؟ آه طبعاً بيفهموا هذا الكلام بفضل الله. قصة بنشي أولادي عليها وبعيدها وبزيد فيها وبذكرهم فيها، قصة الذي طلب من أولاده أن يحرقوه. تعرف حضرتك؟ نعم، يعني الحمد لله أنك تعرفها. للأسف هذه القصة مش منتشرة، مع أنها رواها البخاري وغير البخاري، قصة صحيحة. وأكرسها في أولادي دائماً حتى أركز عندهم معلومة: ترى يا ولد يا بنت، اطلع من الدنيا بتعظيم الله عز وجل، والله يرجى لك الخير عند الله.

للي ما بيعرف القصة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه كان في من كان قبلكم رجل لم يعمل خيراً قط". تصور واحد عايش ستين سبعين سنة سيرته منيلة بالمر. حتى إذا حضرته الوفاة جمع أبناءه فقال: "أي أب كنت لكم؟ كيف كنت معكم يا أبنائي؟" قالوا: "خير أب". ممكن كان حنون على أولاده، لكن مش لوجه الله. مع الله كان سيرته سيئة تماماً. قال: "شوف الوصية الغريبة: فإن أنا ميت فحرّقوني، حتى إذا كان يوم ذو ريح فانسفوني، فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين".

أولادهم فعلوا، حرقوا، انتظروا يوم كان الريح رايحة جاية، طحنوا شوي هيك، شوي هيك، شوي هيك، فتفرق على رؤوس الجبال وفي الوديان وفي الأنهار. يضبط هذا الكلام يا رب العالمين. فجمعه الله فمثل أمامه فسأله والله أعلم وربك أعلم: "أي عبدي ما حملك على ما صنعت؟" ربنا يريد أن يسمعها منه ويعلمنا إياها. قال: "يا رب خفتك وخشيت ذنوبي". عنده شيء من التعظيم ولا ما عنده؟ وعنده يقيناً ما كانش إنسان مستهزئ مستهتر بالله عز وجل، كان إنسان سيء لكن عنده شيء من التعظيم للأصل التعظيم. "يا رب خفتك وخشيت ذنوبي". قال رسول الله: "فغفر الله له".

هذا الحديث يعني يسكن في تلك الثلاث كلمات، يرن حلاوة في أذني، وإذا نعلمها لأولادنا: ترى إذا بتعظم الله والله يرجى لك الخير عند الله عز وجل. فتعظيم الله، إذا عظم ولدك الله، عظمت بنتك الله، يستطيب أن يضحي في سبيل الله عز وجل. ترى يا جماعة، تستهل بأحياناً الفرق الباطنية والحشاشون والإسماعيلية، فرق ضالة، بتلاقي أنه بدأت بأشخاص قليلين ثم كثرت ثم أصبح عندهم استعداد للتضحية في سبيل مبادئ باطلة. لقنوا أولادهم، أرضعوهم، جرعوهم التضحية في سبيل مبادئ باطلة. ظنك إذا أنت لقنت ابنك تعظيم الله الحق سبحانه وتعالى ما بتشرب قلبه؟ لا، الله بتشرب قلبه لأنه فطرة ستجذب هذه المعاني كالمغناطيس.

بس دير بالك إذا أردت من ابنك أن يحترم تعظيمك لله، أردت أن يحترم تعظيمك الحق لله، فلا تعظم إلا الله، رسل الله، كتب الله، شريعة الله، وما ينجم عن ذلك وما ينتج عن ذلك. إذا عظمت قيمة أخرى، أشخاص آخرين خارج هذه المنظومة، تسقط أنت وتعظيماتك ومعاييرك من عين ولدك. فهذا يضر بتعظيم ولدك لله. واضح هذا المفهوم؟ أعيده؟ لم أعيده؟ وأعيد كمان.

إذا بدك ابنك يعظم الله حق التعظيم، لا تعظم إلا الله وما يتفرع عن تعظيم الله عز وجل. إذا مشيت مع بعض الموجات العامة والتيارات العامة والمفاهيم العامة وأعظمتها ما سوى ذلك، ما خرج عن منظومة تعظيم الله أو ما يضاد ويحاد منظومة تعظيم الله، اعلم أن ذلك سيضر بمعاييرك في عين ولدك وسينعكس سلباً على تعظيم ولدك لله عز وجل. لا، عاون ابنك أنه يا ابني عظم الله وما يتفرع عن ذلك، ومنتهى الاستخفاف والاستهانة بما سوى ذلك، حينئذ يعظم الله حق التعظيم.

محبة الله والغيرة على حرماته

قيمة أخرى تغرسها في قلب الولد حتى يستطيع التضحية في سبيل الله: محبة الله عز وجل. أنا أولادي: "تعالي يا ولد، إذا حكوا لك في المدرسة الله بحطك في النار، غلط. الله بيحب الأطفال، الله ما بيحط الأطفال في النار، الله رحيم بالأطفال". وبالتالي يمشي يحب الله عز وجل. التعظيم والمحبة أيضاً.

الغيرة على حرمات الله، إنكار المنكر، عشان ابنك وبنتك يعيشوا في سبيل قضية. سارة رحمة الله عليها كان عندها مثل إنكار المنكر بكثرة، تجيني من المدرسة، يعني حتى لحد الدوشة، إنكار المنكر كانت تدوشني كثير. "يا بابا، أبو سكرت المدرسة، يا بابا، أبو سكرت المعلمة، والبنات لم يعملوا غلط، وما في داعي لهذا الكلام". "تعال ساعدني". يعني هي مش نتخلى عن مبدأها، لا، "تعال احكي مع المدرسة عشان ما يظلوا يحكوا معي بهذه الطريقة". وأروح أساعدها.

تعلم ابنك إنكار المنكر حتى يعيش من أجل القضية. ما علاقة هذا بالبلاء؟ الولد والبنت اللي يعيش في سبيل الله عز وجل، يعيش لقضية، إذا أصابته مصيبة شخصية تهون عليه مصيبته الشخصية. بينما إذا كان معزول عن الواقع، معزول عن الحياة، يعيش لذاته، زي كثير من بناتنا الأيام، لا أظافرها في تسريحة شعرها وصندلها الجديد. أي مصيبة تمسها طبعاً ستهز كيانها لأنها ليس عندها اهتمامات غير هذا.

أذكر أن أولادي سارة وغيرها كنت أنشد معهم أبيات حتى نكرس هذه المعاني، معاني العيش من أجل قضية: "كن للإله ناصراً وأنكر المناكرا ولا تعد نافعاً سواه أو ضائرا وكن مع الحق الذي يرضاه منك دائرا واسلك سبيل المصطفى ومت عليه سائرا فما كفى أولنا أليس يكفي الآخرة فما كفى أولنا أليس يكفي الآخرة"

الدنيا دار بلاء وليست دار جزاء

طيب، أيضاً من أهم المعاني لتكرسها في ابنك وابنتك علشان ما يهتز عند البلاء أن الدنيا ليست دار جزاء بل هي دار بلاء. وهذا مهم جداً جداً جداً. ترى يا جماعة من أفحش الأخطاء التي نقع فيها تربوياً: "يا ولد صلي عشان الله يوفقك في دراستك". "إيش رأيك تدفع زكاة، تدفع مال للفقراء عشان الله يزيد لك في مالك، يمكن يجيك أموال من مصادر أخرى". عمالنا بنحط هدف للأولاد جزاء للأولاد دنيوي والأخروي دنيوي، وبالتالي إذا الولد عمل خير ثم ابتلي مش حيفهم إيش اللي عماله بصير.

لا، نعلم أبنائنا أنك تفعل الخير عشان الله يحبك، عشان الله يكون معك. كيف أن الله يكون معك؟ "إن أصابتك سراء جعلك من الشاكرين، وإن أصابتك ضراء جعلك من الصابرين". فالله بهذا معك وبملأ لقلبك سعادة وطمأنينة ويوم القيامة بتروح على الجنة. نكرر عبارة الجنة، الجنة، نعلقهم بالجنة.

مثلاً أذكر من القصص التي كنت أعمل قصص لأولادي قبل النوم، وهذا من أهم المحطات والوسائل التربوية، قصص ما قبل النوم. فالقصة التي حكتها سارة في حلقتها الأولى والأخيرة، سجلت حلقتين نشرنا واحدة. القصة التي حكتها عن أبو عبادة، أبو عبيدة. القصة التي حكتها عن أبو عبيدة، هي سارة ما شاء الله كنت لما أعمل قصة تحفظها، وحتى لو طلب في المدرسة أن يكتبوا قصة تذهب تفرغ القصة لأنك تحكيها عبر ليالي طويلة.

فقصة أبو عبيدة هذه كنت أعملهم معها يمكن عن 12 قصة. الآن في هذه القصة أجيب قصة هذا الرجل الذي اشتغل 40 سنة في الإمارات، وبالفعل هو هكذا، ثم في النهاية لم يسكن في القصر الذي تعب وشقي حياته من أجله. بجيب بعدها ابنه أحمد الوسطاني ورث عن أبيه، فالمال الذي ورثه عن أبيه شو عمل فيه؟ في وجوه الخير، بنى فيه عمارة للاجئين وسكن مع اللاجئين وصار حمحا على الأولاد. وبعد ذلك أصيب بالسرطان.

فانطل لابني، قلت له: "كيف يا بابا عمل كل الخير وصابه بالسرطان؟" نعم بصيبه بالسرطان، لكن عاش حميداً ومات سعيداً ويدخل الجنة إن شاء الله. المؤمن سيبتلى. أبوه للأسف ما انتفع بماله، لكن أحمد انتفع بماله. "يا ابني انتفع بماله، والله كان معه، الله سكب في قلبه طمأنينة والرضا وأسعد أولاد المسلمين ومات وماش الناس في جنازته وهو لا ينعن رب العالمين". شو بدك أحسن من هيك؟ فإذن يا جماعة نعلق قلب الأولاد بالآخرة ونذكرهم أن الدنيا ليست دار جزاء إنما هي دار بلاء. وإنما النعيم الذي تأخذه في هذه الدنيا اللي مضمون مية في المية طمأنينة في القلب: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون".

كيفية غرس هذه القيم

طيب، كيف أغرس هذه القيم؟ نتكلم عن قيم كبيرة ومعاني ضخمة: تعظيم الله، محبة الله، تعلق بالآخرة، الدنيا مش دار جزاء. كيف تغرسها؟

القدوة العملية

طبعاً أول شيء القدوة العملية. وما أزكي نفسي، نحن كلنا الله يتوب علينا ويستر علينا، لكن نحاول ونتعثر وبعدها نتشاطر ونتشارك هذه الخبرات عشان إن شاء الله ينفعوا بعضنا بعضاً، ولكم السلام. فالقدوة العملية، يعني أنا تعرضت لظرف معين وكانت بنتي تأتيني في هذا الظرف، ترى الاستبشار على خلاف المتوقع. أستغل فرصات زيارة معينة في ربع ساعة: "آية سارة سمعي للسورة الفلانية، تعالي أحكي لك في القصة العلانية". أعمل برنامج للقاء قصير. فالبنت لما تيجي أول مرة، ثانية مرة، ثالث مرة، أبي يبتلى في سبيل الله وهي مبسوط وراضي وإيجابي وبيعلمني، إذن تتشرب هذه المعاني حتى لو أقولها بلساني، شافت فيه قدوة أمامها.

دور القصة

من أفضل الوسائل على الإطلاق يا إخواننا دور القصة، القصة، قصة ما قبل النوم. وهذه أحثكم عليها جداً جداً. كيف تصوغ قصة؟ طبعاً أنا يعني صرت معطي أولادي يمكن 12 قصة 13 قصة، وكل واحدة منهم تكون سلسلة في العادة. والسؤال المتكرر: "موجودات عندك؟" للأسف لا. فيه ثنتين مكتوبات وصار لي كم سنة بأجل أني أنقحهم وأطلعهم، إن شاء الله بنطلعهم. لكن بدي أغششكم طريقة صناعة القصة. كيف تصنع قصة لابنك؟

أفضل طريقة وجدتها في التعامل مع أبنائي: تأتي بقصة لها أصل وتضيف من عندك تفاصيل شيقة مما يهم الأولاد، قد لا يكون لها فائدة تربوية لكن يكفي أنها تجذب. ثم تضمنها المعاني التي تريد بطريقة التفافية غير مباشرة. مثلاً قصة أبو عبادة اللي 12 حلقة كانت تقريباً، كانت فكرتها ببساطة: طالع أنا وبعض زملائي في عزاء لوالد إحدى الزميلات، بنى فيلا في إربد ولم يسكنها. فبالمناسبة أحد زملائي قال: "ابن عم والدي فلان الفلاني اشتغل في الإمارات 40 سنة وكان يبني قصر في خريبة السوق، والقصر للي بيشوفه الآن الحجر الخارجي للسور زي حجر القصر نفسه، والحجر واقف وقوف هذا ما يميزه وليس أفقياً". قال: "فكان يبذخ كثيراً في الإنفاق". قال: "فوالدي حكى لفلان: حرام عليك يا أبو فلان يا رجل كل هذا الصرف، يا أخي اصرف أقل، اسكن لك قصر زي العالم والناس بس بلاش هذا البذخ". قال لي: "أبو أحمد أربعين سنة في الغربة، بدي أستمتع بفلوسي". وبالتالي صاحبنا اشتكى من أعراض، راح فحص، قالوا له: "عندك سرطان قولون". شخصوه، حاولوا يعالجوه، ما نفعش معه، وراح لأمريكا. "ارجع لبلدك". راح بات ديك الليلة وثاني يوم على المقبرة.

هذول الكلمتين هم حكاها لي الدكتور أحمد صاحبنا، عملت عليهم اثنا عشر حلقة. بتضيف بعض شو بحكي الأولاد بقلومتي رياضة، أصل القصة صح، وبعض التفاصيل تجميع من الحياة الواقعة وهكذا هو الأمر بالفعل. لكن أضمنها كثيرة من التفاصيل: كيف هذا الرجل شقي وتعب وكدح وسهر وتعب ومرض في سبيل بناء هذا القصر، وأدى ذلك إلى إخلال بواجباته الدينية، إلى تخريق علاقاته الأسرية، إلى طلاق من زوجته. طبعاً هذه المعلومات مش عندي لكن أنا بحكي لهم أصل القصة صح، وفي عندي إضافات بعطيهم تفاصيل تشويقية: كيف كان شكل القصر، وأسماء أبناء، وأشكال أبناء إلى آخره. التفاصيل قد لا تكون مفيدة لكن على الأقل تشد الأولاد وأضمنها المعاني التي أريد، خاصة عدم التعلق بالدنيا ومادياتها وتعليق القلب بالآخرة، خاصة هذا المعنى.

مثلاً طبعاً لما أعطيهم هذه القصص اللي بصير مرات أنه لما يقرأ القرآن نقف عند آية معينة، يقولوا: "يا بابا مش هذا زي اللي صار مع فلان؟" أنا من غير ما أستشهد بالقرآن حتى لا يكون فيه وعظ مباشر، بس هو لما يقرأ الآية يقول: "يا بابا مش هاي الآية تتكلم عن فلان؟" مثلاً: "فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا". "مش هذا زي صار مع فلان؟" صار يربط القرآن بالحياة الواقعة.

أو مثلاً قصص الرسوم، أظن كثير منكم عارف ريمي وهي القصص القديمة. طبعاً تحزن، طبعاً في مرات تكون مبتناها فاسداً، مثلاً سانديبل وطلعت هاي الفتاة بدون مركزوا المعاني الحرية والاستقلالية للأنثى في المجتمع الغربي، لا. فأنت أو التبشير. فثم ريمي كان آخر مشهد وهو بيلتقي بأمه في دير من الأديرة ويتدلل صليبه على صدرها. مشهد مؤثر يعني شوي بدك تبكي معه. فالفحوى أصل القصة والضياع عن والدته والبحر وغمي عليه إلى آخره، بتنقح بتزيد بتضيف بعض المعاني العميقة وبتعملها سلسلة.

طبعاً أيضاً مرات في مفاهيم تشوه جداً في نفوس الأولاد، مفهوم التسامح مع الأديان الأخرى، تقبل الأديان الأخرى. تقبل بمعنى هنا أنه يعني أنت على صح وإحنا على صح، كلنا ديانات إبراهيمية، لا أستطيع أن أخطيء الحق نسبي. مثل هذه العبارات التضليلية أيضاً من خلال قصة تعالجها. مثلاً برضه عم ألم قصة عن أناس من سوريا اضطروا إلى الهجرة إلى السويد، وكيف في السويد تعرض أحد الأولاد أو يعني أحد الأثرياء غير مسلم ملحد حط عينه على هذا الولد أنه بده يتبناه لأنه ما عندوش أولاد. وكيف أبوه عانى واستطاع بالفعل أن يشكوه إلى الشرطة ويعمل ملف إساءة التعامل مع الولد. قصة طويلة. من خلال هذه القصة بجيب أنه في أحد النصارى اللي كان موجود هناك ساعد المسلم والد الولد، ساعده في استرداد ولده وكان حنوناً معه وعطوفاً. وبالتالي كيف حرص هذا المسلم أن يرد الجميل إلى هذا الرجل النصراني بأن دعاه إلى الإسلام بإلحاح ومثابرة وإصرار. وكان في خاتمة القصة: ترد الجميل لمن يُحسن إليك في الغرب مثلاً، ما بترد الجميل بأن تقول أنتم وإحنا صح والحق نسبي وتجاميلهم في دينهم تروح تزورهم في كنائسهم، لا، وإنما ترد الجميل بأن تدعوه إلى دين الله عز وجل. مثل هذه المفاهيم العميقة والكبيرة ما في طريقة بتوصلها مثل القصة.

أيضاً مثلاً من أشكال القصة بالذكر سارة رحمة الله عليها، لما بعد مشوار علاجي طويل ومرهق ومتعب من كيماوي ثم عملية جراحية كبيرة ثم كيماوي ثم علاج طبيعي ومعاناة طويلة. في آخر جلسة كيماوي بعد العملية الجراحية نكتشف أنه السرطان طال لها الرئة. طيب، وبالتالي ما المطلوب؟ المطلوب نبدأ بكيماوي آخر احتمالية نجاحه ضعيفة جداً جداً. بلغت أنه: "راح معلش في عندك شوية نقاط في الرئة ورح نبدأ بكيماوي جديد". طبعاً كانت تنتظر أنه خلصنا الكيماوي، "رأيي طلع شعري من جديد ورأيي حياتي من جديد وأرجع أركض زي ما كنت أركض، وكانوا البنات يحسدوني أن أنت أسرع وحدة يا سارة". مبسوطة البنت. لا، لأنها تبلغ بأنه طالع الرئة وفي كيماوي جديد.

أذكر يومها الحمد لله، أعيد وأؤكد بنتي لم تجزع يوماً، لم تسخط يوماً على قضاء الله إلا بفضل الله. في بلوك أصلاً إن هاي الفكرة وفكرة أنه اعتراض على الله في عليها بلوك، ما ظنها واردة أصلاً في تفكيرها بفضل الله تعالى. لكن طبعاً بكت: "أنا أبدأ أبدأ كيماوي جديد؟ أنا أبدأ أبدأ كيماوي جديد؟ أنا الشعر تاني؟" فنحن مروحين من المركز: "أنا ما أبدأ أبدأ كيماوي". قلت لها: "يا سارة أحكي لك القصة رواها البخاري: سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام زار رجلاً مسناً أصابته القشعريرة". طبعاً ما كان فيه تشخيص دقيق، واضح أنه كان عنده مرض شديد، مقشعر على الأخير. فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: "لا بأس طهور إن شاء الله". هي كذلك لو كنت بدك إياها طهور بدعوة النبي شخصياً كان طهور، لكن بدك إياها حمى تفور، تقول: "ما شاء كما تريد". قال الراوي والرواية في البخاري: "فمات من ليلته". أصعبها من نهاية: "فمات من ليلته". قلت لها: "شوفي يا بابا هذا لما إنه صبر الأكل من ساعة كان على الجنة على طول". حكى هذا الكلام انتقل إلى ربه جزعاً. سكتت، وسكوتها مرات بيطلع فيها أنه المفهوم اخترق، السهم اخترق، وصل القلب واستقر هناك. وامبسطت كثير لما سمعتها بالليل تحكي لهوها القصة. القصة عجبتها، تحكي لهوها القصة. فالقصص يا جماعة، إذا الله سبحانه وتعالى يثبت أنبياءه بالقصص: "وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك"، فما بالك بالأطفال.

تعليقهم بالقرآن

طيب، طبعاً من أهم الوسائل تعليقهم بالقرآن. قراءة القرآن سوية. إنك تجلس تحط بنتك في حضنك، تحط إيدك عليها، تقرأ القرآن سوية. شاركت سارة في آخر مسابقة، في مسابقة العطل الصيفي الماضي اللي عملناها بعنوان "ليتدبروا آياته". وإذا ربنا قدر أن نعلن عن مسابقة أخرى موسم ثاني هذا العطل، أنصحكم جداً جداً أن تشركوا أبناءكم فيها. مين أولاده شاركوا فيها؟ أوه، مين أولاده شاركوا في مسابقة "ليتدبروا آياته"؟ صفر من مين؟ أعتقد المسابقة والحمد لله كانت نافعة جداً، علقت الأولاد بالقرآن. أنا ما بيعجبني أبداً نمط مسابقات "ما أطول كلمة في القرآن". بصراحة معلومات لا تفيد الولد. لكن "الله عز وجل حرم الغيبة، إذا صاحبك تحكي عنه وين هذا المعنى في السورة الفلانية؟" بيروح بيطلع لك المعنى. تربط الولد في القرآن.

طيب مثلاً سارة كانت غير تقرأ وتشارك مسابقات تتدبر. تذكر من أسئلتها الأخيرة فيما يتعلق بالقراءة تقول لي: "بابا ليش الله بيخلقهم بعدين بهينهم؟" "كيف يا بابا بيخلقهم بهينهم؟" حكت لي: "هاي الله يقول: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون". إيش فهمت؟ إن المبتلى بعاهة أصم أو أبكم أن هذا ربنا كأنه يسبه. "لا يا بابا، هذا الأصم عن سماع الحق، الأبكم عن قول الحق". فهمت؟ وبالتالي تعلق أولادك بالقرآن، تعودهم فهم القرآن، هذا أيضاً من المثبتات إذا ما أصابهم البلاء.

توطيد العلاقة والمشاركة

طبعاً من أهم الأشياء إخواننا توطيد العلاقة، مشاركتهم في اللعب. مش مضيعة للوقت أبداً، بل اعتبرها قربة إلى الله تكسب بها حسنات. إنك تلعب معهم غميمة، تلعب معهم حامي بارد. بلعب معهم مرات لعبة بسيطة جداً، بجيب ورقة A4 بقسمها، برسم شجرة وشجرة، ولد وولد، بنت وبنت، بلون وبلون، ونقلبها بنخربشهم، بعدين بيكون الشاطر اللي بيطلع صورتين زي بعض. طيب يعني تكون مرتبات. المهم شيء ينمي الذاكرة، أي شيء في مشاركة في هذا الزمان اللي كل واحد عينه في الموبايل، لا، نسيب الموبايلات على الجهة ونعمل شيء من المشاركة. توطيد العلاقة ينفع. لماذا؟ قد يصل ابنك لمرحلة أو بنتك لمرحلة أنه يصبر عشانك. معلش هو غير مكلف، فلو صبر وتحمل لأجلك مش مشكلة. ما بده يكسر خاطرك بأنه يحكي كلمة وبالتالي أنت تضايق من أنه يقول كلمة جزعة. فمعلش.

أيضاً من أهم الأشياء التي توطد العلاقة توصيل الأولاد إلى المدرسة. هذا مما نعم الله به علي السنة الماضية، يعني صار طبعاً آخر فترة بطلت تروح على المدرسة، لكن قبل ذلك أن نروح ونحن رايحين أوصلهم، وبعض الأيام ونحن راجعين حسب دوامي في الجامعة أرجعهم. الجميل أنه الولد بيكون في عنده مشكلة صارت في المدرسة، معلومة خطأ سمعها للأسف أحياناً من أساتذة، بيحكي لك إياها في السيارة، فبتعالجها للتو وللحين. فأنا أنصح جداً كل أب أنه هذا مشوار المدرسة يحرص قدر الإمكان أن يوصل أولاده منه وإليه.

هذا كل الكلام اللي حكيناه يا جماعة كانت تحت عنوان إيش؟ معاني نغرسها وكيف نغرسها. لسه قبل ما نوصل لمرحلة البلاء، بدك يكون في تهيئة، يكون في وقاية قبل ما نوصل إلى اليوم الذي يصاب ابنك أو بنتك فيه ببلاء. أسأل الله أن يعافيكم وأبناء المسلمين أجمعين.

وبالمناسبة، ما دام صرنا حاكيين عن بعض المعاني وغرسها في الأولاد، أنصح كثيراً بالاطلاع على ثلاث أشرطة للأستاذ هاني بن علي العبد القادر. اكتب على الإنترنت: هاني بن علي العبد القادر. ثلاث أشرطة. واحد بعنوان: "طفلك من الثانية إلى العاشرة"، والثاني: "أساليب عملية في التعامل مع المراهقين"، والثالث كأنه "أبناؤنا" أو "نحن وأبناؤنا". هاني بن علي آل عبد القادر. مرة تشوفها مكتوبة بالغلط العبد القادر، هي آل عبد القادر. أظن الأخ كويتي وأشرطته مميزة بصراحة، من أفضل ما سمعت في التربية.

كيف أتصبر أنا كأب على بلاء ابني أو ابنتي

طيب، طيب. الآن هذا كلها كانت مرحلة تهيئة. وقع البلاء، الله يعافينا ويعافيكم ويعافي أبناء المسلمين أجمعين وأبناءنا. إذا وقع ابني أو ابنتي في بلاء، كيف أتصبر أنا على بلاء ابني أو ابنتي؟

أنا إخواننا عامل سلسلة من زمان بعنوان "فن حسن الظن بالله"، أظن 25 حلقة. اللي طلعوا عليها والحمد لله بيحكوا إنها عملت فرق في حياتهم بفضل الله تعالى. "فن حسن الظن بالله" 25 حلقة قصيرة، أنصح بالرجوع إليها. وأيضاً جئنا لكم بمطويات ممكن