السلام عليكم ورحمه الله.
دعوة معارضي محمد مرسي إلى اتخاذ موقف شريف من خطاب السيسي
هذه الكلمة هي بالدرجة الأولى لمعارضي محمد مرسي. أقول لك فيها وأنا أيضاً من معارضيه، لأني أدور مع الإسلام حيث دار، ولم يكن في حكم محمد مرسي نصرة للإسلام. أسأل الله أن يخرجه من أيدي العسكر ويهديه ويستعمله في طاعته.
لكن في الوقت ذاته، أدعوك أيها المصري الحر الشريف أن تكون معارضاً أيضاً لحكم العسكر. وأنا هنا إذ أقول "العسكر" أعني بها بالدرجة الأولى قادة الجيش، ولأفراد الجيش رسالة في آخر الكلمة.
من هو العسكر؟
العسكر المتحالف مع العلمانيين المستهزئين بدينك وبنبيك. العسكر الذي يتمتع بجزء كبير من ميزانية البلاد دون محاسبة على مصارفها، والذي حرص على منع مساءلته مالياً في الدستور الجديد.
العسكر الذي حرس نظام حسني مبارك 30 عاماً، بينما حسني يذل الشعب المصري ويستعبد أبناءه ويضطر للغربة في الأرض بحثاً عن لقمة العيش، بينما البلاد مليئة بالخيرات.
العسكر الذي قتل المعتصمين وسحل فتيات في الميادين في ثورة يناير. العسكر الذي قاتل من قبل أبناء الصعيد وسلمهم ليعذبوا في السجون ويعتدى على شرف بناتهم وأخواتهم ليسلموا أنفسهم.
العسكر الذي ضخ المياه العادمة في أنفاق غزة وردمها على إخوانك في الدين الذين كانوا يستخدمونها لتهريب حليب الأطفال والدواء، فيقتلهم العسكر غرقاً بالمياه العادمة ودمراً بالتراب. وها هو اليوم يرد اللاجئين السوريين إلى بلادهم ليسومهم بشار سوء العذاب.
العسكر الذي اشترت أمريكا والكيان الصهيوني ذمته وولاءه، فحرص الكيان الصهيوني لعشرات السنوات. العسكر الذي دعمت انقلابه دول الخليج بالمليارات، وهي من قبل لم تدعمك أيها الشعب المصري ولم تعط المنح لحسني مبارك إلا لقمع وإبقاء سلاسل العبودية في رقبتك.
رسالة إلى معارضي مرسي
رئيس العسكر السيسي يطالبك اليوم أن تعطيه تفويضاً ليقتل ويقمع إخوتك وأبناء بلدك، لا حرصاً على مصلحة البلاد، لا والله، بل ليتمكن من مفاصل الدولة ويشبع أطماعه.
ليست دعوتي لك أن تنضم لصف المطالبين بعودة محمد مرسي إلى الحكم، ولا أن تنزل إلى ميادينه، لكن أطالبك أن تمنع السيسي من استغلال صمتك وادعاء أنه أخذ تفويضاً منك.
أخي المصري الحر، احذر من الاستقطاب النفسي، احذر من الاستقطاب النفسي. رفضك لحكم مرسي يجب ألا يمنعك من رفض طغيان العسكر في الوقت ذاته. لا ينبغي النظر إلى المسألة وكأنه ما خياران لا ثالث لهما: تأييد مرسي أو تأييد العسكر. بل أبرأ إلى الله من كل حكم لا يجعل الأمر كله والدين كله لله.
أما إن سكت عن الظلم وظننت أن حسم العسكري سيحقق الاستقرار، فإني أنذرك بما أنذرت به الإخوان والسلفيين من قبلك: من طلب الاستقرار بمعصية الله أو السكوت السلبي عن المعصية، فسيحرمه الله الاستقرار.
لطالما حذرت الإخوان والسلفيين من عاقبة خذلان الشريعة وخذلان إخوانهم حتى وصلوا إلى ما هم فيه. وإني أحذرك من معاونة العسكري الغاشم على إخوانك الذين خرج كثير منهم لا لنصرة مرسي، ولكن لأنهم يرون هويتهم الإسلامية مهددة. خرجوا لأنه في عهد السيسي تم الاعتداء على الملتحين وعلى المصلين، وهم يرون تصفية الإخوان تمهيداً لتصفية كل صاحب مظهر إسلامي أو مشروع إسلامي نقي أو غير نقي.
خرجوا لأنهم يرون تطاولاً من الإعلاميين والعلمانيين والكنسي على دين الله ورسول الله. فإن بطش السيسي بهؤلاء وأنت صامت، فانتظر عاقبة السوء. واعلم أن العسكرية وأمن الدولة والداخلية إن اشتموا رائحة الدم الذي تسفك سكاكينهم، فلن يتورعوا غداً عن افتعال أعمال تفجير وقتل تطالك وتطال أهلك ليبرروا استمرارهم في البطش والدموية.
فاتخذ موقفاً مشرفاً، وإلا فأقول لك كما قلت لهم من قبل: "فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله". أدعوك أيها المصري الشريف المحب لدينك الرافض للجهتين أن تخرج غداً لتقول: "لست من أنصار مرسي ولكن السيسي لا يمثلني".
رسالة إلى المتابعين
الرسالة الثانية هي لإخواني المتابعين لي الذين يسألونني: ماذا نفعل؟ أقول: إخواني، لدي ثابتان لن أتزحزح عنهما، وأسأل الله أن ألقاه بهما.
الثابت الأول: البراءة من العسكر ومن حزب النور ومن دول السوء
البراءة من العسكري ومن حزب النور ومن دول السوء التي ما دعمت الانقلاب إلا خوفاً على عروشها وكراهية لأي مشروع يمكن أن يفضي إلى الإسلام في يوم من الأيام أو يهيئ له الأجواء. فنحن براء إلى الله من هؤلاء جميعاً.
الثابت الثاني: عدم الدعوة للنزول في أماكن ذات رايات غير صحيحة
لم أدع إخواني في يوم من الأيام ولن أدعو إلى النزول في مكان رأيته غير صحيح. لا يمكن أن أدعو إلى تكثير السواد في مكان رايته المرفوعة الديمقراطية والشرعية وعودة مرسي ليحكم بالقانون الوضعي كما كان. ولا أراه يكفي في ذلك تصحيح النية وجعلها لله ودفعاً للصائل. بل لابد من اعتبار راية الاجتماع في عيون عامة الناس، وأن نسأل أنفسنا إن قيل لعموم الناس من غير المحتشدين: فيم اجتمع هؤلاء؟ لماذا اجتمع هؤلاء في الميادين؟ فإن كان الجواب من أجل عودة مرسي، فليست هذه قضية أدعو إلى نصرتها ولا الاحتشاد في ظلها.
وما قلته قديماً أقوله الآن: ندافع عن أفراده إن اعتدي عليهم في بيوتهم أو مساجدهم أو محلاتهم، لكن لا ننصر على قضية باطلة ولا نتواجد في ساحاتها. وإلى من يقول: هذا فرض غير منطقي، فالإخوان لن يخرجوا من تلكم الساحات المطالبة بالشرعية، فإما أن نناصرهم في ساحاتهم تلك على الرغم من الشعارات الفاسدة وإما لا. أقول: هذا ليس ذنبنا، ولسنا نحن المطالبين أن نلتحق بغير الشرعية هذه، بل هم المطالبون أن يتخلوا عن هذه الشعارات الباطلة شرعاً، الساقطة ببرهان الواقع والتي أدتهم وأدت وأذت المشروع الإسلامي معهم.
ووضع المعادلة بهذا الشكل: إما أن تكثر سواد الإخوان في ميدان رابعة والنهضة تحت الهتافات المختلطة، وإما أنك قد خذلتهم، هذه القسمة الثنائية من الإرهاب الفكري المرفوض. هذا كله مع علمي بأن القضية لم تعد قضية إخوان، لكني لا أرى أن نصرة الدين والهوية الإسلامية تكون في الاحتشاد في أماكن شعاراتها جاهلية.
الإخوان والسلفيون الآن في أمس الحاجة إلى اللجوء إلى الله والتوبة من معاصيهم. في أمس الحاجة إلى أن يجعلوا شعاراتهم وراياتهم ومطالباتهم نقية، لا أن يزيدوا عدد وحجم صور مرسي أو عبارات الديمقراطية وما يسمونه الشرعية. ما لم يمكن تصحيح الرايات والمطالب ووضوح ذلك في عيون عامة الناس، فلا بد من الانفصال والتمايز. وها قد ظهرت بعض التجمعات صاحبة الراية النقية والمعارضة لحكم العسكر أو المطالبة بحكم الشريعة، فكونوا إخواني مع هؤلاء.
أما من يتحرج من الخروج خوفاً من البطش والقتل، فهذه لا أستطيع أن أنصح فيها، وليست المسألة من الثوابت الشرعية، بل أنتم أدرى بوضعكم. فلا بد من الموازنة بين تجنب إراقة دمائكم والاعتداء عليكم من العسكري، ومن ناحية أخرى معرفة أن العسكري إن استتب له الأمر فالإمارات على أنكم لن تسلموا أيضاً من شره وحربه لدينكم ودعوتكم.
رسالة إلى الجنود
ونقول ختاماً للجنود الذين يسيركم قادة العسكري كأنهم آلات صماء، لا أنهم ينتسبون إلى الإسلام والعبودية لرب السماوات والأرض: كفى أيها الجنود ما وقعتم فيه من آثام نتيجة طاعتكم لقادتكم في معصية الله. وتذكروا يوماً عصيباً يوم يتبرأ منكم قادتكم، إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب، ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب. وقال الذين اتبعوا: "لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا". كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم، كذلك يريهم الله لهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار.
أنتم الذين كان يمكن أن تقودوا أمتكم نحو المجد والتحرر، أترضون لأنفسكم أن تكونوا أداة بأيدي الظلمة ومن خلفهم قوى الغرب والشرق يستخدمون لإذلال أهلكم وشعبكم ووضع أعناقهم في سلاسل العبودية مقابل متاع من الدنيا قليل؟ أما آن لكم أن تتوبوا قبل أن تلقوا الله فيحاسبكم على كل قطرة دم أراقوها؟
أسأل الله أن يتدارك أمة محمد برحمته. والسلام عليكم ورحمة الله.