السلام عليكم ورحمة الله
رسالة إلى متابعي الإعلام المصري
أخي المتابع للإعلام المصري، هذه نصيحة من أخ يريد لك الخير، ولا يرجو منك ثوابًا ولا يخاف عقابًا. وحتى تطمئن مقدمًا، أخبرك بأني قد أكون أكثر من نقد تجربة الأحزاب الإسلامية السياسية نقدًا شرعيًا عبر السنة والنصف الماضية، ونشرت كلمات في تحريم مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ظل الدولة العميقة ما بعد حسني اللامبارك، لأسباب وضحتها في سلسلة بعنوان "نصرة للشريعة" وفي كلمات أخرى كثيرة.
لذا فأنا هنا لا أتكلم باسمهم ولا أدافع عن أخطائهم، ولست ممن يطالبون بعودة محمد مرسي رئيسًا، وأنا الذي أحرم انتخابه وانتخاب غيره أصلًا ما دام المنصب المنتخب له هو السير على سكة رسمتها الدولة العميقة والعسكر، سكة العبودية والذل لأمريكا وليس الحرية والطاعة لله وحده.
فلا تدع الشيطان يغلق على عينيك وأذنيك ويحرمك من الانتفاع بما سأقول، على اعتبار أنني من الفريق الآخر. أنا مع شريعة الله النقية الصريحة الشاملة التي حكم بها محمد صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر والراشدون، والتي لم تُمثّل في الحكم في أيامنا بعد، والتي سنبقى محرومين من عدلها ورحمتها وعزتها إن هربنا من أخطاء الإسلاميين وقصورهم إلى أحضان العسكر والفلول وإعلامهم.
هدفي في هذه الكلمة هو أن أتعاون معك على معرفة الأسباب القرآنية التي تعيننا على اتخاذ موقف مناسب في هذه الأيام لنتجنب الظلم، وأن نتذاكر الطريقة القرآنية في التعامل مع الأخبار، ثم أدعو لك أن تكتشف الحقيقة بنفسك.
التحذير من متابعة الإعلام المصري
أسباب التحذير
أخي، سؤال صريح: ما الذي دعاك إلى متابعة القنوات المصرية ابتداءً؟ بالنسبة لي، قبل الأحداث الأخيرة، عندما كنت أدخل محلات فيها إخوة من مصر، فعادة ما كنت أراهم يتابعون الأفلام والأغاني بما فيها من شهوات وعرض عورات. ألا تخشى أن الله تعالى قد طمس على بصيرتك لذلك، وحرمك من التوفيق لاتخاذ الموقف المناسب في هذه الأحداث؟
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا}. ما معنى فرقانًا؟ ألا تخشى أن الفتنة قد أصابت قلبك لأنك خالفت أمر الله بذلك؟ قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
الشعب المصري عندما يصل مرحلة أن يصبح المظهر السني كاللحية تهمة بحد ذاتها، يعاقب فاعلها ويهان إن لم يقتل، عندما يصل مرحلة أن تقتحم المساجد وتنتهك حرماتها كما يحصل في سوريا، فلا بد أن فتنة قد أصابت قلوب الكثيرين من أبناء هذا الشعب الذي كان معروفًا بعاطفاته الدينية القوية وحبه لله ورسوله.
يا رجل، أنت قد تسمع المذيعة وهي تبرئ طرفًا وتتهم طرفًا، وهي متبرجة وأنت تنظر إلى ما لا يحل منها، فكيف ترجو من الله الهداية بعد ذلك؟ كيف ترجو من الله الهداية بعد ذلك؟
الآثار السلبية لمتابعة الإعلام الفاسق
قال الله تعالى في فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}. إذن فرعون استطاع أن يضحك على شعبه ويقلب باطله حقًا، ويمكن لحكمه ويذل رقاب شعبه، لماذا؟ لأنهم ببساطة كانوا قومًا فاسقين، فقادهم فرعون من لجام الشهوات إلى الشبهات والعبودية له.
ألا تخشى يا من تتابع القنوات المصرية بما فيها من منكرات أن يجعلك هذا مع المنافقين الذين يضرب السور بينهم وبين المؤمنين يوم القيامة، من جهتهم العذاب بينما من جهة المؤمنين الرحمة، فينادي المؤمنين: {أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ} كما في سورة الحديد، فيأتيهم الرد: {بَلَى وَلَكِنَّكُمْ} ما أول صفة بعد {وَلَكِنَّكُمْ} ما أول صفة جعلتهم في الهالكين؟ {وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ}. عرضتم أنفسكم للفتنة حتى سودت قلوبكم.
يبدأ الأمر بشهوات ورقص وغناء، ثم يتحول إلى تصديق للإعلام المنحرف وقسوة قلب على إخوتك من المسلمين. كم أنت بحاجة يا أخي إلى الهداية في هذا الوقت العصيب، لكن اتباع الشهوات يحرمك منها، يحرمك من هذه الهداية. فالله تعالى قال في خمس آيات: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.
ثم اتخذت مواقفك بناءً عليها، فقد عصيت الله ولم تتقه سبحانه، فكيف يجعل لك فرقانًا وهو تعالى القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا}. أنتم اتقيتم الله ليجعل لك فرقانًا؟
أهمية التبين والتحقق من الأخبار
النهي عن الظلم
طيب، ما الدليل على أن عدم التأكد من صحة الخبر معصية؟ قال ربنا عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}. ستقول لي: يعني الإعلام فاسق والطرف الآخر كلهم مؤمنون؟ ما لي دعوة بالطرف الآخر، دعك من القسمة الثنائية. لا تظن أنني بهذه الكلمة أقول لك اترك الإعلام المصري واسمع الإعلام الذي قضيته عودة محمد مرسي، بل أقول لك اسمع من إخوتك الذين ليست قضيتهم مرسي ولا غيره، لكنهم يرون إسلامهم مهددًا.
اسمع أدلتهم على أن الحرب يراد لها في الحقيقة أن تكون حربًا على هوية مصر الإسلامية. اسمعهم حتى لا تبالغ في ظلم إخوتك وتعاقب معهم من لا ذنب له، وتشارك في قتلهم برضاك أو سكوتك، بينما الذي يقتلهم هو أكثر الناس ظلمًا لك وإذلالًا لك.
في الحقيقة، الإعلام المليء بالمنكرات بل والاستهزاء بالدين نفسه أحيانًا، هل هو إعلام مؤمن أم فاسق؟ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}. إذن حرام عليك أن تسمع من طرف واحد خاصة إذا كان فاسقًا، ثم لا تتبين ولا تتأكد مهما ظهر الخبر لك مؤكدًا في البداية.
قصة داود عليه السلام عبرة
ألست تقرأ يا أخي في سورة صاد أن نبي الله داود عليه السلام سمع من طرف واحد، فظهر الرجل مظلومًا بالفعل، أخوه عنده تسعة وتسعون نعجة ويريد أن يأخذ منه نعجته الوحيدة، فحكم داود عليه السلام دون أن يسمع الطرف الآخر، قال: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ}. ثم أدرك عليه السلام أنه أخطأ بالحكم دون السماع للآخر مهما بدت القضية مقنعة، فاستغفر ربه وخر راكعًا وأناب، فقال الله له بعد ذلك: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ}.
لاحظ قال سبحانه: {قَوْمًا} أي قوم، ولم يقل مؤمنين، لأنه حرام عليك أن تظلم أي قوم. افترض أن الذين يقتلون ويعتقلون الآن غير مؤمنين، فقط قوم، أي قوم لا يجوز أن نظلمهم بجهالة، لا يجوز أن نظلمهم بجهالة، {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
والله يا أخي إذا استخدمتك الدولة العميقة لظلم إخوتك فستندم في الدنيا والآخرة. قال الله عن ولد آدم: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ثم {فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}.
مخططات الأعداء
عام 2004 أصدر مركز التخطيط الاستراتيجي الأمريكي "راند" دراسة وتقريرًا بعنوان "الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء والموارد والاستراتيجيات". تقسم هذه الدراسة أبناء المسلمين إلى أربع فئات: أصوليين وتقليديين وحداثيين وعلمانيين. وتقترح ضرب كل فئة بالتي تليها، أي الجهاديين والسلفيين بالإخوان والصوفيين، ثم الإخوان والصوفيين ضربهم بالعلمانيين والليبراليين.
فأعداء الإسلام هم المستفيد مما يحدث الآن في مصر، فإياك والظلم يا أخي. عشر آيات قال الله تعالى فيها: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} أو {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. معصية الله تحرمك من الفرقان، فتبالغ في ظلم المسلمين، والظلم بدوره يحرمك من الهداية، كرة ثلج تنمو حتى توصلك إلى الهاوية.
الخلاصة والدعاء
في الخلاصة، كل ما أدعوك إليه في هذه الكلمة هو أن تتقي الله في طريقة تلقي الأخبار، أن تصون سمعك وبصرك عن الشهوات لأنك في حاجة ماسة إلى الفرقان من الله لألا تتورط في الظلم، ثم أن تتبين من الأخبار ولا تسمع من طرف واحد، وأن تكثر من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، حبيبي وحبيبك رسول الله محمد، الذي كان يدعو الله ربه عز وجل فيقول: "اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
والسلام عليكم ورحمة الله.