→ عودة إلى مرئيات

فرصتنا في هذه الأيام العشرة من ذي الحجة

٤ يوليو ٢٠٢٢
النص الكامل للمقطع

فرصتنا في هذه الأيام العشرة من ذي الحجة

السلام عليكم ورحمة الله، أيها الكرام. هذا اليوم هو الثالث من عشر ذي الحجة، فأود أن أذكر نفسي وإياكم بمعنى مهم: تعظيم هذه الأيام هو علامة صدق الإيمان وعلامة تعظيم لله تعالى الذي عظمها.

العبادات بين النفع الدنيوي وطلب الآخرة

كثير من المسلمين يهتمون بالعبادات التي لها أثر دنيوي مباشر، يعني انعكاس واضح على الواقع. بحيث إذا أردت أن تقنعه بالاهتمام بعبادة أو شعيرة من شعائر الإسلام، فعليك أن تسرد له الفوائد التي تعود بها هذه العبادة عليه أو على المجتمع دنيوياً.

العبادات ذات الأثر الدنيوي المباشر

الصيام فيه فوائد صحية وتعويد على الصبر. الزكاة فيها بركة لمالك ومعونة للفقراء وحماية للمجتمع من الجريمة الناتجة عن الفقر. ترك الفواحش والمسكرات والمخدرات فيه صيانة لصحتك وعقلك. بر الوالدين، إتقان العمل، البحث والاستكشاف العلمي ساعياً لرفعة الأمة الإسلامية، هذه كلها أعمال يكثر الحديث عن آثارها الدنيوية.

نعم، العبادات لها آثار دنيوية، لكن لا نريد أن تتأثر عباداتنا بمفهوم مركزية الإنسان. هذا المفهوم الطاغي على الحياة البشرية في هذا الزمان، بحيث أن الإنسان هو المركز في كل شيء، فحتى عباداته يجب أن تكون خادمةً له بوجهٍ من الوجوه.

مفهوم مركزية الإنسان وتأثيره على العبادات

رضا الله عنا، محبة الله لنا، محبة الله لأعمالنا، الفوز بالجنة، النجاة من النار. الآن من تمام حكمة الله ورحمته أن الأعمال التي يحبها الله لها أثر صالح في حياتنا الدنيا أفراداً ومجتمعات. حتى التسبيح والتحميد وقراءة القرآن وقيام الليل إذا صدرت عن تفكر واستحضار ذهن وعزم على الامتثال، فإنها تنفعنا حتى في دنيانا.

الفرق بين النيات في العبادة

لكن فرق بين أن تجعل رضا الله والفوز بالجنة والنجاة من النار هو مقصودك الأعظم، فتأتي هذه الثمار الدنيوية تبعاً وعاجل بشر المؤمن. وفي المقابل أن تكون هذه المعاني العظيمة ضامرة في حسك لا تكفي لتحثك على الأعمال الصالحة، فلا تنهض همتك إلا إذا ذكرت بالفوائد الدنيوية للأعمال الصالحة.

وهذا الفرق في النيات يؤدي إلى فرق هائل في قبول الله لأعمالنا ورضاه عنا بها، وفرق في الحسنات، وفرق في ديمومة الأعمال، وفرق في بركتها في الدنيا والآخرة. لكن ينبغي ألا يكون الأصل في أعمالنا الصالحة تطلب النفع الدنيوي مع نسيان المعاني العظمى التي ذكرناها من رضا الله وطلب الآخرة.

المنفعة الدينية في الدنيا

وهناك بعد آخر يا كرام، أنت قد تعمل طاعة تتصدق، تصلي، تقوم الليل، راجياً من الله بها منفعة دينية في الدنيا. منفعة دينية في الدنيا مثل أن يزيدك الله حباً له، أن يخلصك من أمراض قلبك، أن يخلصك من قسوة قلبك، أن يثبتك على الإيمان. وهذا أيضاً من المعاني العظيمة التي ينبغي إحياؤها في نفوسنا، والتي تضيع في زحمة الحياة المادية التي غلبت على كثير من المسلمين.

قال الله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُ مُبْتَغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. مما ذكر في معانيها: "وتثبيتاً من أنفسهم" لأنفسهم، يعني ينفقون النفقة راجين بها الثبات على الإيمان.

تعظيم أيام ذي الحجة

على ضوء هذه المقدمة، نقول بالنسبة لاستغلال هذه الأيام العشر من ذي الحجة:

فضل الأيام العشرة

صح عن الحبيب المصطفى نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: "ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر". فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ هذا جزءٌ من عبوديتنا لله وكمال تألهنا وخضوعنا له سبحانه.

تعظيم شعائر الله

ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب. أقسم رب العزة بهذه الأيام تعظيماً لها: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وهي ليالي العشر من ذي الحجة. إذن أقسم بليالي هذه الأيام، فنحن نعظمها لتعظيم الله لها، فلا ينبغي أبداً أن تمر مثل أي أيام أخرى.

القسم الإلهي بالليالي العشر

تصوروا لو أن تاجراً تراكمت عليه الديون، جاءه موسم تجارته فنام فيه، هل يكون عاقلاً؟ هذا موسمنا لنربح فيه ونكسب القربة عند رب العزة الرحيم ولنسدد ديون السيئات.

اغتنام الأيام العشرة

موسم التجارة مع الله

فالهمة الهمة يا محبي الله ورسوله، أكثروا من القربات. وكل منا قد ينشط في قربات أكثر من غيرها.

أمثلة على القربات

ومن وجوه القربات: الصلوات في المساجد والنافلة، وقراءة القرآن، والصيام، والتفنن في بر الوالدين كالهدايا والعطايا للأمهات، وصلة الأرحام ولو بمكالمات هاتفية أو حتى رسائل، وتفقد المساكين، ودعوة الغافلين، ونصرة الدين، وإصلاح ذات البين.

التكبير والتهليل والتحميد

أكثروا من التكبير والتهليل والتحميد في بيوتكم والطرقات وذهابكم وإيابكم.

بارك الله لنا ولكم في هذه الأيام وجمعنا بكم في جنات النعيم. والسلام عليكم ورحمة الله.