مقدمة: حسن الظن بالله والصبر
وهو يحسن الظن بربه عز وجل. "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه عز وجل". الإنسان يكون مستحضراً حالة إحسان الظن بالله على مدار الساعة، ما يسمح للشك في رحمة الله تتسرب إلى قلبه، بحيث أنه إذا أتته الوفاة في أي لحظة يكون مستعداً.
أنا أقول مثل ما قلت: ابنتي رحمة الله عليها وقبرها هنا، فبعد سنوات الله عز وجل أكرم ابنتي ثم أكرم والدتي وأكرمنا، لأنهم بفضل الله تعالى كانت صابرتين.
وصايا وتوجيهات
أولاً: حسن الظن بالله
الوالدة أشهد لها بشيء، الوالدة بفضل الله تعالى لازمناها في آخر فترة، لأنه أصابها السرطان من شهور، وكان الوضع يتدهور بسرعة. فأشهد لها أنها لم تتسخط بكلمة بفضل الله تعالى، حتى لم يشتد عليها الألم. أول مرة أشوف والدتي تبكي من الألم في العيد. حتى لم يشتد عليها الألم تحكي: "لا حول ولا قوة إلا بالله والحمد لله".
يا إخواننا نستحضر دائماً حسن الظن بالله سبحانه وتعالى. أنا عن نفسي ما كنت أتصور، يعني كنت أقول: سيصيبني شيء، بس ما يصير حاجة لابنتي. صار رحمة الله عليها، وربنا أخذها وصبرها، وصبرنا. ليش؟ لأنه احنا خلاص وطّنا أنفسنا على أننا سنحسن الظن بالله ونصبر على كل حال.
كنت لما أمر من أمام بيت الوالدة، احنا بنفس العمارة، أقول: يا ترى كيف يكون شعوري في ذلك اليوم الذي أمر وأنتِ مش موجودة؟ أتصور لسوف أتحطم. لكن مع ذلك الله عز وجل يصبر، ومن يتصبر يصبره الله. فأول حاجة يا إخواننا نستحضر حسن الظن بالله، وأنه مهما حصل معنا ما راح ينبع الصبر من حنايانا، ولكن إذا تعلقنا بالله عز وجل ينزل علينا السكينة.
ثانياً: ستر الوالدين
ثانياً أنا بصراحة خائف من وفاة الوالدة بعد الوالد، لأن الواحد يحس أنه انكشف. وجود الوالدين ستر وحفظ وحماية، وأنا متيقن أن والدي رحمة الله عليه ووالدتي ببرهما ودعائهما لي، أنه هذا كان يدفع عنا شرور، فيكون هذا من برها بعد وفاتها اللي إن شاء الله يديم علينا الستر.
ثالثاً: تعظيم الله وزرعه في الأبناء
والدتي رحمة الله عليها أولاً أذكر لها أنها كانت معظمة لله عز وجل، وزرعت في قلبي تعظيم الله. وأذكر وأنا صغير صرختها لحد الآن، مرة كنت صغير طفل صغير غير مكلف، بدأت أضحك ومن حولي فبعمل حركات وأنا أصلي أمام التلفزيون، فصاحت فيّ صيحة، حكت لي: "يا إياد!" إلى الآن الصيحة تجلجل في أعماقي. فهمتني أنه هذه الصلاة مقام أمام رب العالمين، وبالتالي غرست في قلوبنا تعظيم الله سبحانه وتعالى.
رابعاً: صفات الوالدة رحمها الله
الصبر والوفاء
الوالدة كانت صابرة وفية لزوجها أبي رحمة الله عليه، 19 سنة مرض وصبرت معه وتألمت لوفاته وتحملت معه كل الآلام.
الكرم والرحمة
الوالدة رحمة الله عليها كانت رحيمة كريمة. قبل وفاتها هي من سنتين وصف تغيرت أحوالها الصحية شيئاً فشيئاً، قبل هي كانت تمشي مسافة وتحمل معك، كل عامل نظافة دينارين، بائع متجول دينارين، واحد انبسط بنعناع دينار دينارين، كريمة رحيمة رحمة الله تعالى عليها وأحسن الله إليها.
الاهتمام بأمور المسلمين والجرأة في الحق
الوالدة كانت تهتم بأمور المسلمين وتعلمنا الجرأة في قول الحق، ما كانت تخاف، ما تغرس فينا الجبن بل الشجاعة، وهيها ماتت رحمة الله عليها غير ناقصة عمر بميتة عادية بفضل الله تعالى، وميتة هادئة هانئة بفضل الله تعالى. فكانت تعلمنا الجرأة في قول الحق، وبالتالي أنا أقول أي واحد يسمع هذا الكلام وانتفع بكلام العبد الفقير يدعو للوالدة، لأنه والله لها فضل في ذلك كبير من العظيم. غرست فينا الشجاعة، غرست فينا تعظيم الله سبحانه وتعالى، غرست فينا اهتمام بأمور المسلمين. وحتى في أواخر أيامها كانت حريصة أنها تدعم إخواننا في غزة ما تستطيع رحمة الله تعالى عليها وأحسن الله إليها.
خامساً: الدعاء للوالدة
موتاهم. ولا قادرين حتى يسحبوهم من الشارع. ولا قادرين يغسلوهم ولا يصلوا عليهم. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعظم أجرهم، وأن يجبر مصابهم وكسرهم، وأن ينصر من نصرهم ويذل من خانهم وتآمر عليهم. ونسأل الله أن يعيننا على نصرته، نصرة يرضى بها الله عنا، ويرفع عنا بها إثم الخذلان.
شكر وتقدير
نقطة أخرى يا إخواني، يعني سبحان الله، يعني لا بد من أن يشكر من له فضل. الإسلام لما يكون في مثل هذه الفاقة والوالدة تتألم وتتوجع وسرطان مستفحل وما إلى ذلك، جداً يحترم ويكبر إخوانه الذين وقفوا معه. ما حد قصر الحمد لله رب العالمين. الأهل، الأحباب، الأقارب، وعلى رأسهم أيضاً مستشفى الحسين للسرطان. أسأل الله أن يجزي الدكاترة اللي فيه والممرضين والممرضات اللي فيه واحداً واحداً عنا خيراً. الله يجزيهم الخير. ونسمع منهم دائماً الكلمة: "يا والدتي، يا أمي، يا والدتي، يا أمي". الله يجزيهم الخير. ووجه لهم الخير حيث ما كانوا. الله يوجه لك الخير يا دكتور. سبحان الله في هذا المقام ننسى الأسماء. عليه الصلاة والسلام. نسيت أسماءهم، الله عز وجل تذكر أسماءهم، الله يجزيهم عنا خير الجزاء. يكفي أن الله عز وجل يعلمهم ولا ينساهم سبحانه وتعالى.
بر الوالدين قبل الندم
ونقطة خامسة وأخيرة يا إخواني: بروهما قبل أن تندموا، بروهما قبل أن تندموا. نحن كنا مقصرين مع آبائنا ومع أمهاتنا، والله كنا مقصرين، شو ما عملنا ما بنوفي فيهم حقهم. لكن كان من إكرام الله لنا أنا وإخواني ومن إنعام الله علينا أنه بفضل الله تعالى، بفضل الله تعالى رافقناها، ساعدناها، سمعنا منها كلمات الرضا. هذا الكلام ما تندم عليه. لكن كنت صاحب قلب حي وقصرت مع والديك في أحلك الأوقات، في قبل وفاتهما، راح تندم والله. احنا طبعاً كنا مش متوقعين الوفاة السريعة هذه. فبروهما قبل أن تندموا.
الوالد أوسط أبواب الجنة كما قال عليه السلام. الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فحافظ وإن شئت فضيع. الموضوع وأذكركم مرة أخرى الذي توفي والده أو والدته يبقى بإمكانه أن يبرهما بعد وفاتهما بالإحسان إلى أقربائهما، بالصدقة عنهما، بالدعاء لهما. فلا تنسوا الدعاء لها بارك الله فيكم ولجميع أموات المسلمين.
الدعاء للمتوفاة وللمسلمين
اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعف عنها، وأكرم نزلها ووسع مدخلها، واغسلها بالثلج والماء والبرد. اللهم أبدلها داراً خيراً من دارها، وأهلاً خيراً من أهلها. اللهم وسع لها في قبرها ونور لها فيه. اللهم إن كانت محسنة فزد في حسناتها، وإن كانت مسيئة فتجاوز عن سيئاتها. اللهم عاملها بلطفك ورأفتك ورحمتك وكرمك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين. اللهم ألحقنا بها في جنات عدن. اللهم ألحقنا جميعاً بآبائنا وأمهاتنا وأحبابنا في جنات عدن، ولا تقبضنا إلا وأنت راضٍ عنا محسنين الظن بك يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.
اللهم فرج كرب إخواننا في غزة وفي فلسطين. اللهم ارحم ضعفهم واجبر كسرهم وتولى أمرهم وأحسن خلاصهم وفك أسرهم. اللهم اجعل لهم من لدنك ولياً واجعل لهم من لدنك نصيراً. اللهم أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. اللهم استر عوراتهم وآمن روعاتهم واحفظ أعراضهم يا أرحم الراحمين يا رب العالمين. وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وجزاكم الله عنا خيراً. الله يجزيك الخير. اشتركوا في القناة.