لمن يقول يجب حل المشاكل قبل تطبيق الشريعة
اشتركوا في القناة. صوت أن أيتها الشعوب الإسلامية، الإسلام لم يدخل المعركة بعد في كثير من الساحات التي ينادى فيها بطروحات يقال أنها إسلامية. فإذا ما أخفق الإسلاميون في محاولاتهم لإنقاذكم، فلا تقولوا جربنا الإسلام فيما جربنا ولم ينفعنا. فكثير من هذا الذي ترون ليس تمثيلاً صحيحاً للإسلام، وإخفاقه ليس إخفاقاً للإسلام.
دوافع هذه السلسلة
دفعني إلى البدء في هذه السلسلة ما نسمعه من بعض العاملين للإسلام هدانا الله وإياهم، من أنهم إن وصلوا إلى الحكم فلن يفرضوا أحكام الشريعة دفعة واحدة، بل سيتدرجون في تطبيقها. وهذا الظن أن لإنسان أن يتدرج في تطبيق الشريعة مما لا نرتضيه لمسلم أن يعتقده، فضلاً عن أن يقول به العاملون للإسلام. لذا فهذه مناصحة لإخواني، أسأل الله تعالى أن يهدينا فيها إلى الصواب وأن يأخذ بنا وبناصينا إلى الحق.
أخال رفيقاً ولابد أن تثار لديه أسئلة كثيرة، لكن كل ما يثار عادة سيتم الإجابة عنه في حلقات أخرى بإذن الله.
التدرج في تطبيق الشريعة: حجة مرفوضة
أبدأ بالنقطة الأولى: الذين يقولون بالتدرج في تطبيق الشريعة من حججهم أنه لا بد بداية من القضاء على الفقر والبطالة والفساد وانعدام الأمن. يقولون: أطعم الناس ووفر لهم الأمن ثم طبق الشريعة. هذا الطرح مثقل بالجراح والتناقضات.
الشريعة هي الحل لمشاكل المجتمع
فأولاً، نحن كمسلمين نؤمن بأن الفقر والبطالة والفساد هذه كلها من نتائج تغييب الشريعة. قال تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}.
من معاني الفساد كما ذكر المفسرون: قلة البركة، وضيق العيش، وكساد السلع، وغلاء الأسعار. ما المطلوب إذن حتى يرفع هذا الفساد؟ {لعلهم يرجعون} أي إلى شريعة الله تعالى كاملة عقيدة وتطبيقاً ومنهجاً.
وقال تعالى: {وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون}. وتغييب شريعة الله تعالى من الكفر بأنعمه.
نتائج تعطيل الشريعة
"لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا. ولم ينقص المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم وغيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم".
انظر إلى الحال الموصوفة في هذا الحديث، كلها أشكال من تعطيل الشريعة:
- ظهور الفاحشة من نتائج تعطيل حد الزنا والسماح بما يسمى بالحريات الشخصية.
- منع الزكاة لأن الدولة ليست إسلامية تفرض الزكاة على من تجب عليه.
- نقض عهد الله وعهد رسوله أوضح أشكاله ترك تطبيق الشريعة بشموليتها.
- ثم نص النبي صلى الله عليه وسلم على الحكم نصاً فقال: "وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله".
هذه المقدمات كلها هي من أشكال تعطيل الشريعة. ما نتائجها؟ الأمراض، جور السلطان يعني الدكتاتورية، منع المطر، احتلال البلاد وضياع الثروات، أن يكون بأس المسلمين بينهم.
أبقي الشريعة معطلة إلى أن نتخلص من الفقر والفساد وانعدام الأمن؟ يريدون مداواة المرض بسببه!
في حديث "إذا تبايعتم بالعينة" الذي نعرفه كلنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخره: "سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم". هذا هو الحل، أن نرجع إلى ديننا، أن نرجع إلى شريعتنا. وإلا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، نريد علاج مشاكلنا بما يزيد هذه المشاكل، كالمستجير من الرمضاء بالنار.
الحل في إقامة شريعة الله
ما الحل؟ الحل في إقامة شريعة الله. قال الله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون}.
وقال تعالى: {ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم * ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون}.
فإذا كنا نريد القضاء على الفقر والبطالة والفساد والخوف والفوضى، فليس لنا إلا شريعة الله تعالى. وإلا فالسراب والركض وراء الجزرة المربوطة بالعصا.
الخلاصة
لن تحل مشاكل المجتمع قبل تطبيق الشريعة. وإلى لفتة أخرى في الحلقة القادمة بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.