→ عودة إلى مرئيات

هدوء النقاش لا يعني أن المسألة خلافية

١ مايو ٢٠٢١
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله

خطر تحويل القطعيات إلى خلافات

إخواني الكرام، من الخطر أن تتحول قطعيات الإسلام إلى أمور خلافية في أذهان الناس، ففي هذا ضياع للدين. أقول ذلك بمناسبة النقاش الذي جرى الأسبوع الماضي مع أحد الدكاترة، وأنا لا أذكر اسمه لتجنب شخصنة الموضوع وللتركيز على الفائدة فقط.

تفاصيل النقاش السابق

الدكتور قال كلاماً أتفق مع بدايته، لكنه ختم بما محصله أن المشركين الذين بلغتهم دعوة الإسلام واضحة بينة، ومع ذلك رفضوها ولم يسلموا، يستحقون النار، لكن هذا لا يعني أنهم سيدخلونها بالضرورة. رددت على الدكتور مبيناً أن كلامه يناقض الآيات المحكمة والأحاديث الصحيحة والإجماع.

وكنت أنتظر أن يرد الدكتور على الأدلة بأدلة ويتراجع عن قوله، ولم يحصل ذلك. وأوصل من خلال أحد الإخوة أنه قرر إيقاف النقاش من طرفه حتى لا يتحول إلى جدل.

أهمية بيان الحق

فأرى من باب إحقاق الحق وأداء الأمانة أن أبين قبل إغلاق ملف الموضوع، خاصة هنا أؤكد، خاصة وأن كثيراً من التعليقات على المناقشة الدائرة كانت بمعنى: "ما شاء الله على أدب الخلاف"، وكثير منها ترك صلب الموضوع. فالرسالة التي وصلت للبعض أن هذه المسألة خلافية، مما لم يكن علماء الإسلام قد اتفقوا عليها، بدليل الهدوء الحاصل في نقاشها كما يسميها بعض المتذمرين.

بل أحاول أن أساهم في صيانة العقيدة عما يؤذي المحرك الأكبر في حياة المسلم، ألا وهو الفرق ما بين الإيمان والكفر حالاً ومآلاً وجزاءً ومصيراً. وللعلم، فهذا أول منشور منذ دخلت عالم منصات التواصل أوقف عليه خاصية التعليقات، منعاً لاحتدام نقاش غير ودي بين المعلقين، إذ المهم أن تصل الفائدة، خاصة وأننا على أعتاب العشر الأواخر، وفقنا الله فيها وإياكم لعمل صالح متقبل.

بما أن الحوار لم يتم حتى النهاية يا كرام، فمن واجبي أن أعيد التأكيد على أن هذه المسألة لا خلاف فيها، وأن القول بإمكان أن ينجو المشرك الرافض للإسلام مع قيام الحجة الرسالية عليه هو قول باطل غير معتبر.

الهدوء في النقاش لا يعني الخلاف

والهدوء الذي التزمته في إنكار قول الدكتور إنما كان لإشاعة أجواء التفكير الهادئ بعيداً عن أي انفعال أو انتصار لأشخاص. لكن من الضروري أن يفهم أن الهدوء في النقاش لا يتعارض مع كون القول الذي يرد عليه منكراً مخالفاً لقطعيات الإسلام.

هل التباعد في الصلاة بدعوى الوقاية من الكورونا جائز؟ أو مسألة اختلف فيها العلماء قديماً مثل: هل يجوز إخراج زكاة الفطر مالاً بدل الطعام؟ المسألة التي ناقشناها فيها حق وباطل، حق دلت عليه الآيات المحكمة والأحاديث الصحيحة والإجماع، وباطل يعارض هذا كله ولا يقدم القائل به أدلته للناس.

الأدلة الشرعية على مصير المشرك

وقد بينت في الكلمة السابقة أن من رفض دعوة الإسلام بعد وصولها له بطريقة مبينة واضحة، فقد دلت الأدلة على دخولهم النار، وبآيات محكمة قاطعة لا تقبل التأول:

  • ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾
  • ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ﴾
  • ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَٰئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾

فليس هناك أمل في أن يرحمهم الله بصرفهم عن النار، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جداً.

أهمية التسليم للنصوص القطعية

بالدليل، أمر خطير، وانصياعنا يا كرام وتسليمنا للنصوص القطعية في هذا الأمر ليس عن نقص رحمة ولا حرصاً على أن يدخل الناس النار، لكنه حكم الله الرحيم الرؤوف عالم الغيب، والذي أمرنا سبحانه أن نؤمن بهذا الحكم ونعلمه، ولسنا أرحم منه سبحانه.

بل وضوح هذا المعتقد ضروري حتى لا نغش الكافرين، لأننا إذا قلنا لهم أنهم قد ينجون من عذاب النار إذا بقوا على كفرهم، نكون قد غششناهم وتركناهم للهلاك. فهذا الوضوح هو موقف رحمة.

جعل القطعيات من الخلافيات آفة خطيرة، فلا تطأطئ رأسك لها رغبة في أن تنسب إلى الانفتاح وسعة الأفق، وخوفاً من الوصم بالتشدد واحتكار الحقيقة.

خاتمة وتذكير

هذا كله إخواني مع التأكيد على أننا لم نضمن الجنة لأنفسنا. نعم، دلت الأدلة أيضاً على أن المسلم الذي لا يشرك بالله شيئاً مصيره إلى الجنة، حتى وإن أصابه قبل ذلك تطهير. لكننا لا نجزم بالجنة لآحادنا، ولا نعلم بماذا يختم لنا. ونعلم أن المسلم عليه أن يضم إلى صلاح المعتقد حسن الخلق والإخلاص وغيرها. ونتقرب إلى الله ببيان هذه المفاهيم ودعوة الآخرين إلى الإسلام رجاء أن يدخلنا الجنة.

أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى.

والسلام عليكم ورحمة الله.