→ عودة إلى مرئيات

هل قضية فلسطين إسلامية أم إنسانية؟

٢٥ أبريل ٢٠٢٤
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم.

هناك أناس من غير المسلمين مؤيدون للفلسطينيين، زائد هناك يهود في أمريكا يخرجون في احتجاجات مطالبين بوقف العدوان على غزة، زائد هناك في المقابل مسلمون خائنون متواطئون مع الكيان المجرم. هذا كله يساوي أن قضية فلسطين قضية أرض، قضية إنسانية، ليست قضية إسلامية. أسلمتها تساوي إقصاء لغير المسلمين المؤيدين للفلسطينيين الذين هم أقرب إلينا من بعض المسلمين الخونة، زائد من كان معنا في قضية فلسطين أحببناه وواليناه ورجونا له الجنة حتى وإن كان مشركًا أو ملحدًا أو محرفًا للعقيدة أو مقاتلًا للمسلمين في بلد آخر غير فلسطين.

هذا المنطق المذكور منطق أعوج في بعض مقدماته وفي كل نتائجه.

الرد على حجة "إنسانية القضية"

مغالطة المقارنة بين المسلم الخائن وغير المسلم المؤيد

أولًا: صحيح أن هناك أناسًا مشركين يدعمون أهلنا في فلسطين باحتجاجات، وهذا يُشكر لهم. في المقابل، لا يصح وصف من يوالي الكفرة المحاربين ضد المسلمين بالمسلم بناءً على انتسابه الأجوف، ومن ثم اعتبار وصف الإسلام غير مهم لأجل ذلك. "ومن يتولهم منكم فإنه منهم"، فهذا لا يُحسب علينا ولا يوضع في صفنا عند المقارنة.

الدافع الإسلامي هو الأساس

ثانيًا: قضية فلسطين قضية إسلامية بمعنى أن ما يحركنا فيها كمسلمين هو إسلامنا، إسلامنا المهيمن على كل مفاصل حياتنا، فهو المحرك الأساس والباعث الأول لكل أعمالنا. فإسلامنا هو الذي ربانا على أنه "إنما المؤمنون إخوة" وعلى أن "هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون". وبالتالي فأخي وراء الحواجز والأسلاك الشائكة هو كأخي الذي قبل الحواجز تمامًا تمامًا بلا تفريق، والحدود تراب ولا قيمة لها أبدًا في كياننا.

وحتى الدوافع الموصوفة بالإنسانية كالرحمة بإخواننا والسعي للكرامة، فهذه كلها يربيها ويغذيها ويصونها من الضياع إسلامنا الذي يهيمن على مشاعرنا، حتى وإن كان منا عصاة ومقصرون، ما دمنا نؤمن بمرجع الإسلام وأنه حق مطلق وما عداه باطل.

وليس مطلوبًا مني كمسلم أن أنوي بمناصرتي لإخواني نية بصياغة محددة: "إني أفعل ذلك بدافع إسلامي لا بدافع الرحمة الإنسانية". فالمسلم مأجور على تصرفاته العفوية والتلقائية ما دام يؤمن بمرجع الإسلام في كل شيء، وليس مصابًا بلوثة "الإنسانوية" التي تجعله يرى الإسلام والإنسانية نقيضين، وهذا انفصام في الشخصية والتفكير.

نصرة المظلوم في الإسلام

طيب، لو كان الذي يتعرض للظلم إنسانًا غير مسلم، هل لن نتحرك في هذه الحالة ولن نساعده لأن دوافعنا إسلامية؟ لا طبعًا، بل الإسلام هو ذاته الذي أمرنا بنصرة المظلوم مسلمًا كان أو غير مسلم، لكن المسلم حقه أوجب.

لأجل هذا كله يا كرام، فقضية فلسطين كجزء لا يتجزأ من أرض المسلمين وأهلها من أمة الإسلام هي قضية إسلامية، مش محتاج أشغل فيها مود آخر في تفكيري، ولا أني أجعلها معيارًا للولاء والبراء ينافس معايير ديني.

التعامل مع غير المسلمين المناصرين للقضية

ثالثًا: الوعي بإسلامية القضية لا يعني إقصاء المناصرين لها من غير المسلمين، بل يُشكر لهم وقوفهم معنا في نصرتها، ويجعلنا نفرق بينهم وبين المحاربين لنا في ديننا كما أمرنا ربنا. قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون".

رابعًا: بناءً على ما تقدم، فليست مسطرتي في تقييم الناس هي مواقفهم من قضية فلسطين وحدها، بل مسطرتي هي مسطرة إسلامية بحتة. فمن سعى في رفع الظلم عن أهلنا في فلسطين أو غيرها وهو ليس مسلمًا، تعاملنا معه بالبر والعدل كما أمرنا ربنا. وأبر البر أن ندعوه إلى الإسلام لينجو من النار.

أناس من غير المسلمين، كفار مشركون، قدموا تضحيات كبيرة هذه الأيام، منهم من ضُرب وهو يقف في وجه الظلم، منهم من حُبس، منهم من فقد عمله. هؤلاء من أولى الناس أني أحرص على أن لا يكون معي في قضية جزئية فحسب، وأن أستفيد منهم لقضيتي فحسب، بل أن يكون أخي في الإسلام، وأن يكون معي في جنة الرحمن. هؤلاء المتعاطفون من غير المسلمين مش محتاج أتعامل معهم بمسطرة أخرى غير الإسلام. فمن الذي أودع في قلوبهم فطرة ترفض الظلم وترحم المظلومين؟ إنه الله سبحانه الذي أنزل شريعة كاملة تأمرني أن أعامل كل الأصناف من الناس بالحق والعدل.

كشف المتلونين والمنافقين

في المقابل، ترى قنوات ويوتيوبر وشخصيات يطعنون في أحكام شرعية أو ينشرون الإلحاد بين أبناء المسلمين، وينشرون النسوية والجندر وزبالة الأمم المتحدة، ثم يحاولون تجميل صورتهم القبيحة بمناصرة فلسطين. هذا علمنا أنه خبيث يريد أن يتخذ فلسطين ممسحة لوسخه، فهو بتدمير عقائد المسلمين يمكن أعدائنا من رقابنا في فلسطين وغيرها، ثم يتباكى على فلسطين.

ومن حارب المسلمين في سوريا والعراق واليمن ورمل نساءهم ويتم أطفالهم وانتهك أعراضهم، ثم جاء يمسح بفلسطين، قلنا له: المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، فلا جزاك الله خيرًا ولا بارك فيك.

الخلاصة

في الخلاصة يا كرام، إذا أردنا عز الدنيا ونجاة الآخرة، فمنطقنا ومواقفنا ومعاييرنا وأحكامنا لا بد أن تنبع كلها من وحي الله تعالى، ولسنا بحاجة أبدًا إلى ولاءات ومعايير من خارج ديننا تجعلنا نجري وراء سراب في الدنيا ثم نحرم أجر أعمالنا في الآخرة.

والسلام عليكم ورحمة الله.