→ عودة إلى مرئيات

ابني الضال مشروع حياتي

١٢ فبراير ٢٠٢٠
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله

مقدمة: أنواع الآباء

يُهمِل أهل بيته، وأهم شيء عنده ألا يكتشف الناس انحراف أو كفر ابنه حتى لا تتأثر سمعته. لا، ليس هؤلاء هم موضوعنا، وإنما موضوعنا الآباء المؤثرون، الصادقون، الحريصون على أبنائهم.

الآباء المؤثرون ومحاسبة النفس

هؤلاء إذا انحرف أو كفر ابن الواحد فيهم، فإنه يبدأ يقول لنفسه: لا شك أني قصرت في تربية ابني، يعني يحاسب نفسه. يقول لنفسه: كيف أدعو الناس وابني ترك الإسلام وكفر؟ هو لا يريد أن يكون متناقضاً.

يقول: "مشروع حياتي أن يعود ابني للإسلام". هذا الأب أو الأم لما يأتي يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر سيحس بالنفاق، يحس بأنه مزيف. يحاول إصلاح ابنه وفي كثير من الأحوال لا ينجح، فيحس بالفشل. ومع مرور الوقت يزداد الشعور بالزيف والفشل والإحباط.

مداخل الشيطان

لكن خدوا بالكم يا جماعة، الشيطان دخل إليكم من مدخل الصدق ومحاسبة النفس. وخدوا بالكم، الواحد فيكم يؤمن بقول الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}. مقتنعين بهذه الآية قناعة عقلية، لكن مش متصور الواحد فيهم ومش متقبل ورافض تماماً لفكرة أن ابنك هذا قد يكون من الذين لم يشأ الله أن يهديهم.

لما ابنك ينحرف أو يكفر، فنعم صحيح بلا شك عليك أن تراجع نفسك وتفكر: ما الذي جعله ينحرف أو يرتد؟ ما الأسباب يا ترى؟ وتسعى إلى إصلاح أوضاعك وتدارك ما فات قدر الإمكان، خاصة في بقية أولادك.

أسباب انحراف الأبناء

أسباب انحراف وكفر أبناء الدعاة والمؤثرين كثيرة، منها:

  • أن الأب قد يكون يربي أبناءه على العقيدة وحفظ القرآن، لكن قليل التواصل معهم والاهتمام بهمومهم، أو عنيف وشديد.
  • وقد يكون هناك مشاكل أسرية.
  • قد يكون هذا الأب تعرض في سبيل الله لمضايقات وحرمان من بعض النعيم الدنيوي، والحرمان من بعض الفرص، وأبناؤه تأثروا معه بذلك ولم يربوا على الصبر، أو حاول أن يربيهم لكن غلبهم الشيطان والنفس الأمارة بالسوء.

الأسباب كثيرة.

خطورة التوقف عن الدعوة

المهم أنه نعم لا يصحُّ أن تشعرَ بالزيف والنفاق وتتوقَّفَ عن دعوتِكَ وأمرِكَ الناسَ بالمعروف ونهيِكَ إياهُم عن المنكر. تصوُّرَ لما واحد مؤثر يهتدِي الناسُ على يديه فيُغويَ الشيطانُ ابنهُ فيتركُ دعوةَ الناس، يا فرحة الشيطان بنجاح الخطة! طريقة رائعة للشيطان ليدمر دعوة المؤثرين.

بل وهذا الإحساس بالفشل والاكتئاب يضعف قدرتك كأب على التعامل مع هذا الابن الضال، ولا تعود قادراً على محاورته والتأثير عليه واحتوائه بالشكل المناسب.

كمان مرة يا جماعة، المشكلة مش بس أنه هذا الأب الذي كان مؤثراً وداعياً مصلحاً في بيئته، في مجتمعه، في محيطه، مش بس أنه سيترك دعوته ويقعد يعكف على نفسه ومحاولة إصلاح ابنه، بل إنه إذا شعر بالفشل والاكتئاب والتوتر والإحباط، هذا كله سيضعف قدرته على التعامل مع هذا الابن الضال والتأثير عليه.

خدوا بالكم أن أقول هذا الكلام براحة والحمد لله وبثقة لأن هذا لم يحصل مع أبنائي والحمد لله محدش فيهم ضل ولا ارتد وكلهم أطفال وابنتي رحمة الله عليها ماتت على الإيمان فيما نحسبه. لكن أقول هذا الكلام لأني أتألم لواقع بعض الآباء الذين أحسبهم من الصادقين، أعرف بعض الحالات وسمعت عن بعض الحالات.

نصيحة للآباء

نعم، لا تقف وضع اللوم على نفسك ولا تقف معلقا عند التحسر على الماضي، بل تقرب إلى الله بدعوتك الناس طالباً منه سبحانه أن يهدي ابنك، خاضعاً بعد ذلك لحقيقة أنك لا تهدي من أحببت.

"عودة ابني للإسلام مشروع حياتي" هذه لا أراها عبارة صحيحة، لأنك ترهن نجاحك بهدف ليس في يدك وقد يكون خلاف ما قدره الله قبل خلق الخلائق. وإنما اجعل دعوة ابنك من أهم مشاريع حياتك، ودعوته هذه ستستخرج أفضل ما لديك لأن لديك حرقة وألماً وحرصاً عليه، وهذا ينفعك في دينك وفي دعوتك للآخرين بإذن الله.

لكن إذا لم يستجب ابنك فلا تحس بالفشل والإحباط ولا تقعد عن دعوة الناس والإصلاح في مجتمعك ونصرة دينك. وتذكر أن نوحاً عليه الصلاة والسلام وهو من أولي العزم من الرسل شاء الله ألا يهتدي ابنه.

خاتمة ودعاء

أسأل الله العظيم أن يهدي الضالين من أبناء المسلمين ويردهم إلى دينه رداً جميلاً، وأن يسد منافذ الشيطان إلى قلوبنا. والسلام عليكم ورحمة الله.