→ عودة إلى مرئيات

اعتذار بخصوص الكاتبة نوال السعداوي

٢٣ مارس ٢٠٢١
النص الكامل للمقطع

اعتذار بخصوص الكاتبة نوال السعداوي

السلام عليكم. نشرت كلاماً فهم البعض منه أني أكفر الدكتورة نوال السعداوي، ويمكن بعض المتابعين يغضب ويترك المتابعة. فأود أن أقول: أنا أعتذر.

الاعتذار وبيان السبب

أعتذر لله ثم لرسوله أن هناك في من ينتسب إلى المسلمين من يدافع عن هذه الهالكة المذكورة. أعتذر لأنه واضح أني وإخواني العاملين على توعية الناس لم نبذل جهداً كافياً بعد، فلا زال في من ينتسب إلى الإسلام من لا يرجو لله وقاراً. لكن لعل عزائي: "إنك لا تهدي من أحببت".

أعتذر لله ثم لرسوله لأن هناك من أبناء المسلمين من لا زال يستنكر بغباوة وجهالة أن توصف هذه المرأة بالكفر، وهي التي سمعناها بالصوت والصورة تفاخر بتأليف مسرحية "الإله يقدم استقالته". وتقول أن كل الأديان بما فيها الإسلام فيها تناقضات وعنصرية واضطهاد للمرأة وخداع، وأنه يجب تغيير نصوص القرآن، وأنه لا جنة ولا نار على الحقيقة، وأن الحجاب ضد الأخلاق، وأن الحج عادة وثنية، وغيرها من الحرب على الله ورسوله ودينه.

نداء للمدافعين عن الهالكة

أعتذر لله ثم لرسوله، ثم أوجه كلامي للمدافعين عن الهالكة. وللتذكير، أنا هنا لا أتكلم عن الذين يقولون: "لعلها أسلمت قبل أن تموت". الذي يقول هذا الكلام ناقشته في كلمة سابقة بعنوان "مش يمكن تاب قبل ما يموت". لكني هنا أتكلم عن من يعلم عنها كل هذا الكفر ثم يقول: "لا تكفروها، لا تجعلوا أنفسكم حكاماً على الناس وكأن مفاتيح الجنة والنار بأيديكم. نسأل الله لها الرحمة. نحترم فيها إصرارها وتمسكها بقناعاتها".

هؤلاء أصحاب هذه المقولات نوعان:

النوع الأول: المستغلون الحاقدون

قسم يستغل موت أي واحد مثل نوال السعداوي فيخرج يمدحه ويمجده، مع أنه ربما لا يعرف عنه أي شيء إلا أنه عدو لله ولرسوله. فيروح هذا الصنف من الناس يمدح الهالك الميت لا حباً فيه، وإنما لأنه حاقد على الله وعلى رسوله مثل الهالك الذي مات. مش قادر ينفث سمومه بوضوح ويقول: "أنا أكره الله" أمام الناس فيكفيه أن يمدح من يعلن عداوته لله أمثال نوال السعداوي، ويخبئ حقده الدفين على الله تحت ستار الحنية على الموتى، ويعيد عبارات الترحم مثلهم على من مات من أمثال السعداوي وغيرها دون أن يحسب حساباً لكل حرف يتفوه به.

أقول لهؤلاء المقلدين: من أنتم؟ ما هويتكم؟ ما الذي يحرك الغيرة في نفوسكم؟ ما الخط الأحمر بالنسبة لكم؟ ما قدر الله عندكم؟ بأي وجه تلقون الله وقد دافعتم عمن استهزأ به وحاربه؟ وما قدروا الله حق قدره؟ هل تقرؤون القرآن؟ هل تتدبرونه؟ "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟"

أما علمتم أنه لعل أكثر معنى وروداً وكثافة في القرآن هو الفرق بين الإيمان والكفر، الفرق بين المؤمن والكافر؟ أوما قرأتم: "إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين. كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز. لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله". أوما قرأتم: "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً". أوما قرأتم: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلاً".

كان يقال: "أضل الناس من باع آخرته بدنياه، وأضل منه من باع آخرته بدنيا غيره". لازم نطلع صنف جديد يبيع دينه مقابل لا شيء، يبيع آخرته مقابل لا شيء لا له ولا لغيره، وإنما فقط يترحم على موتى ماتوا محاربين لله ورسوله ويضيع دينه بذلك.

من قال بالأقوال الكفرية التي ذكرناها عن هذه الدكتورة ومات عليها، لو دافعتم عنه حتى يوم القيامة لن يغفر الله له، فقط تخسرون دينكم بالدفاع عنه والاستغفار له. أوما قرأتم: "إن الله لا يغفر أن يشرك به". هل تعارضون القرآن؟ أوما قرأتم: "أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه".

قال نبينا صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي أو فاجر شقي، أنتم بنوا آدم وآدم من تراب. ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها". إيش يعني؟ يعني كان هناك مسلمون يتفاخرون بآبائهم وأجدادهم المشركين مع علمهم بأنهم ماتوا على الكفر غير معذورين فمصيرهم إلى جهنم. فحذرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن من أصر على هذا التفاخر بهؤلاء الآباء فإنه سيكون هيناً على الله، أهون من الجعلان يعني الخنافس. هذا في من تفاخر بآباء عبدوا الله ولم ينكروا الله لكن أشركوا معه. فما بالكم بمن تستهزئ بالله وتحاربه؟ الذي يفعل ذلك أهون على الله وعلى الذين آمنوا من الخنافس. اللي بدافع عنها وبيمجد فيها وبيقول إنها "نحترم فيها صمودها، نحترم فيها البطيخ الأصفر"، هذا أهون على الله من الخنافس.

يا من تمدحون الهالكة، ما لكم لا ترجون لله وقاراً؟ أنتم مش محتاجين أدلة وتوضيحات بصراحة، أنتم تحتاجون أن يهز كيانكم بكلام قاس حتى تستفيقوا. "أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً".

النوع الثاني: أصحاب العقد النفسية

أنتم تقولون أنكم تحترمون هذه العجوز الهالكة لأنها عندها مبدأ ومتمسكة بمبدأها وثابتة على قناعاتها. طيب، خلوا عندكم مبدأ أنتم كمان، تمسكوا بدينكم واثبتوا على قناعاتكم وعظموها. أما عندكم تعظيم لله ولرسوله؟ أتريدون أن تكونوا أمساخاً فكرية مهزومة نفسياً، لا انتماء ولا ثوابت ولا عقيدة راسخة ولا حرق على الدين ولا غيره ولا تعظيم لله ورسوله ولا موالاة في الله ولا معاداة في الله؟ ولا "أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين".

حضرتك تعقدت من الذين يكفرون بغير حق، ماشي. لكن استعد توازنك ولا تظل طول حياتك تسير بالعقد النفسية. إذا ما فيش كفر ولا إيمان فلماذا الجنة والنار؟ لماذا الرسل والكتب؟ ليس هناك دين إلا وفيه مقدسات وفيه وعيد وتهديد لمن ينتهكها. ليس هناك معتقد إلا وله حدود للداخلين فيه والخارجين عنه.

بالله عليك لو واحد شتمك واستهزأ بك وحاربك، وافترى عليك ونفر عنك وكرس حياته لحربك، هل لما يموت ستكون مدافعاً عنه على أنه كان ثابتاً على مبادئه، وأنه مفكر ومثقف؟ إيش معنى لما واحد يفعل الشيء نفسه مع رب العزة ودينه بتكون قلوبكم ميتة؟ لماذا يهون الله ودينه عليكم بهذا الشكل؟

أحكام الكفر والإيمان

الكفر والإيمان أحكام شرعية من الله سبحانه وتعالى وضع لها حدوداً. وزي ما هو جريمة أن تحكم بإخراج مسلم من دائرة الإيمان وإدخاله في دائرة الكفر، فجريمة أن تحكم بإخراج كافر من دائرة الكفر التي وضع الله لها حدوداً وتروح تدخله في دائرة الإيمان بهواك بمزاجك.

المسألة ما هياش يا جماعة ترف فكري، بل ينبني عليها أحكام في الدنيا والآخرة. لو واحد جاء يخطب أختك ولا بنتك وعلمت عنه أنه يستهزئ بالله وبشريعته، وقلت ذلك لأختك، قلت لها: "هذا اللي جاي يخطبك هذا بيتمصخر على الآيات، بيتمصخر على الرسول، بيتمصخر على الله سبحانه وتعالى". فقالت لك: "لكن هو عنده أخلاق وأنا سأعمل بعد الزواج على إقناعه بترك هذه الأشياء". تصور لما تقول لها: "لكن هذا كافر ولا يحل لكافر أن يتزوج مسلمة". فتقول لك: "لا لا أوعد كفر الناس". الله المستعان.

الخاتمة: دعوة للعزة بالإسلام

كن عزيزاً بإسلامك، كن فخوراً بدينك، كن فخوراً بدفاعك عن دينك. اجعل المساس بطرف دينك شيئاً ثقيلاً لا تتحمله. اغضبوا لله، عظموه وانصروه، ووالوا من والاه وعادوا من عاداه. لتستحقوا أن تنظروا لوجه الله الكريم. لتقولوا يوم القيامة لمحمد صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله دافعنا عنك وعن دينك لنكون تحت لوائك ونحشر في زمرتك وندخل الجنة معك". والله المستعان.