→ عودة إلى بالقرآن نحيا

الحلقة 12 - صفقة رابحة

٥ يناير ٢٠١٣
النص الكامل للمقطع

صفقة رابحة

جدد حياة القلب بالقرآن، كي تطمئن الروح بالإيمان، واتلوه بالآناء واستمطر به فيض ربه وسحائب الغفران. السلام عليكم ورحمة الله.

إخوتي الكرام، لا زلنا نعيش مع خير جيل، ونرى كيف يحدث الإيمان استجابة فورية لكلام الله تعالى. لما نزل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً}.

استجابة أبي الدحداح رضي الله عنه

قال أبو الدحداح رضي الله عنه: يا رسول الله، إن الله يريد منا القرض؟ قال: "نعم يا أبا الدحداح". ما معنى الآية؟ معناها أن الله يريد أن ننفق في سبيله ليعيد لنا ما أنفقناه يوم القيامة، كما يعاد القرض. لكن في حالة التعامل مع الكريم سبحانه، فإنه يعيده أضعافاً مضاعفة.

كيف استجاب أبو الدحداح لهذا التحفيز الرباني؟ قال لرسول الله: أرني يدك. يعني يريد أن يعاهده على شيء. فناوله النبي يده، فقال أبو الدحداح: قد أقرضت ربي حائطي. يعني بستاني. وبستانه هذا كان فيه ستمائة نخلة، يعني بحسبة بسيطة لا يتوقع أن تقل مساحة البستان عن ثلاثة دونم. وأين؟ في المدينة المنورة! ولك أن تتصور كم تساوي هذه الأرض في ذلك الوقت.

أعطى أبو الدحداح للنبي صلى الله عليه وسلم حرية التصرف في هذا البستان في وجوه القربات إلى الله، بمجرد أن سمع: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}. زوجته وأولاده كان يكفيهم هذه الكلمة ليضحوا بالبستان وبالأوقات الجميلة فيه، لأنهم يعرفون معناها: أقرضته ربي.

تصور أنك من سكان عمّان وعندك بستان في الغور مثلاً، فجاءك من يعرض عليك أن تتنازل عن هذا البستان الآن، وفي المقابل يعطيك بعد سنة قصراً مع حديقة كبيرة في خلدة أو عبدون مثلاً. بالنسبة لأبي الدحداح وعائلته، يقينهم بالآخرة يجعل صفقتهم أكثر إغراءً من هذه الصفقة. فالدنيا الفانية عندهم أقل من السنة في حساباتنا. والبستان الذي تركوه لله لا يقارن بأرض الجنة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها". يا السوط الذي يضرب به الخيل، لو وضعته على الأرض سيحتل مساحة لا تتجاوز سنتيمترات مربعة. هذه المساحة في الجنة خير من الدنيا وما فيها، يكفي أنها باقية والدنيا فانية.

استجابة أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه

وكذلك أبو طلحة الأنصاري، لما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، تبرع ببستان له. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجعله في فقراء قرابتك".

دعوة للعمل

لذلك أخي وأختي، كلما قرأت القرآن وأتيت على آيات كهذه، حاول أن تنفق ولو مبلغاً بسيطاً. لماذا؟ لتحافظ على الاستجابة الحية لكتاب الله. يمكنك أن تضع حصالة في البيت وتضع فيها هذا المبلغ البسيط كلما قرأت الآية، وتخرج المجموعة كل فترة، حتى تنال البر ويضاعفه الله لك أضعافاً كثيرة. والسلام عليكم ورحمة الله.