→ عودة إلى بالقرآن نحيا

الحلقة 15 - لماذا نستثقل الطاعات؟

١٩ فبراير ٢٠١٣
النص الكامل للمقطع

مقدمة ومثال توضيحي

بالقرآن كي تطمئن الروح بالإيمان وتتلوه بالإناء، وستمطر به فيض الرضا وسحائب الغفران.

السلام عليكم ورحمة الله. أخي، تصور أنك خرجت في سفر وفي يدك خارطة لطريق المدينة التي تسافر إليها، أو كما في أيامنا GPS. إذا كان هناك من تشتاق إليه في هذه المدينة، وأنت على ثقة من الخارطة، ماذا يحصل؟ تسير بسرعة، لا تبحث عن طرق بديلة، ذهنك مركز على الهدف وهو الوصول إلى المدينة لتلقى الأحباب، وأنت على ثقة من هذا الطريق الموصل.

في المقابل، ماذا يحصل إذا كنت شاكاً في صحة الخارطة؟ لن تسير بسرعة، بل تمشي قليلاً وتقف، قد تسأل المارة لتتأكد من صحة الطريق. ذهنك سيكون مشتتاً ولن يعود مركزاً على الهدف والأحباب الذين تريد أن تلقاهم، بل تبقى متردداً حائراً متسائلاً عن صحة الطريق.

الصبر والصلاة وعلاقتهما باليقين

ما علاقة هذا المثال بالقرآن؟ قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.

وإنها لكبيرة صعبة. الصبر في المصائب صعب، والصبر على الطاعة باستمرار صعب، والصبر عن فعل المعصية صعب، والمحافظة على الصلاة صعبة. صعبة على المتردد الذي يتشكك في صحة دينه وأنه الطريق الموصل بالفعل إلى الجنة. كلما كف عن معصية سيبقى يأتيه الشيطان يقول له: أنت تكف عنها رجاء الجنة، ماذا إن كانت هذه الجنة غير موجودة؟ إذاً لا بلح الشام ولا عنب اليمن!

لكن هذه الصعوبة تتلاشى أمام الخاشعين الخاضعين لله، الذين يظنون - والظن في القرآن كثيراً ما يأتي بمعنى اليقين - الذين يظنون أي يوقنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون، فيحاسبهم على ما عملوا ويجزيهم بالجنة والنار. فلهذا لما أيقنوا بالمعاد والجزاء، سهل عليهم فعل الطاعات وترك المنكرات.

دعوة إلى اليقين والاجتهاد

إذاً أخي وأختي، كلما تثاقلت عن فعل الطاعات، اسأل نفسك: هل أنا مشتاق إلى الجنة؟ هل أنا موقن بوجودها؟ هل أشك أن طاعة الله هي الطريق الموصلة إلى الجنة؟ إذاً لماذا أتكاسل؟

فاستجمع همتك وامضِ في طريق الله سريعاً دون تردد ودون التفات إلى مناهج أخرى ولا طرق بديلة، واجمع قلبك وروحك على اللقاء المنتظر. فإنه كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج" أي سار في الليل ليقطع المسافات بسرعة، "ومن أدلج بلغ المنزل. ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة".

والسلام عليكم ورحمة الله.