→ عودة إلى بالقرآن نحيا

الحلقة 16 - إصلاح أخطاء الماضي

٥ مارس ٢٠١٣
النص الكامل للمقطع

بالقرآن كي تطمئن الروح بالإيمان، وتتلوه بالإناءة وستمطر به فيض الرضا وسحائب الغفران.

السلام عليكم ورحمة الله.

مقدمة: الاستجابة للقرآن وتدارك الأخطاء

إخوتي الكرام، في الحلقات الماضية قلنا أننا إن أردنا أن نتأثر بالقرآن كما تأثر الصحابة، فلا بد أن نتخذ القرار بالاستجابة الحية السريعة لأمر الله عز وجل في كتابه الكريم. ثم رأينا نماذج عظيمة من سرعة استجابة الصحابة لآيات القرآن.

هل يعني هذا أن الصحابة لم يخطئوا أبداً؟ لا بالطبع، فكل بني آدم خطاء، لكن وخير الخطائين التوابون. كانوا يتوبون من أخطائهم ولا يصرون عليها، فتمحو وتزول بقعها من قلوبهم.

نحتاج أن نتذكر هذا ونحن نستمر في معصية من المعاصي، فيتغير القلب بالتدريج ونحن لا نشعر.

تدارك الخطأ بعد معركة أحد

صحيح أن كثيراً من الصحابة فر يوم معركة أحد عندما تغلب المشركون وكثر القتل في المسلمين، وكان هذا الفرار معصية. لكن انظر إلى حرصهم على تدارك الخطأ ومحو السيئات.

علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين يخططون للقضاء على المسلمين بعد معركة أحد، وكان الصحابة منهكين مثخنين بالجراح. فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج للتصدي للعدو.

كيف استجاب الصحابة وهم في جراحهم؟ روى الطبري أن أخوين من بني عبد الأشهل كانا قد رجعا جريحين من معركة أحد، فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو، قال أحدهما لأخيه: أتفوت غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فخرجا مع رسول الله مشياً وليس لهما دابة يركبان وهما جريحان، وكان أحدهما أخف جرحاً من الآخر، فكان يحمل أخاه كلما كاد يسقط من التعب إلى أن وصلوا إلى حمراء الأسد، وهي على بعد حوالي 13 كيلومتر من المدينة.

تصور المشي لهذه المسافة بهذه الجراح وفي جو الصحراء الحار! فأقام المسلمون بحمراء الأسد ثلاثة أيام، فهاب المشركون أن يقاتلوهم، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه إلى المدينة.

موقف عظيم من الصحابة غسلوا به خطأ التولي يوم أحد، فأثنى الله عز وجل عليهم بقوله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} يعني الجراح {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.

الخاتمة: اغتنام فرص التكفير عن الذنوب

إذاً إخواني، فلنحرص ألا نستمر على معصية. الله برحمته يعطينا فرصاً لنكفر عن ذنوبنا، فلنستغلها كي تبقى صحفنا بيضاء.

والسلام عليكم ورحمة الله.