→ عودة إلى بالقرآن نحيا

الحلقة 19 - مشروبات روحية، فائدة بنكية، متشدد، متعصب

٤ نوفمبر ٢٠١٣
النص الكامل للمقطع

مشروبات روحية، فائدة بنكية، متشدد، متعصب

بالقرآن كي تطمئن الروح بالإيمان، وتلوه بالإناء، وستمطر به فيض الرضا وسحائب الغفران. السلام عليكم ورحمة الله.

أخي أختي الكرام، ذكرنا في الحلقة الماضية أن مراعاة الألفاظ مطلوبة شرعاً، وأن الله تعالى قال: "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا". وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في أحاديث كثيرة بتجنب ألفاظ بغض النظر عن نية قائلها. اليوم سنستمر في الحديث عن موضوع مراعاة الألفاظ لأهميته، وسنركز على التسميات وأثرها.

تسمية المحرمات بغير اسمها

حرم الله عز وجل أموراً، هذه المحرمات ينبغي أن تبقى قبيحة ومنفرة في حسنا. لكن الشيطان زين للناس أن يسموا هذه المحرمات بغير اسمها، وهذه من الخطوات الأولى للاجتماع على المعصية.

الخمر والمشروبات الروحية

انظر مثلاً إلى الخمر، سميت خمراً لأنها تخمر العقل، يعني تغطي على العقل وتذهب به. ماذا يسميها البعض في أيامنا؟ "مشروبات روحية". وهي تسمية فيها نوع من المديح، وكأن الخمر تنعش الروح!

هل تعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم أخبر بأن هذا التغيير في التسمية سيكون؟ في الحديث الذي رواه ابن ماجه وصححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تذهب الليالي والأيام حتى يشرب طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها". إذاً، تغيير الاسم خطوة على طريق الاستحلال والتقليل من قبح المعصية.

الربا والفائدة البنكية

الربا ماذا يسمى اليوم؟ "فائدة". يقال: يقدم البنك الفلاني قروضاً بنسبة فائدة كذا. "الفائدة" كلمة طيبة تشعر بأن هذه المعاملة المالية نافعة كالبيع والشراء. وهذا يذكرنا بقوله تعالى: "ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا"، بينما يقول عز وجل: "وأحل الله البيع وحرم الربا".

فالأصل في المسلم أن يبقي المحرمات على أسمائها التي سماها الله بها، لا أن يقبل بتداول تسميات تقلل من قبح هذه المحرمات. فإذا قيل لك: هل البنك الفلاني يتعامل بالفائدة؟ قل له: تقصد بالربا؟ سيقول لك: المهم أن يصل المعنى. حينئذ نبين أن مراعاة الألفاظ مطلوبة، ونذكر بقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا".

مصطلحات سلبية

بل حتى بعض المصطلحات مثل وصف مسلم ما بأنه "متشدد" أو "متعصب". هذه مصطلحات استخدمها في الأصل أناس لا يقيمون المفاهيم والأشخاص بـ "قال الله وقال رسوله"، بل قد يكون ترك الحرام عندهم تشدداً، والاستقامة تعصباً.

لذا فحتى إن وجدنا من مسلم ما تشديداً على نفسه أو على الآخرين، فلنسمه "مبالغة"، "إفراطاً"، "غلوّاً"، "خطأً"، "جهلاً"، لكن لا نسمه "متشدداً" أو "متعصباً" لأن هذه الألفاظ تحمل معاني سلبية في أصلها، وتستخدم لتنفير الناس من الدين.

خاتمة

تذكر أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مخاطبة النبي بلفظ "راعنا" لأن اليهود استخدموه بنية فاسدة، فأحب الله لعباده أن يتمايزوا عن أهل الباطل حتى في كلمة تحتمل معنى صحيحاً. فالمسلم مميز بعقيدته، مميز بكلامه، مميز بمظهره، لأنه من خير أمة أخرجت للناس.

والسلام عليكم ورحمة الله.