→ عودة إلى بالقرآن نحيا

الحلقة 20 - لماذا يُذلنا الله قبل أن ينصرنا؟

٢ أكتوبر ٢٠١٣
النص الكامل للمقطع

مقدمة

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، إخوتي الكرام. ونحن نرى معاناة المسلمين في البلاد المنكوبة، قد نغفل عن حكمة عظيمة من حكم الله تعالى في تطويل البلاء.

الحكمة من تطويل البلاء

وهي أنه سبحانه لا يريد لعباده أن ينتصروا انتصارًا سهلًا يؤدي بهم إلى الاغترار بأنفسهم ونسيان نعمة الله عليهم، بل وربما التجبر في الأرض وهم في نشوة الانتصار. لذا فإن الله تعالى يبتلي عباده بما يكسر نفوسهم ويشعرهم بضعفهم وانعدام حيلتهم قبل أن ينصرهم.

هل تتذكر آية تدل على ذلك؟

شواهد من القرآن والسنة

غزوة بدر: الذلة قبل النصر

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123]. لاحظ قوله تعالى: {وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ}.

ذكر ابن القيم في "زاد المعاد" من حكم الله عز وجل في تربية عباده أنه إذا امتحنهم بالغلب والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا فاستوجبوا النصر. قال: "فإن خِلعة النصر - يعني هدية النصر - إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار". قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ}.

غزوة حنين: خطر الاغترار بالكثرة

وقال في المقابل: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25]. فهو سبحانه إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره، كسره أولًا، ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره. انتهى كلامه رحمه الله.

إذاً، يوم حنين اغتر المسلمون بالكثرة وأخذتهم نشوة العدد والعدة، فلم تغن عنهم شيئًا، فتعرضوا للخسارة في البداية إلى أن اجتمع حول النبي صلى الله عليه وسلم عدد قليل ذاقوا مرارة أن يكلهم الله إلى حولهم وقوتهم، فتبرأوا منها وعلموا أن لا معز لهم إلا الله، فنصرهم الله على قلتهم.

ويوم بدر كانوا قليل العدد، قليل العدة، قد عانى المهاجرون الاضطهاد والتعذيب والطرد لترك الديار والأهل واللجوء إلى المدينة، فكانوا بهذا الوصف أذلة. وإن كانوا في نفوسهم أعزة، لكن ضعف حالهم كان يمنعهم من التعالي والكبر والزهو، فنصرهم الله بعد هذه الذلة. {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

خلاصة الحكمة

إذاً فتطويل البلاء على المسلمين له حكم، هذه منها: أن يذلوا ويخضعوا لله حتى إذا أعزهم ونصرهم وجبرهم تذكروا ما كانوا عليه من ضعف، فلا يتجبروا ولا يطغوا، بل ينسبون الفضل لله تعالى ويتقوا الله في الشعوب التي يتغلبون عليها بعد ذلك.

الدعاء والختام

نسأل الله أن يعز المسلمين ويجبرهم بعد كسرتهم وذلتهم. السلام عليكم ورحمه الله.