→ عودة إلى بالقرآن نحيا

الحلقة 22 - توضيح خطأ في فهم الآية عن الرسل:(وظنوا أنهم قد كُذبوا)

٩ يوليو ٢٠١٣
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

ذكرنا في الحلقة الماضية أن المسلم عليه أن يحرص على فهم الآيات التي قد يُفهم منها للوهلة الأولى ما لا يتناسب مع حسن الظن برسل الله عليهم الصلاة والسلام. وذكرنا قصة نبي الله لوط عليه السلام مع قومه كمثال على ذلك.

سنذكر اليوم مثالاً آخر.

توضيح خطأ في فهم آية "وظنوا أنهم قد كُذبوا"

أنت يا أخي عندما تقرأ قول الله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين} [يوسف: 110]. ماذا فهمت من هذه الآية؟

أخشى أن البعض يفهم منها أن الرسل يئسوا من نصر الله وأساؤوا الظن بوعده سبحانه. وحاشا رسل الله أن يظنوا بربهم هذا الظن، بل هم قدوات العالمين في اليقين بصدق الله وأنه تعالى منجز وعده.

المعنى الصحيح للآية (تفسير الطبري عن سعيد بن جبير)

إذاً، ما معنى الآية؟ روى الطبري في تفسيره أن مسلم بن يسار سأل سعيد بن جبير رحمه الله عن هذه الآية، ففسرها سعيد كالتالي:

{حتى إذا استيأس الرسل} أي: من قومهم أن يصدقوهم. {وظنوا أنهم قد كُذبوا} أي: ظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا.

حبكة الجواب في معرفة أن كلمة "كُذبوا" تعود على أقوام الرسل وليس على الرسل أنفسهم. فمن كفر من أقوامهم ظنوا أن رسلهم كذبوا عليهم بقولهم إن العذاب سيحل بالكافرين، لأن السنوات مرت ولم يحل بعد.

عندما سمع مسلم بن يسار هذا التفسير من سعيد، قام إليه فاعتنقه وقال: "فرج الله عنك كما فرجت عني". تصور فرحته بفهم آية كان سوء فهمها يحدث ضيقاً في صدره.

أهمية طلب العلم والتفسير الصحيح

قال الضحاك من المفسرين تعليقاً على هذا الشرح من سعيد بن جبير: "لو رحلت إلى اليمن في هذه" – وكان قليلاً – "لو رحلت إلى اليمن في هذه" – يعني في معرفة تفسير هذه الآية – "كان قليلاً". صحيح، فإن مثل هذا البيان الشافي لما في الصدر من الحرج تجاه آية منزلة من الله، هذا البيان يستحق أن تقطع له المسافات وتصرف له الأوقات.

هذه الأيام لا نحتاج قطع المسافات، بل يمكن أن نحصل على تفسير آية في ثوانٍ من خلال موقع موثوق على الإنترنت أو الاتصال بأحد أهل العلم. المهم أن يكون عندنا اهتمام بفهم كلام ربنا وسلامة صدورنا تجاه كتابه سبحانه.

تفسير آخر للآية (عائشة رضي الله عنها)

وقد فسرت أمنا عائشة رضي الله عنها الآية بأن الرسل ظنوا أن أتباعهم كذبوهم، لأنهم استبطأوا النصر الذي وعدتهم به رسلهم. وهذا معنى محتمل أيضاً.

المهم أن تُفسر الآية تفسيراً تحتمله اللغة ويتناسب مع صيانة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

نسأل الله أن يبصرنا بديننا ويجعلنا ممن تعلم القرآن وعلمه. والسلام عليكم ورحمه الله.