→ عودة إلى بالقرآن نحيا

الحلقة 24 - هل يعبد المسلمون محمدا؟ - الوصايا العشر / 2

٢٩ نوفمبر ٢٠١٣
النص الكامل للمقطع

جدد حياة القلب بالقرآن، كي تطمئن الروح بالإيمان، واتلوه بالآناء واستمطر به فيض وسحائب الغفران.

السلام عليكم ورحمة الله إخوتي الكرام. ذكرنا في الحلقة الماضية أن الله تعالى أوصانا بوصايا عشر في سورة الأنعام، وأن هذه الوصايا جواب عظيم لمن يسأل عن الإسلام من غير المسلمين. تعالوا نستعرض هذه الوصايا بإيجاز.

الوصايا العشر في سورة الأنعام

قال الله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}.

الوصية الأولى: ألا تشركوا به شيئًا

إذن فالوصية الأولى: ألا تشركوا به شيئًا. بدأ بحق الله سبحانه الذي ما خلقنا إلا لنعبده. تصور معي مرة أخرى هذا الشخص غير المسلم الذي يريد أن يعرف عن الإسلام، فيجد الوصايا العشر تبدأ بحق الله، ثم تنتقل إلى حق الوالدين، ثم الأولاد، ثم حق المجتمع واليتامى والضعفاء، ولا ذكر فيها لمحمد صلى الله عليه وسلم.

هذا الشخص المستمع الذي ربما كان يظن أن المسلمين يعبدون محمدًا كما يعبد النصارى المسيح عليهم السلام، وأن محمدًا هو الذي كتب القرآن ليمجد نفسه، فإذا بهذا المستمع يراها وصايا للعباد تصلح علاقتهم بربهم، ثم علاقتهم ببعضهم. ليس محمد فيها إلا رسولًا ناقلًا عن ربه، لم يزعم لنفسه رتبة غير هذه.

وقال المسيح: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}. إذن فالوصية الأولى: ألا تشركوا به شيئًا.

الوصية الثانية: وبالوالدين إحسانًا

الوصية الثانية: وبالوالدين إحسانًا. لاحظوا إخواني، لم يقل الله تعالى: "وأن لا تعق الوالدين"، بل هنا أمر زائد على ترك العقوق وهو أن نحسن إلى الوالدين، نتفنن في إرضائهما وإدخال السرور إلى قلبهما. لا يكفي أن نتجنب عقوقهما، بل لا بد من الإحسان إليهما. وكأن القرآن يسمو بالإنسان المخاطب إلى مستوى لا يتصور فيه وقوع العقوق أصلًا حتى يحتاج إلى النهي عنه، وكأن ترك الإساءة أمر مفروغ منه، بل ومطلوب منه أن يحسن إلى والديه إحسانًا.

كما نلاحظ أن الله تعالى ذكر حق الوالدين بعد ذكر حقه سبحانه مباشرة، تعظيمًا لحق الوالدين. وهذا الاقتران كثير في القرآن، يكفي قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}. قارن الشكر لله بالشكر للوالدين. ولا عجب، فمن اعتاد نكران الجميل لوالديه فلا يظن به الوفاء لله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله". وأولى الناس بشكرك يا أخي والدك.

إذن هذه الوصية الثانية: وبالوالدين إحسانًا. نتابع مع الوصايا العشر في الحلقات القادمة بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله.