→ عودة إلى بالقرآن نحيا

الحلقة 28 - مال اليتيم - الوصايا العشر/ 6

٢٤ أبريل ٢٠١٤
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله

إخواني وأخواتي، وقفنا في الحلقات الماضية مع الوصايا الخمس الأولى من وصايا ربنا سبحانه وتعالى لنا، المذكورة في الآية 151 من سورة الأنعام: "قل تعالوا أتلُ ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم".

الوصية السادسة: مال اليتيم

الوصية السادسة التي نتوقف عندها اليوم هي قوله تعالى: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده".

رفق الله بالضعفاء وحماية حق اليتيم

انظر إلى رفق الرحيم سبحانه بالضعفاء من عباده ودفاعه عن حقهم. لم يقل الله سبحانه: "ولا تتصرف بمال اليتيم"، بل قال: "ولا تقرب مال اليتيم"، تأكيدًا للتحذير من الخوض في هذا المال بغير حق.

ثم لم يقل: "ولا تقرب مال اليتيم إلا بالتصرف الحسن"، بل قال: "إلا بالتي هي أحسن". أي أحسن أوجه التصرف بما يصلح شأن اليتيم ويحقق أفضل توازن بين سد حاجاته والادخار لمستقبله، حتى يبلغ أشده، فيذهب عنه ضعفه وتسلموه ما بقي من المال.

فهم الصحابة وتيسير الشريعة

لما أنزل الله عز وجل: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن"، وقوله في الآية الأخرى: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا"، انطلق من كان قد آوى يتيمًا عنده، فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه. فكان يشتري طعامًا لليتيم من مال الإرث، فإذا بقي شيء من طعام اليتيم ادخره حتى يأكله اليتيم أو يفسد الطعام، مخافة أن يقع في أكل مال اليتيم.

فاشتد ذلك على الصحابة الذين آووا أيتامًا، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والله يعلم من كانت نيته العدوان على مال اليتيم، ممن أراد صلاحًا لليتيم وماله. ولا يريد الله أن يوقع عباده في العنت والشدة. فرجع الصحابة إلى خلط طعامهم بطعام أيتامهم وشرابهم بشرابهم.

التوازن الإسلامي في حفظ الحقوق

هذا شكل من أشكال التوازن الإسلامي الذي يحفظ حق الفئات الضعيفة في المجتمع، دون أن يكون ذلك على حساب الفئات الأخرى والتضييق عليها. وهو ما تفشل فيه الأنظمة الوضعية البشرية التي تنصر فئة على حساب فئة أخرى.

إذن إخواني وأخواتي، هذه الوصية السادسة من وصايا ربنا عز وجل: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن". ونتابع الوصايا الأخرى في الحلقات القادمة بإذن الله.

والسلام عليكم ورحمة الله.