السلام عليكم.
مقدمة: تبعات الدفع نحو الاقتتال الداخلي
لا يدرك كثيرون تبعات الدفع باتجاه اشتباك المجاهدين في الشام فيما بينهم، أو في المقابل الطبطبة على الأخطاء دون علاجها، بما يولد الانفجار. ويغيب عن بالهم الأصناف التالية ممن ينتظرون الطلقة الأولى لتنطلق من بندقية مجاهد وتستقر في صدر مجاهد آخر، فتكون إشارة البدء لأسوأ معزوفة أخذ كل من العازفين فيها مكانه بانتظار الطلقة الأولى.
الأصناف المنتظرة للطلقة الأولى
ميليشيا الأسد والرافضة
ميليشيا الأسد والرافضة المتربصون على نقاط التماس، لينساحوا في الأراضي المحررة قتلاً وتعذيباً واغتصاباً بعد أن ينشغل المجاهدون بالاحتراب الداخلي.
طائرات الدرونز الأمريكية
بانتظارها طائرات الدرونز الأمريكية لتستغل حالة الفوضى وتقنص قيادات الفصائل، حتى التي نأت بنفسها عن الخلاف وانشغلت بدفع العدو الصائل كجبهة النصرة.
الذئاب المسمنة في الدول الوظيفية
بانتظارها الذئاب المسمنة في الدول الوظيفية لتستغل حالة الفوضى هي الأخرى بالكواتم واللواسق والشرائح والاغتيالات.
الأنظمة العربية
بانتظارها الأنظمة العربية لتمعن في إذلال شعوبها بعدما قتل الأمل، ولتضع أرجلها في مياه باردة لعقود طويلة بعدما نجحت في جعل نار الجهاد تأكل بعضها بدل أن تمتد إلى عروشها.
تجار الأسلحة
بانتظارها تجار الأسلحة ليخرجوا للطرفين وبأمر النظام الدولي أسلحة نوعية فتاكة ما أخرجوها من قبل يوم كانت الحرب ضد الأسد، تخرج الآن لتساعد طرفي الجهاد في إفناء بعضهما.
علماء السلاطين
بانتظارها علماء السلاطين الذين أريق ماء وجوههم في الترقيع لولي الأمر الذي يعين الأسد في الحرب على الإرهاب، ليرفعوا رؤوسهم وتنطلق أساريرهم ويجادلوا بوقاحة أنهم كانوا محقين حين خذلوا عن دعم الجهاد بالشام لأنه فتنة.
خصوم المشروع الجهادي الفكريون
بانتظارها خصوم المشروع الجهادي الفكريون الذين يريدون فشله في الشام كرصيد لفكرهم التنازلي المتعايش مع الباطل، ويعالجون أخطاء المشروع الجهادي بالقضاء عليه كالدب الذي أراد دفع الذبابة عن وجه صاحبه فهشمه بصخرة.
أصحاب الحقائب التفاوضية
بانتظارها أصحاب الحقائب التفاوضية لينطلقوا إلى جنيف اثنين حتى يحظوا بكراسي على جماجم شعب ضاع بين أعداء كفرة ومجاهدين منشغلين باحتراب داخلي.
الكتاب الجاهليون العلمانيون والممثلون المستهزئون
بانتظارها الكتاب الجاهليون العلمانيون والممثلون المستهزئون ليسخروا من مفاهيم الشريعة والجهاد والخلافة والدولة الإسلامية ويكفر الناس بها بعدما تحولت دماء المقاتلين حبراً لأقلامهم المسمومة.
الشيطان
بانتظارها الشيطان ليحطم الأمل في النفوس، في نفوس المسلمين، ويشككهم في الحكمة والقدر بعدما خذلهم من قبل عن القيام بدورهم في دعم الجهاد وصيانته.
محاكم أمن الأنظمة
بانتظارها محاكم أمن الأنظمة، أمن الدولة في بلاد المسلمين، لتعتقل وتحاسب وتغيب من دعم الجهاد في الشام بعدما اسودت صورته في نفوس الناس، وأصبح هؤلاء الداعمون مادياً أو معنوياً مستحقين للعقوبة لأنهم غذوا الفتنة في الرأي العام.
النظام الدولي المتآمر
بانتظارها النظام الدولي المتآمر ليجرف جثث المتقاتلين ومن قتلهم هو بنفسه أثناء الفوضى، ليجرفهم جميعاً عن ساحة الشام ويعيد الناس إلى حظيرة الرق الدولي من جديد.
الجندي الأسدي أو الرافضي
بانتظارها الجندي الأسدي أو الرافضي الواقف على باب الأسيرة المسلمة في السراديب، والتي كانت تنتظر اليوم الذي يحررها فيه إخوانها المجاهدون أو على الأقل يقصفون عليها السجن لأنها تفضل الموت على اغتصابها يومياً. سيأتيها الجندي ليقول لها: "هذول اللي ناطرتيهم يطلعوك عم يقتلوا بعض، ما في طلعوا ليه، جهزي حالك أصحابنا بدهم ينبسطوا". وحسبي الله ونعم الوكيل.
تحذير من إطلاق الرصاصة الأولى
هؤلاء 13 صنفاً من الإنس والجن ينتظرون طلقتك أيها المجاهد. قد تطلقها وأنت ترى نفسك بذلك تخلص الجهاد من أناس منحرفي المنهج أو تخلصه من بغاة أفسدوه، وأنت في الحقيقة تخلص الأصناف المذكورة من الجهاد كله.
قد يقال: "مرت حوادث قتل عديدة بين المجاهدين ولم تعزف المعزوفة المذكورة". صحيح، كان النظام الدولي بانتظار أن تتهيأ الأجواء أكثر فأكثر ويجف العشب ليشتعل الحريق بشرارة صغيرة اشتعالاً تنخمد النار بعده. لذا فأي فصيل مقاتل أو مشجع متعصب يظن أنه سيحسم المعركة بالقضاء على الطرف الآخر ليتفرغ من بعده لقتال العدو الأصلي، فهو واهم وهماً مدمراً كارثياً. وأي جندي يطلق رصاصته على مسلم في هذه الأجواء فهو مؤهل لنيل شرف الرصاصة الأولى، وليعد نفسه للقاء الله بالنتائج المذكورة.
الحل المقترح
قبول القضاء الشرعي
إذاً، ولأجل ذلك كله، لا أستجيب لمن يحاولون استفزازي لأتخذ موقفاً محرضاً على قتال أية جماعة. لا أرضى لنفسي أن يكون لي إسهام في معزوفة البؤس والدمار المذكورة ولو بكلمة، وأسأل الله أن يقبضني وإخواني إليه قبل أن تخرج منا كلمة تسهم في ذلك. وفي الوقت ذاته لن أسكت عن أخطاء أراها تتسبب في تجفيف العشب وشحن النفوس وتدمير صورة الجهاد والشريعة.
الحمقى والمغفلون سيغضبون لأني أمس قدسية فريقهم الذي يصفقون له بجهل. أما أنا فقد أخذت على نفسي أن أقدم مصلحة الجهاد كله، بل ومصلحة الفريقين المختصمين معاً، بل ومصلحة الإسلام والبشرية. وأقول للذين سيجيرون كلامي للتحريض على قتال أي فصيل: أنا بريء من تحريفكم وكذبكم، خذوا كلامي كله أو اتركوه كله، ولا تستخدموه لخدمة أجنداتكم وإن كنتم ترون فيها خدمة للإسلام.
الذين يريدون مني الكف عن نقل الأخطاء لا يتصورون حجم الدمار المتوقع إذا استمر التغافل. لذا فمنهم من يهددني بأن عدد المتابعين لك سيقل والناس سينفرون عنك إذا استمرت في ذلك، حماقة شديدة وكأنه يهمني ذلك وأنا أرى الجميع سيغرق. أقولها هنا وليضرب من لا يعجبه الكلام رأسه بما يشاء:
على الفصائل كلها، كلها بلا استثناء، أن تقبل بقضاء لا سلطان لأحد طرفي الخصومة عليه، وأن تلتزم به ولو على قادتها، وأن تقبل بالمناظرات العلنية بحيث يتناول القضاء والمناظرات كل القضايا: اعتقال المجاهدين والقيادات بل وعامة الناس دونه، القتل والتعذيب، سلب المقرات والأسلحة، العلاقات بالدول الوظيفية أو الهيئات الأجنبية، الانسحابات، التحريض على قتال فصيل مسلم. ثم ينصاع الجميع لهذا القضاء الشرعي ما دام مستنداً إلى أدلة وتقص للحقائق.
التضييق على الفصيل الممتنع
طيب، والذي يستنكف عن القبول بهذا القضاء ويريد أن يكون الخصم والحكم، أو يقبل به في قضايا دون قضايا أخرى، أو يماطل في القضاء، أو يرد على كل جرم اقترفه بادعاء جرم مثله لخصمه، أو يمتنع عن كشف أوراقه، أو يضرب بالمناشدات كلها عرض الحائط، فما العمل معه؟ محاولة اجتثاثه بالقتال لا ثم لا ثم لا، ليس لأن الجناة في هذا الفصيل لا يستحقون القصاص بل لما ذكر أعلاه. فما الحل إذاً؟
الحل في التضييق على الفصيل الممتنع بشرياً واقتصادياً وفكرياً: بتحريم القتال تحت رايته، وتحريم دعمه مالياً، وبيان أفعاله لداعميه ومن يريدون الانخراط في صفوفه، وتوجيه المناصرة بدلاً منه لمن يرضون بالقضاء الشرعي ولمن تفرغ لقتال العدو الصائل وسلم من أية علاقات مشبوهة. وقد كان لهذه المشاريع قصب السبق قبل الإصرار الذي ضرب بمناشدات قيادات الجهاد العالمي ومنظريه عرض الحائط.
ولا بد أن يكون هذا التضييق كله مسبوقاً وملحوقاً ومغلفاً ومخللاً بمنع استخدام هذه الوسائل المذكورة للتحريض على قتال هذا الفصيل، لا ليستخدمها دعاة الاجتثاث لفصيل ما، وإنما لنزع فتيل الفتنة.
توضيح الهدف من كشف الأخطاء
وكل ما سأكتبه لاحقاً عن الخلافات بين المقاتلين في الشام لا بد أن يقرأ على ضوء هذه الكلمة. وليت الجهال الذين لا يريدون القراءة لأكثر من دقيقة ليعرفوا فقط هل أنا من مشجعي فريقهم أم من مشجعي الفريق الآخر، ثم يسلقون مخالفيهم بألسنة حداد، ليتهم ينشغلون بإقناع فريقهم بما ورد أعلاه من القضاء الشرعي الذي ليس من اختراعنا ولا من بنات أفكارنا، بل أمر من الله الذي يدعي جميعنا طاعة أمره، وعدم الاختيار بعده.
والسلام عليكم ورحمة.
تتمة: أهمية القضاء الشرعي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.