السلام عليكم ورحمة الله، إخواني الكرام.
مقدمة: الدافع وراء المنشور
أول أمس في غمرة انشغالات كثيرة، تذكرت أني حضرت موقفاً ولم أبيّن فيه ما أراه حقاً، فقلت أبيّن وأنصح لعامة الناس. فكتبت منشوراً ونشرته على الفيسبوك، وعدت لما كنت فيه. مرت الساعات، فإذا بهذا المنشور يتلقى تأييداً كبيراً، وفي المقابل ردوداً كثيرة، فأحب أن أوضح بعض الأمور.
الأنشودة المثيرة للجدل
أولاً المنشور لمن لا يعرف متعلق بأنشودة من كلماتها: "يا إمام الرسل يا سندي أنت بعد الله معتمدي وبدنيايا وآخرتي يا إمام الرسل خذ بيدي" أو "يا رسول الله خذ بيدي".
ذكرت في منشوري أن هذه الكلمات غير مريحة، وأنني بحثت ووجدت فتوى خاصة بها في موقع الإسلام سؤال وجواب في تحريم هذه الكلمات تحريماً قطعياً، خاصة وأنه بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم فهذا نوع من الدعاء، يعني دعائه عليه الصلاة والسلام بدلاً من دعاء الله تعالى.
الاعتراضات والرد عليها
منهجية البحث ومصدر الفتوى
اعتراض المعترضين كان موجهاً لمنهجية البحث وللنتيجة. فترى البعض يقول: "يعني أنت بحثت على الجوجل فوجدت فتوى التحريم فجاي تنشرها؟ أهكذا يؤخذ العلم؟"
طبعاً يا كرام، من يتابع ما يطرحه العبد الفقير من مواضيع متنوعة مع تأصيل شرعي واستدلال مفصل في أي موضوع نطرحه، أظنه سيرى من المضحك تصور أن مبلغ علمي في المسألة هو بحث سريع على جوجل، وأن هذا هو أول عهدي بكل موضوع الدعاء والاستغاثة والتوسل والفرق بينها والخلاف في هذه المسائل.
بداية، موقع الفتوى الذي بحثت فيه ليس جوجل، بل الموقع هو فيما أعلم أضبط موقع على الشبكة من حيث المنهجية المضطردة وعرض الأدلة. إذا أنت مختلف مع منهجية القائمين على الموقع قل ذلك بصراحة واشرح لنا لماذا وهات البديل الأفضل. أما أن تشبهه بجوجل وتدعي أني أخذت الكلام من جوجل فهذا أول الكذب والافتراء.
لماذا الاستعانة بموقع إسلام سؤال وجواب؟
طيب، لماذا استعنت بهذا الموقع إذن يا أياد؟ استعنت به لأني أدرك أن الألفاظ المشكلة مثل ألفاظ أنشودة "يا إمام الرسل" قد تجد من يتأولها فيقول لك: "لا، هذا لا يقصد به دعاء النبي والاستغاثة به عليه الصلاة والسلام". فحتى لا أخرج على الناس برأي فيه عجلة أو تضييق لواسع، فأنظر إن كان هناك من أهل العلم من يقبل هكذا تأولاً.
هل أهل العلم محصورون في من يذكرهم هذا الموقع الذي رجعت إليه؟ لا طبعاً. لكن من عادة هذا الموقع أنه إذا كان هناك خلاف معتبر فإنه يذكر هذا الخلاف ثم يرجح. وليست المسألة أن ما أقره الموقع فهو الحق المبين، ولا دليل أنه بما أنه قال هذه الكلمات حرام فخلاص هي حرام، وإنما عندنا أدلة عامة على تحريم مثل هذه الكلمات.
هل يمكن أن يكون هناك أمور لم أطلع عليها تمنعني من تنفير الناس عن هذه الكلمات؟ هذا ما راجعت الموقع لأجله. وإلا فحصل أن أطلع على فتاوى في الموقع ولا أقتنع بها، فأبحث في الأمر وأسأل أهل العلم، وأبذل جهداً للوصول إلى ما أراه موافقاً للدليل. وإن كان هذا قليلاً حقيقةً لأني أجد هذا الموقع بالجملة موفقاً.
المرجعية في العلم الشرعي
طيب أنا لا أعتمد فتاوى هذا الموقع، فلماذا تخاطبني وكأنني مقتنع به؟ ممكن تخبرني حضرتك إيش في موقع يتفق عليه مسلمو الأرض هذه الأيام؟ الأزهر؟ أم دار الإفتاء المصرية؟ أم دار الإفتاء في أي دولة أخرى؟ على طريقتك لن أستطيع أن آمر بمعروف ولا أنهى عن منكر، لأن أي مرجعية أذكرها لا يتفق عليها كل المخاطبين، ولازم أجيب مرجعية يتفق عليها كل المسلمين أو أسكت ولا أتكلم بحلال أو حرام.
أنا يا كرام أتعمد ألا أطرح المسائل التي فيها خلاف معتبر. هناك محكمات كبرى لا ينبغي الخلاف فيها هي التي أركز عليها في دعوتي، ولا أريد أن أشوش عليها بالجدل في أمور تقبل الخلاف.
موقع الإسلام سؤال وجواب بعدما تعرض لمسألة التوسل ذكر الخلاف فيها، فقال ضمن فتوى له: "قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: والسائل لله بغير الله" يعني الشخص الذي يتوجه إلى الله بالدعاء لكن يطلب من الله متوسلاً بأحد كأن يقول: "أسألك يا رب بنبيك أو بجاه نبيك". فذكر ابن تيمية أحوالاً من هذا ثم قال: "وإن كان يعني أجازه بعضهم والأول أرجح كما تقدم". إذن طرح الخلاف ورجح. لذلك أنا لا أتكلم عن مسألة التوسل لأن فيها خلافاً، وإن كنت أتبنى فيها رأياً معيناً.
قد تقول: "يا أخي شو بدي بابن تيمية وبكل علمائك هؤلاء. ما يراه علمائك هؤلاء خلاف غير معتبر؟ يراه العالم الفلاني معتبراً". مرة أخرى لا بد من مرجعية وإلا لم نأمر بمعروف ولم ننه عن منكر. أنا أعرض الأدلة وأعتضد بأقوال العلماء الذين أرتضيهم أن هذه المسألة مما لا ينبغي الخلاف فيها. وأنت اعرض أدلتك وهات أقوال العلماء الذين تعتمدهم والناس يسمعون مني ومنك. هذه ببساطة قصة رجوعي لموقع فتوى ذي منهجية. فاللي واثق من أدلته فليعرضها، مش يبدأ بالكذب مدعياً أننا نأخذ علمنا من جوجل.
تحليل كلمات النشيد
مقارنة مع أبيات أخرى
الآن عوداً على كلمات هذا النشيد. لماذا نراها محرمة؟ قبل أن أجيب اسمحوا لي أن أسمعكم بعض الأبيات من قصيدة، وقولوا لي إن كان فيها أي شيء: "يا إله الكون يا أملي يا ملاذ الخائف الوجلي نظرةً يا مرسل الرسل وبغوثٍ حلّ لي عقدي عبدكم مدّت لكم يده مدداً يا صاحب المددِ"
إيش رأيكم؟ أبيات نخاطب بها الله تعالى. فيها شيء يا ترى؟ لا أظن أحداً يعترض. طيب ما رأيكم إذا علمتم أن المخاطب في النص الأصلي لهذه الأبيات هو النبي صلى الله عليه وسلم؟ أين هذا؟ في نفس القصيدة التي أخذت منها الأبيات التي انتقدتها، في نفس قصيدة "يا إمام الرسل يا سندي أنت بعد الله معتمدي في دنيايا وآخرتي يا رسول الله خذ بيدي". نفس القصيدة.
فالمشتهر أن هذه القصيدة، قصيدة "يا إمام الرسل يا سندي"، هي للرواس من شيوخ الطريقة الرفاعية. وبغض النظر عن صحة النسبة له أم لا، يكفيك أنك إذا راجعت كثيراً من المنتديات المتغنية بهذه القصيدة وجدت من أبياتها: "يا ابن عبد الله يا أملي". لاحظوا أن قبل شوي جبت لكم قصيدة نفس الكلمات لكن غيرتها لتكون في حق الله عز وجل، هي في الأصل ليست في حق الله وإنما هي قيلت في مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: "يا ابن عبد الله يا أملي يا ملاذ الخائف الوجلي نظرة يا أكرم الرسل". هذا إيش اسمه إلا شرك بالله تعالى؟ كلام لا يليق إلا بالله تعالى يقال للنبي صلى الله عليه وسلم.
دلالة الكلمات وسياقها
نفس القصيدة التي فيها "يا إمام الرسل يا سندي". لذلك فإن انتقادنا لكلمات "يا إمام الرسل" هو لذاتها ولسياقها أيضاً. يعني الكلمات نفسها مشكلة. فإذا قلت: "ليس هذا معناها"، قلنا لك: "هات سياقها يا أخي". بغض النظر عن قائل الأبيات وعن سياقها أنا أستطيع أن أستصلح بعضاً من كلماتها ما فيها شرك. لا معلش، نحن نستحضر باقي الأبيات علشان لما الآن تجادلنا في معانيها وتقول هذه المعاني التي تقولونها ليست مقصودة ولا تخطر ببال أحد، نقول لك لا، بل هذه هي المعاني الظاهرة وسياقها يبين أن كلماتك هذه حين وضعت فقد وضعت وألفت أصلاً بمعتقد فاسد ومعنى فاسد، وبالتالي فكلماتك هذه مش بس بتحتمل معاني فاسدة بل معناها الظاهر فاسد.
تعالى الآن للكلمات التي انتقدتها في المنشور، اللي هي: "يا إمام الرسل يا سندي أنت بعد الله معتمدي وبدنيايا وآخرتي يا إمام الرسل خذ بيدي". قد يقول قائل: "يا أخي هذا توسل والتوسل مسألة خلافية". لا لا لا، المسألة هنا ليست مسألة التوسل. لو كانت توسلاً لما تكلمت عنها. لو كانت "يا ربي أسألك بجاه نبيك" لما تكلمت عنها، وفي الوقت ذاته لا أنكر على من يتكلمون عنها، لكن أنا عن نفسي أركز في دعوتي على القطعيات فلا أريد التشتيت ولا صاحب عمامة وإنما الأدلة الشرعية.
لما تقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا سندي"، إيش يعني سند؟ تستعين به في الشدائد. طيب هل نحن نستعين بنبينا صلى الله عليه وسلم في الشدائد؟ ممكن تقول: "طيب ما احنا بنستعين بالأحياء من البشر؟" نعم نستعين بهم أخذاً بالأسباب ونحن معتقدون أنهم لا ينفعوننا ولا يضروننا إلا بما شاء الله، وإنما جعلهم الله أسباباً. إذا توفي إنسان هل هو سبب من الأسباب المشروعة؟ هل أذهب لقبر أبي رحمه الله وأقول له: "يا أبي أنت سندي ساعدني وخذ بيدي"؟ لكن رسول الله أعظم من الأحياء. نعم يا حبيبي، لكن هذا ليس له أي علاقة بموضوعنا. تصور لما آتي أقول لك محتاجك تحمل معي هذا الغرض فتقول: "كيف تطلب مني أن أساعدك ورسول الله أعظم مني؟" هذا إيش بيكون اسمه بلا مؤاخذة؟
يعني الأنشودة تقول: "أنت بعد الله معتمدي". كيف يعني معتمدي؟ أعتمد عليه. كيف يعني تعتمد على الرسول عليه الصلاة والسلام؟ ثم يقول لك: "في دنياي وآخرتي يا رسول الله خذ بيدي". لاحظ مش اشفع لي في الآخرة، لا، في دنيايا وآخرتي خذ بيدي. كيف يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كيف يعني الرسول عليه الصلاة والسلام يقيل عثراتك ويساعدك؟
يأتي هنا من يقول: "لا ما هو سنته، سنته عليه الصلاة والسلام هي التي تأخذ بيدك". هل هذا ما يفهمه الناس أم أنهم يتصورون رسول الله صلى الله عليه وسلم واسطة بيننا وبين الله أو أنه شخصياً بطريقة خارقة للعادة يعينهم ويقيل عثراتهم لمكانته العظيمة؟
سيقول قائل: "لكن من قبيل المجاز، البلاغة، ممكن نتأول الكلمات على معنى صحيح". هل هكذا علمنا إمام الرسل صلى الله عليه وسلم خاصة في مسألة الدعاء الذي هو العبادة كما قال عليه الصلاة والسلام؟ هل هكذا علمنا في التعامل مع ما يمس جناب التوحيد أن تأتي إلى أبيات من قصيدة مشحونة بالاستغاثة والتوجه بالدعاء إلى النبي وتقول: "لا أنا راح آخذ هذه الأبيات وأحمل كلماتها المشكلة على معاني مجازية"؟
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حفظ التوحيد
رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بالاحتياط في أمر العقيدة احتياطاً شديداً، بحيث عندما قال الصحابة: "ما شاء الله وشاء محمد"، وهو يعلم أنهم ما كانوا يقصدون بها الشرك بل قصدوا بها معنى صحيحاً، ولكن مع ذلك قال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد ولكن قولوا ما شاء الله وحده". ضبط الألفاظ حفظاً لجناب التوحيد.
رسول الله الذي كما في صحيح البخاري عندما ضرب جويريات في حضرته بالدف وهن يندبن بعض من قتل في بدر، فقالت إحداهن: "وفينا نبي يعلم ما في غدي"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين". يعني ارجعي للكلام السابق. وفي رواية حسن إسنادها ابن حجر أنه عليه الصلاة والسلام قال رداً على هذه العبارة: "لا يعلم ما في غدٍ إلا الله". طيب فعلياً النبي عليه الصلاة والسلام يعلم بعض ما في غدٍ أم لا يعلم؟ بلى يعلم ما أطلعه الله عليه من الغيبيات المستقبلية، فكان يمكن أن يقال أن كلمة الجارية هذه تحمل على معنى صحيح، لكنه عليه الصلاة والسلام مع ذلك يحفظ جناب التوحيد ويحافظ على الفرق بين الخالق والمخلوق في نفوس الناس. وهذا من أكثر ما يعظم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوسنا، وهذا الفرق بينه وبين أدعياء النبوة الكاذبين.
في الحديث الذي صححه وجود إسناده جماعة من أهل العلم أن ناساً قالوا: "يا رسول الله يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا"، فقال عليه الصلاة والسلام: "يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق المنزلة التي أنزلني الله عز وجل".
رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي علمنا فقال: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله". كيف لو سمع من يقول بعد وفاته: "يا سندي يا معتمدي في الدنيا والآخرة خذ بيدي"؟ كل هذا ما فيه تعد وتشويش على الناس في أمر عقيدتهم؟ فقال: "وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم؟" هذا حتى في الغيبة والنميمة، فكيف فيما يشوش على الناس توحيدهم؟
حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أي تهاون في هذه الألفاظ. والتوحيد واضح والشرك واضح. فكيف في زماننا وهناك من يطوف بالقبور ويدعو من فيها، وهناك حج رسمي للأضرحة وبإشراف وزارات أوقاف وبتوصيات من مراكز التخطيط الأمريكية لدعم هذه الأنشطة، وهناك شيوخ رسميون يضلون الناس في هذا الأمر ويلبسون عليهم دينهم؟ تيجي حضرتك تساهم في تضليل المضلل وتشويش المشوش أصلاً وتقول لي معنى مجازي؟
الذي يزاود علينا في محبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، هل بتزاود أيضاً على محبة أصحابه له عليه الصلاة والسلام؟ هل كان أصحاب النبي الذين أمرنا عليه الصلاة والسلام باتباعهم؟ هل كانوا يقولون بعد وفاته: "يا رسول الله يا سندي خذ بيدي"؟ أو أي كلام قريب منه في المعنى؟ مرة أخرى أقول بعد وفاته، مش تجيب لي شعر في حياته عليه الصلاة والسلام.
علمنا إمام الرسل صلى الله عليه وسلم أن نحتاط في أمر ديننا كله حتى فيما هو دون أمر التوحيد والتوجه بالدعاء فقال: "إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه". هذا حتى في المأكولات والملبوسات، فما بالكم في أمر الاستعانة والاستغاثة؟
افترض أن كلمات هذه الأنشودة ليست محرمة حرمة قطعية بل فيها شيء من الشبهات، مش أنت بتقول يمكن حملها على معنى مجازي؟ إذا أنت مقر أن ظاهرها مشكل، بتروح بتدفع الناس لما تعلم أنه في أحسن الأحوال شبهة، وأنت تعلم أن كثيراً من الناس عنده استعدادية أن يرتع في الحرام في هذه المسائل لأنه لم يتعلم حرامها من حلالها، وبتقول لنا يمكن حملها على المعنى المجازي؟
خاتمة وتوضيحات شخصية
للعلم إخواني، أنا نشرت المنشور أول أمس وأنا أعلم أنه سيلقى انتقاداً، مع أني أكره جداً أن أخوض في الردود وأنا منشغل بأمر أرجو اجتماع المسلمين عليه مثل موضوع ما يكاد لأطفال المسلمين بل ولأطفال العالم. لكن حفظ عقائد الناس من التشويش أولى الأولويات. وأذكر نفسي وإياكم أن المصلحة لا تعمل على طريقة "ما يطلبه المستمعون"، وأن من سكت عن منكر هيبة الناس أسقط الله هيبته.
ختاماً، على الرغم من وجود نقد جارح إلا أن كثرة الاعتراض تدل على أن هناك في من يتابعني أناساً يخالفونني، وهذا يسرني أن يصل الخير الذي أطمح في وصوله إلى مختلف الفئات. لكن ليسمح لي المخالفون الذين تهكموا وتهجموا أن أهمس في آذانهم: هل هذا الذي فعلته يا من سخرت وتهجمت هو الاستجابة لقول الله تعالى: "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين"؟ أنا عن نفسي حين نصحت حول كلمات الأنشودة نصحت برفق ولين، فهل قابلت الإحسان بالإحسان؟ اسأل نفسك هل كانت عندك نفس الحمية والغضب وأنت ترى الذين يستغيثون بالبدوي والست زينب ويحجون الأضرحة؟ هل كان عندك نفس الاستنكار والاستبسال في الدفاع عن الإسلام وأنت ترى حرماته تنتهك؟
وأقول لمتابعي بشكل عام: قلت لكم في أكثر من مناسبة أنتم عائلتي الكبيرة، فتوقعوا مني أن أكون دقيقاً في المعلومات لكن لا تتوقعوا مني ألا تروا أحياناً بساطة أو عفوية في التعبير مثل موضوع موقع الفتاوى. كم من موقف عفوي أو طرفة وددت مشاركتكم فيها لكن طويتها تجنباً لإحداث اللغط. كم من موقف لم أعقب عليه أو فكرة مهمة لم أطرحها إلى حين إتقان التعبير عنها حتى دفنت الفكرة وفات وقتها. هذا متعب يا كرام. أنا حين أتعامل مع المتابعين لا أتوقع أني أتعامل مع محققين في غرفة يريدون أن يلبسوني قضية بأي شكل ولا مع أعداء متربصين. أحب أن أدخر عدائي لأعداء الإسلام وأن أتصرف مع المسلمين جميعاً على أنهم إخواني.
فأقول ختاماً لمن أساء للعبد الفقير عن جهل وحسن نية: مسامحك دنيا وآخرة، لكن ليتك تبين أنك ظلمته إذا اقتنعت. وأقول لمن أساء بسوء قصد: أسأل الله أن يهديك. والسلام عليكم ورحمة الله.