السلام عليكم ورحمة الله، مساكم الله بالخير يا كرام وبارك الله لكم في هذا اليوم الفضيل.
تشجيع الأطفال على السؤال أثناء قراءة القرآن
أحببت أن أشارككم فكرة، أحيانًا أكون جالسًا مع أولادي نقرأ القرآن سوية، وأثناء القراءة يقاطعني أحدهم فيقول: "بابا، إيش معنى هذه الكلمة؟" وهنا أنصح الآباء والأمهات أن يشجعوا أبناءهم على السؤال أثناء قراءة القرآن.
ممكن تقول: "إذا بدهم يقاطعوني بهذا الشكل ما رح نعرف نكمل!" لا، معلش إخواننا، حتى لو قرأتم صفحتين ولكن الأولاد ثار عندهم الفضول يعرفوا معاني بعض الكلمات، فهذا أفضل بكثير من أن تقرأوا جزءًا كاملًا والأولاد لا يتدبرون. فمجرد أن الولد أو البنت يسأل: "إيش معنى هذه الكلمة من القرآن الكريم؟" سؤال ينبغي أن يستقبل بالحفاوة والاهتمام.
ابنتي تسألني: "إيش يعني نسلكه؟"
كنت قبل يومين جالسًا فنقرأ في سورة الحجر أنا والأولاد وزوجتي، فاستوقفتني بنتي وقالت: "بابا، إيش يعني نسلكه؟" تقصد في قول الله عز وجل: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}.
طبعًا موضوع أسئلة الأطفال العقدية موضوع ضخم ومهم، لكن ليس القصد هنا أن أفتحه بالتفصيل، وإنما يعني خاطرة عابرة قلت أشارككم إياها كيف تعاملت مع هذا السؤال. وإذا يسر ربي عز وجل فلعلي أيضًا أنشر بعض الأسئلة التي كان أطفالي يسألونني إياها تحت عنوان "تسألني ابنتي" أو "ابنتي تسألني" يعني إذا شفتوا هذا العنوان اعرفوا أنه سأتكلم عن بعض الأسئلة التي يسألها الأطفال وكيف نتناولها.
فسألتني بنتي، بنتي لم تتم العاشرة من عمرها، قالت: "بابا، إيش يعني نسلكه؟" فقلت لها: "والله يا بابا أنا أظن بعرف، لكن خليني أتأكد." طلت الموبايل، كتبت: "نسلكه في قلوب المجرمين". أول هيت بيطلع لك قرآن، يعني إلا بتتم اللينك، ضغطت عليه، شفت أقوال المفسرين. قلت لها: "يا بابا، نسلكه يعني ندخله."
وطبعًا أنا مش قاصد هنا أن أتناول موضوع القدر والإضلال والعذاب تناولًا كاملًا، لعل الله عز وجل ييسر في رحلة اليقين أن نتناوله بشكل متكامل. لكن لو سألك ابنك مثل هذا السؤال كيف تجيبه؟
قلت لها: "يا بابا، نسلكه يعني ندخله، يعني نجعل أثر القرآن في قلوبهم بهذا الشكل. القرآن يدخل قلوبهم، هم يفهمون هذا الكلام لغة عربية ويعلمون معنى المفردات، لكن لا يتأثرون به ولا يستقر في قلبهم استقرار إيمان. يعني هم فاهمين إيش معنى الكلام عندما يخاطبهم به النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن مع ذلك لا يؤمنون به. فالله عز وجل يقول: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} هكذا ندخل القرآن في قلوب المجرمين أنهم لا يتأثرون به ولا يؤمنون به."
قالت: "طيب يا بابا، يعني كيف هيك الله بيدخل القرآن بهي الطريقة بيخليهم ما يتأثروا بعدين بيحاسبهم؟"
التعامل مع أسئلة الأطفال العقدية
طبعًا إخواننا، طفلك يسألك مثل هذا السؤال، مهم جدًا نعرف أنه ليس هناك جواب اسمه: "لا لا تسأل هذا السؤال، حرام تسأل هذا السؤال، عيب تسأل هذا السؤال." هذا الجواب مرفوض يا إخواننا. نعم، أحيانًا بعض النقاط فيها إلى التسليم فنقول: "نحن مسلمون نسلم." لكن هذا ما يكون لك لكل شيء، الجاهز الذي نجيب به عن كل الأسئلة. عامة الأسئلة يمكن تناولها بطريقة علمية مقنعة للأطفال.
فأنا استقبلت السؤال بابتسامة: "آه ممتاز، فهمت عليك يا لين، أنت إذن بتقولي كيف الله سبحانه وتعالى سيحاسب هؤلاء مع أنه أضلهم وخلى القرآن ما يأثر فيهم؟ شيء قصدك يا بابا؟" "آه نعم هي قصدي." "طيب تعالي أجاوبك الآن."
إذن إشعار الولد بأنك فهمت سؤاله، وإشعارك بالحفاوة على سؤاله أنه سؤالك مهم وتعال نجيب. طبعًا إخواننا قد يكون الجواب حاضرًا لديك وقد يكون غير حاضر. إذا كان الجواب غير حاضر، تقول: "تعالي يا بابا نطلع الجواب، أنا هلأ بدي أبحث إن شاء الله أو أسأل وأجاوبكم أو اليوم بأجاوبكم." وبالفعل تحرص أنك تجاوب.
من المسؤول عن الإضلال؟
المهم قلت لها: "طيب سؤالك ممتاز. الجواب يا بابا أن هؤلاء هم اللي تسببوا في إضلال أنفسهم. شوف كيف الله عز وجل قال: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} مين المجرمين؟ الذين بدل ما يتأملوا هذا الحق اللي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام صاروا يتمسخروا ويستهزئوا ويعرفوا الحق ولكن مع ذلك ما أرادوا أن يتبعوا. لذلك القرآن لماذا يذكر هذا الكلام؟ علشان ينبهنا على خطورة رفض الحق لما نعرفه، رفض الحق لأول مرة.
لذلك الله عز وجل قال في الآية الأخرى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}. فالفائدة من هذه الآيات أنك تعرف أنه إياك لما الله وضح لك الحق تروح عشان الكبر ولا عشان مجاملة الناس وعشان بغض بعض الناس تروح ترفض الحق اللي جاءك من خلال أي كان. لأن إذا أنت رفضت ممكن الله سبحانه وتعالى يخلي القرآن ما يأثر فيك ويسلك في قلبك مثل ما سلك في قلوب المجرمين. فهذه فائدة هذه الآيات.
تشبيه القلب بالمرآة
ولذلك أيضًا يا بابا الله سبحانه وتعالى عرفنا بعض الأشياء، يعني ممكن تضرب لابنك هذا المثل، مثل بسيط وسهل ليفهمه: "تصور قلبنا كمرآة. المرآة لما تطلع المرآة مسقولة ونقية، تطلع على صورتك بتشوف صورتك على حقيقتها، تعكس الأشياء كما هي. إذا أنت بتلطخ هذه المرآة بالطين ما راح تعود تشوف الأشياء زي ما هي. يعني تصور أنها لطخت مرآة بطين بعدين رحت حطيت تفاحة أمام المرآة، هل حتشوفها بوضوح؟ لا ما حتشوف بوضوح." طبعًا أنا بسألهم ويجاوبوا عشان نكون في تفاعل في السؤال والجواب.
وكذلك إذا الإنسان الله سبحانه وتعالى فهمه وعلمه في القرآن مرة والمرة أنه: "إياك يا إنسان تعصي، تستكبر، تجحد، وإلا فستلطخ مرآة قلبك." قال الله سبحانه وتعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. أنت لما تعصي الله ورسوله شو اللي عم بيحصل؟ عمالك بتلطخ قلبك. نعم هم السبب، لأن الله عز وجل قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
فهي فائدة هذه الآيات يا بابا أنه إحنا ما نرفض الحق لما نعرفه أول مرة، وأنه نحذر نلطخ مرآة قلبنا بحيث ما تعود تعكس صورة الأشياء على حقيقتها، ما تشوف الحق حق ولا الباطل باطل. ورقم ثلاثة هذه الآيات علشان تخلينا نتواضع أمام الله سبحانه وتعالى. لا تتصور يا الإنسان إنك تتكبر على الله وتتكبر على الحق الذي علمته ومفكر أنك إذا قررت في يوم من الأيام تهتدي بكبسة زر بتهتدي والأمر بإيدك. لا، الله بينبهك أنك إذا رفضت الحق أول مرة فممكن يقلب قلبك بحيث ما يعود يشوف الحق أصلًا.
علشان تتواضع لله سبحانه وتعالى الذي قال في الحديث القدسي: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم." مش تظن أن الإسلام بده يلحقك والقرآن بده يلحقك وأنت تتكبر وتعصي وتجحد وتستهزئ، بعدين بكبسة زر إذا قررت رح تهتدي. لا لا، تواضع لله سبحانه وتعالى.
رحمة الله حتى مع المجرمين
وقلت لبنتي أيضًا مع هذا كله الله سبحانه وتعالى رحيم إذا علم أن الإنسان فيه خير يعطي له فرصة وكمان فرصة وكمان فرصة. لذلك قال الله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ}. {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ}. لكن الإنسان الجاحد ما بيستحق هذه الفرص. فلذلك إحنا ما نقول: "ليش يا ربي تعمل هيك مع المجرمين؟" طب هم مجرمين. المهم أنت يا الإنسان ما تكون مجرم.
وذكرتُ بأن النبي عليه الصلاة والسلام لما بعث في قومه مضى عليه سنوات طويلة، هناك من حارب دعوة النبي عليه الصلاة والسلام حوالي 17 عام ثم أسلم في نهاية المطاف. يعني الله سبحانه وتعالى إن علم في قلب إنسان خيرًا فإنه لن يختم عليه. لكن المجرم المستكبر اللي ما بيستحق الهداية لن يهديه الله.
فكرة حبيت أشاطركم إياها، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يعيننا على تربية أولادنا على محبة الله ورسوله. والسلام عليكم ورحمة الله.