→ عودة إلى مرئيات

جريمة جرش

١٥ نوفمبر ٢٠١٩
النص الكامل للمقطع

جريمة جرش

السلام عليكم ورحمة الله. سمعت التفاصيل فأصابني غم وحزن، وقلت لا بد أن نقف وقفة مع مثل هذه الحادثة ونذكر بأمور حتى لا تتكرر هذه البشاعات.

حسن اختيار الزوج

بدايةً إخواني، حسن اختيار الزوج. قول النبي صلى الله عليه وسلم والذي نحفظه جميعاً: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه". إذن المعيار هو الدين والخلق، ليس ابن عمها ولا قريبها ولا غيره. ثم صاحب الدين والخلق تتساهل معه المرأة وأهلها في الناحية المادية.

التعامل مع الزوج الفاسق

ثانياً: نساء متزوجات ووقع تلف بالرأس، وما كان صاحب دين ولا خلق، بل تبين أنه رجل فاسق مجرم لا يخاف الله في زوجته. هل يقول الأهل للزوجة: اصبري عليه، بلاش تترمي بالشارع، تحملي وبعدين الله بيهديه؟ هل مطلوب من الزوجة أن تصبر على زوج هذا حاله؟ لا طبعاً، بل هذا ظلم لها ويجب السعي في التفريق بينهما.

موقف المجتمع من الطلاق

طيب، لماذا يستصعب الناس الطلاق جداً؟ ليش الناس بيستصعبوا الطلاق كثيراً هذه الأيام؟ هذا ينقلنا للنقطة الثالثة ألا وهي موقف المجتمع السلبي جداً من الطلاق والمطلقة. النظرة الدونية للمطلقة والتي هي بخلاف شريعتنا. كان يحدث الطلاق يا جماعة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ثم تتزوج المطلقات، وتزوج نبينا زينب وهي مطلقة. فمن الظلم والجهل النظر للمطلقة نظرة دونية.

وهذا بشكل عام أن هناك علاقات أسرية الحل هو في إنهائها. يأتي الأمر الرباني: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان". إذا بدك تبقي على الزوجة فبالمعروف، وإذا بدك تطلق فبالإحسان. وللإمساك بالمعروف كنا قد نشرنا مادة ندى تشتكي لعائشة لنُظهر ونُبَيِّن كيف كان تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه.

أحكام القصاص في الإسلام

طيب، لما يكون الناس مطيعين لله بالفعل، وإذا حصل طلاق ماذا يحصل بعدها؟ قال الله تعالى: "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص".

سؤال: هو أصلاً العقوبة متروكة للتقدير البشري حتى نقول نغلظها أو لا نغلظها؟ ألم تسمعوا قول الله تعالى: "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص". الحكم الشرعي هو القصاص. إذا أراد صاحب الحق أن يتنازل طوعاً من تلقاء نفسه، فكما قال الله تعالى: "فمن تصدق به فهو كفارة له"، يعني يحط الله به من ذنوبه. لكن الحق يبقى له أن يقتص أو يعفو. هذه شريعة ربنا عز وجل يا جماعة.

في الحديث الذي رواه البخاري أن يهودياً اعتدى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جارية، على بنت، فأخذ أوضاحاً كانت عليها يعني حلياً، ورضخ رأسها يعني كسر رأسها هذا المجرم. فأتى بها أهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في آخر رمق وقد أصمتت يعني مش قادرة تحكي. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتلك؟ فلان؟" يعني لشخص غير الذي قتلها، فأشارت برأسها أن لا. قال: "فذكر لها رجلاً آخر"، فأشارت أن لا. فقال: "فلان؟" عن قاتلها القاتل بالفعل. مثل ما عمل بالبنت القصاص، بنت ولد، امرأة رجل، الحكم هو القصاص.

وفي الحديث الذي رواه البخاري أيضاً يا كرام أن الربيع وهي عمة أنس بن مالك كسرت ثنية جارية من الأنصار، سن، مجرد سن. فطلب القوم القصاص، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر النبي بالقصاص. سن نعم، ومع ذلك أمر بالقصاص. لكن القوم قبلوا بالأرش بعد ذلك، يعني بالعوض.

المسلم مكرم يا جماعة، ذكراً كان أو أنثى، وحقه محفوظ في الشريعة، ومن يريد أن يعتدي عليه فله رادع يكفه عن بغيه وعدوانه.

تطبيق الشريعة والدعاء

فيا كرام، هذه الجريمة المدمية للقلب هي إحدى نتائج تغييب مجتمعاتنا لشريعة ربها عز وجل في أحكامها، في نظرتها للمطلقة، في اختيار الزوج، في التعامل مع المشاكل الأسرية، في كل شيء. والله المستعان.

فنسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً، لأنه والله ما نراه بشع جداً، بشع جداً، مؤلم جداً، مش معقول يعني مرحلة من التوحش غير مسبوقة في التاريخ. والله المستعان. ونسأل الله تعالى أن يلطف بهذه الأخت، أن يلطف بها وبأبنائها الذين شاهدوا هذا الحادث الأليم، وأن يربط على قلوبهم، وأن يخفف عنهم. ونسأله تعالى أن ينور بصيرة هذه الأخت ويعوضها خيراً، وأن يرزقها النظر إلى نعيم الجنة. والله المستعان. والسلام عليكم ورحمة الله.