→ عودة إلى مرئيات

حتى تَكون قلوبنا سليمة للشريعة

٢٧ يوليو ٢٠١٤
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم إخوة الكرام.

مقدمة: حب الشريعة لا النماذج البشرية

قد نختلف أو نتفق مع نموذج هنا أو هناك يقول أنه يطبق الشريعة، وليس هدفنا هنا تأييد أي من هذه النماذج البشرية أو التبرؤ منها. إنما أن نبقى محبين لشريعة الله، ولا نتصور للحظة أنها لم تعد صالحة لزماننا، أو نشك في عدلها ورحمتها. ومن أساء تطبيقها فإثمه على نفسه ولا يُحسب على شريعة الله تعالى.

هدفنا هنا هو أن نبقى محبين للشريعة، تواقين للتمكين لها، ساعين لذلك، معتزين بها، وأن نلقى الله بقلب سليم للشريعة التي ارتضاها لنا.

ماهية الشريعة

الشريعة التي نتكلم عنها هي شريعة الرحمن الرحيم الرؤوف الحليم، القائل: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}. هي التي يأمر منزلها سبحانه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.

هي التي أنزلها الله تعالى تخفيفًا على عباده لعلمه بضعفهم، فقال: {يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا}.

الشريعة ودورها في المجتمع

الشريعة التي نتكلم عنها ليست شيئًا يطبقه الحكام على المحكومين، وكأننا غير مخاطبين بها، وكأنها تلقى علينا من فوق رؤوسنا، وإقامة العدل على نفسه قبل إقامته عليهم.

هي التي تصبح فيها الأمة جسدًا واحدًا، وتتحرر من سلاسل النظام الدولي الذي يستعبدها ويذلها وينهب خيراتها. هي التي يعز في دولتها شأن الفرد المسلم، كما لا يعز شأن أي فرد في أي دولة أخرى. فتنتصر دولة الشريعة للفرد، وتحرك الجيوش لأخذ حقه وتحريره من أسره والاقتصاص لدمه، كما حرك رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش مؤتة، وأجلى بني قينقاع، وبايع صحابته على الموت في بيعة الرضوان، وجهز بعث أسامة. كل ذلك لأجل أفراد.

فوائد الشريعة

الشريعة التي نتكلم عنها هي التي تمنع المفسدين من نهب أموال المسلمين وتخزينها في سويسرا بينما جيرانهم يأكلون من المزابل.

هي التي تسعى لكفاية المرأة والرجل والصغير والكبير والمسلم والنصراني من الطعام والشراب والعلاج والأمان والكرامة والتعليم.

هي التي تكرم المرأة وتصونها أن يتخذ جسدها سلعة رخيصة، لتنطلق لعمارة الأرض والتميز في مجالات العلوم ونفع البشرية.

هي التي يختار فيها المسلمون من يحكمهم بشرع الله فيرحمهم، ويجعل شدته على الكفار المحاربين.

الشريعة والعدل وحسن الظن

هي التي يشيع فيها حسن الظن، ولا يطلق فيها أوصاف الخيانة أو الكفر على أحد دون بينة شرعية معتبرة، ويحاكم فيها المتهم محاكمة عادلة يعطى فيها فرصته للدفاع عن نفسه.

هي التي يوفر فيها للناس ما يحتاجون لإشباع غرائزهم بالحلال، فلا يقام فيها حد إلا نادرًا على من كفوا بالحلال فأبوا إلا أن يفسدوا ويقتحموا أبواب الحرام.

جوهر الشريعة

هذه هي الشريعة يا سادة، أجواء نظيفة يعيشها الناس وينشأ عليها الأطفال، ويساهم الجميع في حمايتها. هذه هي الشريعة: طهر وعفاف وعزة وبر وحلم ورفق وبركة.

الشريعة والتسامح مع المخالفين

إن كان المجتمع النبوي الذي بلغ الذروة في إقامة الشريعة قد اتسع لأمثال عبد الله بن أبي بن سلول رأس النفاق، مع أنه آذى النبي وكاد للمسلمين، اتسع له لأنه لم يعلن كفره صراحة.

"اعدل يا محمد فإنك لم تعدل" ومع ذلك يصبر ويقول: "ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل". فالشريعة التي نتكلم عنها قد يسب السفهاء الحاكم المسلم علانية فيسامحهم ويصبر عليهم، لأنه لا ينتقم لنفسه، إنما يغضب إذا انتهكت محارم الله.

الرد على من يخشى الشريعة

هذه هي الشريعة التي نتكلم عنها، فإن كان هناك بعد ذلك من يختنق بهذه الأجواء النقية، ويزكم أنفه، وتحترق عيناه من نور الشريعة، ويغيظه التطهر كما أغاظ قوم لوط، لأنه لا يستطيع أن يعيش إلا بزناً علنيًا يسهل أن يؤتى عليه بأربعة شهود، وإلا بشرب الخمر الذي يظهر للمجتمع من رائحة فمه ورعونة تصرفاته والنجاسة على سرواله، وإلا بالسرقة من أرزاق الآخرين مع أن الشريعة سدت رمقه.

فهذا حق له أن يخاف من الشريعة، ليريحنا من عويله وصراخه وتخويفه من الشريعة، لأنه لا يمثل ولا حتى عصاة المسلمين الذين قد تدمع أعينهم لذكر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ويحبون الشريعة التي نتكلم عنها في قرارة أنفسهم، بل وسيسهمون في إقامتها.

والسلام عليكم ورحمة الله.