→ عودة إلى مرئيات

درعا و الحدود...

٢ يوليو ٢٠١٨
النص الكامل للمقطع

درعا والحدود

السلام عليكم إخواني. كان موضوع الخطبة الموحدة المفروض من وزارة الأوقاف ليوم الجمعة الماضية هو "الإحسان". بعض الخطباء حاول الخروج عن النص قليلًا وربط الواقع بموضوع الخطبة. فبعدما تكلموا عن المحاور المفروضة، قالوا عبارات مثل: "ومن الإحسان الإحسان إلى أهلنا في درعا بفتح الحدود لهم".

وهنا لا بد لنا من وقفة. جزى الله هؤلاء الخطباء خيرًا على حرصهم ألا يبتعدوا عن واقع المسلمين في الخطبة، لكن هذا الذي ذكروه ليس من الإحسان، ولا بد من تسمية الأمور بأسمائها الصحيحة.

الإحسان أم الواجب؟

ربما لو كان أهل درعا بوذيين أو هندوسيين أو مجوسًا، فسيكون حينئذٍ من الإحسان فتح الحدود لهم. أنا أقول "ربما" لأنه لا يبعد أن يدخل الأمر في حيز الوجوب بحسب الحال والملابسات، لأن نصر المظلوم على الظالم من ديننا حتى لو كان المظلوم من غير المسلمين.

أما عندما يكون جارك مسلمًا، ففتح الحدود ليس إحسانًا، بل وليس هو الواجب المتحتم. بل الواجب المتحتم هو نصر إخواننا المسلمين والهبة يدًا واحدة على أعدائهم. قال الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ}.

قد تقول: "العين بصيرة والإيد قصيرة". تخاطبنا نحن كأفراد بما حالت بيننا وبينه الحوائل. نسميه بالإحسان كأنه فضل وتكرم، والواجب في هذه الحالة هو المناصرة الكاملة. فكيف عندما يُسمى ما هو دون ذلك بالإحسان؟

مثال توضيحي

إذا هجم قطاع طرق على جيراني، فوقف نساؤهم وأطفالهم ببابي يطرقون ويستنجدون، وبقي رجالهم يدافعون، فلم أفتح بابي، أو فتحته بعد أن قتل قطاع الطرق من الأطفال والنساء من قتل وسحلوا من رجالهم في الشوارع من سحلوا. تصوروني أقول حينئذٍ: "هل يستطيع أحد أن يلومني؟ أليست الدار داري والباب بابي؟ هل هناك ما يجبرني على التصرف بغير هذا؟"

أدلة من القرآن والسنة

هل أنزل الله يا ترى: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}؟

هل أنزل الله: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}؟

هل قال النبي صلى الله عليه وسلم يومًا ما: "ما من امرئ يخذل امرأ مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته"؟

مجرد تساؤلات. من لم يعرف الإجابة عنها اليوم، فسيعرفها حين يدفع الثمن. نسأل الله تعالى أن يفرج عن المسلمين جميعًا ما هم فيه من ذل وهوان. والسلام عليكم ورحمة الله.