السلام عليكم
مقدمة: مشاهد متناقضة من سوريا
مشهدان من سوريا، نشاطٌ طيبٌ جدًا للأخوات في نشر الحجاب، واستجابة وإقبال من بنات سوريا، زادهن الله تُقًا وإيمانًا وطاعةً لربهم.
في المقابل، مشاهد مؤلمة من احتفالات رأس السنة، اختلاط ورقص في غفلةٍ شديدة.
خصوصية سوريا واختبار النعمة
طيب، لماذا الحديث عن سوريا بالذات؟ أليس هناك مشاهد مشابهة بل وأشد في بلادٍ أخرى من بلاد المسلمين؟ بلى، ولكن سوريا لها خصوصيَّة النِّعمة القريبة التي أنعم الله بها عليها. كما أني أعلم أن لنا أحبابًا في سوريا تربطنا بهم أخوة الإيمان، فأحب لهم ما أحب لنفسي.
نعلم أن مظاهر الغفلة هذه لا تمثل أهل سوريا. لكن من قبيل التذكرة نقول لأهلنا هناك، من شارك في هذه المظاهر ومن سكت ولم ينكر: تذكَّروا قول الله عز وجل حكايةً عن موسى عليه السلام قال: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾.
قد أسخَط الله النظام المجرم الذي سامَكم سوء العذاب كما فعل فرعون ببني إسرائيل. والآن الله تعالى ينظر إليكم ليرى أعمالكم. المعصية بعد الإنعام أقبح، وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون.
جرت عادة كثير من الأقوام أن تقسوا قلوبهم ويغفلوا عن ربهم عز وجل مع مرور الزمن، فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم. بينما في حالتكم نعمة الله قريبة جداً، لم يمر عليها شهر. الحرب لم تنتهِ بعد، بل الكل يتربص بكم، وأمامكم مهام صعبة ضخمة. ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾.
التحذير من الغفلة بعد النجاة
من أكثر الظواهر التي يتكلم عنها القرآن غفلة الإنسان بعدما ينجيه الرحمن: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ﴾. فاحذروا أن تكونوا على هذه الشاكلة، ولا تحسبوا أنكم في مأمن من بلاء جديد: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾.
لكم إخوةٌ في غزة والسودان يدعون: "اللهم انصر من نصرنا واخذل من خذلنا".
الفرح المشروع والفرح المذموم
هل يعني هذا أن لا نفرح في حياتنا حتى لا نكون خاذلين لإخواننا؟ بل عندما سقط الفأر الهارب، سارعت أنا شخصياً إلى التأكيد على أن المسلمين عموماً ينبغي أن يفرحوا ويشاركوكم فرحتكم. لكنَّ الخُذلان هو أن نعصي ونرقص على جراح إخواننا بدل أن نسعى لنُصرتهم بما نستطيع، بما في ذلك الدعاء والطاعة، لينظر الله إلينا نظر رحمة.
هذا الفرح مع الغفلة هو الذي لا يحبُّ الله أهله، إذ قال له قومه: ﴿لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾، يعني فرح الغفلة والبطر.
دعوة للتوبة والشكر
فلنستغفر ربنا إخواني، ولنعزم على تجديد العهد معه سبحانه، وأن نكون من الشاكرين، وأن ننكر المنكر ولا نسكت عنه ولا نقره. فلا والله لا نستغني عن ربنا طرفة عين.
وفقنا الله وإياكم لطاعته، والسلام عليكم ورحمة الله.