→ عودة إلى رحلة اليقين

ملحق - الحلقة 48 - كشف الحقائق - مناقشة لبعض ما نشر في أعقاب حلقتي الدحيح

٣ أغسطس ٢٠١٩
النص الكامل للمقطع

السَّلام عليكم ورحمة الله.

مقدمة: طبيعة ردود الأفعال

إخواني الكرام، من تابع منكم ردود الأفعال على الحلقتين المتعلِّقتين ببرنامج "الدَّحِّيح" لاحظَ -بلا شكٍّ- الخير العظيم في كثير من الشَّباب اللي يمكن يكونوا في الظَّاهر بعاد عن الدِّين، لكنْ لمَّا عرفوا أنَّ إسلامهم مُستهدَفٌ وأنَّ هناك من يُخادعهم باسم العلم؛ ليسلبهم ما تبقَّى من إيمانهم، استيقظ فيهم مارد الخير والمحبَّة لله ولدينه. وأنا أحيِّي هؤلاء الإخوة وأقول لهم: والله إنِّي بحبكم على خيريَّتكم، ورفضكم أن يُضحك عليكم ويُسرق منكم إيمانُكم.

واللي تابع، سيلاحظ كذلك طبيعة الرُّدود من المدافعين عن ترويج الإلحاد والخرافات. وهنا اسمحوا لي أوضِّح شيئًا مهمًّا علشان نكون دقيقين في الكلام: ليس كلُّ من عارضني يدافع عن برنامج "الدَّحيح"؛ هناك من عنده اعتراضٌ على أسلوبي وما إلى ذلك، وكلمتي ليست عن هؤلاء؛ لأنَّ هناك ما هو أولى.

الكلمة هي عمَّن يدافعون عن مثل هذا البرنامج، وحتَّى هؤلاء، لا أعتبرهم كلَّهم مروِّجين للإلحاد أو يتعمَّدون الدِّفاع عن ترويج الإلحاد، لكنَّهم في المحصلة لما بيستميتوا في الدِّفاع عن مثل هذه البرامج هم بالفعل يدافعون عن ترويج الإلحاد والخرافات من حيث عَرَفوا أم لم يعرِفوا.

أنا عارف إن بعض المعترضين عليَّ كانوا مستمتعين ببرنامج زي برنامج "الدَّحيح" ومش حابِّين أصلاً يقتنعوا بأنَّ البرنامج فيه مشكلةٌ كبيرةٌ؛ لأنَّهم بيحبّوا كوميديا البرنامج أو بيحبوا طريقة عرض بعض الأفكار العلميَّة، لكن مش قصدهم يدافعوا عن الإلحاد. يمكن بعضهم يدافع عن هذه البرامج؛ لأنَّه لسا مش مقتنع إنَّه بيبث الإلحاد والخرافات، أو يمكن -للأسف- قلبه متشرِّبٌ للشُّبهات وصار عنده أفكار إلحاديَّة. هؤلاء الشَّباب كلّهم -يا إخوانا- خلينا ناخد بيدهم، ونطوِّل بالنا عليهم ولا نُنفِّرهم بأسلوبنا؛ لعلَّ الله يهديهم بنا.

وعارف في المقابل إن بعض المعترِضين ممكن يكون عنده خصومة فكريَّة مع العبد الفقير فجاي يطلّعه غلط بأيِّ طريقةٍ، لكنَّ هذا التَّعصُّب والأحكام المسبقة خلوه مش ملاحظ -للأسف- أنَّ الثمن اللي عمَّال بيدفعه هو الدِّفاع عن نشر الإلحاد. وممكن يكون في أسباب أخرى، فاللي بيخالفونا ليسوا سواءً، وميصحش نضعهم في بوتقة واحدة.

رسالتان مهمتان

أنا هنا أحاول أني أوصّل رسالتين: الرِّسالة الأولى: هي التَّأكيد على أنَّ هناك مظلَّةً سيِّئةً من أهدافها نشرُ الإلحاد، وبرنامج "الدَّحِّيح" مُجرَّد أحد هذه البرامج الّتي تعمل لهذه الأهداف، وهذه المشاريع كَثُرت -للأسف- في بلاد المسلمين المختلفة، هذه الحقيقة لازم تكون واضحةً بلا مواربةٍ ولا مجاملةٍ ولا ترقيقِ عباراتٍ.

الرِّسالة الثانية: هي أنِّي أريد أن ينتبه الجميع لهذه المظلَّات وينفضُّوا عنها، حتَّى اللي بتعتمد عليهم هذه المظلَّات بما فيهم أحمد الغندور (الدَّحيح)، وفريقُ عمله؛ فنحن نحبُّ لهم أن يتركوا ترويجهم للإلحاد والخرافات ويخرجوا من هذه المنظومة؛ لأنَّنا في النِّهاية يا -إخواننا- مِن أمَّةِ مَنْ قال الله له: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالمَينَ﴾ [الأنبياء: 107]. احنا يا -إخواننا- لازم نتصرَّف وفي بالنا إن معندناش خصومةً شخصيةً مع حد؛ وإنَّما نوالي في الله، ونُعادي في الله، ليس هدفنا تحطيم النَّاس، وإنَّما دعوتهم لطريق الهداية والإنتاج العلميِّ النَّافع.

تحييد الأشخاص في النقاش

فخلينا أنا وإياكم -يا من تخالفوننا- نتَّفق على شيء: عندك عقدةٌ مِن الملتحين وبتعمِّم عليهم كلُّهم؟ ما فيش مشكلة، اكرهني! لكن متخلّيش كرهك لي ولغيري يرميك في أحضان الإلحاد والخرافات، ويخلِّيك تدافع عن نشرها. عندك خصومةٌ فكريَّةٌ معايا؟ مفيش مشكلةٌ، نتحاور، لكن يا ريت تعمل هذا الكلام كلّه بعيدًا عن الدِّفاع عمَّا يسبِّب الإلحاد والشُّبهات الهدَّامة لشباب المسلمين. تعال نبعد أنا وياك عن المظلَّة السيِّئة دي ونختلف بعديها زي ما انت عاوز.

منتفعٌ حضرتك من هذه المظلَّة الإعلاميَّة وبتاكل منها عيش؟ يمكن مش حقدر أقنعك تتَّقي الله ليرزُقك من حيث لا تحتسب، لكن على الأقلِّ خد بالك لتروح توصل لمرحلة الانحياز التَّام لترويج الإلحاد والخرافات والدِّفاع عنها، فتتحوَّل مشكلتك من ضعفٍ في الوقوف مع الحقّ، إلى قوَّة في نصر الباطل! فخلّينا -يا جماعة- نتَّفق على تحيِيد أشخاصِنا في أثناء نقاش مثل هذه المواضيع.

صنف المدافعين عن ترويج الإلحاد: الكذب والافتراء

في المقابل، هناك صنفٌ آخر، وهو موضوعنا الرئيسيُّ لهذه الكلمة، وهو فريقٌ مِن المدافعين عن البرنامج لمَّا عجز عن ردِّ الحُجَّة بالحجَّة لجأ إلى الشَّخصنة والافتراء، وسلوكه هذا بيدلُّ على أنَّه مش طالب للحقِّ بل كذَّاب، ويسعى لتضليل النَّاس كمان. حنشوف كيف كان سلوك هذا الصّنف من النَّاس لفترةٍ طويلةٍ بعد كلمتي الأخيرة وقبل أن يخرجوا علينا بما سمَّوه: (مناقشةٌ) لمحتوى كلامي، أو (ردودٌ علميَّةٌ) مِن طرفهم، واللي حنشوف حقيقتها وعلميَّتَها المدَّعاة في نهاية الكلمة كمان.

لو كنتَ -يا مَن تتكلَّم في العبد الفقير- تفتري عليَّ بشكلٍ عامٍّ -بعيدًا عن هذه المعركة- وفيما لا يصبُّ في صالح الإلحاد والخرافات فليك مني إني ما انشغلش بيك ولا ألتفت ليك، أمَّا إذا عايز تكذب وتفتري في الشَّخصنة؛ لتنصر الإلحاد، أو مش فارقة معاك إن كذبك بينصر الإلحاد والخرافات، فلأ! أنا مضطرٌّ أبيِّن حقيقتك، مضطرٌّ أبيِّن كذبك، وجهلك، وقلّة أمانتك؛ علشان نتساءل بعدها: يا ترى، اللي بيتصرفوا بهذه الطريقة هل هم أصحاب مصداقيَّةٍ؟ هل يُؤتَمنون على العلم أو الإعلام؟ هل بيستاهلوا الشباب يسمع ليهم؟ مضطرٌّ أبيِّن إنك لما بتكذب وتفتري لإسقاط مصداقيَّة من يكشفون الإلحاد فأنت تغامر بعقول وعقائد الشَّباب لمشاكل شخصيَّةٍ عندك، تغامر بعقول وعقائد الشَّباب لمشاكل شخصيَّة عندك: خصومتك الفكريَّة مع غيرك، أو عقدك النَّفسيَّة، أو أكل عيش، أو دفاعًا عن إلحادٍ بتتعصَّبله مش عاوز تسيبه.. ترى -يا اخوانا- الّذي يدافع عن الباطل سيضطرُّ للكذب، وكلَّما تكلَّم ظهر كذبه أكثر فأكثر. تعالوا نشوف مَنْ تنطبِق عليه هذه القاعدة.

حتكلَّم عن ثلاثة محاورٍ اشتغل عليها جماعة الخرافات والافتراءات: المواقف الفكريَّة (للعبد لله)، محاولة التَّخلُّص منه، وكفاءته العلميَّة. وخلينا نبدأ بالمواقف الفكريَّة.

المحور الأول: المواقف الفكرية

شوفوا يا أحبّة! أنا لما بيَّنت أنَّ برنامج "الدَّحيح" يروِّج للإلحاد والخرافات رجعت لـ (18) حلقة من حلقاته وجبت كلامه بالصَّوت والصُّورة، كان الردُّ الأوَّل -المتوقَّع من الآلة الإعلاميَّة الضَّخمة اللي ورا "الدَّحِّيح" بأذرُعها المختلفة وميزانيَّتها المفتوحة- أنها تُكذِّب ادَّعاءاتي، وتردُّ عليَّ ردًّا علميًّا أيضًا؛ لتحافظ على مصداقيَّتِها. مقدروش، طيّب ما فيش مشكلة.

كان ممكن هذه الآلة الإعلاميَّة تلتفَّ على الموضوع وتتهرَّب من المواجهة، وتحاول تطعن في مصداقيَّتي العلميَّة، يعني بلاش يردُّوا عليَّ كلامي عن "الدَّحِّيح"، لأ، خليهم يروحوا يطلَّعولي أخطاءً علميَّةً -أنا التاني- من حلقاتٍ أُخرى غير متعلِّقة بالرَّدِّ على "الدَّحِّيح"! (46) حلقة في "رحلة اليقين" -اللي بحارِب فيها الإلحاد والشُّبهات وبَبْني فيها الإيمان على أسسٍ علميَّة- كان ممكن يمسكوا هذه الحلقات، يسمعوها كلمةً كلمةً، ويحاولوا يطلَّعوا منها أخطاء، علشان يخطؤوني في أي حاجة، ويشوِّشوا على ردِّي على "الدَّحِّيح"، هم لو عملوا كده مش حيكون أسلوب علمي، لكنَّهم برضه معملوش، لأنَّهم لن يستطيعوا لأنّي -والحمد لله- ما بنشرش كلمةً واحدةً إلَّا بعدما أتحقَّق منها بنفسي، أتحقَّق منها بنفسي، وأرجع للمصادر، وأستشير أصحاب الاختصاص.

طيب، يعملوا ايه بأه؟ طلع لينا ناس سابوا كلَّ حاجة متعلَّقة بالعلم اللي بتكلم بيه، وجاؤوا إلى شخصي كـ (إياد)، وما بدأوش من ناحية الكفاءة العلميَّة، لأ؛ راحوا ينبشوا عن مواقفي الفكريَّة والسِّياسيَّة اللي مش على هواهم قبل (6) سنوات، يعني من أيَّام الثَّورات العربيَّة، طبعًا -يا اخوانا- هذا بحدِّ ذاته هروبٌ جبانٌ، وهزيمةٌ فادحةٌ: إني أكلِّمك بالعلم والأبحاث، تروح تردّ عليَّ بطروحاتي الشَّرعية، هذا بحدِّ ذاته دليل إفلاسٍ كاملٍ وعجزٍ كلِّي، وإنّك مش طالب حقٍّ. لكن معلش، ما فيش مشكلة شخصنوا الموضوع حنكمل معاكم علشان نشوف مدى أمانتكم ومصداقيَّتكم.

المتهرِّبون من النقاش العلميّ، اللي اشتغلوا بالشَّخصنة استغلوا أنه غالبيَّة الناس ما يعرفوش حاجة خالص عن مواقفي ومقالاتي قبل (6) سنين وبالتَّالي يا مَسْهل أن يحرِّف هؤلاء المتهرِّبون على كيفهم، وكأنّ ما فيش أرشيفٌ محفوظٌ من كلماتي وفيديوهاتي الي حنرجعلها الآن.

اتهام "الدعشنة"

أولاً: بدأوا بالصورة النمطيَّة والقوالب الجاهزة المبتَذَلة: (الدَّعشَنَة)! هناك من نشر مقالاتٍ بهذه الدعوة، لكنْ مقالهم هذا لقي سخريةً وتسخيفًا شديدًا من النَّاس الواعية، فاضطرَّت الصَّفحة تسحب المقال، بعدين نزّلته، ازداد الاستهزاءُ -استهزاءُ الناس- واشتدَّت الرُّدود عليهم، شطبوا المقال مرَّةً ثانيةً ونزَّلوا منشور يُعرِبون فيه عن خيبة أملهم من التَّعليقات، ويتباكَون على جهل المواطن العربيِّ المتعصِّب! يعني يا إما توافقهم على افترائهم، يا إما انت جاهل ومتعصِّب! لا معلش.

إذا أنتم يا مهتمِّين بالإنسانيَّة -حسب صفحتكم- واثقين من كلامكم خلّوه، ودافعوا عنه، وجيبوا الأدلَّة عليه من (أرشيفي)، أرشيفي موجود. ولا يا ترى لاحظتوا لما رجعتم للأرشيف بتاعي إني كنت من أوَّل من انتقد هذه الجماعة نقدًا شرعيًّا مفصَّلًا في حادثةٍ حادثةٍ، حتى أَنِّي تعرَّضت للأذى والاعتداء بسبب ذلك. ولا ليكون قرأتوا في الأرشيف مقال (المَحْرَقَة) اللي شفنا مصداقَه في الواقع؟ ولا قرأتوا كلمة (تبرئة الإسلام) اللي ببرَّأ فيها الإسلام من كلِّ الجرائم التي مُورِست باسمه؟ ولا عشرات المقالات اللي بتبيِّن المفاصلة المنهجيَّة الواضحة مع أيِّ جماعة أساءَت لصورة الإسلام، وسنضع مقتطفاتٍ في التعليقات للي مبيعرفوش أي حاجة عن هذا الكلام علشان يشوفوا كيف أن الكذَّابين لا يستَحُون، و«إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) فكلُّ واحدٍ بيستخدم صورة الدعشنة النمطية حنقوله: لا تحذفوا مقالاتكم، ارجعوا انشروها وجيبوا أدلَّةً عليها، يا إما تعتذروا لقرّائكم عن الكذب، يا إما متتوقعوش من الشَّباب يصدِّقوكم بعدما ظهرتم على حقيقتكم.

إذن هذه الفِرية ما ظبطتش مع جماعة الخرافات والافتراءات، واللي بيستخدمها بيصبح مسخرة للشَّباب الواعي، وبتسقط مصداقيَّته، لجأوا لغيرها.

اتهام "الترفق والمهادنة" مع داعش و"رفض قتالهم"

كاتبٌ في "العربي الجديد" -لا يعنيني ذِكر اسمه وإنَّما أذكر كلامه لأنَّه يمثِّل أسلوبًا آخر تستخدمه جماعة الخرافات-، هذا الكاتب يكتب مقالةً ويقول فيها: "القنيبي الَّذي طالما تحدَّث عن تنظيم الدَّولة الإسلاميَّة (داعش) مُترفِّقًا ومُهادِنًا حتَّى وهو ينتقد إِيغالَهم في دماء المسلمين، والَّذي طالما أيضًا رفض قتالهم سواءً على يد الفصائل السُّوريَّة أو على يد التَّحالف الدَّولي..." أيوة، إذن أنت معترفٌ بإني بنتقد الإيغال في الدماء، بس مشكلتك إني بترفَّق بيهم ورفضت قتالهم!

تعالوا -يا إخوانا- نطبِّق القاعدة: لما الواحد بيدافع عن باطلٍ -كما تفعل جماعة الخرافات- فكلّ ما يحاول يدافع حيضطرُّ يكذب أكثر فأكثر. أوَّل حاجةٍ: صاحبنا بيقول إنّي رفضت قتالهم، والصَّحيح أنِّي كنت أرفض أيَّ قتال بين المسلمين، بل وأوَّل قتال رفضتُه واستنكرتُه هو قتال هذا التنظيم للفصائل الأخرى، وكنتُ أعلّق على حادثةٍ حادثةٍ، بالاسم، وأنكر فيها على من يقتلون إخوانهم المسلمين، ويكونون هم الخصمَ والحكمَ، وأنَّ هذا ليس من الشَّريعة -الَّتي يرفعون شعارها- في شيءٍ.

ثانيًا: صاحبنا عاوز يقنعك إني رفضت قتالهم لأنَّهم (رفقاء المنهج) على حدِّ تعبيره كما يقول في مواضع في مقالاته. روح حضرتك شاهد لي كلمة (أُخوَّة الدين أم أُخوَّة المنهج) روح بالله عليك شوفها الَّتي نشرتها في: 25\04\2014 واللي بحذّر فيها من الولاء والبراء على أساس الجماعة، وأُؤكِّد فيها على أنَّ عوامَّ المسلمين المحبِّين لدينهم وشريعة ربِّهم أحبُّ إلينا وأعزُّ علينا ممن ينتسبون إلى جماعةٍ تسمِّي نفسها إسلاميَّة، لكن ساءت أخلاقهم أو تهاونوا في دماء المسلمين.

طيب، لماذا إذن كنتُ أرفض قتال جماعةٍ بأكملها؟ لأنِّي بيَّنت في كلماتٍ كثيرةٍ مثل كلمة: (اللهَ اللهَ يا معشر المسلمين) في 24\05\2013. وكلمة: (بانتظار الطلقة الأولى) في 03\01\2014 بيَّنتُ أنَّ القتال الاستئصاليَّ لجماعة بأكملها، لن يستأصلها بل سيؤدِّي إلى مَحرَقةٍ تُهلك الجميع، وأنَّ من استباح دمًا حرامًا يستحقُّ العقوبة ولا كرامة له، لا كرامة، لكنَّ القتال على أساس الانتماء إلى جماعةٍ من الجماعات لن يؤدِّي إلى عقوبة المذنب وحده، بل ستضيع دماءٌ من كلِّ الأطراف.

طبعًا -يا إخواننا- كلُّ هذه المواقف علشان تفهمها صح لازم تشوف سياقها؛ لأنه مرَّ عليها سنواتٌ طويلةٌ، وحدثت بعدها أحداثٌ كثيرةٌ، وليس الهدف إعادة فتح الموضوع، ولا أن أدخل مع هؤلاء في نقاش: ما كان يجب أو لا يجب فِعله قبل (6) سنواتٍ! لن أقف مع عبارة هذا الكاتب حيثُ قال: "رفَضَ القنيبي الاصطفاف مع من يقاتلون نيابةً عن النِّظام الدَّوليِّ والدُّول الوظيفيَّة" يعني وكأنَّ هذا الرَّفض يَعيبُني! ومش حتكلم عمَّا فَعَلَته هذه الفصائل، اللي بيتكلم عنها، اللي عاوز الاصطفاف معها عمَّا فعلته بعد سنوات؛ علشان ما نشتتش الموضوع، لن أدخل في التَّفاصيل؛ لأنَّ هذا ما قد يتمنَّاه بعضهم، أن ندخل في نقاشٍ، وتضيعَ القضيَّة الأساسيَّة: قضيَّة ترويج الإلحاد والخرافات والكذب والتَّزوير اللي بيستخدمه هؤلاء في سبيل مهاجمة من يكشف حقيقتهم وحقيقة من يتعصَّبون لهم.

المشكلة الكبرى التي يتعرَّض لها المسلمون حاليًّا بالإضافة إلى الحروب ضدَّهم واستعبادِهم ونهب ثرواتِهم وتجهيلهم هي محاربةُ دينهم، وبثُّ الشُّبهات والشُّكوك في أبنائهم لزعزعتهم من الدَّاخل، ولن نسمح لكم -يا من تشاركون في هذه الحرب الفكريَّة بعلمٍ أو بجهلٍ- أن تشغلونا بأمرٍ آخر. احنا هدفنا -يا إخوانا- أن نصدَّ الهجمة عن كلِّ المسلمين من كلِّ التوجُّهات الفكريَّة: من نرى أنَّ عنده غلوّ، أو نرى أن عنده تفريط، من أصاب منهم في الماضي دمًا حرامًا، أو رَكنَ إلى الَّذين ظلموا، لا نُقصي أحدًا، بل نريد أن نجتمع على الحقِّ؛ لأنَّنا أمام حربٍ تستهدف الإسلام نفسه والمسلمين بكافَّة أطيافهم.

لاحظوا -يا إخواننا- أنَّ صاحبنا اللي عامل حاله خايف على "الدَّحِّيح" يحصلُّه حاجة من النَّاس اللي قلبت عليه مش عاجبه أن نقول: لا للقتال بين المسلمين خوفًا على دماء الأبرياء منهم، (الله الله يا معشر المسلمين) (إياك تكون صاحب الطلقة الأولى) وهو بيعتبر هذه التَّهدئة تهمةً! لأ، خليهم يتقتلوا "الدَّحِّيح" مهمّ، بس آلاف المسلمين يللي حيروحوا فعيس، مش مشكلة "الدَّحِّيح" عند صاحبنا مهمّ، بس آلاف المسلمين حيروحوا فعيس، مش مشكلة!

وده بينقلنا للكذبة الثَّالثة: صاحبنا بيقول: "القنيبي، الَّذي طالما تحدَّث عن تنظيم الدَّولة الإسلاميَّة (داعش) مترفِّقا ومُهادِنًا"، وبيوهمك أنِّي أترفَّق لأنّي أميل إليهم الحمد لله أنّ أرشيفي محفوظ ليُبيِّن حقيقة هؤلاء الكُتَّاب، في مقال (تبرئة الإسلام) -المنشور في 15\08\2014- قلت بوضوح: "ترفُّقي ببعض شباب هذه الجماعات عند خطابها إنمَّا هو لاستمالتهم للحقِّ والرُّشد؛ فهم ليسوا سواءً، وإنِّي أعلم أنَّ عددًا منهم تأثَّر -بفضل الله- وترك هذه الجماعة، وليس لِينِي في الخطاب عن جهلٍ بالجرائم الَّتي يُمارسها بعض أفراد الجماعات، ولا عن جهلٍ بانحراف وفساد قياداتها والأَمنيِّين فيها"، صاحبنا مش عاجبه هذا الكلام! "الدَّحِّيح" إذا أخطأ وحاول يقنع النَّاس أنّ الكون مضبوطٌ بالصُّدفة، وأنّ الحياة بلا هدفٍ، وأنّ الأفلام الإباحيَّة لها فضلٌ كبيرٌ عليهم، لازم نترفَّق بيه ومننتقدوش، بلاش حد يعتدي عليه وهو رايح يجيب شويِّة تفَّاح للبرنامج بتاعه! بينما الشباب اللي مشوا في سِكَّة غلط ظانِّين أنهم يخدمون الإسلام لأ، ما نترفّقش بيهم، ولا نخاف عليهم، ولا نناقشهم، لأ وبيقلك عن (العبد لله): "والَّذي طالما أيضًا رفض قتالهم، سواءً على يد الفصائل السُّوريَّة أو على يد التَّحالف الدَّولي"! يعني لازم تعزف على الأنغام المطلوبة منك، وإلا كنت متَّهم!

أنا -يا اخوانا- زي ما بترفَّق بالشباب اللي وقع في الإلحاد واللي ممكن يدخل يشتمني ويتمسخر عليَّا، أترفَّق بردو بالشباب اللي غُرِّر بيهم واتبعوا تَوَجُّهاتٍ منحرفةٍ، والّلي ممكن نكسبهم بالإقناع والحجَّة، وزي ما في شباب ألحدوا ثم عادوا بفضل الله بعد مشاهدة حلقات (رحلة اليقين)، فيه بردو شباب تركوا الغلوّ وكَفُّوا أيديَهم عن المسلمين بعدما قرأوا كلماتي في تلك الفترة، بفضل الله تعالى. طب أقول لك حاجة؟ شايف (أحمد الغندور) ذات نفسه؟ والله إن هدايته من أحبِّ الأشياء عندنا، والله يا (دحِّيح) إذا تراجعتَ عمَّا كنت تنشره وأصلحت وبيَّنت وراعيت الأمانة في خطاب النَّاس والله لنحتفل بيك، ابتهاجًا بأن واحد كان بيهدم إيمان شبابنا أصبح بينفعهم. نحن -يا اخوانا- لنا رسالةٌ، عندنا هدفٌ، بنحب هداية النَّاس مش بنقول للنَّاس إن الحياة بلا هدفٍ.

اتهام "العداء للديمقراطية"

الكذبة الرابعة لكاتب المقال -وأُذكّر مرَّة أخرى بأنَّ هذا الكاتب لا يعنيني لكنَّ مقاله جمع كذبات تفرَّقت عند غيره؛ فسهَّل عليَّ مهمَّة بيان حقيقته وحقيقة أمثاله-، الكذبة الرَّابعة: أنه بيوهمك أنِّي ضدَّ (الديموقراطيَّة) اللي هي بمعنى الحرِّيَّة واختيارِ النَّاس من يمثِّلُهم؛ ليُشعرك أنِّي مع الاستبداد بالسلطة، وفرض النَّفس على الآخرين، وبيحط من ضمن مراجعه كلمة: (من أجل وحدة الصفِّ) ومعتمدٌّ -فيما يبدو- على أنَّ الذين سيعودون للمصادر أقلُّ القليل.

طبعًا من يتابعُني من أيام (الثَّورة المصريَّة) يعلم جيِّدًا من مقالاتي وسلسلة (نصرةً للشَّريعة) إن مشكلتي مع (الديموقراطية) ما هياش إن النَّاس بتشارك في اختيار من يمثّلها كما يوهم الكذَّابون، وإنما إن الديموقراطية مصيدةٌ لإعادة النَّاس إلى حظيرة (النِّظام الدَّولي)، وتكريس عبوديَّتهم، وحرمانهم من الشَّريعة الَّتي بها صلاح دنياهم وأخراهم. أمّا فرض نفسك على النَّاس، وأن تعلن أنّك أقمت دولة، وتعالوا بايعوني! فأنا كنتُ مِن أوَّل مَن استنكر هذا السُّلوك عندما ادُّعِيَ قيامُ دولة في العراق وسورية، ونشرت كلمة في (13\04\2013) بعنوان: (من أجل وَحدة الصفِّ)، وأُخرى في (18\07\2014) لما أُعلنت (خلافة) وبيَّنت في الكلمتين أن المسلمين بحاجةٍ لجمع كلمتهم، واستعادة سلطانهم على أراضيهم، وأنك لما تعلن دولة ولا خلافة من طرفك عمال بتشارك في اغتصاب حقِّ المسلمين، وبتفرّق كلمتهم ولا أقمت دولة في الحقيقة، ولا (الخلافة الحقيقيَّة) على منهاج النُّبوَّة والَّتي بشَّر بها النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-.

مغالطة "الإنصاف الانتقائي"

نقطةٌ أخرى -يا اخوانا-: المدافعون عن برنامج "الدَّحيح" يطالبوننا بالإنصاف؛ إن يا أخي: البرنامج فيه حاجاتٌ كويسةٌ ومعلوماتٌ نافعةٌ، فليه النَّفَس الإقصائيّ ده؟ ليه التغافل عن الحسنات والتَّركيز على السَّلبيَّات؟! طيب، بعيدًا عن مصيبة أنَّ هؤلاء يتكلَّمون عن الطُّروحاتِ الإلحاديَّة وكأنَّها أخطاءٌ بسيطةٌ، نقول لهم: نعم، تبسيط العلوم شيءٌ جميلٌ ومطلوبُ لكن لما يكون على أُسسٍ علميَّةٍ صحيحةٍ، مش معجون عجن بخرافاتٍ مؤدلَجةٍ تُحوِّل النَّاس لأمساخٍ فكريَّة وعقديَّة.

كمان تعالوا نسألكم لو سمحتم: مدام أنتم منصفين مع من ينشر أفكارًا إلحاديَّةً، زعلانين ليه من إنصافنا مع الشَّباب اللي كنا بنحاورهم علشان نكفُّهم عن قتال المسلمين؟! ولا هو إنصاف انتقائي مع اللي عاجبكم؟ لما جماعة تحرّر مسلمين ومسلماتٍ من السُّجون فنفرح بذلك، ونثني عليه، ثم نقول في 15\02\2014 نقول: "وفي الوقت ذاته فإنَّ أيَّ فعلٍ جيِّد لأيَّة جهةٍ لا يُضفي الشَّرعيَّة على سياساتٍ مُمنهجةٍ فاسدةٍ تمُارسها، بل يُقال لها ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ﴾ [النحل: 92] أيضًا نذكِّر الإخوة الَّذين تمَّ تحريرهم قد مَنَّ الله عليكم بالخلاص من أيدي المجرمين فاشكروا نعمة الله عليكم، اللهَ اللهَ في إخوانكم المسلمين، لا يُغرينَّكم أحدٌ بالعدوان عليهم واستباحة دمائهم؛ فالمنَّة عليكم في خلاصكم لله وحده فلا تطيعوا أحدًا بمعصيته تعالى" مش هو ده الإنصاف اللي بيعزّز الجانب الجيّد في النَّاس ويحارب الجانب السيِّئ فيهم؟! ولا انتو الإنصاف بتاعكم حسب الطَّلب؟

خلاصة ما تقدَّم يا كرام: اللي يجي يدافع بالباطل حيكذب أكثر فأكثر عملًا بقول (جوزيف غوبلز) -رجل الإعلام عند هتلر- "اكذب ثمَّ اكذب حتَّى يصدِّقك النَّاس، ثمَّ اكذب أكثر حتَّى تُصدِّق نفسك"! قال نبيُّنا -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتْحَرَّى الْكَذِبَ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كذَّابًا» (أخرجه البخاري ومسلم) كُتّاب بيتَّهموا غيرهم بالتعصب لإخوة المنهج علشان يشوِّشوا على حقيقة أنهم هم اللي بيتعصبوا وبيدافعوا بالباطل عمَّن يُروّج للإلحاد والخرافات، حناين، لكن على مروِّجي الإلحاد والخرافات بس! بيترفقوا وبيلينوا، لكنْ مع مُروِّجي مُنصِفين، وبيركّزوا على النِّقاط الايجابيَّة لكنْ مع مروِّجي الإلحاد والخرافات بس! أمَّا مع غيرهم فالكذب والخداع والإِقصاء والتَّحريض بلا أيِّ ضابطٍ أخلاقيّ! بينادوا بالديموقراطيَّة وتقَبُّل الآخر، لكنْ مش لما يكون الآخر بيكشف كذبهم وخرافتهم، مَوضوعيِّين؛ إذا واحد ملحد جاب معلومة، ما فيش مشكلة، حنفصل بين إلحاده وعلمه، بينما إذا مسلم كشف خرافاتهم -بالعلم برضه- فلأ، منفصلش خالص نروح نفتّش في تاريخه ما لقيناش حاجة تدينه؟ مفيش مشكلة، نقلب كلامه 180 درجةً، ونفتري عليه كمان! بيسخروا من نظرية المؤامرة لكن لما واحد يبيِّن خرافتهم بالعلم يطْلعوا يقولوا: بيتآمر على الدَّحِّيح! هو قصده يطَلَّعُه ملحد علشان يحرّض عليه، فيروح حدّ يؤذيه سبحان الله العظيم!

ده كله -يا اخوانا- مُتعلِّق بالمحور الأول اللي اشتغل عليه المدافعون عن ترويج الإلحاد والخرافات.

المحور الثاني: التحريض على الفصل والسجن

المحور الثاني: هو التَّحريض على الفصل من الجامعة، وعلى سجن (العبد لله)! ومن المبرِّرات: "(قُنيبي) يفصل الطُّلَّاب عن الطَّالبات في قاعات الدِّراسة"! وهذا كلام نشرته صفحةٌ -بتشجّع البنات على التَّكشُّف- في مَعرِض الدِّفاع عن "الدَّحيح" اللي بيتكلم عن حسنات صوَر البورن "Porn" والمحتوى الإباحيّ، يعني المشاكل الأخلاقيَّة، وسوء الأمانة، وضعف التَّدريس، والتنجيح بالزُّور، والأشياء الأخرى اللي كثيرًا ما تكون من دكاترةٍ ملحدين أو لادينيِّين هذا كله مش مشكلة، وإنما المشكلة لما دكتور قائمٌ بواجبه، حريصٌ على تعليم طلَّابه يطلب منهم بلطف وأَبَويَّة الانفصال ذكورًا وإناثًا، ويُلبِّي الطلَّابُ بكلِّ أريحيَّة واحترام، هو ده ردُّكم العلمي على حلَقاتي؟ "إنت ليش ما تتسجنش؟"؟! ﴿أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [الأعراف: 82].

المحور الثالث: التشكيك في الكفاءة العلمية

الطَّريقةُ الثالثة التي استخدمها جماعةُ الخرافات هي: التَّشكيك في الكفاءَة العلميِّة لأخيكم؛ التَّشكيك في كفاءته أن يخوض في المواضيع العلميَّة. طبعًا -يا اخوانا- المنهجيَّة العلميَّة تقتضي أنَّ العبرة في الدَّليل لا في حامِلهِ؛ العبرة مش بكثرة الشَّهادات لأنّ صاحب الشَّهادات ممكن -في النهاية- يكون صاحب هوى ويحرِّف العلم بحسب هواه، وممكن إنسان يجتهد في غير تخصُّصه الجامعيِّ ويأتي بنِتاجٍ علميٍّ محترمٍ. ومعَ ذلك، تعالَوا نر طريقةَ هؤلاء حتَّى في هذا الجانب!

مُؤسِّسُ صفحةٍ علمانيةٍ -تَنسِب نفسها إلى العلم والبحث- نشر منشورًا بهذا الصَّدد، أَطلَعَني عليه بعض الإخوة، لكن عادَ صاحب المنشور فحذفه، و غريبٌ طَبْعُ النَّشر والحذف، والنَّشر والحذف عند هؤلاء! لكن مع ذلك، ليس من المناسب أن نُطِيلَ النَّفَس في الحديث عن منشوراتٍ محذوفةٍ.

لكنْ أقول باختصارٍ -إخواني-: عندما تريد أن تأخذ معلوماتٍ عن أيِّ باحث فبإمكانك أن تدخل على: ريسيرتش غيت "ResearchGate" أو جوجل سكولر "Google Scholar" تكتبُ فيها اسم الشخص وتنظرُ في الأبحاث التي نشرها والمجلَّات اللي نشر فيها، ستجد للعبد الفقير أكثر من 20 بحثًا وأبستراكت "abstract" 15 منها منشورة في مجلَّات مُحكَّمة عالميَّة، مش محليَّة، عالميَّة، وستجد أنّ البحث المنشور في هيوستن "Houston" والذي كنتُ فيه باحثًا مشاركًا وكان منشور في مجلة (موليكيولر فارماكولوجي) "Molecular Pharmacology" التي الإمباكت فاكتور لها "Impact Factor" (4) ليس (1) كما قال أحدهم، وهذا البحث عمل له اقتباس (159) مرَّة حتى الآن بفضل الله تعالى يعني أَحالَ عليه (159) بحث لباحِثِين آخرين وكان نقطةً فارقةً في مجاله.

بالإضافة لبراءتَيْ الاختراع المسجَّلتَين والَّلتين نَشرتُ صورتهما في حلقة (المخطوف)، ومشاركاتٍ في مؤتمرات، وجائزةِ أفضل باحثٍ في جامعتي، وبالإضافة لكون العبد الفقير أحدَ (3) أكاديميين مراجِعين لأكثر كتب علم الأدوية انتشارًا في العالم كتاب: (ليبينكوت فارماكولوجي ) (Lippincott Pharmacology)، وبالإضافة لأني عملت بحث الدُّكتوراه في الـتكساس مديكال سنتر"Texas Medical Center" الَّذي هو من أقوى المراكز الطبيَّة البحثيَّة في العالم، ثمَّ يأتي بعد ذلك جماعة الخرافات -مثل كاتب العربي الجديد- بعد افتراءاتهم على مواقفي الشَّرعيَّة ليقولوا: "(قنيبي) ارتدى قناع رجل العلم الَّذي يتحدَّث بالمصادر الأجنبيَّة" رحلة التميُّز الأكاديميِّ -بفضل الله تعالى- بدأت من (25) سنة، لما كنت أستمتع بقراءة كتب البيولوجي "Biology" لساعات، والتفكُّر في خلق الله، وكانت علاماتي في البيولوجي1 (Biology 1) والبيولوجي2 (Biology 2) (100) و(99) الأوَّل على طلَّاب كلِّ التَّخصُّصات الطبيَّة من طبٍّ وصيدلةٍ وتمريضٍ وعلومٍ وغيرها، ثمَّ الأوَّل في (البكالوريوس) "Bachelor" والأوَّل في الدُّكتوراه "PHD" بفضل الله تعالى، وهؤلاء يقولون أنِّي لبِستُ حديثًا قناع رجلِ العلم!

ومع هذا كلِّه، فأنا لا أَحتجُّ عليك بشهاداتي، ولم أَرُدَّ على من يخالفونني في يومٍ من الأيَّام بأنَّكم لستم أصحابَ اختصاص، أو بسؤال: أين نِتاجُكم العلميّ؟ والسُّؤال الَّذي يطرح نفسه بإِلحاحٍ بعد هذا كلِّه -يا اخوانا-: إذا كان هؤلاء يكذبون في معلوماتٍ يمكن التَّحقُّق منها بهذه السُّهولة، فكيف يُؤتَمنون على العلم؟ إزاي حناخد منهم أيَّ معلومةٍ؟ مش شايفين -يا كرام- أن هؤلاء يفعلون بالضَّبط كما فعل الجاهليُّون الأوائل؟ الجاهليُّون الأوائل حين كانوا يتجنَّبون نقاش الرِّسالة، ويَطعنون في أشخاص حامليها: مجنونٌ، شاعرٌ، كاهنٌ، يُعلّمه بشرٌ، وهكذا هؤلاء، هربوا من الرَّدِّ على الأدلَّة العلميَّة وراحوا يُشَخصِنون ويطعنون فيمن يكشف نشر الخرافات والإلحاد، ويا ريتهم لما شَخصَنوا جاؤوا بأشياء حقيقيَّةٍ، بل بكذبٍ يَسهُل التَّحقُّق منه.

الردود "العلمية" المزعومة

طبعًا -يا إخواننا- عامَّة الإخوة المتابعين اعترضوا على هذا التَّهرُّب الَّذي مارسه جماعة الخرافات مع أنَّ أكثر إخواني مش مطلعين على إنّه مش تهرُّب بس، بل وكذبٌ وافتراءٌ على فكري ومواقفي الشَّرعيَّة، وكانت العبارة المتكرِّرة لأكثر من عشر أيامٍ: (ردُّوا على الدُّكتور إياد ردّ علمي)... كان لا بدَّ من الردّ، فبدأت تخرج الرُّدود التي يدَّعي أصحابها أنَّها علميَّة. تعالوا نطبّقِ القاعدة من جديدٍ: الَّذي يدافع عن باطلٍ، كلَّما دافع سيقول باطلًا أكثر فأكثر.

الرد الأول: كاتب "العربي الجديد"

الرَّدُّ الأول كان لكاتب "العربي الجديد" -ما غيره الَّذي ناقشنا مقاله معًا- قال لك: "أنا سأناقش المحتوى العلميَّ لحلقات إياد"، ثم ذكر ثماني نقاطٍ. والله -يا إخواني- لا يكاد يخلو ردٌّ من ردوده من الباطل أو الكذب أو الجهل، خلاصتها ثلاثة أمورٍ: تقويلي ما لم أقل، ثمَّ مهاجمة هذا القول الموهوم، أو ما يُعرف (بمغالطة رجل القشّ). ذِكْرُ خرافاتٍ مُخجلةٍ تمسخر أصحاب هذه الرُّدود -للأسف-. ذِكرُ شبُهات ردَدْت عليها بالتَّفصيل في حلقات (رحلة اليقين).

تعالوا نتجاوز أوَّل نقطة لأن الكاتب بيقلك فيها: "صحيح "الدَّحِّيح" أخطأ في معلوماتٍ مثل أنَّ تصميم شبكة العين خطأٌ، لكن اعتذر" طبعًا -يا اخوانا- "الدَّحِّيح" بينشر كلامه الباطل أمام الملايين على يوتيوب "YouTube" ثمَّ يعتذر على حسابه الشخصيّ في الفيس "Facebook" والَّذي يطَّلع عليه نسبةٌ قليلةٌ جدَّا، كلامٌ فيه تَعْييبٌ للخَلْق، شبهةٌ سخيفةٌ من شبهات الملاحدة المعروفة مكلفتش نفسك حضرتك تطلع في فيديو وتصلّح الغلط! مكلفتش نفسك تسحب الحلقة وتصلِّحها ثمَّ ترجعها، لأ، بس اعتذار على الحساب الشَّخصي بتاعك، على رأي المثل عندنا: (ضربني على الدَّوار وصالحني تحت الدَّرج)! لكن نتجاوز هذه النقطة؛ الكاتب معترفٌ أنَّ هناك أخطاءً، اسمحوا لي أستعرض معكم بعض المشاكل في النُّقطة الثَّانية من أصل ثمانية نقاطٍ؛ احترامًا لوقتي ووقتكم، يقول صاحبنا لإثبات (نظريَّة التَّطُّور): "حتى بالبلدي احنا في مصر عندنا والله وادي الحيتان في الفيوم، منجم حفريَّاتٍ وأدلَّة تطوُّرٍ، مثلًا لقوا فيه الحيتان ذات الأقدام وغيرها من الحلقات" طبعًا -يا إخواننا- أنا كنت بينَّت -بالتَّفصيل العلميِّ المفحِم- أنَّ عبارة (الحيتان ذات الأقدام) هذه خرافةٌ مضحِكةٌ مردودٌ عليها منذ أكثر من 130 سنةً، وأنَّ هذه (عظام للتزاوج) مش أقدام، بيَّنت ذلك في حلقة (صحّ النُّوم). فنقول للمحترم:صّح النُّوم يا حبيبي، روح شوف الحلقة بلاش النَّاس يضحكوا عليك! وأرجوكم أن ترجعوا إلى هذه الحلقة.

مثالٌ ثاني: صاحبنا -بتاع العربي الجديد- يقول: "بما أنَّ (إياد) يتَّهم علماءَ غربيِّين بالتَّزوير فما ينفعش بعدها يقول: تعالوا نتحاكم للعلم المؤسَّسيّ وشوف الورقة دي بتقول كذا وكذا"، ويستنكر صاحبنا استشهادي بورقة في نيتشر "Nature"؛ لأنَّ مجلة نيتشر تطوُّريَّة، وكاتبها تطوُّريّ -يعني يؤمن بنظريَّة التَّطوُّر-. طبعًا -يا إخواننا- أنا رديت على هذه الشُّبهة في حلقة: (أجِّرني عقلك)، وحلقاتٍ أخرى من (رحلة اليقين)؛ حيث بيَّنت أنَّنا لا نؤجِّر عقولنا لأحد، بل نستفيد من العلوم الغربيَّة ونساهمُ فيها، لكنْ نفصِل بين العلوم الحقيقيَّة والعلوم الزَّائفة بحسب الدَّليل، ونُبيِّن كيف أنَّ دلالة العلوم الصَّحيحة تُحَرَّفُ أحيانا لصالح معتقدات باطلةٍ، هذا عملنا طوال (رحلة اليقين). فاستشهادنا بأبحاث لمُعتنقي خرافة التَّطوُّر يُقوِّي حَّجتنا، على طريقة: (من فمك نُدينك)، إذا باحثٌ نشر نتائج نافعةً واستنتج استنتاج باطل يخدم عقيدته التطوُّريَّة فأنا مش ملزَم آخذ منه كلَّ حاجةٍ، إذا أنت يا من تلومنا حابب تؤجِّر عقلك ليهم، أنت حرٌّ، أما نحن فلا نؤجِّر عقولنا لأحدٍ.

ثالثًا: يتساءل صاحبنا في ردِّه العلميّ: "لماذا يعتبر القنيبي معتنقي نظريَّة التَّطوُّر ضدَّ الإسلام أصلًا؟ من سنواتٍ بعيدةٍ وهناك تخريجاتٌ وتوثيقاتٌ كُتَّابها مسلمون (أو كَتبَها مسلمون) باعتبار التَّطوُّر أداةً للخلق". أنا بدايةً -إخوانا- ما بعتبرش أن اللي بيقولوا: (التَّطوُّر أداة الخلق) هم ضدَّ الإسلام؛ وبيَّنتُ بالتَّفصيل في حلقة: (لماذا تتعارض نظريَّة التَّطوُّر مع الإسلام؟) أنَّ مشكلتنا الرئيسية هي مع دعوى (الصُّدَفيَّة والعشوائيَّة) وفرَّقتُ بينها وبين القائلين باحتماليَّة تطوير الكائنات من قِبَل خالقٍ، وناقشتُ قولهم بالتَّفصيل.

انتو ملاحظين -يا اخوانا- ما الذي يحصل؟! نتعامل مع أشخاصٍ يُعيدون -بِبَبَّغاويَّة- نفسَ الخرافات الَّتي ردَدْنا عليها مرارًا، ويُقوِّلوننا ما لم نقل، ويطرحون شبُهاتٍ تمَّ الرَّد عليها بالتَّفصيل. والله إذا بَقيْتُ على هذا الحال سأُمضي عمُري كلَّه في إعادة التَّأكيد على ما تمَّ التَّأكيد عليه، وإعادة ذكر ما تمَّ ذكره. هذا كلُّه -يعني بس النُّقاط- في النُّقطة الثَّانية من (8) نقاطٍ كتبها صاحبُنا، ووالله لا تكاد تخلو نقطةٌ وجملةٌ من الباطل.

الردود الأخرى

نفس الشَّيء تمامًا حصل مع الرَّدِّ الثَّاني الَّذي ادَّعت كاتبتُه أنَّه علميّ، والرَّدُّ الثالث كمان، وهذا ما اطَّلعت عليه حتَّى الآن، ثلاثة ردودٍ يدَّعي أصحابها أنَّها علميَّة أو تناقش محتوى حلقاتي، وسنضع لكم في التَّعليقات ما يبيِّن أنَّ هذه الرُّدود هي أيضًا -للأسف- من قبيل: (المهم نرد وخلاص)، عاوزين ردّ علمي؟ أديني رديت ردّ علمي!

خاتمة: دعوة إلى التوبة والتعاون

ختامًا، والله، يا من تزوِّرون لتدافعوا عن الباطل إنَّ رجوعكم للصَّواب أحبُّ إلينا، واحنا بنعرض عليكم أن تقِفوا مع أنفُسكم وِقفةً صادقةً لا يُعميها التَّعصُّب، وأن تُصلحوا ما أفسدتم، ونقول لكم: تعالوا نتعاون معكم على البرِّ والتَّقوى، أمَّتكم تحتاجكم، تحتاج طاقاتكم وعلومكم، ونذكرُّكم بأنَّ الله تعالى شَنَّع على من حاولوا خداع النَّبيِّ والَّذين آمنوا فقال سبحانه: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِيْنَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا * يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا﴾ [النساء: 107-108] ونَفَّرَ سبحانه عن الدِّفاع عن هؤلاء فقال: ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الحَيَاة الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِم وَكِيلًا﴾ [النساء: 109] بعد أن وَفَّى القرآن ببيان حجم الجريمة ونفَّر من الدِّفاع عن أصحابها فتح لهم باب التَّوبة؛ فتح لهم باب التَّوبة فقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوْءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوْرًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110] نسأل الله أن يشرح صدورهم للحقِّ.

والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.