→ عودة إلى رحلة اليقين

ملحق - ما ردك على من يشككون في حلقاتك عن "نظرية التطور"؟

١١ يوليو ٢٠٢٠
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله إخوان الكرام.

مقدمة: رحلة اليقين وأصداءها

منذ انطلقت رحلة اليقين كان لها أصداء واسعة، وعلَّق كثيرون أنها كانت سببًا في رجوعهم إلى الإسلام بفضل الله تعالى. كثير من حلقات الرحلة كانت في بيان مغالطات العلم الزائف ونظرية التطوُّر كنموذج، مع تأكيدي مرارًا على أن الإشكالية الكبرى هي في دعوى ظهور الكائنات من خلال التطوُّر الصُّدَفي بغير إرادةٍ من فاعلٍ مختارٍ يعلم ما يفعل.

وبينت أن هذا انتحار عقلي وغباوة شديدة، وبينت بالتفصيل كيف تروج هذه الغباوة على أبناء المسلمين. الملفت للنظر أن هذه الحلقات أثارت حفيظة كثيرين، فبدأوا يردون عليها. وبين الحين والآخر هناك من يطالبني بالرد على هؤلاء الذين ينتقدون حديثي عن خرافة التطور الصدفي: "يا دكتور إياد فلان يرد عليك، طب رد عليه! فلان يرد عليك، طب رد عليه!".

الردود على رحلة اليقين ومنهجية التعامل معها

ليكن في علمكم إخواني، الذين أصدروا سلاسل أو مجموعة حلقات أو مقالات للرد على ما ذكرناه في رحلة اليقين، وصلوا حتى الآن فيما أعرف سبع جهات، ما بين ملحدين أو مبهورين بعلماء الغرب زعموا. نظرت في بعض هذه الردود فإذا أكثرها ما فيها إلا التحايلات اللفظية أو تكرار لشبهات رددنا عليها بالتفصيل والحمد لله.

أنا أُسر بكثرة الرادين على السلسلة، لأن هذا يدل على مقدار الهزة التي أحدثتها الحلقات في هؤلاء والحمد لله، خاصة عندما يرون سقوط مصداقيتهم لدى أتباعهم الذين لطالما سمعوا منهم تمجيدًا لخرافة التطور.

طيب أنا يا كرام منهجيتي هي أن أتحرى وأدقق وأبذل جهدًا كبيرًا في إحكام ما أصدره من حلقات، وأعرض المصادر والأدلة أثناء حديثي من قبيل التوثيق. ثم بعد ذلك لا تتوقع أن أرد على كل من يدعي أنه يرد على الحلقات، وإلا لضاع العمر في بيان ما هو مبيّن وتكرار ما هو مكرّر، ولن نستطيع أن نسير في السلاسل خطوة واحدة إلى الأمام.

وأخوكم له انشغالاته وتدريسه وأبحاثه ومشاركاته العلمية، وليس متفرغًا للرد على كل من يعنّ على باله أن يصدر مقطعًا أو مقالًا في الرد على الحلقات.

مواجهة اتهامات الكذب والتدليس

من آخر ما صدر في ذلك مجموعة مقالات لأحد الكتاب. قرأت أول مقال منها، وأود أن أعرض لكم بعض المواطن من مقاله ثم تحكموا هل هناك داعٍ أن نكمل قراءة مقالاته الأخرى في رحلة اليقين - اللي بتكلم فيها عن رحلة اليقين - أم لا داعٍ؟

الأخ المذكور يتهم العبد الفقير إياد بالكذب على منهج الخصم. طيب تمام، تعالوا نرى الكذب. سآتي لكم بالنصوص من كلامه ومن كلام داروين.

يقول الكاتب: "ماذا عن الاستنتاج الذي قدمه الدكتور قنيبي ضمن شرحه للأركان المفترضة لنظرية داروين أن الكائنات الحية نشأت دون قصد ولا إرادة من فاعل مريد مختار يعلم ما يفعل؟ هذا الاستنتاج لا يخص نظرية داروين أو كتب داروين التي شرح فيها نظريته".

إذ يقول الكاتب: "هذا الاستنتاج أنه الكون جاء أو الخلق جاء من دون إرادة ولا قصد لا يخص نظرية داروين أو كتب داروين التي شرح فيها نظريته، بل هو يخص الدكتور قنيبي". إلى أن قال الكاتب: "داروين لم يتحدث عن مشاهداته في الطبيعة، يمكن لشخص آخر أن يدخل إيمانه في فهم ما قاله داروين سلبًا أو إيجابًا، لكن ليس من الإنصاف أن نخلط بين استنتاجاتنا والنظرية. ليس من الإنصاف أن نخلط بين استنتاجاتنا والنظرية".

طيب، إذن فداروين لم يقل أن الكائنات الحية نشأت دون قصد ولا إرادة، بل هذه استنتاجات إياد التي خلطها بكلام داروين، وإلا فداروين ما قال هذا في أي كتاب من كتبه. ممتاز ممتاز! إذا كان كلام الأخ صحيحًا فعلي أن أعتذر عن كذبي على داروين، وإذا كان كلام الأخ خاطئًا فلنا أن نسأل هل هو جهلٌ أم تدليسٌ متعمد؟

أنا لا أدري حقيقةً هل الأخ شاهد حلقتي التي ينتقدها من أولها؟ إذا شاهدها، هل رأى العبارات التي عرضتها بجانبي من كتاب داروين "أصل الأنواع" بدءًا من الدقيقة واحد واثنين وثلاثين ثانية، يعني بعد دقيقة ونصف فقط من بدء الفيديو؟

في هذا الموضع قلت: "أهم ما في الموضوع أن داروين افترض أن الكائنات الحية إنما نتجت عن هذه التغيرات بمجموع الصدف، يعني دون قصد، وبتعبيره لم يكن هناك خطة للخلق في إيجاد هذه الأنواع الكثيرة، وهو ما أكده في مواضع عديدة من كتاباته".

هل داروين نفى القصد والإرادة؟

هنا إخواني عرضت بجانبي خمسة نقولات من كتاب داروين "أصل الأنواع" تشير للصدفية ونفي القصد عن الخلق بجانبي وأنا أقول هذه الجملة. اثنان من هذه النقولات هي من الفصل الرابع عشر بعنوان "الاستنتاجات" (Conclusions). إذن داروين سيعطيك استنتاجاته، استنتاجات هو، موش استنتاجات إياد.

طيب تعالوا نسمع استنتاجات داروين: "Community of descent is the unhidden bond which naturalists have been unconsciously seeking and not some unknown plan of creation or the enunciation of general propositions." يعني: "وحدة الأصل هي الرابط الخفي الذي كان علماء الطبيعة يبحثون عنه لا شعوريًا، وليس خطة ما مجهولة للخلق، وليس خطة ما مجهولة للخلق أو إبداء مقترحات عامة".

وعرضت أيضًا قوله الآخر في فصل الاستنتاجات (Conclusions): "Nothing is more hopeless than to attempt to explain this similarity of pattern in members of the same class by the doctrine of final causes." يعني: "ليس هناك شيء أكثر يأسًا من محاولة تفسير هذا التشابه بين أنماط الصنف الواحد بناءً على عقيدة وجود غايات نهائية محددة". يعني محاولة بائسة يائسة أن تحاول أن تقنعنا بأن هناك غاية في هذا الخلق.

إلى أن يقول داروين: "For on the ordinary view of each organism having been independently created, we can say that the Creator must have willed that all animals and plants in each great class should be formed on a uniform plan, but this is not a scientific explanation." يعني: "بناءً على وجهة النظر المعتادة من خلق كل كائن خلقًا مستقلًا، فليس بإمكاننا القول إلا أن الخالق أراد أن يخلق كل الحيوانات والنباتات في كل صنف بناءً على خطة موحدة، لكن هذا ليس تفسيرًا علميًا".

طبعًا إخواني ليست قضيتنا هنا أنه خلق مستقل أم لا، لكن محلّ الشاهد أنّه ينفي وجود ما يسميه "خطة للخلق". هذا الكلام هو كلام داروين في فصل الاستنتاجات من كتابه "أصل الأنواع" الذي بيّن فيه نظريّته. ومع ذلك فالكاتب المذكور يقول: "هذا الاستنتاج أنه ما فيش قصد في خلق الكائنات وأن الكائنات هذه جاءت بالصدف لا يخص نظرية داروين أو كتب داروين التي شرح فيها نظريته، بل هو يخص الدكتور قنيبي"، ويتهم القنيبي بالكذب على منهج الخصم.

الانتخاب الطبيعي: أعمى أم موجه؟

الأخ بعد أن عرض كلامي عن الانتخاب الطبيعي الذي أقول فيه أن داروين ادعى أن هذا الانتخاب أعمى ولا يعبر عن إرادة الخالق، قال الأخ: "للأسف هذا ليس ما يعنيه الانتخاب الطبيعي في الأساس بنسخته الأصلية على الأقل. نظرية داروين لا تعامل الانتخاب الطبيعي باعتباره أعمى أو يعرف أو لا يعرف. كل هذه تفسيرات وإسقاطات حسب فهمنا له وموقعنا المسبق من النظرية".

إذن "للأسف ليس هذا ما يعنيه الانتخاب الطبيعي". فنقول: بل للأسف يبدو أن صاحبنا لا يعرف نظرية داروين ولا اطلع على الحلقات التي ننقل فيها من كلام داروين نفسه عن الانتخاب الطبيعي، ومع ذلك يأتي ليستنكر ويتهم غيره بالكذب.

في حلقة "لماذا يلحد بعض أتباع عدنان إبراهيم؟" وهي حلقة مهمة للغاية، بيّنت بالتفصيل وبالمراجع الموثّقة كيف تدرّج داروين ليقنع الناس بأنّه لا علاقة للكائنات بالخالق، وكيف تدرّج في نزع إرادة الخالق عن الانتخاب الطبيعي، وكيف ذكر داروين أنّ كثيرًا من علماء الطبيعة يعتبرون الطبيعة مظهرًا لخطّة الخالق، واعتبر أنّ هذا الظّن لا يضيف شيئًا إلى معلوماتنا. لن أُطيل عليكم، ارجعوا إلى الحلقة وفيها توثيق وصور من كتاب داروين "أصل الأنواع".

وذكرنا فيها أيضًا كيف غضب داروين لما كتب ألفريد والاس أنه "يبدو أن هناك قوة وجهت التطور باتجاهات محددة لغايات معينة"، واستخدم والاس عبارة "ذكاء علوي قاد التطور لغايات أنبل". فغضب داروين وكتب بجانب عبارة والاس "No" بخط كبير مع علامات تعجب، وأرسل لوالاس يقول: "أخشى أنك تقتل طفلي وطفلك بشكل كامل". يعني نظرية التطور.

هو ووالاس كانا في الوقت ذاته يتكلمان عن معالم ما يسمى بنظرية التطور. والاس كان يقول: "هناك شيء يوجه هذا التطور باتجاه غايات أنبل، هناك ذكاء علوي". اعترض داروين تمامًا وقال: "أنت بذلك تقتل طفلنا المشترك". كأنه يقول: "توجه مين يا والاس، غايات مين، ذكاء مين، افهم يا والاس، هذا ما أريد نفيه تمامًا، كل نظريتي هدفها أصلًا نفي الخالقية"، كما ظهر جليًا من مكابراته. كأنه يقول لوالاس: "أنت بإشارتك إلى تدخل الخالق تهدم النظرية من أساسها، وتلغي ما صنعتها من أجله".

وكيف استمات داروين في الدفاع عن فكرة أن العين نشأت بالصدفة ولا يدل إحكام تركيبها على قصد وإرادة من خالق؟ ومع هذا كله فالكاتب المذكور يقول: "داروين لم يتحدث عن الخالق أو عن أصل الخلق بل تحدث عن مشاهداته في الطبيعة".

عفوًا حضرة الكاتب الكريم صاحب المقال اللي تنتقد فيه إياد وسلسلة إياد، هل أنت قارئ لداروين؟ قرأت حاجة لداروين؟ أم هل اطلعت على حلقات إياد؟ بل هل اطلعت على الحلقة التي أخذت قصاصات منها ثم جئت تتهجم عليها؟ هل يعقل أنك قفزت عن أول دقيقة ونصف منها والتي أحشر فيها الشواهد على أن داروين...

أركان نظرية داروين المزعومة

"تولد تلقائيًا من الجمادات، طبيعة تكسب صفات جديدة، الصفات المكتسبة تورث، الطبيعة تنتخب وتركب النظم المعقدة". هذه الأركان ذكرتها لنظرية داروين. يقول الكاتب: "داروين نفسه، داروين نفسه يختصر نظريته بالقول". ثم جاء بالكلام الإنجليزي المنسوب لداروين وترجمه الكاتب وقال: "داروين نفسه يلخص نظريته أو يختصر نظريته بالقول: التنوع صفة طبيعية ضمن الأنواع، وكل نوع ينتج نسلًا أكثر مما تستطيع البيئة تحمله. من نتائج زيادة النسل أن الأفراد مع أفضل الصفات الموروثة سينتجون أفرادًا يتمكنون بنجاح أكبر من البقاء في هذه البيئة. الجيل الناتج لاحقًا سيمثل الأفراد مع الصفات الأكثر مناسبة للبيئة. النوع ككل سيتطور". ثم يقول الكاتب: "هذه هي أركان نظرية داروين حسب داروين نفسه".

أها، بداية أين سمى داروين هذه الأشياء أركانًا؟ أنا كدكتور جامعي أعرف أسس الكتابة العلمية ولدي عشرات منشورات في مجلات محكمة بفضل الله، أضع مصدرًا لكل نقل في حلقاتي كما أفعل في أبحاثي. حضرتك أيها الكاتب المحترم من أين جئت بهذه العبارة لداروين أصلًا؟ بحثت كثيرًا فلم أجدها لا في "أصل الأنواع" ولا في أي كتاب من كتب داروين، وإنما وجدت هذه العبارة في بعض المواقع بعد كلمة "Darwin was quoted to say" (داروين واس كوتد توساي)، يعني "نُسب أو قيل عن داروين أنه قال". وهناك في المواقع من ينفي نسبتها إلى داروين أصلًا. فلو يسمح الكاتب المحترم يبين لنا أين قال داروين هذه العبارة.

الذي يقرأ لداروين يعلم أنه يستطرد ويتشتت بشكل متعب، ولم أطلع على أي موضع يقول فيه أن هذه هي أركان نظريته. معلش، مع ذلك تعال لعبارة داروين المنسوب إليه هذه والتي يعارض بها الكاتب حلقتي.

أولًا: التنوع، حسب هذه العبارة يبين نسبها الكاتب لداروين: "التنوع صفة طبيعية ضمن الأنواع". والله إخواننا هذه حقيقة يعرفها الأطفال في الشوارع والعجائز في البيوت، يعني ليست خافية على أحد، لم يأت فيها داروين بجديد إن صحت النسبة إليه.

طيب، يقول لك: "وكل نوع ينتج نسلًا أكثر مما تستطيع البيئة تحمله". أيضًا هذا شيء معروف لا يحتاج كثير ذكاء أن البيئة قد تضيق أحيانًا وتشتد ظروفها.

ثالثًا: "من نتائج زيادة النسل أن الأفراد مع أفضل الصفات الموروثة سينتجون أفرادًا يتمكنون بنجاح أكبر من البقاء في هذه البيئة". وهذا أيضًا شيء مرئي معروف قبل داروين وبعد داروين، لا جديد فيه.

وبعد ذلك تقول لهذه الأركان نقل مجهول لا يعرف صحة نسبته لداروين لا جديد فيه يعارض به صاحبنا طرحنا العلمي. نحن يا كرام عندما نقول أركان يهمنا كيف فسر داروين وجود هذه الكائنات بهذا التنوع. تسميها أركان، تسميها دعائم، تسميها تصورات، أركان للنظرية، أركان لتفسيره لوجود المخلوقات، بغض النظر عن الاسم. إذا أنت تسمح لنفسك أن تستنتج مثل هذه العبارات، اسمح لي أن أستنتج أن أضع إطارًا، أن أضع إطارًا.

في المحصلة داروين عندما أراد أن يفسر وجود الكائنات، تصور نفسك في حوار مع داروين، وقد نفى وجود قصد وإرادة أو ما سماه "خطة للخالق". لنا أن نسأله: إذن يا داروين كيف تفسر وجود هذه الكائنات بهذا التنوع والتكامل والإبداع؟ هذا ما فعلناه في الحلقة التي ينتقدها الكاتب "نظرية داروين بإنصاف". دردشنا مع داروين واستجوبناه حتى نفهم وجهة نظره، وقلنا أول ركن حسبك يا داروين: "كائن حي تولد بطريقة ما من الجمادات".

نشأة الكائنات من الجمادات

طبعًا هنا الكاتب المذكور يقول: "لم يذكر داروين أبدًا أي شيء عن تولد كائن حي من جمادات في أي من كتبه، بل ذكر شيئًا مقارِبًا وليس مطابقًا البتة في رسالة شخصية إلى صديق له أشار لها الدكتور قنيبي".

طيب هذه الرسالة يا كرام ماذا يقول فيها داروين اللي احنا بنقول داروين ما لم يقول أنك يا داروين تقول وتعتقد بنشوء الكائنات الحية من الجمادات؟ يقول داروين حرفيًا - طبعًا ما ترجمته -: "إذا استطعنا تخيل بركة صغيرة دافئة مع أنواع مختلفة من أملاح الأمونيا والفوسفور، الضوء، الحرارة، والكهرباء، أن مركبًا بروتينيًا سيتشكل ويمكنه أن يمر بالمزيد من التغيرات المعقدة". طبعًا قال هذا كله على أو في سياق أنه قد يكون تفسيرًا لنشأة الكائن الأول.

الآن سؤال يا كرام: الأمونيا والفوسفور إلى آخره، هذه جمادات أم ليست جمادات؟ يعني لفّينا ودرنا، في النهاية داروين يشير إلى احتمالية تكوّن الكائن الأول من الجمادات. هذا محصلة كلامه، هذه محصلة كلامه.

اكتساب الصفات وتوريثها

ولما تكلمت عن "طبيعة تكسب صفات جديدة"، قال الكاتب المذكور: "هذه النظرية سابقة لداروين، فهي جزء من نظرية لامارك في الوراثة". بالله عليك، يعني يعفو أن حضرتك جاي تعرفني ما تعلمته يمكن في سادس ابتدائي أو خامس ابتدائي؟ نحن نعرف أن هذا كلام لامارك، وأنه بذلك موافق للامارك في هذه الجزئية.

قال داروين في الفصل الخامس من كتابه - ما ترجمته للاختصار، يعني ما في داعي أقرأ كل شيء بالإنجليزية وأترجم، بإمكانكم الرجوع للحلقة لتروا النصوص بالإنجليزية، وتطابق مع الترجمة العربية - طيب ماذا قال داروين؟ قال: "أظن أنه لا مجال للشك في أن استخدام الحيوانات المستأنسة لبعض أعضائها يقوي أعضاء معينة منها، وأن عدم استخدامها للأعضاء يضعفها، وأن هذه التعديلات تورث". "وأن هذه التعديلات تورث".

طبعًا تبين بعد ذلك أن هذا الذي لا يشك فيه داروين أنه صحيح، تبين أنه خطأ تمامًا. وبالتالي جزء من النموذج التفسيري الذي رسمه داروين لنشأة الكائنات اعتقاد بالـ... سقط فيما بعد، سقط فيما بعد.

أنا يا إخواني لا أريد أن أطيل الكلام أكثر من ذلك، أبلّغ للحق صلاة الظهر إن شاء الله جماعة، وإلا فلو وقفت مع كلمة كلمة من مقال الأخ لتبين ما فيه من جهل أو تجاهل. وأنا أرجو أن يكون جهل أكثر من تجاهل وكذب وتدليس، لأن الجهل يمكن أن يعالج خاصة إذا أقر الجاهل بجهله. وأنا أطلب من أخي هذا أن يُقرَّ بجهله، وإلا يعني سنضطر إلى إساءة الظن. فسواء كان الأخ يتكلم فيما لا يعلم أو يتعمد الكذب والمخادعة، فلن يستحق أن أضيع وقتي معه أكثر من ذلك. ولا تتوقع أن أضيع عمري في تقرير ما هو مقرر، وتبيان ما هو مبيّن، وتكرار ما هو مكرر.

لماذا لا يكون النقاش خاصًا؟

طبعًا هنا الشكوى المعتادة. سيقول قائل: "يا أخي لماذا لا تتكلمون أنتم مع بعضكم وتتناصحون فيما بينكم كدعاة أو متصدرين أو مشاهير ما إلى ذلك؟ يا أخي لا تشوشوا بهذه الخلافات على الملأ، روحوا اتناقشوا فيما بينكم وبعدين يرجعوننا بالنتيجة".

والله يا إخواني هذا السؤال لا يوجه لي، فأنا عن نفسي قد فعلت بالفعل. راجعت هذا الأخ وقديماً من سنوات. الكاتب المذكور مثلًا هذا الذي نتكلم عنه كان قد بدأ بنشر سلسلة على أساس أنها مضادة للإلحاد، وظهر الخلل الكبير فيها من البداية. اتصلت بأخي الدكتور عبد الرحمن ذاكر الهاشمي وقلت له: "هل ترى يا عبد الرحمن ما يفعل فلان؟" قال: "نعم". قلت له: "أريد أن أنصحه وأعرف أن بينكما معرفة وعلاقة، ممكن يا أخي عبد الرحمن تعطيني رقم هاتف فلان؟" الدكتور أعطاني رقم هاتف الشخص المذكور. فأرسلت له رسالة لطيفة للغاية: "أخي الدكتور فلان السلام عليكم ورحمة الله، تابعت المنشور من حلقاتك في سلسلة كذا، جزاك الله خيرًا وبارك فيك. عندي ملاحظات، هل تسمح لي بالتواصل معك لنقاشٍ أظنّه سينفعك؟" لم يرد الأخ. أرسلت له مرةً أخرى ولم يرد. وأخبرت الدكتور عبد الرحمن بما حصل، وقال أن نفس الشيء حصل معه. الدكتور عبد الرحمن موجود واستأذنته في أن أقول هذه التفاصيل.

طيب، أردت أن أرد على المشاكل الكبيرة في طرح هذا الكاتب. فنشرت حلقةً من رحلة اليقين بعنوان: "الله غيب هل معناه أن وجوده غير يقيني؟" ورددت في هذه الحلقة على عبارات الكاتب من مثل أن الإيمان هو أن تؤمن بشيء دون وجود كل الأدلة الحاسمة عليه، وأن الإيمان يحتاج قفزة شجاعة في الفراغ، يحتاج ومن مثل هذا الكلام الخطير الذي ينم عن جهل الكاتب بمعنى الإيمان أصلًا.

ثم تفاجأت بأن أخي أحمد دعدوش كان قد نشر حلقة بنفس المحتوى حتى ظننت أنه اطلع على حلقتي، تبين ما طلع على حلقتي، نشر حلقة ينبه على هذا الكلام الخطير. أنا في حلقتي لم أذكر الشخص المقصود لأن الهدف تصحيح المفاهيم ولا أحب الدخول في الحديث عن الأشخاص إلا إذا لم يكن هناك بدّ.

بعد ذلك لما توفيت ابنتي رحمة الله عليها، بعث لي هذا الأخ المذكور الكاتب نفسه تعزية، فأكبرتها منه ورددت عليه شاكرًا ويعني متقبلًا لتعزيته وبارك الله فيك واجزاك عنا خيرًا. وبعد فترة عرضت عليه أن نتناقش ولم يرد. ثم إذا به مؤخرًا ينشر مقالاته في الرد على رحلة اليقين.

فلا تسألوني أنا يا كرام لماذا تدافع عن رحلة اليقين، بل اسألوا من يتهرب من النقاش، ثم يصب جهده في محاولة إسقاط هذه الرحلة التي هدى الله بها خلقًا كثيرًا بفضله ومنه وكرمه، ويحاول إسقاطها بأيَّة طريقة، ولو بالجهل أو التدليس والكذب. اسألوه هو ولا تقول لي لماذا تدافع عن سلسلتك.

ولمن يقول أيضًا: "يا دكتور هناك من يلمح عليك من ناحية فكرية ويتهمك بكذا وكذا"، أقول له: أنا لا أضيع وقتي في الرد على تلميحات لا يدرى من المقصود بها ومن المقصود بها، فأنا والله إخواني لا أملك وقتًا لقراءتها فضلًا عن الرد عليها. وقد بيّنت منهجي ومواقفي السياسية في كلمة "كشف الحقائق"، اكتب على اليوتيوب "قنيبي كشف الحقائق" وتأمل. ثم بعد ذلك من كان عنده الشجاعة الكافية لنقد فكري أو منهجي فليواجهني باسمي بكلام قلته بنصه وليأت بالدليل، وحينئذ فلكم علي أن أرد بما يشفي صدوركم إن شاء الله تعالى.

ختامًا

ختامًا أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدينا جميعًا لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.