→ عودة إلى مرئيات

رسالة لجاري النصراني بمناسبة الكريسماس

٢٨ ديسمبر ٢٠٢١
النص الكامل للمقطع

رسالة لجاري النصراني بمناسبة الكريسماس

هذه رسالة أوجهها لجاري وزميلي النصراني بمناسبة الكريسماس. جاري النصراني، يمكن أنت منتظر مني أقول لك عيد ميلاد مجيد أو ميري كريسماس، خاصة وأنك هنيتني برمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى، وخاصة كمان أنك لما بتمرض بزورك ولما بتحصل عندك مناسبة اجتماعية بهنيك.

قبل ما نتكلم عن التهنئة بالكريسماس بالذات، اسمح لي أذكرك ببعض الحقائق عن ديني وعن الكريسماس، وأنت بعدها قل لي متوقع مني أهنيك ولا لا.

النية في الإسلام

نبينا صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بالنيات". فأي حاجة أقولها أو أفعلها أنا كمسلم لازم أكون عارف لماذا أقولها أو أفعلها، ولازم تكون النية فيها صالحة. أنا لما أهنيك بالكريسماس، فيا إما أني أفعل ذلك كطاعة لله يعني عمل تعبدي، أو أنه أمر مباح فممكن أعمله من قبيل المجاملة لك.

ما هو الكريسماس؟

تعال أولاً نتذكر ما هو الكريسماس علشان نشوف إذا كانت تهنئتي لك بالكريسماس أو مشاركتي معاك في الاحتفال به هي مما يمكن فعله لوجه الله أو مما يمكن فعله علشان أجاملَك.

الكريسماس هو اليوم الذي بدأ كاحتفال وثني، كما توضح المراجع النصرانية ومنها دائرة المعارف الكتابية المجلد الرابع، والذي كتبه أربعة من القساوسة، يعني على دينك أنت يا جاري النصراني. حيث يقول: "لا يمكن أن نحدد بدقة اليوم والشهر اللذين وُلد فيهما يسوع، فقد كانت هناك معارضة شديدة جداً في الكنيسة الأولى للعادة الوثنية في الاحتفال بأعياد الميلاد". إلى أن قال: "وربما كان سبب اختيار الكنيسة الغربية ليوم 25 ديسمبر هو أن الرومان كانوا يحتفلون في ذلك اليوم بعيد إله الشمس الوثني".

شجرة عيد الميلاد وثنية، تبادل الهدايا وثني، كل جزء من الكريسماس وثني. نحن حولناها إلى طقوس مسيحية، وهذا جيد أن يكون لدينا وقت نحتفل فيه بالمسيح، لكن الحقيقة أنها كلها طقوس وثنية. وسأضع لك بعد يعني في وصف هذا الفيديو وفي التعليقات سأضع لكم إن شاء الله التعليقات علشان تشوف بنفسك.

آراء القساوسة في تقليد الأمم الأخرى

والقس الأمريكي ديفيد سيباك له مقطع بعنوان: "هل على المسيحيين أن يحتفلوا بالسنة الجديدة؟" يذكر فيه نصوصاً كثيرة من كتابكم يا جاري النصراني الذي تسمونه بالكتاب المقدس. هذه النصوص تحرم تقليد الأمم الأخرى في عاداتها، مثلما ورد في سفر أرمياء الإصحاح العاشر: "هكذا قال الرب: لا تتعلموا طريق الأمم"، إلى أن قال: "لأن فرائض الأمم باطلة".

فيطالب هذا القس ديفيد سيباك أبناء دينه بأن لا يقلد الناس على العماية. فهل تتوقع مني يا جاري النصراني أن أحتفل معك بعيد وثني أو أن أهنئك بهذا العيد الغريب عن دينك أصلاً؟

قد تقول: "لا، هذا كان في البداية، وماذا نريد بالبداية؟ نحن الآن لا نحتفل بهذا اليوم على أنه وثني، وإنما على اعتبار أنه يوم ميلاد المسيح". بل أراها أخطر شيئاً عليك وأنا خايف عليك منها، لأني أرحمك وأحب لك الخير وحريص عليك، فخايف عليك تموت على الشرك.

الرحمة والهداية في الإسلام

أنا أرحمك لأن قدوتي نبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: "إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار وهم يقتحمون فيها".

نبي صلى الله عليه وسلم هو القائل: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء". من في الأرض هكذا بعموم. فأنا خايف عليك وبرحمك ومش ممكن أخدعك. أنا لو شفت بيتك بيحترق والنار جاي عليك وعلى أولادك مش هأقول لك ميري كريسماس، بل سأحاول إنقاذك من النار.

حب عيسى عليه السلام في الإسلام

أنا كمسلم أحب نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام وأعتبر نفسي أولى به منك، كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى الناس بعيسى". تعرف لماذا؟ لأنه حسب القرآن الذي أؤمن به، وقال المسيح: "يا بني إسرائيل". فأنا أخاطبك بنفس خطاب عيسى عليه السلام.

أنا خايف عليك من غضب الله القائل: "وقالوا اتخذ الرحمن ولداً، لقد جئتم شيئاً إدّاً، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً، أن دعوا للرحمن ولداً".

الصدق والأمانة في التعامل

أنا كمسلم قوي الشخصية معتز بديني، ما تتوقعش مني أهنئك بهذا العيد أو أشاركك فيه وأعرض نفسي لغضب الله وأخونك بدل ما أنقذك، علشان أظهر منسجماً اجتماعياً وعشان ما أظهرش منعزل ومتشدد وأتهم بالرجعية والطائفية والامهلبية والملخية وهذا الكلام الفارغ. لا، صدقي معاك وأمانتي وحرصي على الخير لك أهم من كل هذا الكلام، ومش مستعد أضحك عليك علشان ما أجرحش شعورك. عندنا مثل يقول: "الله يرحم من بكاني وبكى علي ولا يرحم من ضحكني وضحك علي". أنا مش هأضحك عليك لأن مشاعرك تهمني، نعم مشاعرك تهمني، لكن إنقاذك من غضب الله يهمني أكثر.

حسن التعامل مع غير المسلمين في الإسلام

طيب، يا مسلمين مش كتابكم يقول لكم: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"؟ بلى، ولأجل ذلك أنا أحسن إليك. مرضت أزورك، احتجت مال أعطيك وأساندك، توفي لك قريب أعزيك بألفاظ شرعية، صار عندك مناسبة أهديك هدية، تخرجت أو تزوجت أو فرحت بمناسبة اجتماعية غير دينية وهنئك بألفاظ شرعية.

ديني يأمرني أن أكون عادلاً معك في المعاملات المالية وكل المعاملات: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل". ديني أمرني أن أكون أميناً مستأمَناً معك بحيث تأمنني على دمك ومالك وعرضك، فلا أغدر بك ولا أغشك ولا أنتهك حرماتك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنون من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم" وهو حديث صحيح. المؤمنون من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم هكذا بإطلاق. ديني يوصيني أن أفي لك بالعهود وأصل رحمك إذا كنت قريباً، وأن أسعى في أخذ حقك وأنصرك إذا كنت مظلوماً، حتى وإن كان الظالم مسلماً، حتى وإن كان الظالم مسلماً، نعم، لأن ديني دين الحق يدور مع الحق حيث دار.

أنا كمسلم معتز بديني أحسن لك يا جار النصراني وأحسن لك من ابن دينك. أخذ بالك أن أفعل هذا كله تقرباً إلى الله تعالى، مش نفاق ولا مصالح دنيوية ولا علشان الوحدة الوطنية، لأن الوحدة الوطنية ليس لديها جنة أعمل لها ولا نار أهرب منها، وإنما أعمل ذلك تقرباً إلى الله الذي أوصاني بهذا كله وجعل عليه جنة وناراً.

وأكبر فرحة لي يا جار النصراني هي لما أقنعك بالدخول في الإسلام، كما فرحت لما أسلم أحد أبناء بلد النصارى في بيتي بعد مناقشات وتودد وحسن معاملة والحمد لله. أما أن أهنئك بعيد ميلاد الرب كما ترى، فإما أني أشاركك فيما أراه شركاً أو أني لا أعني ما أقول وإنما أكذب عليك وأخادعك. لا، أنا لا بكذب ولا بخادع.

نقد آراء المجيزين للتهنئة

طيب، الذين يقولون من الشيوخ أن هذه التهنئة من البر يا مسلمين، لا، كلام هؤلاء الشيوخ باطل. وإحنا ما عندناش في الإسلام كهنوت ولا رجال دين يغيرون ما أمر الله به. فرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نزلت عليه آية: "أن تبروهم وتقسطوا إليهم"، والصحابة وعلماء المسلمين عبر القرون فهموا الآية وعملوا بها، محدش فيهم فهم أن تهنئتك بما تراه ميلاد الرب هو من البر.

التمايز العقدي للمسلم

طيب، مش ممكن يا مسلم تحتفل معي وأنت تنوي أنك تحتفل بعيسى النبي وأن أحتفل بعيسى الرب؟ لا طبعاً. ديني يأمرني أن أكون صاحب شخصية مستقلة مؤثرة لا متأثرة: "كنتم خير أمة أخرجت للناس". نحن كمسلمين يجب أن نكون قدوة للأمم يتبعوننا على الحق ولا نتبعهم، وهذا من تكريم وعزة الإسلام.

نبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لكل قوم عيداً"، إن لكل قوم عيداً كما في البخاري ومسلم. شوف التركيبة: "إن لكل قوم عيداً" مثل تركيب قول الله تعالى: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً"، وقوله تعالى: "ولكل وجهة هو موليها". كما لنا قبلتنا وشرعتنا ومنهاجنا، فلنا أعيادنا.

طيب يا مسلم، لماذا لا نحتفل بنية أن هذا عام جديد فقط لا نقصد به أي معتقدات دينية؟ المسلم يتمايز بشخصيته ومظهره حتى في الأمور العادية. روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم" يعني اصبغوا الشيب. هذا مع أن الشيب أمر خلقي، فما بالك باحتفالات لها أصول عقدية؟

هذا التمايز ليس كبراً، وإنما الإسلام يريد للمسلمين أن يكونوا مسطرة معيارية ونموذجاً ناصعاً للأمم، بحيث مهما انحرفت فطر الناس ومهما تغيرت عاداتهم وتأثروا بالجاهليات، يبقى المسلمون بنقائهم وتمايزهم نبراساً للأمم يضيء لها الطريق.

مصدر نصراني آخر حول أصل الكريسماس

قبل أن أختم حابب يا جاري أذكر لك كمان نص يبين لك حقيقة هذا العيد الذي تحتفل به. كتاب "الميلاد البتولي والظهور الإلهي" تأليف الراهب القس أثناسيوس المقاري يقول: "لم يكن في ذهن الكنيسة في عصورها الأولى تحديد يوم بذاته للاحتفال بميلاد السيد المسيح، فالعلامة أوريغانوس يعترض على الاحتفال بأعياد الميلاد نظراً لأنها في رأيه عادة وثنية، فيقول: إن اثنين فقط في الكتاب المقدس احتفلا بعيدي ميلادهما، الأول فرعون وفيه قطع رأس الخباز، والثاني هيرودس وفيه قطع رأس يوحنا المعمدان. قال: فمن عنده تقوى رسولية لا يحتفل بيوم ميلاده لأنه في هذا يشبه بالطغاة والوثنيين". إلى أن يقول: "وبناء على كل ما سبق يصبح من المستحيل تحديد تاريخ محدد لميلاد يسوع".

دعوة إلى كلمة سواء

ختاماً يا جاري النصراني، قل: "قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم، ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين". فأنا أدعوك إلى كلمة سواء تدخلك في التوحيد، لأني أرجو كما كنا جيراناً في الدنيا أن نكون جيراناً في الجنة. "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأننا مسلمون".

أسأل الله أن يهديك ويهدي أبناء المسلمين الذين يجاملونك على حساب خداعك وعلى حساب آخرتك. والسلام على من اتبع الهدى.