→ عودة إلى سلسلة المرأة

ملحق - عرض الزواج

٢ فبراير ٢٠٢٠
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله. سامحونا يا كرام، تأخرنا عليكم شوية. أحياناً الوقت مرات بيكون معطوب عندي، وصار معنا مشكلة فنية بسيطة.

إخواني الكرام، شاع لدى شبابنا تقليد الغربيين والفتنة بهم في كل شيء. ومن ذلك تقليدهم فيما يعرف بعرض الزواج أو "ماريدج بروبوزل".

مشكلة تقليد الغرب في عرض الزواج

الصورة المزينة للشباب التي يشوفونها في الأفلام: أن شاباً وفتاة متصاحبين من فترة، ثم يقرر الشاب في يوم من الأيام أن يفاجئها، فيجثو على ركبته ويفتح لها علبة خاتم الزواج، ولا يعطيها ورقة أو باقة ورد تعبيراً أنه يريد الزواج منها. فالفتاة تفرح، ويروح الشاب يمسكها ويطير بها في الهوى وسط تصفيق الحضور.

يأتي الشاب المسلم للأسف يقلد الغربي ويعمل نفس الطقوس، ومرات بتكون بنت كمان لابسة إشارب والشاب يمسكها ويطير فيها بالهوى على أساس على كتاب الله وسنة رسوله. والله المستعان.

لماذا هذه المشكلة؟

طيب، إيش المشكلة؟ ليش زعلانين؟ يا أخي زواج زواج، يعني ليش ما تضلكمش تدقوا على كل حاجة؟

المشكلة يا كرام هي أن هذه اللقطة المزينة على اعتبار أنها مقدمة زواج، تستخدم لشرعنة علاقات محرمة تسبقها. وفي المقابل، تشوه صورة الزواج الشرعي على اعتبار أنه زواج تقليدي ممل، مش رومانسي، ولم تحصل فيه فرصة كافية للتعارف.

السياق الغربي لعرض الزواج

طيب، تعالوا نشوف الآن بداية الذي يحصل في السياق الغربي علشان نتحسر على حالنا لما نقلد غيرنا. يا كرام، الذي يحصل في السياق الغربي في كثير من الأحوال هو أن المرأة أو الفتاة تقيم علاقة مع ذكر، يعني "girlfriend" و "boyfriend"، طلعات روحات جيات. ثم بعد فترة تطول أو تقصر، تتطور العلاقة إلى الفاحشة المحرمة طبعاً.

وهناك مقالات منشورة في المواقع الغربية تعطي نصائح للفتاة بالفترة المناسبة والإجراءات المناسبة قبل أن تسمح لصاحبها الذكر "البويفرند" بأن يمارس معها الجنس. يبقيان على هذا الحال فترة من الزمان، شهوراً، سنوات، يعيشان بالحرام ويمارسان الفاحشة.

معاناة المرأة في هذه العلاقات

الفتاة خلال هذه العلاقة تكون مضطربة، لأنها تخشى في أي لحظة أن هذا الذكر الذي يعيش معه بالحرام أن يعجب بغيرها فيقول لها "باي باي خلاص". فهي تحس دائماً بالخطر والخوف. وفي كثير من الأحيان تكون محتاجة مادياً معتمدة عليه، فتريد أن تحس بالأمان والاستقرار. هي تبحث عن الأمان والاستقرار، فتطلب هي من الذكر أن يتزوجها في كثير من الأحيان.

فهي دون زواج ليس لها أي حقوق على الذكر، ولا مطلوب منه أي التزام اتجاهها. ديروا بالكم يا شباب ويا بنات، خلال هذه العلاقة المحرمة ليس للمرأة أي حقوق على الذكر، ولا مطلوب منه أي التزام من اتجاهها. وهناك مقالات متخصصة معنونة بعنوان ترجمته: "لمدة كم عليك أن تمارس المواعدة قبل الزواج؟" يعني العلاقات المحرمة، يعني علشان يتأكد كل طرف أن الطرف الآخر جاد وأنهما مؤهلان لبناء أسرة وإن جابوا أولاد.

موقف الرجل من الالتزام

طيب، "البويفريندز" هؤلاء الذكور، ما أحب أقول "الرجال" لأنه اللي يدخل في كل هذه العلاقات المحرمة ليس رجلاً، لكن الذكور أو "البويفريندز" في المقابل أكثرهم لا يريدون أن يلتزموا تجاه المرأة بشيء. الواحد فيهم يريد المتعة الهابطة فحسب. وهو على علاقة محرمة مع هذه المرأة، ما فيش أي عواقب للترك، يتركها يرميها وقت ما شاء.

لكن إذا تزوجها، فهناك التزامات، وعليه أن يدفع نصف ثروته لها إذا طلقها، أعرف على الأقل في القانون الأمريكي، ما أعرف بصراحة في الدول الأوروبية كيف الوضع، لكن في أمريكا إذا بده يطلقها بده يعطيها نصف ثروتها. وهو طبعاً الذكر في غنى عن هذه المخاطرة، وهو لا يريد تحمل مسؤولية الأولاد والأسرة. هو يريد الاستمتاع بالحرام وخلاص. لذلك يخليها تتخذ كل الإجراءات لمنع الحمل والإنجاب. وإذا حملت تجهض.

هنا عادة يحصل خلاف، المرأة لديها رغبة بالزواج والحمل والأمومة، فيهرب الذكر من حياتها ويتركها بعدما عاش لشهور أو سنوات وهو يستبيح كرامتها وعرضها بالمجان. وهناك مقابلات منشورة مع هؤلاء النساء، طبعاً ما نستطيع عرضها وبثها، يعني فيها مشاهد غير مناسبة، لكن تستطيع سماع التفاصيل المؤلمة، ويتكلمن عن ما يحصل معهن، تفاصيل المعاناة في طمعهن للحصول على الزواج. لا تصدقوا، وهم اللي جابوا لحالهم طبعاً.

إخواني، تذكروا ما ذكرناه في حلقة "تحرير المرأة الغربية"، المعيار في قيمة المرأة هناك هو الجمال. ولما جمالها طبعاً تحكي ليش الوفاء بين الزوجين وقصص النبي عليه الصلاة والسلام في الوفاء، احنا نتكلم الآن عن شيء خارج هذا السياق تماماً تماماً. المعيار عندهم هو الجمال، ولما جمالها يصير له "expiry" وسعرها يرخص ويقل من يقبل بها، يقرر "البويفريند" أن يتفضل على هذه الأنثى التي استباحها، أن يتفضل عليها بالزواج إما من نفسه أو بطلب منها.

يأتي فيفاجئها بعرض الزواج بأن يفتح علبة الخاتم، فتصاب هي طبعاً بالذهول والقفز والصراخ، ويصفق الحاضرون للمشهد. "آه أخيراً في التزام تجاهي، أخيراً في طمأنينة، في استقرار، في مجال الأمومة". وحتى إن حصل هذا المشهد، فيكون عادةً بعد أن تستعمل المرأة العلاقة الجنسية بهدف الوصول إلى الزواج.

ما بعد الزواج في السياق الغربي

طيب، بعد الزواج، نسب عالية من الطلاق في أبحاث منشورة يمكن أن تطلعوا عليها، أبحاث اجتماعية. نسب عالية من الضرب المبرح والاعتداء على هذه المرأة في ظاهرة "الباتريد وومن سندروم" التي تكلمنا عنها في حلقة "البوكس الرومانسي".

هوليوود، تأتي هوليوود يا جماعة تعطيك اللقطة ذات الدقيقة الواحدة أو أقل من دقيقة من عرض الزواج، ولا تعطيك الشحشطة والمرمطة والبهدلة للمرأة قبلها ولا بعدها. يأتي شبابنا الله يهديهم ويتوب علينا وعليهم، وتأتي فتياتنا الله يهديهم ويتوب علينا وعليهم، يظنون أن هذه اللقطة تعبر عن الرومانسية والاحترام والكرامة للمرأة.

لما يا شباب يصير هناك تطبيع مع هذه اللحظة الرومانسية المزينة بأنها يعني مقدمة زواج شرعي، فإنه يطبع معها العلاقات التي قبلها. نعم، الفاحشة ليست شائعة في مجتمعاتنا حتى الآن، والله يستر من اللي جاي. ليست شائعة في مجتمعاتنا مثل شيوعها عندهم، لكن إذا انبهرنا بهم فالمسألة مسألة وقت. "ولا تتبعوا خطوات الشيطان".

مقارنة بالمنظور الإسلامي

لما بعض البنات يقولوا: "أنا ما بتزوج قبل فترة التعارف". أنه تعارف، أي تعارف؟ إذا كان تعارف شرعي ولقاءات في بيت الأهل، فأنا مع هذه اللقاءات، وأنا مع عدم الاستعجال في الزواج حتى يختبر كل طرف نفسية الآخر وصدقه وأمانته وإيمانه وسويته النفسية. أنا أشجع عدم التعجل في الزواج، وأشجع الشاب يجلس مع البنت مرة ومرتين وثلاثة وأربعة وخمسة لحد ما يصير بالفعل في ضمان تآلف فيما بينهما بإذن الله.

لكن لاحظوا يا جماعة كيف بعض البنات يكرروا عبارة: "مش معنى أنك دفعت لها المهر تبقى اشتريتها". المهر شراء! الله يهديكم، المهر شراء! أما ما يحصل في هذه السياقات الغربية فهو الشراء والاستعباد والإذلال لكرامة المرأة.

قارن ما سمعته بما يحصل في مجتمعاتنا المسلمة على ما فيها من سوء وعلى ما فيها من بعد عن الدين. الشاب يعطي المهر فريضة من الله، مش متفضل عليك بالزواج، مش جميلة منه، حقك أنت. النبي عليه الصلاة والسلام يقول: "فاظفر بذات الدين تربت يداك". أنت الظافر يا اللي تتزوج ذات الدين، أنت الكسبان، مش أنت المتفضل عليها أنك تلملم بقايا كرامتها بالزواج وتعطيها فرصة الأمومة.

إذا كان هناك ملل وجفاف في الحياة الزوجية لدى كثير من الأزواج المسلمين، فهذا ليس من الإسلام يا شباب ويا بنات. هذا ليس من الإسلام وليس من الزواج التقليدي، لكن من هجراننا لسنة نبينا صلى الله عليه وسلم حتى في لفتاته اللطيفة في الحياة الزوجية، والتي تكلمنا عنها في حلقة "ندى تشتكي لعائشة".

في الحديث الصحيح عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه خطب امرأة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما". أنت بدك تتزوجها البنت، روح انظر لها، تأكد أنه جمالها مناسب إليك، هي أيضاً تشوفك وتشوف جمالك، تشوف شخصيتك. "أحرى أن يؤدم بينكما" أي يصير يقع في بينكم مودة ورحمة.

النبي عليه السلام هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك، والرواية الأخرى: "تلاعبها وتضاحكها وتضاحكك". الحياة الزوجية الأصل أن تكون رطبة وجميلة، لكن نحن ابتعدنا عن سنة نبينا حتى في ترطيب علاقاتنا في حياتنا الزوجية.

خاتمة

فيا جماعة يا شباب ويا فتيات، بعدما رأيتم، بالله عليكم يجوز ويصح؟ أنتم يا شباب أمة محمد، يا أتباع خير الأنبياء والمرسلين، يا خير أمة أخرجت للناس، بالله عليكم تتقبلوا لحالكم تقلدوهم؟ يعني مش الأصل يكون في نفور بحيث أنك ما تطيق تشوف أي لقطة من هذه اللقطات؟ تحس أنك أنت مسلم عزيز، لك كيانك ولك استقلالك ولك كرامتك، وما تقلد أحد. هم اللازم يقلدونا، هم اللازم يقلدونا في تكريم المرأة وتعزيز المرأة وتفخيم مكانة المرأة، وكذلك في تعميق المودة والرحمة في العلاقات الأسرية المبنية على الوفاء والمحبة والتقرب والطاعة لله سبحانه وتعالى بإحسان كل طرف للآخر، مش على متعات جنسية هابطة لا تلبث أن تزول وتلقى فيها المرأة بعد ذلك ما لم يتفضل عليها هذا الذي استباح كرامتها قبل ذلك بالحرام سنوات. والله المستعان.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدي شبابنا وفتياتنا لما يحب ويرضى، وأن يجمعنا بكم على حوض النبي صلى الله عليه وسلم. والسلام عليكم ورحمة الله.