السلام عليكم ورحمة الله أخواتي وبناتي. انقطعنا عن سلسلة المرأة لفترة طويلة، حتى لا يطول الانقطاع أكثر سنحاول أن نشرح حلقات ولو قصيرة بإذن الله.
الأنثى والحب وأبو نكد
موضوع اليوم: الأنثى والحب. الحب ميل الأنثى للذكر، هو في أصله نعمة ونعمة كبيرة، لكنه في الواقع عامل أزمة نفسية لكثير من الفتيات.
أزمة الحب لدى الأنثى
الشعور الفطري والمجتمع
أزمة نفسية مع الدين. كيف تحس الأنثى بالميل الفطري للذكر؟ تحب أن يكون في حياتها من تأنس به ويتعلق بها ويعجب بها. هذا الشعور قد ينمو مبكراً بعد البلوغ في سن المدرسة، فتقول لنفسها أو يقول لها من حولها: "عيب بنتي، أنت لسه طفلة، ما بصير أصلاً تشعري بهذا الشعور". فتكبت الأنثى هذا الشعور، لكنه شعور فطري فسيبقى يعود لها.
التعبير الخاطئ عن العاطفة
فتلجأ الأنثى إلى التعبير عن هذا الشعور بطرق مختلفة: تتجمل في اللباس، تنشر صورها على التيك توك والإنستغرام، ممكن كمان تحاول تعمل علاقة مع شباب وتقنع نفسها بأنها حركات شبابية عفوية ما فيها شيء، ومش تقصدها أي شيء سيء ولا إلها أي علاقة بالشهوانية ولا الجنس أعوذ بالله، تحت مسمى الصداقة، الزمالة، التعرف، المساعدة في الدراسة.
رد فعل الدين والمجتمع
هنا يأتي الدين ليقول لها: "هذا اللي بتعمليه حرام، لبسك غير شرعي، نشر صورك بهذا الشكل حرام، جلستك وضحكك ومزحك مع الشباب في المدرسة أو كافتيريا الجامعة حرام، متابعتك للأغاني والمسلسلات والأفلام العاطفية حرام".
يا أخي حرام حرام حرام! إيش هذا النكد؟ أنتم معقدون! هذه العلاقات ما فيها شيء، أنتم بس بتسيئوا الظن، أنتم تنظرون إلى الفتاة كأنها كتلة شهوانية. أو بعض الفتيات بتعرف ومعترفة أنها بتعمل حرام، لكن ما عادي فرق معها، ولسان حالها: "خلي يكون حرام، أنا أريد أن أعمل الحرام وما حدا إلو عندي".
الأنثى في ذلك تعبر بانفعال عن عقدة موجودة لديها ومش لاقية إلها حل. عندها غريزة، عندها انجذاب فطري، عندها عاطفة الحب، وهذه العاطفة تحولت إلى حمل ثقيل، إلى كتلة ملتهبة مش لاقية لها متنفسًا سليمًا.
المتنفس السليم المفقود
الزواج كحل فطري
ما هو المتنفس السليم؟ الزواج الذي أحله الله، والذي تتحول فيه عاطفة الحب إلى نعمة كبيرة: مودة ورحمة وسكينة ووفاء، وإنشاء لمؤسسة الأسرة العظيمة، وأطفال تعيش معهم الأنثى عاطفة الأمومة.
معوقات الزواج
لكن الأنثى محرومة من هذا المتنفس السليم من البلوغ وحتى نهاية المدرسة في سن 18. عيب أصلاً أن تفكر بالزواج لأنها طفلة قانونياً وعرفياً في المجتمع، فإذا فكرت في الزواج بتكون شهوانية يا عيب! يعني حوالي سبع إلى ثماني سنوات بعد البلوغ تعيش فيه الأنثى حالة الإنكار وتجاهل الحقيقة وكراهية شعور أصيل في نفسها مع أنه مشروع وفطري وسليم. وممكن تسحب معها المسألة كمان سنتين، أربعة، ستة في الدراسات العليا علشان تحصل فرصة أفضل في الشغل.
تشويه الزواج
وخلال هذا المشوار كله تكون الأنثى تتعرض لتشويه مستمر للمتنفس الصحيح لعاطفة الحب. تشويه مستمر للزواج بالدعوات النسوية التي تجعل من الذكر خصماً لها، بحالات الطلاق المتزايدة، ويريد الطلاق بالحسنة بل كثيراً ما يرافقه فجور وانتقام وتشفٍ برؤية كثير من البيوت فاشلة لا تقوم على المودة ولا الرحمة. وحتى وإن لم يتشوه الزواج تماماً في نفس الأنثى، فإنه يتأخر نتيجة للإفقار الممنهج الذي تتعرض له الشعوب المسلمة، والأعراف التي تجعل خطوة الزواج صعبة مكلفة جداً، يتأخر الشباب حتى يتأهلوا لها مادياً، هذا إن استطاعوا أن يتأهلوا لها أصلاً.
البحث عن المتنفس البديل
الحرام المتاح
خلال هذه الفترة كلها، عاطفة الحب لدى الأنثى تبحث عن المتنفس، والمتنفسات المتاحة كلها غير مشروعة. والفتاة تقوم بهذه التصرفات غير المشروعة وهي تعاني وتتألم، يتنازعها خوف الحرام، وفي الوقت ذاته تضغط عليها عاطفتها بقوة. ضائعة متشتتة، مش شايفة أمل في إعفاف قريب حلال، أو كرهت الحلال وألغته من اعتباراتها.
المفكرون الكيوت
فيأتي الدين ليقول لها: "هذا حرام وهذا حرام وهذا حرام". فتبحث عن مفكرين كيوت، هم في الحقيقة من محرفي الإسلام، ممن يقولون لها: "أصلاً هذا اللي بتعمليه مش حرام". فتضحك على نفسها وتسمع لهم لتخدر شعورها بالذنب.
سوء الظن بالدين
أو توجه شحنة ألمها ومعاناتها باتجاه الدين، بتشوف "أبو نكد"، وقد تسيء الظن بربها وبحكمته وكمال شريعته. لا يا بنتي، مش الدين هو اللي "أبو نكد". تعالي نفهم اللي حصل معك علشان تعرفي عدوك من صديقك، وعلشان تفري إلى الله وليس منه سبحانه وتعالى.
من هو "أبو نكد" الحقيقي؟
"أبو نكد" هم اللصوص المتحكمون ببلاد المسلمين ومعهم النظام الدولي اللي بيسرقوا ثروات الأمة وبيفقروا شبابها وبيخلوا المتنفس الصحيح للعاطفة يتأخر ويتعقد.
"أبو نكد" هي الأعراف المجتمعية التافهة اللي بتجرم الإحساس الغريزي لدى الأنثى البالغة بحجة أنها صغيرة وبتخليه شيء عيب، فما بتسترجئ الأنثى تعبر عنه ولا تطلب المتنفس الصحيح له.
"أبو نكد" هي الاتفاقيات الدولية اللي بتجرم الزواج قبل الثمانية عشر وبتحمي الزنا قبل الثمانية عشر وبتحض عليه بكل سفالة وانحطاط ومحادة لله وللفطرة.
"أبو نكد" هي المنظومة التعليمية والتربوية. "أبو نكد" هي المنظومة الإعلامية الرأسمالية اللي بتأجج شهوتك أيتها الأنثى وتفتح الباب على مصراعيه للحرام لأنها تتاجر بالأعراض، تتكسب مادياً بنشر السعار الجنسي المنفلت من كل ضابط، وأنت وعاطفتك وعصابك الضحية، وإذا وقعت في حبالهم فدنياك وآخرتك الضحية، وهم يستفيدون رقماً جديداً في أرصدتهم على حسابك.
عرفتِ مين يا بنتي "أبو نكد"؟ مش الدين "أبو نكد". شريعة الله ملاذك لا خصمك. عرفتِ بمن تسيئين الظن؟ مش بالرحمن الذي أودع فيك الغريزة لحكمة وضبطها بالشريعة السمحة لتتوجه لبناء الأسر والمجتمعات وصلاح الدنيا والآخرة، بينما الكلاب المسعورة من عباد المال تريد توجيهها لتحرقك حرقاً لصالح أرصدتهم.
الدين ملاذك لا خصمك
خلي كل هذا الكلام ببالك وأنت تسمعين آيات الرحمن سبحانه وتعالى في سورة النساء بعد أن ذكر الأحكام المتعلقة بالمتنفس الصحيح، التنفيس الصحيح عن عاطفة الذكر والأنثى، فقال سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا}.
الله يعلم أنك ضعيفة وعندك عاطفة جياشة، لذلك حرم عليك ما حرم وأحل لك ما أحل. مش الله سبحانه وتعالى أنقعك في هذه المعاناة، بل "أبو نكد" اللي ذكرناهم هم اللي وقعوك. ثم جاء هؤلاء المجرمون ليوهموك أنهم متفهمون لعواطفك وحاجاتك بمسلسلاتهم وغرامياتهم التي لم تزدك إلا عذاباً، ووقفوا معك يستهزئون بمن يذكرك بالحلال والحرام وهم يطعنونك من الخلف. الله ملاذك مش خصمك حتى تسيئي الظن به وبشريعته سبحانه وتعالى.
أنتِ يا مسكينة مش مرتاحة حتى لما تعملي تصرفات غير منضبطة شرعاً. مش مرتاحة تتنافسي مع البنات التجمل ونشر الصور وتحصيل اللايكات، ثم ماذا؟ فراغ، تحاسد، إحساس بالتفاهة. تتعلقي بالشباب، تتفلتّي من الحجاب الشرعي، بتحاولي تجلبي الأنظار، ثم ماذا؟ بال مشغول بما لا ينفع، عطش بلا رواء، وقلب فارقته السكينة، وتعلّق بلا فائدة.
بتكابري وبتقمعي نداء الفطرة، وبتوهمي نفسك بالاستغناء عن جنس الرجال إلى الأبد، وبتتعلقي بادعاءات المرأة القوية المستقلة، وفي الوقت ذاته بتتجملي، وبتحاولي تأنسي بأحدهم مترددة حائرة. كنف الله عز وجل.
ماذا تفعل الأنثى؟
طيب إيش تعمل الأنثى؟ {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}.
أولاً: عاطفتك، غريزتك، شهوتك، هذه مش شيء عيب، هذا جزء من تكوينتك أودعه الله فيك لحكمة. طيب أنا مش قادرة أعبر عنه بالطريقة الشرعية. عرفتِ معنا الآن ما السبب؟ فوجهي طاقاتك لإصلاح هذه الأوضاع التي حرمتك وحرمت بنات جنسك وأبناء المسلمين معكم، حرمتهم من المتنفس الصحيح. كثير من الطاقات، طاقات الإصلاح الهائلة، بتكون بدايتها الإحساس بالألم والقهر.
وجهي طاقاتك لتعلم العلم النافع. تعلم شريعة الرحمن التي تضبط الأمور وتنسجم تماماً مع الفطرة والغريزة التي أودعها الله فيك. {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}. الله الذي أودع فيك العاطفة والغريزة هو ذاته الذي أحل لك وحرم عليك رحمة بك وإصلاحاً لدنياك وآخرتك.
وجهي طاقاتك لكشف المكائد والتصدي لها. مكائد المنظمات الدولية وأذنابها الذين يريدون لك أن تميلي ميلاً عظيماً. وكنا خصصنا سلسلة "الحرب على الفطرة" لبيان خبثهم وإجرامهم في حقك.
وجهي طاقاتك لتعلم التربية حتى تنشئي جيلاً عزيزاً يستعصي على الاستعباد وسرقة الثروات، وتعود المجتمعات المسلمة كما كانت في أيام عزها، يكتسب فيها الشباب أرزاقهم ويبنون أسرهم في مرحلة مبكرة.
وجهي طاقاتك للتصدي لاستعباد الإعلام والرأسمالية لك ولأمتك من خلال الشهوات.
وجهي طاقاتك لتعلم كيف تبنين أسرة يعرف كل من أفرادها حقوقهم وواجباتهم وأدوارهم، والشريعة حاكمة عليهم جميعاً، يستظلون بظلها حتى ترسمي نموذجاً جميلاً للحلال في زمن يشوه فيه الحلال ويزين الحرام.
واصبري في ذلك كله يا بنتي. اصبري عن الأفعال غير المنضبطة بالشرع، اصبري عن التعبير عن عاطفتك بطريقة غير صحيحة. مثل ما الشباب مأمورون بالصبر أنت مأمورة بالصبر، ومن يتصبر يصبره الله. لكن في هذا كله يا بنتي لا تخلي "أبو نكد" الحقيقي يبعدك عن الله ويسيء ظنك به سبحانه. دنيا وتنقضي، وعند الله يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
أسأل الله تعالى أن يعف بنات المسلمين ويصلح بالهن ويربط على قلوبهن ويسر لهن ولشباب الأمة الزواج السعيد. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.