→ عودة إلى مرئيات

شكر وامتنان لطاقم مركز الحسين للسرطان

٢٠ أبريل ٢٠٢٥
النص الكامل للمقطع

شكر وامتنان لطاقم مركز الحسين للسرطان

السلام عليكم ورحمة الله. هذه كلمة شكر وامتنان لطاقم مركز الحسين للسرطان في الأردن. لماذا حرصت على تسجيلها يا ترى؟

أهمية الشكر ونشر ثقافة الامتنان

أولاً: لأنه من لا يشكر الناس لا يشكر الله. نبينا سيد الأوفياء صلى الله عليه وسلم علمنا الوفاء، وهو يمتدح زوجته خديجة وصاحبه أبا بكر والأنصار وغيرهم.

أسجل هذه الكلمة لأننا يا إخواني نحتاج أن نشيع ثقافة شكر الناس على إحسانهم، مش بس نركز على النماذج السلبية. وأسجلها أيضاً لأنه من إكرام والدتي بعد وفاتها شكر وإكرام من أحسن إليها.

أسجل هذه الكلمة أيضاً لأن الطاقم في مركز الحسين للسرطان هو حقيقة نموذج يحتذى. أنا وإخواني نقول: هذه الحالة، حالة مركز الحسين للسرطان، يجب أن تدرس لنعرف ما الذي أوصلهم إلى هذا المستوى والرقي في التعامل.

وأيضاً يا إخواني نحتاج هذه الكلمة لأن بعض الناس، هذه الكلمات في التقدير أهم عندهم من المرتب. والإخوة في المركز، مركز الحسين للسرطان، لأنهم مرهفو الحس ونبيلو الأخلاق، أحسب أنهم من هذا النوع الذي يقدر الكلمات الطيبة مش أقل من العائد المادي. وكما أدخلوا السرور على قلوبنا وخففوا عنا، فإني حريص أن أدخل السرور على قلوبهم أيضاً.

العيش بكرامة حتى الوفاة

أسجل هذه الكلمة لأنه يا إخواني حقيقة أن يعيش حبيبك فترة مرضه بكرامة إلى أن يتوفى بكرامة، هذه نعمة عظيمة. فأنا أقدر وأحترم وأشكر كل من ساعد بنتي ثم أمي رحمهم الله على أن يعيشوا آخر حياتهم بأقل معاناة.

وبالمناسبة، هذا يجب أن يحسب في نسب نجاح مستشفى. عادة المستشفيات ممكن مثلاً تركز أنه تم شفاء النسبة الفلانية من حالات اللوكيميا والليمفوما إلى آخره، أو مثلاً الـ "لايف سبان" (مدة العمر) بعد تلقي العلاج الفلاني كانت أطول مقارنة بالذين لم يتلقوا العلاج.

حقيقة، من أهم دلالات نجاح مستشفى ما هو أن يعامل الإنسان بكرامة ويحس بالاحترام وتخفف عنه معاناته حتى يتوفى بعد ذلك. فهذا حقيقة من نماذج النجاح.

ملاحظات وتوضيحات

أود هنا أن أسجل ملاحظات:

أولاً: إخواني، لم يطلب مني أحد هذه الكلمة ولا أن أمدحه نهائياً. هذه الكلمة أسجلها من تلقاء نفسي. فإخواننا في مركز الحسين للسرطان لم يطلبوا هذه الكلمة لا من قريب ولا من بعيد.

وملاحظة ثانية: قد يظن البعض أنهم يعاملون إياد معاملة خاصة، يعني أنه معروف وما إلى ذلك. لكن حتى أصدقائي، عامة أصدقائي الذين تعاملوا مع المركز، عندهم نفس الملاحظة على التعامل الراقي والأخلاق النبيلة.

وأعجبني جداً كلمة أحد الدكاترة في المركز، يعني كنت أنا أتحرج من كثرة تواصلي معه وأخاف أن أثقل عليه وأقول: "والله دكتور أنا يعني خايف إني أثقل عليكم وأعتذر". فقال لي: "يا دكتور إياد، صحيح أني أحترمك لما تقدمه، لكن للعلم ما أفعله معكم أفعله مع كل مرضاي وأكثر كمان، فلا تتحرج أبداً أبداً من السؤال في أي وقت". الله يكرمه ويجزيه الخير.

أيضاً يا إخواني ملاحظة أخرى: أنا أتحرج أن أتكلم عن هذه العناية الطبية في الوقت الذي يتعرض إخواننا في غزة لما يتعرضون له، ولا في عناية طبية ولا تعامل لطيف لأنهم لا يصلون أصلاً إلى الطواقم الطبية. طبعاً هناك طواقم طبية تقوم بواجبها على أكمل وجه فيما تبقى من مستشفيات، فيما تبقى من نقاط طبية أو مستشفيات ميدانية، يعني يبذلون كل ما يستطيعون. لكن كثير من إخواننا لا يصل أصلاً ولا تصله سيارات الإسعاف التي أصبحت حتى هي تستهدف. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج عن أهلنا وأن يخفف عنهم ما هم فيه.

ذكريات مع مركز الحسين للسرطان

حقيقة إخواني، ذكرياتي أنا وإخوتي مع المركز كثيرة جداً، مع مركز الحسين للسرطان. مع بنتي عشرات الزيارات وإقامة ليالٍ كثيرة كمرافق، ثم مع أمي أيضاً عشرات الزيارات.

شقيقتي الله يحفظها ويجزيها الخير كانت تحرص هي اللي تبات مع أمي وتصر أنها هي فقط تقريباً في كل الليالي. لكن مع ذلك أنا كنت أقوم بالكثير من الزيارات، عشرات الزيارات مع الوالدة لجلسات العلاج بالإشعة والكيماوي وغيرها. وفي كل منها ذكريات من التعامل الحسن وكرم الأخلاق.

كنت أجمع هذه المواقف في الذاكرة وأقول: يوماً ما لازم أشكرهم جميعاً. طبعاً متأكد مقدماً أني سأنسى بعضهم وأعتذر لهم مقدماً، أكيد مش يمكن، أكيد سأنسى بعض الذين يعني كانوا قد أحسنوا إلينا. الله يجزيهم عنا خيراً ويكفي أن الله يعلمهم، يكفي أن الله يعلمهم.

شكر خاص لبعض الأفراد

وأحب أن أذكر بعض الأسماء من باب الوفاء، ومرة أخرى لإشاعة النماذج النبيلة التي تحتذى:

  • بدءاً من موظف أمن المستشفى ماجد الفاهوم أبو علاء، اللي كان لما نصف السيارة يقول لشقيقتي: "خلص يا أختي أنت بتساعدي الوالدة تنزل وأنا بجيب الكرسي" بابتسامة لطيفة. الله يكرمه ويجزيه خيراً. فلما سألته عن اسمه قيل لي: "نعم هذا أبو ماجد معروف، أبو علاء معروف، لطيف مع الكل وطيب مع الكل". يجزيه الخير.

  • أذكر من المواقف إخواني أيضاً في بدايات مرض أمي عندما كانت رافضة لتركيب الإبرة، الله يعينها يعني رحمة الله عليها، يعني المشوار متعب والإبر مؤلمة وما إلى ذلك. فكان لا بد من تركيب إبرة فرفضت وأعجزت الممرضين إلى أن جيء بممرض لطيف طيب الله يكرمه ويجزيه عنا خيراً. جلس معها يمكن ساعة ونصف، جلس أمامها: "يا ولدتي من شاني والله ضروري، معلش، طيب ليش ما بدك؟" ويناقشها أظن قرابة النصف ساعة إلى أن راضيت بأن تركب لها الإبرة. ولا أنسى اسم هذا الممرض الطيب النبيل عمر المومني. الله يجزيك عنا خيراً يا عمر المومني.

  • ممن نتذكرهم دكتور زيد الكيلاني، اللي كانت رحلة العلاج في البداية معه. الدكتور زيد الكيلاني الله يكرمه في تعامله اللطيف والطيب، وهو اللي قام بإجراء القسطرة السستوسكوب، وكان داعماً لنا أيضاً يعني خفف عنا كثيراً.

  • ممن أتذكرهم طبيب التخدير دكتور مروان عبيد، اللي لما كان لازم نتخذ قراراً صعباً، نجري عملية جراحية خطيرة أو ما نجريها، أعطانا ما لا يقل عن ساعة ونصف وهو يشرح لنا بطول بال شديدة وبيورجينا على الكمبيوتر كيف بيحسب نسب الخطورة وبحاول يساعدنا في عمل موازنة: يا ترى العملية أفضل ولا مش أفضل؟ إذا اتخذنا القرار الذي أظن أنه كان صحيحاً، فجزاك الله خيراً يا دكتور مروان.

  • انتقالاً إلى موظفة الأشعة العلاج بالإشعة ذكاء الأصمادي، اللي الوالدة رحمة الله عليها احتاجت 28 جلسة علاج بالإشعة. وطبعاً يعني في مشقة عليها الوالدة، فكانت أحياناً يعني الحمد لله دائماً صابرة ما شكت من قضائها وقدرها أبداً، لكن تظهر ضيقاً من جلسات أنها مش مقتنعة فيها. فكانت الأخت ذكاء يعني تستوعبها وتخفف عنها وتتلطف معها وكسبت ود الوالدة رحمة الله عليها.

  • انتقالاً إلى طبيب الأشعة الدكتور مذر قنديل، الله يجزيه عنا خيراً، الذي ساعد في قراءة صور الأشعة باهتمام.

  • انتقالاً إلى الممرضات كلهن، كل الممرضات حقيقة بلا استثناء كان تعاملهن راقياً ومحترماً، من ممرضات الطابق الثامن إلى العاشر، ممرضات الطوارئ الله يجزيهم عنا خيراً، إلى عاملات النظافة اللواتي أيضاً كن في تعامل راقٍ وحريصات على نظافة الغرف وغيرهم الكثير الكثير.

  • لكن حقيقة أود أن أقدم شكراً خاصاً للدكتور بهاء شرف الذي كان طبيب الوالدة في الشهور الأخيرة. يعني يحتاج ويستحق منا حقيقة شكراً خاصاً لأنه يعني من لطف تعامله الوالدة في يوم من الأيام بتقول له: "أنت لي ابن جديد". وقال لها: "أنا أعتز وأفتخر بهذه الشهادة". وخفف عنها كثيراً وخفف عنا نحن أيضاً كثيراً، فجزاه الله عنا خير الجزاء.

  • وأشكر الدكتور عاصم منصور مدير المركز، وأحسب أن حسن الإدارة له دور في هذا التعامل الطيب. وأشكر بعد ذلك كل من كان سبباً في هذا الرقي في التعامل. ويعني لا زلت أتذكر كيف كان يعني كلمة "يا أمي يا أمي" على ألسنة كثير منهم، يتعاملون معها كأنها والدتهم بالفعل.

تميز طاقم مركز الحسين للسرطان

وسبحان الله إخواني، جميل لما يجتمع التمكن العلمي والمهني مع نبل الأخلاق مع الدافع الإيماني فيما نحسبهم. هذا الذي كنت أستشعره في كثير من الإخوة والأخوات.

ومما يميز الطاقم في مركز الحسين أنهم دائماً يعملون، ما بتشوف حدا قاعد فاضي ولا يعني بيلعب ولا مشغول بالواتس. لا، تجدهم دائماً منهمكين في أعمالهم، لا يظهر منهم تضايق أو تافف أبداً في أعمالهم.

وأيضاً أنهم لا يكتفون بما هو مفروض عليهم. وهذه يعني خصلة نبيلة ومهمة. كثير من الموظفين في المستشفيات وغيرها إذا كان هذا الشيء مفروضاً عليه بيعمله، إذا يعمله أصلاً يعني. وإذا كان مش مفروض عليه بقول لك: "لا معلش، ليس واجباً علي أو ما في مجال". لكن إخواننا في مركز الحسين لاحظت أكثر من مرة أنهم ليسوا على هذه الشاكلة.

بالعكس، احتجنا مثلاً مرة صورة للتأكد من وجود جلطة وريدية لدى الوالدة رحمة الله عليها وكان يوم سبت. فبطبيعة الحال يعني مش متوفر الدوبلر ألتراساوند، مش متوفر التصوير المناسب. فالطوارئ اتصلوا بقسم التصوير: "عندنا الحالة الفلانية هل في مجال تجيكم؟" ما قالوا: "لا نحن لسنا ملزمين اليوم يوم السبت". بل قالوا: "هاتوّها". والدكتورة الله يكرمها ويجزيه الخير ما بذكر اسمها قامت بإجراء الصورة.

طبعاً عدد ممن ذكرنا وغيرهم من المركز جاؤوا إلى عزاء الوالدة، وهذه لفتة لطيفة منهم أنه يعني مش بس علاقة عمل وخلاص، لا في مسحة طيبة وبعد نبيل في التعامل.

وطبعاً إخواني هناك كثيرون ساعدونا في هذه الفترة من غير المركز، من خارج المركز، أسأل الله أن يجزيهم عنا خيراً. وهذا غير الكثيرين الذين كانوا معنا أيام سارة قبل ست وسبع سنوات في المركز رحمة الله عليها. فنشكرهم جميعاً ونسأل الله أن يجزيهم عنا خيراً.

موقف مؤثر من أيام سارة

موقف أخير أتذكره من أيام سارة ينبئك عن النبل والأخلاق الرفيعة. بنتي رحمة الله عليها قبل ست سنوات، يعني يوم وفاتها، يعني كان يوم جمعة، هي توفيت صباح السبت أو يعني ليلة الجمعة للسبت. فيوم الجمعة وكأنها أحست فطالبت أنها حابة تقترب من الشباك وتشوف الدنيا. فممرضتان جاءتا وبلهفة واهتمام بالغ حاولتا تقريب السرير، سرير كبير طبعاً، من الشباك لأنه في بعض التعقيدات في أدوية مشبوكة وريدية وفي أسطوانة غاز وفي مصدر للغاز وفي قصص طويلة. فأذكر أنهما يمكن ثلاث أرباع الساعة والله أعلم بمحاولات جهيدة على شان يحاولوا يقربوا سارة من الشباك. لا أنسى لهما هذا الموقف ولا أذكر أسماهما ولكن يكفي أن الله عز وجل يذكر ويعلم.

دعاء ووصية

ولا أستطيع أن أكافئ المذكورين ويكفي أن الله عز وجل سيكافئهم بإذن الله تعالى. وأحث إخواني جميعاً في المركز على مزيد من العطاء. كلام العبد الفقير وحسن ذكركم في الناس يتضاءل أمام اطلاع الله عز وجل على أعمالكم.

"إن الله لا يضيع أجر المحسنين، إن الله لا يضيع أجر المحسنين".

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.