→ عودة إلى فن حسن الظن بالله

الحلقة 23 - يا من تشكو القدر!

١٥ يوليو ٢٠١٤
النص الكامل للمقطع

يا من تشكو القدر!

في لحظات صعبة من بلاء وجهتها لنفسي أولًا لأكبت شيطانها وأقمع بوادر التململ منها، ثم أوجهها صرخة للشاكي المتأفف من القدر، صرخة منه إليه، صرخة تصرخها أعضاؤه والأيام الجميلة في حياته والنعم الكثيرة التي أنعم الله بها عليه. لكن الطبع اللئيم أنساه ذلك كله، وانشغل بالتململ من البلاء وكأنه يرى أن الله منعه ما يستحقه من نعمه.

فيما مضى من حلقات كنا نلتمس الرضا بالقضاء والقدر في الترغيب، لكن الشدة تنفعنا أحيانًا خاصة حين لا ينفع الترغيب. فلا تنفر يا أخي من مواطن الشدة في هذه القصيدة، وادخرها لليوم الذي يسوء فيه ظنك لتقمع النفس الأمارة بالسوء.

القصيدة: شكوى القدر

تقول:

إذا ابتلاك الله يومًا بذنبٍ منك ربِّ لما ابتليت؟ تَشُكُّ بحكمة الباري الحكيم على سوء الظنون قد انطويت نسيتَ أيَا أخَ السوءِ الخطايا ألا فانظر على من ذفتريت ألا لو لمتَ نفسك حين أورت لهيبًا من لظاها قد اكتويت أمن الباري أمنك قد عميت؟

أغير الله قد أعطاك سمعًا فهمت به كلام من التقيت؟ أغير الله قد أعطاك عينًا بصرت بها طريقك فاهتديت؟ أغير الله قد أعطاك رجلًا ففي كل المسالك قد مشيت؟ وتمسك باليدين كما تشاء وترسل بل وترمي ما رميت؟ وتشكو باللسان وما اللسان تقلبه لتأكل ما اشتهيت؟

ويكلأك الرحيم بحسن حفظٍ بلغت به أشدك واستويت ألم يسترك في ظلم الليالي وأنت بسوء فعل قد سعيت؟ تحين وقت قد نام الأنام ويطلع الإله فمرعويت ألا تكفيك آلاء الجليل فتبقى كلما امتحنت اشتكيت؟

إذا لم يكفِ هذا فأنت ميت وإن لم تدرِ بعد فما دريت وإن غمرتك أفضال الكريم ولم تروِ الفؤاد فأنت ميت وإن لم يسرِ في دمك الثناء على نعم الإله فأنت ميت وإن لم يشفِ صدرك صبر شوقٍ إلى يوم الجزاء فأنت ميت

فرضِّ النفس عن قدر الخبير وإلا فالمهالك إن أبيت وقل يا رب أنا لي بشكرٍ يوافي ممتنِّي ومعتنيت ألا فاذكر نعيمًا سرمديًا بغمسٍ فيه إذ بك قد نسيت ستنسى كل بأساء وضرٍ كأنك ما حزنت وما بكيت

والسلام عليكم ورحمة الله.