→ عودة إلى قانون الطفل

الحلقة 3 - عندما يصبح مغتصب الأطفال مشرعا لحقوقهم!

١٣ أغسطس ٢٠٢٢
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله.

أحدنا قد يخرج مع أبنائه في نزهةٍ لساعتين، ليروح عنهم ويقوي علاقته بهم. فتصبر معنا نصف ساعةٍ لتعرف ما يخطط لأبنائك هؤلاء قبل أن تصبح علاقتك بهم جزءًا من الماضي.

أنا لست معنيًا أبداً إخواني بالحديث عن شخصياتٍ غربية لمجرد الثقافة العامة، بل لأن لهم تأثيرًا خطيرًا على بيوتنا، ويمكننا بإذن الله صد هذا التأثير. وأول خطوةٍ هي الوعي.

في الحلقة الماضية تكلمنا عن شخصية أمريكية ومنظمتها، ويمكن كثير من المتابعين كان يظن في البداية أن الموضوع لا يعنيه، لكن لما نشرنا بعدها استبياناً لتقييم مدى الاستفادة من الحلقة، اختار سبعة وتسعون بالمئة أن الحلقة مفيدة جداً ووعتهم على حقائق في غاية الأهمية في وقت قصير نسبياً. وجاءت تعليقات كثيرة جداً عن الصدمة بالمعلومات وضرورة تعميمها لمسلمين العالم وترجمتها لمختلف اللغات.

الشخص الذي سنتكلم عنه اليوم هناك منظماتٌ أمريكية توجه رسالةً للآباء في العالم أن يا آباء نحن اكتوينا بنار هذا الشخص ومؤسسته فاحذروا وحموا أبناءكم منهم قبل أن يصيبكم ما أصابنا. وللعلم فالعالم أصلاً يكتوي حالياً بنار هذا الشخص، فله إسهامٌ كبيرٌ في حالة الفوضى الأخلاقية التي يعيشها معظم العالم اليوم، والتي يتم توظيفها من قبل النظام الدولي لاستعباد الشعوب. حتى وصف هذا الشخص بأنه أحد ثلاثة أقطاب شكلت العالم بشكله الجديد.

ومع ذلك فقبل سنوات حصل حدث مهم يمكن أفكار هذا الشخص الخطير من الوصول إلى أبنائنا وتدمير الحصن الأخير للمسلمين ألا وهو حصن الأسرة. حلقتنا اليوم تعطيك فكرة قوية عن كيف يتم التلاعب بالشعوب وتشكيل توجهاتها. قال الله تعالى: {وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين}. تعالى معنا نعرف ملامح هذا الخطر لنحذر منه ونحذر مستعينين بالله تعالى.

ألفريد كينزي: الرجل و"علمه"

شخصية قصتنا اليوم هو عالم الأحياء الأمريكي ألفريد كينزي، أستاذ علم الحشرات وعلم الحيوان. كنا أشرنا إليه سريعاً في الحلقة الماضية حين تكلمنا عن مارغريت سانجر ومؤسسة بلاند بيرنثود التي تعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة على نشر السعار الجنسي في الأطفال منذ نعومة أظفارهم، وأن هذه الأجندة تستهدف العالم الإسلامي ومناهج التدريس بقوة.

وبقي السؤال العالق: لصالح من ينتهك عالم الطفولة وتفرض أجندات الشذوذ والتحول الجنسي ويشرعن الزنا في الأطفال واليافعين مع تجريم الزواج الحلال؟ من المستفيد من هذا كله؟ طرف الخيط في إجابة أسئلتنا هذه هو في التعرف على قصة كينزي.

مرت المجتمعات الغربية في بدايات القرن الماضي بحالة من تقديس العلم التجريبي كبديل عن الدين الذي ثارت عليه، بحيث أن أي شيء يأتي إليها مختومًا بختم العلم، فإنه لابد من تصديقه حتى وإن كان علمًا زائفًا يصادم العقل والفطرة.

"أبحاث" كينزي ومزاعمه

في هذا التوقيت جاء كينزي ليعمل أبحاثًا في مجال الجنس، وألَّف كتابه الأشهر، "السلوك الجنسي في الإنسان الذكر"، وذلك عام 1948. ونشر بعده كتابًا شبيهًا عن "السلوك الجنسي في الإنسانة الأنثى".

في كتابيه هذين نشر كينزي أبحاثاً ادّعى أنه قام بها وبنى عليها تحطيم أخلاق فطرية اتفقت عليها البشرية لم يتصور أحد أنها ستصبح محل تساؤل في يوم من الأيام. فادّعى كينزي أن الطفل يولد شهوانياً ولا يتضرر بزنا المحارم ولا بممارسة الجنس مع البالغين، بل عادة يستفيد من ذلك. وأنه حتى الأطفال الرضع يشعرون بالنشوة الجنسية، وأنه لا مشكلة في ممارسة الجنس مع الحيوانات. وادعى أن أبحاثه تثبت أن السلوك المثلي سلوك بيولوجي عادي. وباختصار ادعى أنه ليس في عالم الجنس شيء اسمه "أبنورمل" يعني غير عادي، بل كله عادي ومقبول ولا داعي للتحرّج منه. باختصار روج كينزي لكل السفالات الأخلاقية وزعم أنه برهن عليها بالعلم.

الأساس "العلمي" للتعليم الجنسي الشامل

تعالوا نتناول عينةً من العلم الذي برهن به كينزي نظريته. فلسفة التعليم الجنسي الشامل (CSE) أن الجنس ليس له سنٌ معين وأنه من حقوق الأطفال، والتي تروج لها بلانت بيرنت هود والأمم المتحدة كما رأينا في الحلقة الماضية، هذه الفلسفة قائمةٌ على أبحاث كينزي.

كيف أثبت كينزي هذا مثلاً؟ من خلال الدراسة التي يعرض كينزي نتائجها في الجدول 34 من كتابه، الدراسة التي أشرف عليها هذا الحقير ورصد عدد مرات النشوة الجنسية التي أحس بها الطفل. والصور التي نعرضها هذه هي كلها من كتابه "السلوك الجنسي في الإنسان الذكر".

كيف يعرف كينزي أن الطفل أحس بالنشوة الجنسية؟ عرفها بأنها كل من الأعراض التالية في الأطفال نتيجة ممارسة الجنس معهم: التوتر الشديد مع التشنج المجتمل على هيجان وارتجاجي للجسم كله بالحرف، الأنين أو البكاء بشدة، الارتجاف بشدة، الانهيار، شحوب اللون مع الإغماء أحياناً، التألم الشديد والصراخ، ومقاومة الشريك مع محاولة الهرب منه. سمَّى من يغتصب الطفلة شريكًا جنسيًا، واعتبر أن هذه الأشياء في هذا السن هي تعبيرٌ عن النشوة الجنسية. يعني لا يغركم الطفل في هذا كله سعيد ومصاب بالنشوة الجنسية. وتكلم عن نتائج مشابهة للرضيعات والطفلات الإناث.

باختصار دوَّن هذا القذر كلما أصاب الأطفال من أشكال الذعر والقهر والعذاب النفسي والجسدي التي عانوها لمدة 24 ساعة من الاغتصاب، واعتبر ذلك نشوة جنسية، واستخدم ذلك ضمن أدلته أن ممارسة الجنس مع الأطفال مفيدة لهم. لك أن تتصور أن هذا الحقير وفريقه الحقير دونوا في كتاب علمي هذا الإجرام الذي فعل بـ 317 طفلاً. لعنة الله عليهم وعلى أشكالهم.

فظائع "تجارب" كينزي

خلص وصلت الرسالة لا داعي لأن أعرف أكثر. بل انتظر لتسمع العجب العجاب وكيف يراد لأبنائنا أن يتجرعوا سموم هذا الشخص؟ هل كينزي وفريقه هم من قاموا بهذه الجرائم البشعة؟ ممكن. أما كينزي فقال أنه حصل على هذه المعلومات من حوالي تسعة من البالغين الذين كانوا من قبل قد دونوا هذه النتائج. بينما اعترف زميله بول جيبهارد بأنه جرى نوع من التنسيق للتجارب مع مغتصبي أطفال. وقال: "هذا غير قانوني وكنا نعلم أنه غير قانوني، لكن من الضروري للناس أن يدرسوا السلوك الجنسي لدى الأطفال".

وأما مدير معهد كينزي فقال: "إن كل هذه النتائج جاءت من شخصٍ واحد مهووسٍ بالجنس". وإذا حدثت هذه التجارب بالفعل، فأياً كان عدد المغتصبين المتفنّنين في الاغتصاب، وسواءً كان هؤلاء المغتصبون هم كينزي وفريقه أم شخصٍ أو أشخاص تعاونوا مع كينزي، فهؤلاء كانوا يوقّتون لمدة 24 ساعة كم مرةً صرخ الرضيع أو حاول الطفل الهروب أو أصابه إغماءً أو نوبات تشنّج أو انهيار وشحوب، ومتى حصلت كل من هذه النوبات. وسمي هذا بحثاً علمياً.

وإذا كان هذا بتنسيقٍ مع كينزي وفريقه، فمن الذي سيغري هؤلاء المغتصبين المجرمين بفعل هذه الأفعال إلا بتشجيع ومقابل مادي من كينزي؟ فمن ناحية المصداقية، هل يتصور أن يؤخذ كلام هؤلاء المجرمين على محمل الجد والثقة؟

غياب المنهجية العلمية والانتهاكات الأخلاقية

طيب بعيداً عن كونه المجرمين، هل ما قام به كينزي كان بحثاً علمياً يمكن أن تكون نتائجه صحيحة؟ هذا السؤال لا يسأله إلا من انطمست فطرته وفقد كل المسلمات العقلية والأخلاقية، وصار يعبدُ العلم الزائف. ومع ذلك، هناك من العلماء الغربيين من كلَّف نفسه أن يردَّ على أمثال هؤلاء بأنه كيف يمكن أن يُثق بكينزي وقد تضاربت أقواله مع أقوال زملائه؟ وكيف وبحثه الحقير هذا لا تتوفر فيه أيٌّ من شروط البحث العلمي؟

فلا هو "repeatable" يعني لم تتم إعادته والحصول على نتائج شبيهة للتأكد من دقة النتائج، ولا اشتمل على الحصول على إذن من العين المجرب عليها كما هو القانون في التجارب الكلينيكية، ولا خضع لمراجعة أقران، ولا يمكن التحقق من صحة البيانات الأصلية والتي أبقاها كينزي وزملائه بحوزتهم ورفضوا نشرها رغم المطالبة القانونية بها، خاصة لاشتمالها على أعمال إجرامية يجب ملاحقة فاعلها.

وماذا كان المتوقع أن يفعل بكتب كينزي هذا وفريقه إلا أن تمزق على رؤوسهم ثم يؤخذ لينكل بهم بأشد العقوبات على هذه الجرائم في حق الإنسانية؟ ومع ذلك فما الذي تتوقعون أنه حصل لكينزي؟ الذي حصل صادم جداً ويبين لك الكثير عما يحصل في أمريكا أكبر أقطاب النظام الدولي.

دعم كينزي: أكاديمياً، إعلامياً، مالياً، وسياسياً

بدلاً من أن ينكل بكينزي وفريقه، قامت مؤسسات أمريكية كبرى بدعمه أكاديمياً وإعلامياً ومالياً وسياسياً.

أما أكاديمياً: فقد أسس معهد باسمه "كينزي انستيتيوت" لا زال عاملاً حتى اليوم ومدعوماً بميزانيات كبيرة، على صفحته الأولى على النت صورة عشيقتين. وخصصت جائزة بحثية باسمه، وأحالت أوراقٌ كثيرة توصف بأنها علميَّة على كتابه الذي ذكرناه، وترجمت أعماله إلى ثلاث عشرة لغة.

وأما إعلامياً: فقد تم تلميعه بسرعة فغنيت له الأغاني ونشرت عنه مجلات. بعدها تصاعدت المهاجم لأبحاثه والطاعن في مصداقيته ووصلت الإعلام، لكن بقيت هناك آلةٌ إعلاميَّة تتجاهل ذلك وتلمعه. وفي عام 2004 أصدرت هوليوود فيلماً يلمعه.

وأما مالياً: فمن أبرز الذين دعموا كينزي في أبحاثه الحقيرة هذه لعشرات السنوات هم جامعة إنديانا بالأموال العمومية التي تمتلكها، ثم دعمته بشدة عائلة روكيفيلر الثرية الأمريكية المعروفة وكان لها دور كبير ومستمر في دعمه. ثم دعمت كينزي أيضاً مجلة بلاي بوي المنحطة المعروفة بالترويج للدعارة والفجور والفحش بأشكاله. مؤلف المجلة هيو هيفنر اعتبر أن كينزي هو من أشعل فيه تطرف الجنسية بأبحاثه فدفعه ذلك إلى إصدار هذه المجلة المنحطة.

إذن كينزي أعطى الأساس العلمي للدعارة فانتعشت هذه التجارة بأشكالها ومنها مجلة بلاي بوي والتي تحالفت مع كينزي ودعمته مالياً لمزيد من العلم الزائف ومزيد من الدعارة على حساب أموال الناس وأخلاقهم وفطرة أبنائهم ودنياهم وآخرتهم.

الاعتراض على عمل كينزي

لكن ألم يلاحظ أحدٌ هذا الإجرام واللا منطقية واللا علمية في أبحاث كينزي؟ بلى لاحظوا واستنكروا بدءاً من نفس العام الذي نشر فيه كينزي كتابه. ليس فقط أبحاثه عن اغتصاب الأطفال، بل في كل كتابه. حتى من ناحيةٍ بحثيةٍ بحتة بعيداً عن الإجرام واللا أخلاقية. فقد بيّن عددٌ من الباحثين أن كينزي أخذ كثيراً من معلوماته عن السلوك الجنسي من سجناء وعاهرين ذكور (male prostitutes) واعتبر كينزي هؤلاء ممثلين لباقي البشر.

وفي نفس العام الذي صدر فيه كتاب كينزي أصدرت لجنة تابعة لاتحاد الإحصائيين الأمريكان تقريراً يبين تفاهة كتابه وبطلان منهجيته من الناحية العلمية. ثم صدرت وثائقية "التاريخ الغامض" (The Secret History) يعني مغتصبو الأطفال بتوع كينزي. وألفت كتب عديدة منها كتاب "كينزي: الجرائم والعواقب" والذي وصف جرائم كينزي ومؤسسته من بعده داخل أمريكا وخارجها بما في ذلك جرائم سرية ضد الأطفال. وكذلك كتاب "كينزي والجنس والاحتيال".

بل وفي هذه الصفحة الخطيرة التي أنشأها مجموعة من الآباء المعارضين لكينزي في إنديانا بالولايات المتحدة، تجد في آخرها تقريراً خطيراً عن جرائم كينزي بتوثيق مفصل. في صفحة أربعين منه مثلاً معلوماتٌ تفصيلية عن تعذيب كينزي لألفين وخمس وثلاثين طفلاً بمختلف أشكال التعذيب.

لم يرحم هذا المجرم ولا حتى النساء المريضات فانتهك حرماتهم. ففي أبحاثه عن السلوك الجنسي لدى الأنثى كان كينزي يدون أثر إجراء عمليةٍ في الدماغ تسمى "لوبوتامي" وهي فصل مقدمة الدماغ عن باقي أجزائه، أثرها على السلوك الجنسي لخمسٍ وتسعين امرأةً في مصحةٍ عقلية كما في الصفحة 24 من البحث التفصيلي الذي ذكرناه. ووصل إجرام كينزي للطفلات الإناث، ففي عام 2010 تكلمت إحدى ضحاياه للإعلام كيف أن كينزي كان يدفع لأبيها ليغتصبها وهي طفلة بحجة دراسة السلوك الجنسي لدى الطفلات.

دور الدولة والمنظمات الدولية

لكن لحظة أين الدولة عن هذا كله؟ أين القانون؟ الدولة والقانون؟ القانون لم يؤثر على كينزي، بل كينزي هو الذي أثر على القانون. رغم معارضة كثير من الأهالي، وبرر أحد أهم أعضاء اللجنة ذلك بأن المعتدي جنسياً هو حسب أبحاث كينزي ليس إنساناً متوحشاً بل شخص كباقي الناس. وأجريت تعديلاتٌ في النظام التعليمي وتم إعفاء عامة مدارس الولايات المتحدة من قانون الفحش في مكتبات المدارس، يعني قانون منع المحتويات الفاحشة، فلم يعد الفحش ممنوعاً من مكتبات المدارس. وأصبح العلم الزبالة الذي تقيأ به هذا المجرم معذب الأطفال والنساء أصبح هو أساس النظام التعليمي الجنسي في أمريكا، الأمر الذي تستغربه منظمات معارضة لهذا الإجرام في أمريكا مثل منظمة RSVP أمريكا.

لكن ماذا عن جرائم كينزي بحق البشرية؟ من سيحاسبه؟ الحكومة الأمريكية؟ يبدو أنك لم تسمع بالخبر الذي انتشر عام 1995 على وسائل الإعلام الأمريكية عن أن كلينتون الرئيس الأمريكي آنذاك يعتذر عن تجارب إشعاعية يعني التي أجريت على بشر ويقول أن الرئاسة ستدرس تعويض بعض الضحايا وعوائلهم بعد ظهور أمر اكتشافي حوالي أربعة آلاف دراسة سرية على البشر بدءاً من 1974. وعاد كلينتون فاعتذر عام 1997 عن تجربة أجريت على السود. هذه التجارب معروفة باسم برنامج التجارب غير القانونية على البشر والتابع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكان من أهم أهدافها تطوير العقاقير والإجراءات التي تستخدم في عمليات الاستجواب والتعذيب. وعادة ما يتم الاعتذار وتستمر الجرائم بشكل أو بآخر. فمن سيحاسب من؟

مات كينزي عام 1956 بعد أن ترك وراءه مؤسسة كينزي لتستمر في نهجه وبعد أن بذر بذور الشر في العالم. مع أن دراسات كينزي كانت إجرامية لا دينية لا أخلاقية وليست دراسات أصلاً بل "جنك ساينس" (junk science) علم زبالة بلا منهجية علمية، إلا أن هناك منظومة كاملة كانت تنتظرها لتحدث تغييراً في كل شيء في الولايات المتحدة: في النظام القضائي، في التعليم، في القطاع الصحي، في الدعاية، في الإعلام، في كل مناحي الحياة. لذلك يسمى كينزي أبو الثورة الجنسية، يعني حالة الانفلات الأخلاقية التي بدأت في الغرب قبل حوالي ستين سنة وامتدت لمعظم العالم. مئات الملايين من البشر هم ضحايا السعار الجنسي الذي أحدثه هذا المجرم ومن روج له، بما في ذلك تأثر بعض أبناء المسلمين وبناتهم بالانحلال الغربي للأسف.

نفس المهزلة التي رأيناها مع خرافة داروين أن المخلوقات كلها جاءت بمجموع الصدف ضمن ما يعرف بنظرية التطور. ونفس السيناريو تكرر. وكما تم توظيف خرافة داروين من قبل منظومة منتفعة لأسباب وضحناها في حلقة "من يدعم بقاء نظرية التطور"، تم ولا يزال يتم توظيف تخاريف كينزي لأبعد مدى. أضلَّ داروين الناس في مسألة الخلق وأضلَّ كينزي الناس في مسألة الأخلاق. ومهَّد ضلال داروين لضلال كينزي، فبما أنَّ الإنسان جاء بمجموعة صدفٍ عمياء حسب داروين فلم يعد هناك أي أساسٍ للأخلاق كما بيَّن في حلقة "ندعوك للغداء" من رحلة اليقين، والتي رأينا فيها تصريحات الداروينيين أنَّه لا يوجد أساسٌ علمي لتجريم زنا المحارم ولا حتى لأكل لحوم البشر.

وانتقل ضلال كينزي إلى المجتمعات البشرية وأثَّر تأثيراً عالمياً. ولذلك فلا عجب من عنوان البحث الذي تكلمنا عنه "مكي ألترا" (MK-Ultra) يعني مشروع تجارب وكالة الاستخبارات، وكينزي وروكيفيلر أدوات النظام العالمي الجديد.

عندما أصدرت هوليوود فيلماً كما ذكرنا لتلميع هذا المجرم وأجندته، كان لهذا الفيلم دور في تقبل ما يسمونه المثلية. وتعرض الفيلم لانتقادات مثل هذا المقال في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان "ألفريد كينزي: محرر أم منحرف؟" وهذا المقال في مجلة The Interim الكندية المعروفة بعنوان. وبدأ كاتب المقال بقوله: "سيرةٌ ذاتيةٌ تمجيدية لعالم الجنس ألفريد كينزي، هذا الفيلم هو محاولةٌ أخرى لتبيض المسار الوظيفي لعالم الأبحاث هذا والذي كان في الحقيقة منحرفاً جنسياً يزوّر البيانات البحثية ليروج لأجندةٍ منحرفة". وتجد على الفيلم تعليقاتٍ مثل: "لماذا يعملون فيلماً يمجد شخصاً عذب الأطفال؟ هذا شيءٌ مقرف".

الأمم المتحدة وإرث كينزي

لكن أين المجتمع الدولي عن هذا الإجرام؟ أين الأمم المتحدة؟ الأمم المتحدة، الذي تابع معنا الحلقة الماضية يعلم ما هي الأمم المتحدة. هذه المنظمة التي تحالفت بأفرعها مع منظمة للترويج لكل أشكال الانحلال الأخلاقي في أطفال العالم تحت مسمى التعليم الجنسي الشامل. هل تذكرون في مقدمة الحلقة عندما تكلمت عن حدث مهم قبل سنوات يمكن أفكار كينزي من الوصول إلى أبنائنا في المدارس؟ كان هذا الحدث في عام 2014 عندما منحت الأمم المتحدة مؤسسة كينزي مرتبة استشارية خاصة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، وهو مجلس معني بالسلم المجتمعي بما يشمله من مفاهيم حقوقية. وتفاخرت مؤسسة كينزي بذلك على قناتها على يوتيوب، وأعربت مندوبة مؤسسة كينزي عن سعادتها وهي تدخل الأمم المتحدة كمشاركة في رسم السياسات. وبذلك يساهم هذا المركز المدعوم من مجلة الدعارة بلاي بوي، يساهم في سياساتٍ لمجتمعات العالم منها حقوق الأطفال وما يجب تدريسه لهم. وكأن الأمم المتحدة تكافئ كينزي ومؤسسته على إسهامهم الكبير في نشر التحرش والاغتصاب وكافة أشكال الاعتداء على الحرمات وتجارة الدعارة والإباحية وما يقترن بهذا كله من مخدرات وجرائم.

اعترض كثيرٌ من الواعين بخطر كينزي ومؤسسته على ما فعلته الأمم المتحدة، منهم الدكتورة جوديث ريزمان، والتي قدمت للأمم المتحدة تقريرًا بعنوان "لا تلمس الأطفال"، تبين فيه الإدانات التي تثبت إجرام كينزي ومؤسسته، لكن الأمم المتحدة لم تستجب. اعترضت منظمة معنية بحماية الأسرة وكذلك مبادرة والتي تخاطب آباء وحكومات العالم أننا اكتوينا بنار كينزي ودمر مجتمعنا الأمريكي فاحذروا من أن يفعلوا نفس الشيء بكم. وطالبت بإدانة هذه المؤسسة لا أن تعترف بها الأمم المتحدة وتعتمدها لتغييراتٍ مجتمعية.

من أيضاً تعتمدهم الأمم المتحدة لرسم مناهج أطفال العالم بناءً على أعمال كينزي؟ "سيكاس" (SIECUS) مؤسسة التعليم الجنسي للتغيير المجتمعي، والتي اعتمدتها الأمم المتحدة حتى قبل مركز كينزي. سيكاس هذه أسستها الموظفة السابقة في الـ Planned Parenthood الدكتورة ماري كالديرون بتمويل من مجلة بلاي بوي للدعارة بالتعاون مع واردي بوميروي شريك كينزي في كتابة مؤلفاته. ولتعرف من بوميروي هذا، شريك كينزي، هذا الرجل في عام 1980 مجلة التايم نشرت مقالاً بعنوان "الهجوم على آخر المحرمات" مشيرة إلى دعم بوميروي للجنس داخل أفراد الأسرة يعني زنا المحارم كباراً وصغاراً.

تعاون مع هؤلاء كل من اليونسكو واليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان لتأليف كتاب "الإرشادات الدولية للتعليم الجنسي" منطلقاً من أعمال كينزي الإجرامية واللاأخلاقية. لذلك عندما ترى في قانون الطفل توفير برامج التوعية المتعلقة لما يتوافق مع سنه وإدراكه. وتعلم أن هذا البند موضوعاً التزاماً بمعاهدة الأمم المتحدة، فتذكر من هؤلاء الذين يريدون تعليم ابنك صحته الجنسية في كافة المراحل.

هل تتصورون أن هذه المؤسسة التي قامت بجرائم بحق الأطفال والنساء تريد هي وحلفاؤها من الأمم المتحدة والبلاينت بيرانت هود وسيكاس أن يعلمون حقوق الطفل؟ أي اعتداء هذا وازدراء بالمسلمين؟ قد تقول لكن كيف تقول أن المنظمات الدولية تتبنى فلسفة كينزي وهي لازالت تجرم البيدوفيليا يعني التعامل الجنسي مع الأطفال؟ تجرمه كل هذه الأشكال التي يروج لها التعليم الجنسي الشامل من الدعوة الفحش مع الذكور والإناث والصغار والكبار والمحارم والغرب بلا أي حد ولا ضابط، كل هذا لا يعارض دعواهم تجريم البيدوفيليا. المسألة مسألة وقت فقط للإعلان الوقح والصريح عن إلغاء هذا التجريم وإلا فهو ملغي عملياً بل وقد تجاوز ذلك بمراحل.

وغني عن الذكر أن البلانت بيرنت هود التي تروج لكل أشكال الفواحش بدءا من الطفولة تحت ستار التعليم الجنسي الشامل والتي لها فروع في أكثر الدول العربية أنها تعتمد على أعمال كينزي وتستشهد بأبحاثه. لذلك عندما تقرأ في منشورات البلانت بيرنت هود على التعليم الجنسي الشامل أنه مستندٌ إلى الدليل العلمي، فعلم أنهم يتكلمون عن العلم الزبالة تبع كينزي وأمثاله. فكذب في كذب في كذب.

الآثار الأوسع: السيطرة والاستغلال

هذه قصة ألفريد كينزي. رأينا فيها كيف أن هناك من كان له مصلحة في هدم الأخلاق فكان لابد من استخدام العلم الزائف لهذه الغايات. لكن ماذا يستفيدون؟ ما علاقة هدم الأخلاق بالسيطرة على الشعوب؟ ما علاقتها بتنمية أموال الرأسماليين؟ كيف تدمر زمرة من المنتفعين دنيا الناس وآخرتهم لزيادة أرصدتها ويخدعون الناس في ذلك كله بعناوين الحقوق؟ من وراء دعم الشذوذ والتحول الجنسي؟ ماذا يستفيدون؟ هذا ما سنعرفه بإذن الله في الحلقة القادمة والأهم فاحرصوا على متابعتها.

بعد هذه الحلقة القادمة سنعود لنجيب عن الأسئلة العشرين التي أثرناها في حلقة "اسمح لي أسرق أولادك" لاستكمال موضوع قانون الطفل في الأردن والمتوقع مثله في بلدان المسلمين. أما رحلتنا في مواجهة الحرب على الفطرة فستمتد بعد ذلك بإذن الله لأهمية الموضوع.

المطلوب منا

طيب ما المطلوب منا؟

  • اكتب ما استفدته من هذه الحلقة في منشورات وتغريدات عديدة على وسم أو هاشتاج #قانون_الطفل_مسموم.
  • حدث من حولك في ثلاث مجالس على الأقل عن مهزلة كينزي ليعلموا حاجة البشرية إلى دين الله تعالى ولنترفع عن الذنوب والكسل وندرك حجم المهمة الملقى على أكتافنا.
  • انشر هذا الفيديو في عشر مجموعات على الأقل.
  • أضف اسم داعية أو مؤثر ليشارك معنا في الهاشتاغ.
  • بسط المفاهيم التي ذكرناها لعامة الناس من حولك.
  • وتذكر ذلك: {ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض}.

والسلام عليكم ورحمة الله.

كيف قتل كنزي الطفولة؟