السلام عليكم ورحمة الله.
مقدمة: قانون الطفل المسموم والتعديلات الشكلية
من أسابيع يا إخواني ونحن نوضح حقيقة أن قانون الطفل في الأردن مسموم، وأنه ينبغي التصدي له حماية لأسرنا وأبنائنا، ولأن التجربة الأردنية يتوقع أن يكون لها انعكاسات على مجتمعات مسلمة وعربية أخرى. بالتزامن مع هذا التبيان، اجتمعت لجنة في مجلس النواب لدراسة القانون وخرجت بتعديلات.
الآن ترى هناك أصوات تقول أن هذه التعديلات حلت مشاكل القانون، ونحن في حملة "قانون الطفل مسموم" نؤكد أن هذه التعديلات شكلية لا قيمة لها، وأن القانون المعدل مسموم، والإقرار له لا زال عارًا. هنا يتوقع أن يقع البعض في حيرة، خاصة وأنه سيسمع أصواتًا تُنسب إلى الصف الإسلامي تطمئن الناس أن القانون بشكله الحالي مقبول ومتفق مع الشريعة. لذلك أحببنا أن ننشر لكم هذه الكلمة، وسيتبعها غيرها إن شاء الله، حتى تسمعوا أدلتنا وتكونوا على بينة من أمركم، فالموضوع والله خطير.
كثير مما سنقوله قلناه من قبل في كلمات وتغريدات وبثوث، لكنه هنا مرتب مركز بطريقة تستطيعون أن تواجهوا بها كل من يدافع عن هذا القانون المسموم مع تعديلاته.
فهم القانون المعدل وخطورته
كمقدمة لفهم مواد القانون المعدل وكيف أنها لا زالت مسمومة، ستلاحظون أن عبارات وُضعت عمدًا في القانون وبقيت بعد التعديل. هذه العبارات تبدو بريئة تمامًا، لكن لها تفسير مفصل لدى الأمم المتحدة في تقارير بأكملها، وهذا التفسير واضح منه أنها تعارض ديننا وتدمر أخلاقنا وأسرنا.
مقدمة أساسية: مرجعية تفسير القانون
إذا اعترض أي أحد على الرجوع لهذه التفسيرات لدى الأمم المتحدة، قلنا له: القانون جاء لتلبية اتفاقية مع الأمم المتحدة، وبناءً عليه فكل ما ينص عليه القانون يخضع لتعريفات وأوصاف الأمم المتحدة. فلا يصح بدعوى إيجاد الأعذار وحسن الظن غير المبرر أن نتجاوز هذه الحقيقة الواضحة وهذه المقدمة الأساسية. ولا يجوز أن نفسر القانون وفقًا للمصطلحات المحلية المتعارف عليها والتي ليس لها وزن قانوني عند إرادة تنفيذ وشرح القانون، وكذلك التشريعات المحلية التي ليس لها دور حاكم على القانون، وإنما يفسر القانون وفقًا لتعريفات واضع المصطلحات وطالب القانون وهي الأمم المتحدة، لأن الاتفاقيات الدولية تسمو على التشريعات المحلية في العرف القانوني الدولي.
في مجلد الدراسات التابعة لعمادة البحث العلمي في الجامعة الأردنية، المجلد أربعين، العدد واحد، الصادر عام ألفين وثلاثة عشر، تجد دراسة بعنوان: "مرتبة المعاهدة الدولية في التشريعات الوطنية والدستور الأردني". في هذه الدراسة النص التالي: "اتخذ القضاء الأردني موقفًا واضحًا في بيان مرتبة المعاهدة الدولية في المنظومة القانونية الأردنية، إذ دأبت محكمة التمييز الموقرة في أحكامها على الأخذ بعلوية المعاهدات الدولية على القانون النافذ في حالة التعارض".
إذن إيش؟ علوية المعاهدات الدولية، يعني هي تنسخ وتعلو على وتحكم القانون النافذ المحلي. إذن بما أن قانون الطفل جاء تلبية لطلب الأمم المتحدة، وجب أن نبحث في تعريف الأمم المتحدة للمصطلحات المتداولة داخل القانون، ولا نكتفي بتعريفات الإعلام والمؤيدين التي لا أساس أو مرجعية لها. فكيف إذا علمنا أن الأمم المتحدة ليست فقط من طلب القانون، ولكنها أيضًا على رأس الجهات المختصة لتفسير بنوده ومتابعة تنفيذه من خلال أذرعها المباشرة وغير المباشرة في الأردن، والتي هي بعض مؤسسات المجتمع المدني.
فإذا اتفقنا على هذه المقدمة، فلا مجال لاعتراض أحد بأننا نسيء الظن أو نبالغ. نحن لا نسيء الظن، نحن ببساطة نقدم حقائق ومعلومات ونبني معرفتنا على مقدمات صحيحة. ولمن يقول أن الأمم المتحدة يمكن أن تترك تعريف هذا المصطلح أو ذاك للأردن، نقول له: خاصة في غياب أي مصطلحات بديلة منشورة على المواقع الرسمية الأردنية. وقد قام فريق البحث لدينا في مبادرة "قانون الطفل مسموم" بالبحث الطويل على المواقع الرسمية للعثور على تعريفات بديلة لهذه المصطلحات المسمومة، فلم يجد شيئًا، أو وجد المواقع محظورة، أو روابط تم حذفها بعد الإشارة من قِبلنا للموضوع. فإن لم توفر التعريفات البديلة من جهة رسمية معتمدة، فهل نُلحق في أن نأخذ تعريفات المصطلحات كما جاءت في مواقع الأمم المتحدة حرفيًا؟
طيب، بعد ما نعرف خبث القانون مما سنستعرضه، إيش نعمل؟ نستسلم يا ترى؟ بل مطالبتنا ليست رفض القانون فقط، بل والخروج من اتفاقية حقوق الطفل كاملة. الأصل أن التوقيع على هذه الاتفاقية اختياري، وأن الدول تستطيع أن تنسحب. فما بالكم لما تكون النوايا الخبيثة ظهرت، والأمم المتحدة تحرض أبناءنا وبناتنا علينا بمقاطعها التي نشرناها وتحدثنا عنها.
الآن يا كرام، سنبدأ بندًا بندًا نستعرض بعض البنود اليوم، وإن شاء الله نستعرض غيرها لاحقًا.
أمثلة على سمية القانون
البند (أ) من المادة الثانية
تعالوا نشوف بدايةً تعريض تعديل البند (أ) من المادة الثانية من القانون، وهذا مثال على شكلية التعديلات وانعدام قيمتها. المادة قبل التعديل تقول: "مع مراعاة أي أحكام خاصة وردت في التشريعات النافذة، يقصد بكلمة الطفل كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره". ما التعديل يا ترى؟ "موافقة بعد إعادة صياغتها لتصبح بالنص التالي: مع مراعاة أحكام قانون الأحوال الشخصية والقانون المدني وأي أحكام خاصة وردت في التشريعات النافذة، يقصد بكلمة الطفل كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره".
آها، يعني معنى البند بعد التعديل أنه مع مراعاة قانون الأحوال الشخصية التي يفترض أنها مستمدة من الشريعة الإسلامية، يقصد بكلمة الطفل كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره، خلافًا للشريعة الإسلامية التي تعتبر أن الطفل هو كل من لم يبلغ الحلم. يعني لا يعود طفلًا بمجرد أن يبلغ. فإقحام كلمة "قانون الأحوال الشخصية" لم يغير شيئًا، وإنما أعطى جملة ينقض آخرها أولها.
طيب، لماذا الحرص على طفلنة من هم دون الثامنة عشرة حتى من البالغين؟ معاملتهم كأطفال في هذا السن الحساس جدًا، والذي يحدد مسار الشاب والفتاة في حياته، عادة تعريضهم لعبث الجهات المختصة مع تأجيج الشهوات ومنع الزواج يساعد على إفسادهم مبكرًا.
البند (ب) من المادة الثانية: الجهات المختصة
البند (ب) من المادة الثانية، لا زلنا في المادة الثانية. إيش كان البند؟ "تعني عبارة الجهات المختصة حيثما ورد النص عليها في هذا القانون كل جهة عامة أو أهلية أو خاصة معنية بالطفل أو مكلفة بتقديم خدمات له وفقًا للتشريعات النافذة". وإحنا إخواننا في أكثر من عشر كلمات مفصلة وبثوث مباشرة مع الإخوة نبين حقيقة هذه الجهات المختصة وأجنداتها الخبيثة، وكيف تستدرج الأمم المتحدة بناتنا في سن الخامسة عشرة للهرب من آبائهم المتدينين ومجتمعاتهم المحافظة حتى يعملن ويكافحن حتى تعيش الواحدة منهن مع عشيقتها ضمن مجتمع الميم، يعني الشواذ. بينا بالتفصيل بما يجعل من الضرورة محاسبة ومعاقبة من يضع نصًا مسمومًا بهذا الشكل.
ما التعديل الذي أجري على هذه المادة؟ "موافقة بعد إعادة صياغتها لتصبح بالنص التالي: تعني عبارة الجهات المختصة حيثما ورد النص عليها في هذا القانون بأنها الجهات المعنية بالطفل والمكلفة بتقديم الخدمات له داخل المملكة". يعني حتى لا تظهر المسألة سماحًا لجهات أجنبية بالتدخل بيننا وبين أبنائنا.
طيب، كل الجهات التي ثبت عليها من مصادرها المتوفرة على الشبكة كما عرضنا، ثبت عليها أنها تسعى لتحويل أبنائنا لمسعورين جنسيًا، كل هذه الجهات لها فروع في المملكة، سواء مؤسسات أجنبية أو ممولة أجنبيًا مثل اليونسكو، منظمة الصحة العالمية، صندوق الأمم المتحدة للسكان، الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة. مصطلح "الجهات المختصة" هذا مبثوث في ثنايا القانون، ولديها لهذه الجهات المختصة بحسب القانون صلاحيات غير محدودة ولا مقيدة بشرط.
أيضًا في البند (ب) من المادة الثانية، لا زلنا في المادة الثانية، شوفوا كيف ملغم كل شيء ملغم. عبارة "وفقًا للتشريعات النافذة" هذه لا قيمة لها، فالعمل جارٍ من الجهات المختصة وغيرها على تغيير هذه التشريعات النافذة، ومن أوضح الأمثلة على ذلك تعديل التشريعات وفقًا لمفهوم الجندر. فالذي يظن أن هذه التشريعات النافذة شيء ثابت يمنع الانحراف سيذهب إليها ليجدها سرابًا يتغير ويتنقل. ومما يدل على أن القانون مسموم أنهم لم يضعوا ضوابط ومحددات تمنع من سوء تفسير أو تمادي منفذي هذا القانون في القانون نفسه، وإنما أحالوا على ما يعلمون أنه متغير: تشريعات نافذة، بل وهم ممن يعملون على تغييره.
المادة العاشرة: الخدمات الصحية الأولية
تعالوا الآن إلى المادة أربعة التي يظن البعض أنها حلت الإشكال لأنها أضافت ضوابط الدين والأخلاق. هذه لم تحل الإشكال أبدًا، وهذا يحتاج تفصيلًا، ولذلك نؤخرها إلى ما بعد الانتهاء من بعض النقاط الأخرى. وكذلك سأتجاوز الآن المادة سبعة وثمانية على خطورتهما لأنهما يحتاجان تفصيلًا.
تعالوا نذهب الآن كمثال إلى المادة عشرة، مثال آخر على السم المبثوث في ثنايا القانون. ماذا تقول المادة؟ "للطفل الحق في الحصول على الخدمات الصحية الأولية المجانية". قرار اللجنة: "موافقة"، يعني لا تعديل. طيب ليش زعلان؟ هل تعلمون ماذا تشمل الخدمات الصحية الأولية بتعريف الأمم المتحدة؟ اذهبوا إلى موقع منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة لتجدوا ضمن تعريفها يعني الرعاية الصحية الأولية، تجدون ضمن التعريف يعني الصحة الجنسية والإنجابية. هناك من فرح بشطب عبارة "الصحة الجنسية" من القانون، بينما واضعوا القانون لا يهمهم لأنهم يستطيعون إدخال هذا السم تحت مسمى "الخدمات الصحية الأولية" في هذا البند.
ووفقًا لتعريف الأمم المتحدة في موقعها وتحت مصطلح "الصحة الجنسية" تقول منظمة الصحة العالمية: "الصحة الجنسية أساسية للصحة العامة للأفراد والأزواج" (يعني كل واحد ليس فقط المتزوجين)، وتقول: "وتتطلب الصحة الجنسية كذا وكذا وإمكانية الحصول على تجارب جنسية ممتعة ومأمونة". وتقول: "والقضايا المتصلة بالصحة الجنسية واسعة النطاق وتشمل الميل الجنسي والهوية الجنسانية والتعبير الجنسي" (يعني بما يشمل الشذوذ والتعبير عنه باستعلان ودون أي تخبئة). وتقول: "كما تشتمل على آثار أو حالات سلبية مثل ما يلي كذا وكذا والحمل والإجهاض غير المرغوب فيهما". كل هذا تحت الرعاية الصحية الأولية، هذا المصطلح الذي يبدو بريئًا في القانون.
طبعًا ليس هناك في القانون ما يجرم نصًا، نصًا لا بالعمومات، أي من الممارسات أعلاه ومن الزنا والشذوذ والإجهاض. فعندما تأتي الجهات المختصة لتفسر الخدمات الصحية الأولية بتفسيرات الأمم المتحدة هذه، فما الذي سيمنعها؟ بالإضافة إلى ذلك، الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة إقليم العالم العربي، والذي له فرع في الأردن، يقول على موقعه: "نحن نعمل مع أربعة عشر جمعية عضو وثلاث شركاء متعاونين". هذه المؤسسة وتثقيفها الجنسي الشامل سيئة السمعة جدًا حتى في الدول الغربية عند غير المسلمين يا جماعة، عند غير المسلمين. وهناك آباء كثر من غير المسلمين ينظمون احتجاجات ضدها ويقيمون فعاليات ضدها لأنها تروج في كتبها وبرامجها لكل أشكال السفالات الأخلاقية والزنا والشذوذ وزنا المحارم، تهيئ الأرضية لزنا المحارم بين الإخوة أنفسهم تحت مسمى التثقيف الجنسي الشامل، كما وضحنا في كلمة "عندما يدير المعركة إبليس شخصيًا". وإذا هناك مسؤولون نائمون، هذه الكلمة التي ذكرناها "عندما يدير المعركة إبليس شخصيًا" شرقت وغربت وكشفت حقيقة هذه المؤسسات، فجهلكم أو تجاهلكم ليس عذرًا.
فروع هذه المؤسسة الخبيثة في العالم العربي تروج لمقاطع في غاية السوء باللهجة المحلية الأردنية تم إعدادها بتمويل من اليونسكو من الجهات المختصة، والتي تصرح بأنها تريد نشرها بين الطلاب مثل المقطع الذي نشرناه لكم أول أمس. فلكم أن تتصوروا كل هذا السم تحت مسمى يبدو بريئًا هو "الخدمات الصحية الأولية" والذي مر على لجنة دراسة القانون ومن معها بهدوء.
المادة الحادية عشرة: أعلى مستوى صحي
مثال آخر صادم على سمية القانون هو المادة 11. تقول هذه المادة: "تتخذ وزارة الصحة بالتنسيق مع الجهات المختصة جميع التدابير اللازمة لضمان تمتع الطفل بأعلى مستوى صحي". هذا المصطلح الذي يبدو بريئًا "أعلى مستوى صحي" له تقرير كامل في الأمم المتحدة بعنوان "التعليق العام برقم 15 2013 بشأن حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه". ويقول التقرير: "ويشمل حق الطفل في الصحة مجموعة من الحريات والحقوق. فأما الحريات التي تتزايد أهميتها بتنامي قدرات الطفل ونضجه، فتشمل حق الطفل في التحكم في صحته وجسده، بما في ذلك الحرية الجنسية والإنجابية في الأخذ بخيارات مسؤولة" (يعني الزنا والشذوذ والإجهاض كما رأينا في تعريفات الأمم المتحدة وصندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين واليونسكو والتي لها أيضًا فروع في الأردن). ولاحظت أكيد المادة 11 بعبارة "جميع التدابير اللازمة لضمان" وذلك حتى يشمل كل هذه التفاصيل. في القانون المعدل لم يتم تعديل هذه المادة، بل كلها "موافقة موافقة موافقة".
هذا مثال واحد يبين لكم لماذا قانون الطفل مسموم، والقانون المعدل مسموم، والسم مبثوث في حناياه وكلماته. أي خبث هذا الذي جعلهم ينتقون كلمة "أعلى مستوى صحي" التي لها تعريف كامل يصادم ديننا غاية المصادمة. تحت هذه المادة 11 أيضًا (جيم) "الوقاية من الأمراض المعدية والخطرة والمزمنة". وهم يستخدمون هذه العبارة دائمًا لتعليم الفواحش بحجة الممارسة الآمنة للجنس بما يقي من الإيدز والأمراض المعدية جنسيًا. ولنا أن نسأل الجهة التي وضعت هذا القانون: هل تتوقع هذه الجهة أن تقوم الدولة بتخصيص مبالغ ليتمتع الأطفال بأعلى أعلى مستوى صحي؟ والذين يحرصون في الحكومة على تمرير القانون، هل هم مستعجلون على تمرير قانون يضيف عبئًا ماليًا على خزينته، على خزينة الدولة المدينة بعشرات المليارات؟ هل هذا ما يفسر حماسهم لتمريره؟ أم أن هذا البند موضوع لتتدخل الجهات المختصة الأجنبية والمدعومة أجنبيًا لتقدم لأبنائنا خدماتها الصحية بتعريفها هي وعلى طريقتها هي؟
المادة الرابعة بعد التعديل: مكياج لا ينزع السم
عودًا على المادة أربعة بعد التعديل، والتي روج لها البعض على أنها حلت مشاكل القانون لأنها ضبطت حقوق الطفل بالنظام العام والقيم الدينية والأخلاقية وأي تشريعات أخرى ذات علاقة. ماذا يقول هذا البند؟ قبل التعديل: "للطفل الحق في التمتع بجميع الحقوق المقررة في هذا القانون". عادة تعديل: "موافقة بعد إعادة صياغتها لتصبح بالنص التالي: للطفل الحق في التمتع بجميع الحقوق المقررة في هذا القانون وبما لا يتعارض مع النظام العام والقيم الدينية والاجتماعية وأي تشريعات أخرى ذات علاقة وبما يكفل تمكين الأسرة من المحافظة على كيانها الشرعي كأساس لمجتمع قوامه الدين والأخلاق وحب الوطن".
لماذا هذا البند عبارة عن مكياج لا ينزع سم القانون؟ سنذكر يمكن أحد عشر أو اثني عشر سببًا.
أسباب كون التعديل مجرد مكياج
أولاً: رفض مبدأ التدخل بمرجعية غير الدين
مبدأ تدخل أي أحد بيننا وبين أبنائنا وبمرجعية غير ديننا الذي ندين به، هذا المبدأ مرفوض بغض النظر عن المتدخل. يعني خلينا نكون واضحين، حتى ولو أزيل من نصوص القانون الجهات الخاصة والأهلية واقتصر الأمر على الجهات العامة أو الحكومية، إذا أنت راح تدخل في كل صغيرة وكبيرة بيني وبين ابني ووفق تشريعات متغيرة غير منطلقة من مرجعية الوحي، بحيث ممكن بكرة تقول لي عن تعليم ابني الدين هذا تدخل في حياته الخاصة أو حد من حريته، فهذا بحد ذاته تدمير وتخريب للأسرة. وأنا لا أضمن ولا حتى ذمام كل الموجودين في الدوائر الرسمية. فالمبدأ نفسه، مبدأ التدخل بمرجعية غير الدين الذي ندين به، مبدأ مرفوض. فمشكلتنا الأولى ليست من سيتدخل، وإنما بمبدأ التدخل، وتدخل بإيش كمان؟ بأشياء تعرف الحقوق والواجبات وكأنها دين آخر غير الإسلام تفرضه علي في علاقتي مع ابني. لو الإسلام حكم علينا جميعًا أبًا وابنًا وقاضيًا ومسؤولًا فعلى العين والراس. كلنا نكون خاضعين له على حد سواء. لكن مش يفتح باب البيت لتدخل مجهول بمعايير قابلة للتغير والعبث. واضعوا القانون أرادوا بخبث موطئ قدم للجهات المختصة في علاقتنا بأبنائنا. القانون يحققه على الرغم من الاستدراكات بالقيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية.
ثانياً: خضوع الإضافات لاتفاقية حقوق الطفل
أي استدراكات وإضافات في القانون مثل هذه الإضافة عن القيم الدينية فهي محكومة باتفاقية حقوق الطفل. أي نصوص في القانون فهي مخترقة بالمعاني الواردة في اتفاقية حقوق الطفل.
ثالثاً: عدم تقنين المصطلحات المضافة
القيم الدينية والاجتماعية، هذه المصطلحات المضافة، هذه ليست مقننة ولا يوجد لها أي جهة مرجعية قانونية ملزمة. وبالتالي غدًا عندما يحصل تعارض قوانين، هاتوا لنا قوانين، نحن معنا قوانين كجهة مختصة، أنتم معكم قوانين.
رابعاً: كون الإضافات قابلة للشطب
هذه الإضافات "بما لا يتعارض مع القيم الدينية" هي إضافات في مادة محددة قابلة للشطب مع مرور الوقت، بينما فكر تدخل الجهات المختصة يمثل روح القانون المبثوثة في عامة مواده. يعني ممكن نشبه الحالة بمركب نحن وأولادنا راكبون في هذا المركب. القانون يضع المركب على طريق وجهته الأمم المتحدة، والشوفير سائق الباص هو الجهات المختصة. إضافة "بما لا يتعارض مع القيم الدينية" عاملة مثل يعني الكوابح. ولكنها كوابح غير فعالة، ممسوحة مهترئة. وأيضًا هذه الكوابح ممكن بكل بساطة تنشال، ويبقى الشوفير هو الشوفير والطريق هو الطريق والوجهة هي الوجهة. لا لا لا مش ممكن تنشطب هذه المادة. مش ممكن؟ ليش مش ممكن؟ بعد ما رأينا حال الأمم المتحدة في حلقات كثيرة وانفضحت ريحتها وطلعت ريحتها. هي مؤسسات كثيرة. إذا كل هذا لا يدعونا إلى أن نرمي اتفاقية الأمم المتحدة في وجهها. حينئذ نحن أنفسنا سيصبح عندنا تطبيع نفسي مع كل هذا الفساد. والذي يسكت عن قبول قانون يعرف أنه مسموم حتى بعد التعديلات، سيسكت غدًا عن إزالة مادة من مواده. وسيأتي من يقول له أيضًا حينئذ لا تخافوا هناك ضمانات.
خامساً: ضعف موقف النواب
إذا قال النواب: "لا لن نسمح بإزالة هذا البند". مين أنت حتى تسمح أو لا تسمح؟ أنت بكرة المجلس، بنت تنتهي مدته بعد ما تكونوا شرعنتوا لهذا القانون وتركتم الأجيال تتجرع مرارته. وحتى لو أعيد انتخابه كمائة مرة. إذا أنت كنائب عارف أنه القانون مسموم، ومع ذلك بتقول مش طالع بإيدي أكثر من إني أحسنه وأجوده. فهل أنت راح تمنع إزالة مادة من مواده في المستقبل؟ إذا أنت بترضخ بدل ما تستثمر الغليان الشعبي ضد القانون وبتحاول تتذاكى في عمل حلول وسط وإرضاء جميع الأطراف. وكل ما طرح شيء بتحاول تحسنه بدل ما تدفعه. فما في حد معين ممكن تقف عنده، راح تظل تتنازل وتتنازل وتخدع نفسك والناس بأنك حسنت ما استطعت.
سادساً: خطورة بند "المصلحة الفضلى للطفل"
بند "المصلحة الفضلى للطفل" في المادة ثلاثة عشر، في مصطلح "المصلحة الفضلى للطفل" هو السلاح الثاني الخطير مع الجهات المختصة في هذا القانون لتدمير مجتمعاتنا. هذا المقطع يبين فيما يبينه من نقاط مهمة كيف يمهد القانون لسحب أولادنا منا من قبل الجهات المختصة لأسباب كثيرة منها فقر الوالدين. وأنا لا أتصور كيف يمكن لأب أو أم في الأردن ألا يهتم بهذه المعلومات ويبذل من وقته ليعرف أبعادها ويحذر ويحذر منها.
سابعاً: من يحدد التعارض مع القيم الدينية؟
عندما يتعارض القانون مع القيم الدينية، من له الحق أن يعرف أنها متعارضة؟ الجهات المختصة. الجهات المختصة ستقول لك: "لا لا هذا البند لا يتعارض مع الدين، هو يتعارض مع التفسيرات الضيقة للنصوص الدينية". وهي العبارة التي تتكرر لدى كل تفريخات الأمم المتحدة والمؤسسات الممولة أجنبيًا. بالمناسبة هم فرحانين أنهم أضافوا بند عن منع وصول المحتوى الإباحي للطفل. بكل بساطة يا حبيبي بيجي تقول لك الجهات المختصة: "مين حكى لك أنه هذه المقاطع اللي بتعلم الولد كيف يقيم علاقة جنسية مع ولد واللي بتعلم البنت كيف تستدرج الأولاد وتغريهم جنسيًا، مين قال لك أنه هذه المقاطع إباحية؟ هذه اسمها التعليم الجنسي الشامل". الـ IBBF تصرح بذلك والـ UNICEF تصرح بذلك. وقد ذكرنا لكم في حلقة "عندما يقود المعركة" أو "عندما يدير المعركة إبليس شخصيًا" أريتكم كيف أنهم يعتبرون هذه المقاطع لا لا هذه مقاطع تالية ما هيش مقاطع إباحية.
ثامناً: دعم الجهات المختصة لـ "رجال الدين المتسامحين"
الجهات المختصة تصرح بأنها تريد دعم رجال الدين المتسامحين والمعتدلين، مثل ما تقول أركوس فاونديشن صاحبة الميزانية الضخمة المخصصة لدعم الشواذ والتحول الجنسي في العالم، والتي تصرح في موقعها باستهداف العالم الإسلامي وترميز القيادات الدينية التي توافق أجندتها. والجهات المختصة تصرح بأنها تريد دعم النسويات الإسلاميات لإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية مثل ما تقول اليو أس إيد. وبالتالي فالمتوقع أن ينشأ جيل من رجال الدين والمحجبات الذين يبررون كل الموبقات تحت مسميات تجديد الخطاب الديني ومحاربة الفهم المتشدد والاستيعاب لجميع الأطياف. فإذا مارست الجهات المختصة إفسادها لأبنائنا ولجأ أحد إلى المادة الرابعة وما فيها من قيم دينية، قال له رجال الدين هؤلاء: "والأخلاق تبقى حبرًا على ورق عادة كما هي كثير من القوانين في الأردن وفي العالم الإسلامي". بينما البنود المسمومة تنفذ لأن وراءها هيئات وحماية ومتابعة من الأمم المتحدة، بل ومن دول بأكملها حريصة على طمس دين هذا البلد وأخلاق أبنائهم.
تاسعاً: عدم تنفيذ البنود الجيدة
عاشرًا: إذا أقر القانون فما أحسن السيناريوهات يا ترى؟ هو أن لا تستأثر الجهات المختصة بالقرارات. يعني على أحسن التقديرات سيلجأ المتضررون من القانون من ضحايا الجهات المختصة إلى المحاكم. بينما أبناؤهم يتعرضون لعبث الجهات المختصة والوالدان ينتظران جلسات المحاكم.
عاشراً: أسوأ السيناريوهات بعد إقرار القانون
حادي عشر: عبارات "النظام العام والقيم الأخلاقية وأي تشريعات أخرى ذات علاقة" هي كلها عبارات هلامية سرابية متغيرة فاتضاضة بحسب الزمان وتأثير الإعلام. فالجهات المختصة هي نفسها تعمل على تغيير النظام العام والقيم الأخلاقية والتشريعات ذات العلاقة. فانظر كيف حرص القانون على إضافة عبارات مسمومة لها دلالات محددة في مواد الأمم المتحدة المنشورة، بينما جعل الكوابح المهترئة المكياجية عائمة فاتضاضة بلا دلالة.
حادي عشر: غموض العبارات المضافة
ثاني عشر وأخيرًا: الذي جعل تعديل المادة الرابعة بلا قيمة هو أن هذا القانون كله لم يوضع على أساس أن الأحكام نابعة من مبدأ الخضوع لله تعالى وطاعته فيما شرعه. وإنما أجري التعديل كنص تجميلي مجرد مكياج لقانون مسموم.
الخاتمة
كل ما سبق يذكرنا بقول الله تعالى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: 208] أي ادخلوا في الإسلام بكافة تشريعاته وجزئياته، فإن الخروج من شيء منها اتباع لخطوات الشيطان المؤدية إلى الهلاك. ومن أجل ما سبق، فإن هذا البند، بند أربعة، سراب لا قيمة له، لا يغير شيئًا من حقيقة أن قانون الطفل مسموم والقانون المعدل مسموم، وأن الإقرار عار.
أرسلوا هذا الكلام الآن إخواني لكل من يمكن أن يساهم في إقرار القانون، وقولوا لهم: لا تحاولوا أن تضحكوا علينا بتعديلاتكم، ولا والله لن نسامحكم إذا شاركتم في هذه المؤامرة. والسلام عليكم ورحمة الله.