→ عودة إلى كورونا

خمس نقاط مهمة حول كورونا

١٦ مارس ٢٠٢٠
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله، مساكم الله بالخير يا كرام. الله يعطيكم العافية. لدي خمس نقاط سريعة أود أن نتكلم عنها بالنسبة لكورونا، وسنلحقها بغيرها إن شاء الله من قبيل التوعية المجتمعية المبنية على دراسات ومصادر موثوقة.

في هذا التسجيل سأرد بداية على سؤال: هل الموضوع خطير بالفعل؟ ثم هل علينا تجنب مخالطة من تظهر عليه الأعراض فقط؟ ثم ماذا يعني إهمال اتخاذ الإجراءات المناسبة؟ ثم هل التدخين له علاقة بالمرض؟ وخامساً وأخيراً التفريق بين اللقاح والعلاج. هذه حزمة من الأسئلة نجيب عن غيرها لاحقاً بإذن الله تعالى.

النقطة الأولى: هل الموضوع خطير بالفعل؟

مقارنة بالأوبئة السابقة (سارس وميرس)

أول سؤال يا إخوانا: هل الموضوع خطير بالفعل؟ الآن الكورونا مجموعة فيروسات، منها المتسبب في مرض سارس الذي انتشر عام 2003، وميرس الذي انتشر عام 2013 (بدأ في أواخر 2012 لكن انتشر 2013). النوع المنتشر حالياً من الكورونا تسبب في مرض كوفيد-19، يعني كورونا فيروس ديزيز عام 2019، هذا اختصار الاسم كوفيد-19، ويسمى هذا الفيروس سارس كوف 2، يعني النوع الثاني من فيروس سارس تمييزاً له عن النوع الذي انتشر عام 2003.

قد تقول: طيب الأوبئة السابقة خوفونا منها في وقتها ثم لم تحدث الدمار الذي توهمناه، فقد يكون كوفيد-19 نفس الشيء. المرض الحالي، خلنا نصطلحها طوال الجلسة هذه كوفيد-19. قد يكون كوفيد-19 نفس الشيء.

في الواقع إخواني ليس نفس الشيء. سارس وميرس، الأوبئة السابقة، بقيت حالات الوفاة المسجلة بسببها ضمن خانة المئات. يعني في حالة سارس بنتكلم عن حوالي 800 حالة وفاة، ميرس يمكن أقل من 200-300 حالة وفاة. بينما كوفيد-19، المرض الحالي، تسبب حتى آخر تحديث على موقع منظمة الصحة العالمية في 16/3 اليوم، يعني بوفاة أكثر من ستة آلاف شخص.

ادخل على موقع منظمة الصحة العالمية WHO.INT سيظهر لك على الصفحة الرئيسة عنوان "نوفل كورونا فيروس سيتويشن داش بورد" اختره وستجد فيه خارطة بأماكن الإصابة في العالم. على الشمال رح تلاقي عدد الإصابات الكلي وتحتيه عدد الوفيات الكلي، وعلى يمين الخارطة (الخارطة مبين عليها وين أماكن انتشار المرض) على يمين الخارطة ستجد الإصابات في كل دولة. وسنضع لكم كل الروابط وروابط الأبحاث التي سأذكرها اليوم في التعليقات بإذن الله تعالى.

مقارنة بإنفلونزا الخنازير (H1N1)

أيضاً إخواني مثلاً إنفلونزا الخنازير H1N1 التي انتشرت عام 2009 قتلت في سنة واحدة ما يتراوح بين 151 إلى 575 ألف إنسان عالمياً، حسب مركز التحكم من الأمراض الأمريكية CDC (Center of Disease Control and Prevention). وفي الواقع الـ H1N1 الأرقام تفاوتت بشكل عجيب جداً، يعني فيه تقديرات أقل من ذلك بكثير، لكن يمكن أول من بدأ بتقديرات أعلى كان مجلة اللانسيت المعروفة، وهذا التقدير اللي موجود على الـ CDC الأمريكية 151-575 ألف.

التوازن في الاهتمام بالمخاطر

كوفيد-19 الاهتمام به اهتمام مبرر، لكن في الوقت ذاته هناك مشاكل لا تقل خطراً وتستحق أن يتعامل معها الناس والمنظمات بحال الطوارئ، إنما أصبح هناك نوع من التعود عليها، مثل التدخين والكحول والانتحار وغيرها. هذه أخطار على الدين والدنيا، فالتوازن يقتضي منا أيضاً الاهتمام بهذه المشاكل الأخرى وتفعيل مقاومتها وعلاج أسبابها. ما نهمل الفيروس كوفيد-19 أو المتسبب في كوفيد-19، لكن في الوقت ذاته أيضاً متذكرين أن هناك أشياء لا تقل خطراً وإحنا تعودنا عليها للأسف.

طيب هذه النقطة الأولى إذن، الموضوع يستحق الاهتمام بالفعل.

النقطة الثانية: تجنب مخالطة من تظهر عليه الأعراض فقط؟

أعراض كوفيد-19

النقطة الثانية يا كرام، يظن البعض أن عليه أن يتجنب القرب من الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض مرض في الجهاز التنفسي مثل السعال والعطاس، وهذا غير صحيح. أنا لن أسهب في عرض المرض والمعلومات التي يسهل تحصيلها من مواقع طبية مثل منظمة الصحة العالمية، وإنما أقول باختصار هنا: من أعراض مرض كوفيد-19 الحمى والإرهاق والسعال الجاف، ألم في الحلق، الرشح، احتقان الأنف، آلام عامة في الجسم. قد تظهر بعض هذه الأعراض أو كلها.

وينتقل الفيروس عن طريق الرذاذ من السعال أو العطاس من الشخص المصاب، أو من الأسطح التي ينزل عليها هذا الرذاذ.

مشكلة حاملي الفيروس بدون أعراض

الذي يهمنا هنا إخواني هو أن كثيراً من الناس قد يكون حاملاً للفيروس لكن لا تظهر عليه أي أعراض أو أعراض خفيفة فقط. لذلك فقد تقول: لماذا أتجنب الاقتراب من الناس ومصافحتهم؟ علي أن أتجنب الذين تظهر عليهم أعراض فقط. أنا إذا كان أقربائي الذين أتعامل معهم، الزملاء، إذ ما عليهم أعراض، ما عندهم أي أعراض، ما في مشكلة وتخالطهم وتعاملت معهم.

لا يا جماعة، ليس صحيحاً. كثير من الناس يكون حاملاً للفيروس لكن لم تظهر عليه أعراض بعد، لأن هناك فترة حضانة يكون فيها الفيروس موجوداً في الجسم قبل أن يبدأ بإحداث أعراض في الشخص الحامل له. ومع ذلك هذا الشخص ينقل الفيروسات للآخرين بسعاله أو عطاسه. إذن قد تكون حاملاً للفيروس وعندك أعراض خفيفة، وفي بعض الأحوال القليلة ما عندكش أعراض أصلاً، ومع ذلك تنقل الفيروس لمن هو أضعف منك مناعة أو عنده أمراض مزمنة سنتكلم عنها لاحقاً إن شاء الله، تؤهله أكثر لأن يصاب بالفيروس ويمرض به بل وقد يموت به.

القاعدة العامة في المخالطة

لذلك فالقاعدة العامة يا كرام في هذه الأوقات هي تجنب مخالطة الناس عن قرب عموماً، وأن تبقي على مسافة بينك وبينهم متر أو أكثر. تبقي على مسافة متر أو أكثر. استخدام الكمامات مبرر إذا كنت مصاباً بأعراض كالسعال أو العطاس، أو تتعامل مع شخص مشتبه بإصابته بالمرض، ولا داعي للإفراط في استخدامها خارج ذلك.

إذن هذه النقطة الثانية أنه ما تفكر المشكلة فقط في مخالطة من تظهر عليه الأعراض، بل تجنب القرب من الناس عموماً.

النقطة الثالثة: ماذا يعني إهمال اتخاذ التدابير المناسبة؟

المسؤولية الشرعية والاجتماعية

النقطة الثالثة يا كرام: ماذا يعني إهمال اتخاذ التدابير المناسبة؟ بل وعلى من حولك. قد تتسبب في إصابة أعداد كبيرة بل ووفاة البعض وتأثم بذلك ويتعلقون برقبتك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، ولمخالفتك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يورد ممرض على مصح". ما بصير المريض يخالط الصحيح، فالعزل الصحي له دليل من الشريعة.

قد لا تمرض أنت أو تمرض مرضاً خفيفاً، لكن تتسبب بقتل آخرين بنقل المرض إليهم.

أمثلة على نقل العدوى (الأعراس والعزاء)

الآن في الأعراس، شخص واحد مصاب ممكن يكون أبو العريس أو أبو العروس، خاصة مع عادة التقبيل والتبويس المنتشر في مجتمعاتنا في هذه المناسبات، ممكن ينقل المرض لعشرات الأشخاص. ونفس الشيء في العزاء، بيجوا الناس يعزوا تبويس تبويس تقبيل تقبيل، ينقل المرض لعشرات إذا مش مئات الأشخاص.

ويعني في حالة سمعت عنها قبل ساعة تقريباً لم أتأكد بعد، عن عرس ووالد العروس قادم من إسبانيا وتبويس نازل يبوس الناس، نازل يقبل الناس يمين شمال، مئات الأشخاص قبلهم، وهناك حالات اكتسبت منه المرض والله تعالى أعلم، لكن لم أتوثق. لكن من حيث المبدأ هذا المصافحة والعناق والتقبيل في هذا الوقت خطأ تماماً.

الأدب النبوي في السعال والعطاس

وكذلك من المهم التزام الأدب النبوي في السعال والعطاس والتثاؤب. في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس غطى وجهه بيده أو بثوبه وغطى بها صوته. ومعلوم جعل الإسلام اليد اليسرى لمثل هذه المهام بحيث لا تصافح الناس باليد نفسها. بتسلم اليمين، بتتخذ يدك الشمال لمثل هذه المهام حتى في الأيام العادية ودون وجود أوبئة. فكل ما كان من باب التكريم كالمصافحة يستعمل فيه اليد اليمنى، وكذلك أكل الطعام ومناولة الناس الأشياء. وما كان من باب إزالة الأذى يستعمل فيه اليد اليسرى.

وتجد في موقع منظمة الصحة العالمية ضمن ممارسات الحماية من الكورونا أن تغطي فمك وأنفك بكوعك المثني أو بمنديل ورقي عند السعال والعطاس. إذن هذه النقطة الثالثة يا جماعة أنه إهمال اتخاذ التدابير والإجراءات قد يتسبب في كارثة. نحن نتكلم عن المفسدين والمتسلطين في بلاد المسلمين اللي بيذهبوا ثروات المسلمين، طب أنت ممكن بممارسات خاطئة في عزة ولا في فرح تروح تبوس الناس بها الطريقة وتنقل إليهم العدوى وتتسبب في دمار وكارثة مثل ما يتسبب فيها المفسدون المتعمدون.

النقطة الرابعة: علاقة التدخين بالمرض

المدخنون أكثر عرضة للإصابة والوفاة

النقطة الرابعة يا كرام: الأشخاص الذين لديهم تاريخ في التدخين (يعني سموكينج هيستوري) هم أكثر عرضة للإصابة بالمرض وللوفاة منه. قد تقول يا مدخن: مش مشكلة أنا مش حريص على الحياة، ومع خطأ هذا الكلام، لكن الأخطر في الموضوع أنك تنسى مرة أخرى أنك كمدخن ستسبب ضرراً لغيرك.

تأثير التدخين على الموارد الطبية

يا إخوانا أسرة المستشفيات محدودة. أمس كنت مع بعض الإخوة منهم أطباء كانوا يتكلمون عن خطورة الوضع أن أجهزة التنفس محدودة جداً وأسرة المستشفيات محدودة جداً في الأردن مثلاً وفي كل بلاد المسلمين. وبالتالي فأنت كمدخن إذا دخلت المستشفى واحتجت للأجهزة فستحرم غيرك منها. خلينا يا جماعة نخرج من التفكير بالمرض بشكل فردي وندرك أن التقصير منك كفرد يؤدي إلى الإضرار بالمجموع، بالمجموع، مجموع الناس.

الأبحاث التي تربط التدخين بالمرض

هناك بحث منشور في الـ Chinese Medical Journal يظهر علاقة بين شدة التأثر بالمرض والتدخين. وكذلك بحث آخر بعنوان The 2019 Novel Coronavirus Outbreak: A Global Threat ويظهر أن هناك أسباب للـ Coronavirus Threat منها أو التهديد العالمي للـ Coronavirus من أسباب الإصابة تاريخك المرضي في التدخين أو تاريخك السابق في التدخين.

ويظهر أن هناك عدة أسباب لهذا الارتباط بالتدخين، فالتدخين يزيد كمية بروتين ACE2 على أغشية خلايا الإنسان. معروف هذا الـ ACE2 (Angiotensin Converting Enzyme) موجود كأنزيم في البلازما وأيضاً موجود كبروتين على البلازما ممرين على الأغشية الخلايا. وهذه بدورها تسهل دخول فيروس الكورونا إلى الخلايا، تسهل دخول فيروس الكورونا. أنت إذا مدخن عندك الكثير من هذه البروتينات على أسطح الخلايا فتمسك بالفيروس وبالدخل إلى داخل الخلايا حتى يبدأ دورته.

كما أن الكورونا أسوأ تأثيراً على مرضى التهاب القصابات المزمن وفشل العضل القلبية، وهي أمراض عالية النسبة جداً في المدخنين كما لا يخفى.

فرصة للإقلاع عن التدخين

فهذه فرصة لإخواننا الله يهديهم المدخنين أن يقلعوا عن تدخينهم لمصلحتهم ومصلحة الناس الذين يتوقع أن يحتاجوا للمستشفيات والعلاجات وأجهزة التنفس غير الكافية لحاجة الجميع والتي يتوقع أن يحصل تزاحم عليها. إذن هذه النقطة الرابعة: اترك تدخينك يا مدخن لوجه الله تعالى وحتى تحمي نفسك والآخرين اللي حتزاحمهم على الأجهزة والأسرة النادرة.

النقطة الخامسة: التفريق بين اللقاح والعلاج

تعريف اللقاح (المطعوم)

طيب النقطة الخامسة والأخيرة: عندما نسمع عن علاج الكورونا فهناك فرق إخواني بين المطعوم أو اللقاح من جهة، والدواء أو العلاج من جهة أخرى. مثلاً لما تسمع أن شركة موديرنا تعمل على لقاح، فاللقاح أو المطعوم لا يستخدم لعلاج المرض أو شفائه وإنما للوقاية منه.

ما تعمل عليه موديرنا مثلاً هو للمختصين معروف إنه هذا عبارة عن شريط حامض نووي، الفكرة منه أن يقرأ من خلايا الإنسان لما يعطى للإنسان، تقرأ الخلايا تنتج بروتينات مثل بروتينات الفيروس لكنها غير مؤذية. لكن هذه البروتينات تنشط جهاز المناعة بحيث يكون مستعداً لمكافحة الفيروس إذا تعرض له الشخص الذي أخذ اللقاح. فلما تسمع إن هناك لقاح جديد واكتشف لقاح، ماشي جميل وافرح، لكن هو لساته طبعاً في طور تطوير، وهذا لا يعني أن المرضى نفسه سيعالج بهذا اللقاح، وإنما قصارى ما يفلح معه اللقاح إن أفلح هو تقليل الإصابة بالعدوى.

ما الذي يلوح في الأفق للعلاجات؟

طيب ماذا عن العلاجات؟ ما الذي يلوح في الأفق؟ سنتكلم عن هذا في تسجيل آخر بإذن الله تعالى.

نسأل الله أن يقينا البلاء والوباء وأن يردنا إليه رداً جميلاً. وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مرحباً.