تأدبوا مع الله - لسنا في مباراة مع كورونا!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
البلاد التي لازالت في عافيةٍ نسبية من هذا الوباء، ولازالت أعداد الإصابات محصورةً فيها، فليسمحوا لي أن أنصحهم ونفسي بنصيحتين.
الأدب مع الله ونسبة الفضل له
النصيحة الأولى هي الأدب مع الله، ونسبة الفضل لله وحده. فهذه العافية من المرض رحمةٌ وحلمٌ وإمهالٌ من الله. فلنترك بلاش النفس الذي أهلك قارون، قال: "إنما أوتيته على علم عندي".
ولنتذكر قول ربنا عز وجل: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو}. وقول ربنا: {قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون}. يعني من أراد الله إهلاكه وخوفه، لم يمنعه منه مانع. ومن أراد نصره وأمنه، لم يدفعه من نصره وأمنه دافع.
ولنتذكر قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك".
إذا أردنا أن يبقي الله لنا العافية، فلنتذكر قول الله تعالى: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}. نعم، وهؤلاء كلهم علينا وعليهم أن ننسب الفضل لله أن وفقهم لهذا. من قام بواجبه طاعة لله وابتغاء لرضوان الله، فأجره على الله ونشكره، لكن يبقى الصوت الأعلى لشكر الله ونسبة الفضل له سبحانه.
الصلاة يا كرام تعلمنا أن نوجه الحمد كله لله، فنستفتح القراءة فيها بـ {الحمد لله رب العالمين}. والله تعالى يخاطب أفضل البشرية محمدًا صلى الله عليه وسلم، الذي كان قائمًا بما عليه على أكمل وجه، قائلًا سبحانه: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك}.
القرآن ينسب الإنجازات العظيمة التي كان يظهر أنها إنجازات النبي صلى الله عليه وسلم، ينسبها القرآن إلى الله سبحانه، فهو الموفق لها: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}. {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك}. {لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم}. هذا والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الكلام في هذه الآيات عن رسول الله، فما بالك بمن دونه؟
لسنا في مباراة
لسنا في تصفيات كرة قدم، بل نحتاج أن ندعو بدعاء نبينا صلى الله عليه وسلم: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
يا خوفي إذا اجتزنا هذه المرحلة، يطلع الناس مثل أيام النجاح في التوجيهي (يعني في الثانوية العامة)، البنات والشباب بيصرخوا من شبابيك السيارات وبيلوحوا رافعين شعار "انتصرنا، انتصرنا". من أكثر ما ذم الله به الإنسان في القرآن أنه لا يتضرع في مثل هذه المواقف لله تعالى. هذا من أكثر ما يهلك الناس.
عواقب الغرور
ترى خد بالك أخي، أحيانًا الناس يغترون فلا يعاجلهم الله بعقوبة، بل يفتح عليهم أبواب الخير ويعطيهم فرصة. فإذا ظنوا أنهم في أمان من العذاب وقالوا: "ها نحن عصينا وما حصل شيء"، جاء أمر الله ولا ينفع الندم بعدها.
قال تعالى: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء}.
قارون قال له قومه: {لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين}. لا تفرح فرح الغافل المغتر الذي ينسى أن يحمد الله ويستعين به ويوكل أمره إليه سبحانه وتعالى. قال: {إنما أوتيته على علم عندي}. علم عندك؟ خلي علمك ينفعك! {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين}.
والله يا إخواني، نحن دون رحمة الله، دون رحمة ربنا، دون رحمة خالقنا، والله العظيم ما بنسوى قشرة بصلة. فخلينا بلاش نفس التحدي وبلاش نفس التباهي وكأن ما يحصل من إنجازاتنا البشرية. الفضل كله لله. وبلاش نكون ممن قال الله فيهم: {ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا}.
ولنتواضع ونذل ونستكين لربنا عز وجل، تاركين معصيته، راجين رحمته: {يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم}.
يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.